معتقلون حتى الموت؟

                                                         

                                  أحمد صبري

معتقلون حتى الموت؟

لا يختلف اثنان على أن للمعتقل أو السجين حقوقا كفلتها قوانين المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقيةالإنسانية، إلا أن ما يجري في السجون العراقية يخالف قواعد التعامل مع هؤلاء الذين يقبعون في سجون لا يتوافر فيها أدنى مستويات الحجز والاعتقال، ناهيك عن اكتظاظها وتدني مستوى الخدمات المقدمة لهم إلى الصفر وتحولها إلى مسالخ بشرية من فرط ما يعانونه من إذلال وغياب الرعاية الصحية وندرة الغداء، ما وضعهم على حافة الموت البطيء بانتظار ساعة حتفهم.
وعلى الرغم من أن هذه المظاهر أقلقت منظمات حقوق الإنسان والصليب الأحمر، إلا أن أوضاع المعتقلات والسجون تسير من سيئ إلى أسوأ. والقصص المسربة من المعتقلات ليست مقلقة، وإنما كارثية ويندى لها الجبين، الأمر الذي يتطلب كشف ما يجري فيها وما يتعرض له المعتقلون من ابتزاز وتجويع إلى حد الموت.
وما يجري في سجن الحوت في الناصرية يكشف مأساة ما يتعرض له المعتقلون فيه، لا سيما رموز النظام الوطني السابق الذين ذاقوا الأمرين من ظروف الاعتقال، والمعاملة غير الإنسانية التي تخالف معايير حقوق السجين، ومثالا على ذلك منعهم من مغادرة أماكنهم للتعرض للشمس والهواء، فضلا عن مصادرة معظم الأدوية التي ترسلها لهم عوائلهم.
وتكمن معاناة عوائل معتقلي سجن الحوت في رحلة العذاب من وإلى السجن والتي تتطلب حضورهم لغرض مقابلة السجين عند الساعة الثامنة صباحا، وانتظارهم حتى الساعة الثانية ظهرا في عز الصيف وبرودة الشتاء، وعندما يحين موعد اللقاء من خلف حواجز لا يتجاوز الدقائق، كما أن حصولهم على الطعام فإنه بالكاد يسد رمقهم، ناهيك عن أن أغلب رموز النظام السابق تقدم بهم العمر، ويعانون من أمراض مزمنة تتطلب غذاء محددا، وهو غير متوافر، ما أدى إلى تدهور حالتهم الصحية إلى حد مفارقة الحياة لعدد منهم، فيما ينتظر الكثير أيضا دورهم إذا استمر التجويع وغياب الرعاية الصحية.
إن محنة معتقلي سجن الحوت عار على مدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ لأنها كشفت عن مأساة نخبة خدمت العراق ودافعت عن حدوده وسيادته، وحافظت على أمواله وساهمت في بناء صروحه التي ما زالت شاخصة وشامخة رغم محاولات إزالتها من خريطة العراق.
من هنا تكمن أهمية المطالبة بنصرة معتقلي سجن الحوت ورفع حصار التجويع عنهم، وتوفير مستلزمات حقوق المعتقل، وهذه مهمة الصليب الأحمر الذي ينبغي أن يزور ويعاين أوضاع السجن ونزلائه طبقا لمعايير الحقوق التي نصت عليها شرعة الأمم المتحدة، ويكشف عن مخاطر الأوضاع غير الإنسانية التي تجري في السجن وإدانة المسؤولين عنها.
وبعد مرور أكثر من 14 عاما على غزو العراق واحتلاله، فقد آن الأوان لوضع نهاية لمحنة معتقلي سجن الحوت وإطلاق سراحهم، لا سيما وأن معظمهم كبار السن، ويعانون من أمراض خطيرة، ناهيك عن أنهم أمضوا هذه السنين خلف القضبان، وأن من يقف وراء الإصرار على بقاء هذه المحنة هو من يسعى لتكريس روح الانتقام والكراهية والاستهداف السياسي والطائفي التي أوصلت العراق إلى حافة الانهيار بفعل ارتدادات هذه السياسة على أوضاع العراق، والتي أفشلت كل الجهود المخلصة لإنقاذه من محنته ومنع دخوله في المجهول 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

779 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع