الترامبيّة بدل الديكارتيّة

                                                

                            نبيه البرجي

الترامبيّة بدل الديكارتيّة

التاريخ مثل الفلسفة بات اقل فتنة في فرنسا. النساء ايضا. اين كاترين دونوف وايزابيل ادجاني وبريجيت باردو وليتيسيا كاستا؟
اياكم المقارنة (المقارنة الصاعقة) بين السيدة الاولى في قصر الاليزيه والسيدة الاولى في البيت الابيض. الفارق اياه بين الصدمة والدهشة...
بالرغم من كل ذلك يحكى عن لمسة ديغولية واخرى ديكارتية في شخصية ايمانويل ماكرون. الرجل كان وزيراً في عهد فرنسوا هولاند. لاحظ كل مظاهر الهلهلة، والزبائنية، واحياناً التفاهة، وخشي ان تكون فرنسا قد اصبحت على شاكلة رئيسها الذي كان لوران فابيوس يجره بأذنيه، وكاد برنارد هنري ليفي يقنعه بقيام الطائرات الفرنسية بدك النقاط الحساسة في دمشق..
الآن يقول ايمانويل ماكرون ما لم يتجرأ سلفه على قوله. اين هو البديل الشرعي لبشار الاسد؟ ليس خفياً ان سيرغي لافروف كان يزدري الديبلوماسية الفرنسية وهي تلهث اما  وراء هذا البلاط العربي او ذاك، او تحاول ان تلعب الدور القديم الذي لعبته مع سلاطين بني عثمان..
بين يدي ماكرون كل التفاصيل السورية، منذ اندلاع الازمة وحتى الآن. الاستخبارات الفرنسية التي كانت ضالعة لوجيستياً وميدانياً، اكتشفت في نهاية المطاف انها تعمل لحساب الجميع. لا موطئ قدم لها على الارض السورية...
باريس وقفت الى جانب الدور السعودي والدور القطري، والدور التركي، والدور الاسرائيلي في سوريا. موقف ثأري ام موقف المرتزقة؟ بماذا كان يختلف لوران فابيوس عن بوب دينار الذي كان جاهزاً لتأجير بندقيته لكل من يدق بابه؟..
الرئيس الفرنسي كان وزيراً للاقتصاد، وكان يعلم ان هشاشة فرنسوا هولاند، وانتهازية لوران فابيوس، وبيروقراطية جان - مارك ايرولت، لم تأت الى بلاده الا بالفتات. كل شيء لاميركا التي لطالما رأت في اوروبا القارة التي تقرع فيها الطبول من اجل الماضي لا من اجل المستقبل.
لا احد يتصور ما فعلته الاستخبارات الفرنسيةِ وكذلك الديبلوماسية الفرنسية، خدمة للدول التي كانت تدعم المعارضة في سوريا. حين يرفع الستار يذهب دونالد ترامب الى الرياض ومعه ميلانيا وايفانكا، ويعود بنصف تريليون دولار، وبوعود بأنه سيكون اول من يحمل اسهماً في ارامكو..
من اجل السعودية قام فابيوس بالمستحيل للحيلولة دون توقيع الاتفاق النووي مع ايران. لم يحصل حتى على اجره الشخصي، فكان (وتذكرون) اول وزير غربي يدق باب طهران...
منذ البداية، حذر السوريون، ودق الروس النفير، بأن تلك الذئاب التي ترعرعت في الضواحي، وتم نقلها بالتنسيق بين اجهزة الاستخبارات الى المسرح السوري، لابد ان ترتد الى الدول التي بعثت بها. الجراح الفرنسية هنا اكثر تراجيدية من اي جراح اخرى...
في ارشيف الاليزيه وثائق حول صيحات الاستغاثة التي اطلقها بطاركة، واساقفة، وكهنة، سوريون من اجل ان تضطلع باريس بدور آخر كي لا يقع المسيحيون السوريون، كما وقع المسيحيون العراقيون، بين اسنان الوحوش...
في احدى الرسائل «ان بولس الرسول يستغيث بكم  من دمشق». هل كان لوران فابيوس، اليهودي الذي تحوّل الى الكثلكة للوصول الى الاليزيه معنياً بالجلجلة الاخرى التي يسير عليها مسيحيو الشرق؟
لكننا فوجئنا بأن في ايمانويل ماكرون شيء من الترامبية ايضاً. ما ان تحدث البيت الابيض عن استعدادات سورية لاستخدام السلاح الكيميائي، وهنا الكوميديا الساذجة، حتى سارع الى ابداء الجاهزية للمشاركة في ضرب سوريا...
زمن الترامبية لا زمن الديكارتية!...

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

751 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع