مقارنة بين نظام الطب في العراق سابقاوبورصة...

                                       

                سيف الدين الألوسي

مقارنة  بين نظام الطب في العراق سابقا  وبورصة الطب في أميركا  وغيرها اليوم !!!!

                        

 كان  الدخول الى كليات  الطب في العراق  شرفا  كبيرا ,  أولا لكون المتقدمين لهذه الكليات هم من  الأوائل وأصحاب المعدلات العالية , وثانيا لكون  هذه  الكليات  تصقل  الطالب ومعرفته وشخصيته .

من التراث الأصيل الذي يجب أن يضاف الى تراث العراق  هو التراث الطبي له  , كان الطبيب المتخرج حديثا  يمر  بعدة سنوات من التجارب والخدمة ليصبح  بعدها  طبيبا ممارسا  أو أختصاصيا بكل معنى الكلمة .
لحد  يومنا هذا  وتلك حقيقة وليست مجاملة , لم  أرى  أطباء  في كل البلدان التي زرتها  بكفاءة ومهارة الطبيب العراقي وخصوصا  الأجيال القديمة منهم  .
 لكوني  من عائلة  كان لها الحظ  في أن يكون  من  أبنائها  العديد  من الأطباء والطبيبات ولحد يومنا هذا  , فلم أجد  طيلة  حياتي في بلدي العراق  ولحين مغادرتي له قبل سبعة سنوات  أي مشكلة  لي ولعائلتي في التطبيب .. وحتى  عند مراجعتي لأي طبيب  أو مختبر  أو أشعة ,  كنت احاول  متوسلا  دفع الأجور مقابل رفض الطبيب المعالج  كوني أبن طبيب !   ومن تلك  الأمثلة  كثيرة ومنهم  المرحوم  أستاذ ورائد  طب الأشعة  في العراق  الدكتور عبد الصاحب زيني  وهو مثال  طيب  ونموذجي  على ذلك الأمر  . ((  علما  أن طبيب الأشعة  يخسر من جيبه أجور الأفلام والتحميض  بالأضافة  الى جهوده ))  .
 الطبيب  العراقي  كان يقضي  سنة  أقامة دورية  يمر فيها على فروع الطب كافة  لزيادة المعرفة  , ومن ثم خدمة الأحتياط  أو العلم  حيث كان  يمنح رتبة رئيس أو نقيب أحتياط  مع كل الأحترام  في خلال العهد الملكي الزاهر ويخدم  بعد  توزيعه بالقرعة  التي لا تعرف واسطة في كل وحدات وفرق الجيش !  كم طبيب كان والده متنفذا  خدم في   أبعد الوحدات, وغيره ممن لم يملكون  أحدا  خدموا في مناطق قريبة !  هنالك شهود من الأساتذة الأطباء  ممن خدموا في تلك الفترة  يتذكرون ويكتبون هذا الأمر في مذكراتهم  الطيبة اليوم .
بعد  أنقلاب تموز  1958   نزلت رتبة الأحتياط  الى ملازم  ودخلت الحزبية  وبقية الأشياء الدخيلة التي نعرفها لحد اليوم .   ومن  ثم  أصبح  الطبيب  وكل الخريجين  جنود مكلفين  بعد سنة1969وحالهم حال الأميين  !!  ( ساواهم قانون الخدمة العسكرية أن ذاك   وما عدا الحزبيين  وضباط الدورات الخاصة للراسبين في السادس اعدادي  حيث يمنحون رتبة ملازم دائمي والخريجين ملازم مجند  ) ..والى سنة 1982  حيث صدر مرسوم  جمهزري بمنح  كل الأطباء وخريجي كليات ذوي المهن الطبية (( طب الأسنان , الصيدلة , الطب البيطري ))  شمل الجميع حتى المستقلين وغيرهم مما عليهم مؤشر أمني حتى !!!!!رتبة ملازم  مجند  وكانت دورة 32  ضباط أحتياط  من أكبر الدورات ! وذلك  لأحتياج القوات المسلحة لذلك  وتعويض النقص حتى في الشؤون الأدارية للألوية , ومن ثم  عادت حليمة لعادتها القديمة  بعد  أنتهاء الحاجة  وأخذ أصاب الشهادات يخدمون  جنود  حالهم حال بقية الكليات  حيث يتم توزيعهم على الصنوف حسب الحاجة والأختصاص . (((  رحم  الله  كل الشهداء الأبرار من أطبائنا الأعزاء  وشافى معوقيهم  وصبر وأنسى أسراهم   )) ) .
كان الأطباء العراقيين  يخدمون بعد العسكرية  في كل مناطق العراق  ودون أستثناء وبالقرعة أيضا , ((( خدمة القرى والأرياف وحتى بعض الأقامات القدمى ))) ,  فنرى الطبيب المسيحي  يخدم في كربلاء والكوت والمسلم  في  عين كاوة  وتلكيف وبرطله, والكردي في البصرة  والراوي والالوسي والعاني في السليمانية والنجف والسماوة وبدرة , والشهرستاني  والأشيقر والكاظمي وكمونة وتاج الدين في عنه وهيت وبعقوبة  والفلوجة وتكريت !  الجميع عراقيين  وجوازهم وهوايتهم عراقية دون أستثناء ولا محاباة لأحد !  وكل العراقيين  أهلهم  وأصلهم وفصلهم .
 هنالك  الكثيرين  ممن  أصبح  من أهالي تلك المدن أهاليهم  وبقوا يخدمون في تلك المناطق الى أن أصبحوا من أهاليها الأصلاء ورفضوا العودة  وأبنائهم الى مسقط رؤوسهم  السابقة .
في  تلك الأيام  كان الطبيب  يتفانى  في خدمة مريضه وبرغم  محدودية الأجهزة العلمية ووسائل التشخيص , حيث لا يوجد لديه غير السماعة وجهاز الضغط الزئبقي ((  الأحسن والأضبط لليوم  )))  ...وكان يشخص أكثر الأمراض   بالفحص السريري  ودون الأستعانة  بالسونر والسي تي سكان   وال أم أر أي  , وتحليل الدم الألكتروني  وغيرها  من الأمور الحديثة ......  لهذا  كان يسمى  الكثير من الأطباء سابقا  (( أبو أيد البركة )).
كان  الأستاذ الدكتور سعد الوتري  أو الأستاذ الدكتور زهير البحراني , أطال الله تعالى في أعمارهم  , يعملون كل العمليات فوق الكبرى  مثل  أورام المخ  وغيرها للأول وسرطانات الجهاز الهضمي للثاني  في مستشفيات بغداد كالجملة العصبية ومدينة الطب  بأجرة  الباص  أي بطاقة  المراجعة البالغة 25  فلسا  !!!!!!  ذلك  مثال واحد بسيط  على خدمات الطب في العراق  سابقا ...  هنا نود القول  أنه كانت هنالك  مستشفيات أهلية للميسورين وبأجور أكبر  ولكن ليست كل العمليات فوق الكبرى بالأمكان  عملها هناك  لقلة الأمكانيات والأجهزة ..
خلاصة  كل الكلام  أننا  أفتقدنا اليوم  تلك  المهارات والأخلاق العالية  والتي كنا نتفاخر بها  ودخلت ممارسة تلك المهنة المحترمة  باب التجارة  الحديثة و التي لا تعرف   معنى للأنسانية  وحتى المهارات الأكلينيكية !!!!!
في خلال  مشاهدتي للطب في الولايات المتحدة  الأميركية  , أن الطب هنالك هو  معارض البياع  والنهضة (( مع أحترامي الشديد لهما ))  , حيث  يقسم المرضى  هناك  الى  , مرضى  درجة ممتازة ((   خدمات وأطباء درجة ممتازة  وفلوس وقوائم فوق الممتازة  ...   تجفيت كامل  وتجييك  نوع دي  مثل الطائرات ..  ومثل ما نرى علاج   لأمراء المال والسياسيين في أميركا  , تشيني الحرامي والمجرم مثلا ,  وأمراء وشخصيات من دول عربية لا نريد الخوض في التفاصيل  أكثر  مثلا أخر )) ..
القسم  الثاني ممن يملكون تأمين  حكومي  من كبار السن ومرضى الحالات الصعبة  وهؤلاء أذا شعروا بغازات أو  وجع بسيط  فأنهم  سوف  ,  يدخلون  كراج أبو خاطر  ((( ذي فاذر أوف خاطر بالأميركي )))  , ليعمل لهم   كل أنواع التحاليل  والنواظير  العلوية والسفلية , والسي تي سكان  وأم أر أي  والسونرات  ويشك الدكتور بسرطان  في المخيخ الاكبر للقلب !!!  وهلم جرا  ,,,  وبعد أن تأخذ  المستشفى  والطبيب  والنيرس براكتشنال (((((   ن ض طبيب  ))))كل مبالغ التأمين , ويبقى المريض يضرب أخماس بأسداس على حظه ,  تأتي البشرى   بأن كل شئ سليم  ولا تزال تصلح للخدمة سالم مسلح  !!!!!   ناس تبوك من ناس  والله مسلطهم على الحكومة  !!!  والحكومة  الله  سلطها  على العراق  !!!
القسم والنوع الثالث ممن يملكون  تأمينا ومن قبل الأشتراك فيه,  أو بواسطة تأمين الشركات العاملين فيها  ,  فهؤلاء يعمل لهم تحاليل  وسونر فقط  ويتم التشخيص  وأخذ الأجور  !!  لأن التأمين لا يغطي أبن الخايبة . !
أما  الأكثرية  ومن هم ضمن  سن المكلفية  (( من 21 سنة ولحد 65 سنة )) ومن لا يملكون أي فقرة من الفقرات السابقة   ما عليهم  سوى أخذ سره يستمر طويلا  في المستشفيات التابعة للمقاطعات !   وبعدها دواء جفيان شر مله عليوي   ....(((طب  الأسنان  خارج الموضوع  لأنه  معارض البيع المباشر )))).
تلك الظاهرة  أنتشرت  مؤخرا في كثير من الدول  ومنها العربية  (( الأردن مثلا ))  وأصبح الطب خدمات فندقية   من تبدأ من خمسة نجوم  وتنتهي  ببانسيونات  وغرف  مشتركة أيلة للسقوط!!  وحسب الشركة الفندقية  (( المستشفى )))  ...  
بعد  كل هذا  يمكن  القول  بأننا  كنا محظوظين  لأننا  قد عشنا  قسم  بسيط من أعمارنا في ظل بيئة مثالية ووطن نموذج  للبلدان  كافة  ,  ومن ثم  تخلى عنا هذا الوطن  ونحن  بأمس  الحاجة له  في  كهولتنا  .  
رحم الله تعالى  كل أطباء العراق الأبرار الشهداء والمتوفين منهم  , وأطال أعمار الباقين منهم , والرجاء وكل الرجاء من الأطباء العراقيين  من الأجيال  الشابة  المحافظة على تلك القيم  وهذا التراث  الذي هو مفخرة لبلدهم  وأهلهم  وتأريخهم..تحية  لكل أطباء العراق في الداخل والمهجر.
   

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

749 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع