الموقف من القضاء يكشف ضعف الوطنية لدى البعض

                                       

                                              محمد ضياء العقابي

مرة أخرى أين وطنية بعض العراقيين من وطنية المصريين وخصوصاً على مستوى النخب؟!!

خلال الأشهر الست الماضية رصدتُ أحداث في العراق ومصر تتكثف بمحورين ورصدتُ ردود أفعال شخصيات من منظمات المجتمع المدني حيال هذين المحورين في البلدين وعلى الوجه التالي:
في مصر وفي الشهر الثامن من العام المنصرم 2012، عقدت فضائية "المحور" المصرية حلقة نقاشية  تناولت زيارة الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي إلى السعودية. شارك في الندوة السادة: جورج إسحاق المنسق العام السابق لحركة "كفاية"، والدكتور عبد الحميد قنديل رئيس تحرير صحيفة "صوت الأمة" ، والسيد عزب مصطفى القيادي في حزب "التنمية والعدالة"، المنبثق عن "حركة الإخوان المسلمين"، وهو الحزب الذي رشح الدكتور محمد مرسي للرئاسة.
لفت إنتباهي موقفان طرحهما السيد جورج إسحاق حظيا بموافقة وتأييد الدكتور قنديل الصريحة والواضحة، وحظيا بالموافقة الضمنية غير المباشرة للسيد عزب. الموقفان هما:
1-  زيارة السيدة هيلاري كلنتن، وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، لمصر في ذلك الوقت وتصريحاتها بشأن الأوضاع السياسية الراهنة والتجاذبات بين الرئيس المنتخب والمجلس العسكري.

إعتبرها السيد إسحاق تدخلاً غير مقبول في شؤون مصر وإنتهاكاً  لسيادتها في ظرف حساس يجري فيه ترتيب أوضاع البيت المصري.

وأنا أسمع هذا الحوار قفز أمام ناظري ما قرأتُه منقولاً عن صحيفة "بلادي اليوم" بتأريخ 19/7/2012 حول إجتماع السفير التركي في بغداد، السيد دميرير، بقادة إئتلاف العراقية. جاء في التقرير المنسوب للصحيفة ما يلي:
 
[ و نقلت صحيفة "بلادي اليوم" ان دميرير وخلال اجتماعاته مع قادة العراقية والتي ظاهرها بروتوكولية بينما باطنها يتمحور حول موضوع سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي، شدد على ضرورة عدم التسليم بطلب المالكي لاستضافته وابقاء طلب اطراف اربيل استجوابه وضرورة الحصول على ضمانات حقيقية موثوقة بسبب انعدام الثقة بالمالكي.]

المصريون يدينون التدخل رغم ليونته ورغم كونه مقبولاً بالعموم في إطار خصوصية العلاقات المصرية – الأمريكية؛ بينما  قادة إئتلاف العراقية يجعلون من أنفسهم مطايا لتدخل السفير التركي في الشأن الداخلي العراقي بشكل فض يعاقب عليه القانون بالخيانة العظمى.

2-   عدم رضا السيدين إسحاق وقنديل عن موقف الرئيس المنتخب، الدكتور محمد مرسي، بشأن تردده في الإنصياع لقرارات المحكمة الدستورية. إنطلق السيد جورج من مبدأ خطير جداً، وهو بيت قصيدي، إذ قال:

"إننا لو أبدينا الإستهانة بالقضاء فما الذي يبقى لنا، أذاً، من مرجع نلوذ إليه ما يعني أن البلد ستعمه الفوضى."

هذا رغم إقرار هؤلاء السادة والحركة الثورية المصرية التي أطاحت بنظام مبارك عموماً، بإنحياز  كثير من القضاة إلى فكر النظام السابق. ولكنهم لا يفرطون بالمكسب الذي بين أيديهم، رغم نواقصه فالأيام كفيلة بتلافيها، لأنهم حريصون على مصلحة الوطن العليا.

تذكرتُ هذا الموقف الوطني المصري من جانب السادة إسحاق وقنديل وعزب عندما قرأت عن الوقفة الإحتجاجية لرجال القضاء العراقي، يوم الأحد 27/1/2013   ضد تهجم النائب صباح الساعدي الوقح ضد القضاء العراقي عموماً وبعض رجالاته خصوصاً.  هذا التعدي الوقح على نزاهة وإستقلال القضاء ليس محصوراً بصباح الساعدي بل هو ديدن قادة إئتلاف العراقية وكثير من منظمات المجتمع المدني التي تعتبر نفسها ديمقراطية.
 
ما هو واضح لي من متابعاتي المستديمة للوضع العراقي بجميع جوانبه بضمنها القضاء، وجدت أن الطعن بالقضاء ناجم من الإفلاس السياسي الذي لا يعترف المنهزم بهزيمته فيبدأ بلوم القضاء كما يلوم جاهلُ الرقص إعوجاجَ الأرض!! (إل ما يعرف يركَص إيكول الكَاع عوجة).

لا أحد ينكر بتاتاً وجود مثالب ونواقص كثيرة  في كثير من مفاصل الدولة العراقية والعراق الجديد؛ لكن تداركها لا يأتي عن طريق تدمير ما بين أيدينا بل يجب العمل على تحسينه وتلافي نواقصه بالنقد المستديم البناء الجاد والموضوعي.

 وهذا هو الفارق بين الوطنيين المصريين وقادة إئتلاف العراقية الذين طالما نادوا بإلغاء الدستور (طرح السيد أياد علاوي هذا الطلب على وزيرة الخارجية الأمريكية الدكتورة كونداليزا رايس عام 2007). إنهم يعرفون جيداً عدم التمكن من التوافق على صياغة دستور جديد. إنهم يريدون ترك البلاد بلا دستور ليحل الهرج والمرج ويصبح العراق كرة تتقاذفها الأرجل الداخلية والخارجية آملين أن تستقر الكرة في أحضانهم في نهاية المطاف، لأنهم يفترضون أنفسهم المؤهلين لحكم العراق كما صرح بذلك السيد صالح المطلك عام 2006. إذ قال "أعطوا الخبز لخبازه" متباهياً بقدرة نظامه الطغموي* على حكم الناس بالحديد والنار والكيميائي. إنه الإصرار على إسترداد سلطتهم الطغموية بأية صورة وبأي ثمن.

أتمنى أن يتعلم البعض الوطنية من المصريين بعد أن رفضوا تعلمها من زملائهم العراقيين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: للإطلاع على "النظم الطغموية حكمتْ العراق منذ تأسيسه" و "الطائفية" و "الوطنية" راجع أحد الروابط التالية رجاءً:
-http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
-http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=298995
http://www.baghdadtimes.net/Arabic/?sid=96305


أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

772 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع