جوانب مجهولة من شخصية نازك الملائكة


كتابة - إيمان البستاني


 
كانت تكره العبث والمزاح وتتضايق من درس الرياضيات وتشمئز رعباً من العناكب
وتهوى اللغات والعزف على العود وتغني وتلحن وتأثرت بالفيلسوف الالماني المتشائم ( نيتشه ) منذ طفولتها

تروي صديقات الشاعرة الكبيرة ( نازك الملائكة ) انها كانت منذ سن المراهقة فتاة تنظر الى الحياة نظرة جدية وتكره العبث وتحسب الهزل سخفاً , وكان هذا الفرق الكبير بين مسلكها في الحياة و مسلك رفيقاتها السبب في التنافر بين الطرفين وانعدام اللغة المشتركة ولقد فسرن صديقاتها عزوفها عن صحبتهن بالتكبر والرفعة او الانانية والاثرة
انانية واحب البشر
خيالية وحياتي تسير
خريفية واناجي الزهر
وعاطفتي لهب من شعور
عندما كانت طالبة ولعت بحب اللغة الانكليزية والفرنسية واللاتينية والتاريخ والعلوم ومقتت الرياضيات مقتاً شديداَ , وعٌرف عنها انها كانت تلحن وتغني ايضاً حيث درست في فرع العود ثم التحقت بفرع التمثيل لكنها لم تكمل هذين المشوارين
وكان ثمة امر اخر يثير دعابة صويحباتها في ذلك الحين , ذلك ان شاعرتنا المرهفة الحس كانت تتقزز و تنفر من كل حي يدب على الارض ولاسيما الاحياء , ذات الخيوط الدقيقة والاطراف المدببة , كان نفورها يبلغ درجة الهستيريا في بعض الاحيان
وقد عرفت رفيقاتها نقطة الضعف هذه فيها فرحن ولا هم لهن في الحياة سوى معابثتها فلم تسنح لهن فرصة الا استغللنها في سبيل ازعاج رفيقتهن بعنكبوت اسود مخيف ومفاجأتها به !! ولا تسل عن فرحتهن وهن يشهدن الشاعرة وهي تطلق ساقيها للريح وكأن عفريتا مسها بعصاه


 
في دواوينها لم  يعثر على سبب خوفها من مثل هذه الحشرة فلم يجد ذكرا لها الا في صفحة ٧١ من ديوان ( شظايا و رماد) في قصيدة بعنوان( خرافات ) نسيج العنكبوت بصورة طبيعية لا تدل على النفور او التقزز , وانما اعتاضت عنها في شعرها بدابة تزحف على هذه الارض والتي تهرب منها بدون نجاح , ففي صفحة ٦٢ من نفس الديوان , في قصيدة بعنوان ( الافعوان ) اتخذت من هذه الزاحفة رمزا للعدم والموت وهيهات الهرب من وجهه كما جاء في شعرها
اين امشي مللت الدروب
والعدو الخفي اللجوج
لم يزل يقتفي خطواتي , فاين الهروب
والدهاليز في ظلمات الدجى الحالكات
جبتها كلها و عدوي الخفي العنيد
صاعد كجبال الجليد
و وراء الضباب الشفيف
ذلك الافعوان الفظيع
اين اللجوء واهدابه الحاقدة
في طريقي تصب غدا ميتا لا يطاق
وفي الختام لابد من الاشارة ان وفاة والدتها  نتيجة اصابتها ورم في رأسها ودفنها في لندن كان سبباً في اصابة نازك الملائكة بمرض عصبي علاجه كان حبوب مهدئة وصفها لها اطبائها النفسانيين فبعثت فيها الخمول حتى كانت لا تقوى على الرد على الرسائل وتدهورت صحتها حتى توفت اثر هبوط حاد في الدورة الدموية في عام ٢٠٠٧ في القاهرة
وبرحيلها رحمّها الله رحل الرمز الشعري الانثوي والحداثوي الذي  أسس اسمها في الشعر العربي منصة بارزة


في آمان الله

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

888 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع