بعد فوات الأوان

                                                              

                                      خالد القشطيني


كنا نأمل في الكثير من أوباما وبقينا ننتظر أفعاله... عين السيناتور ميتشل لحل المسألة الفلسطينية، بيد أن الرجل اضطر لتقديم استقالته من المهمة بعد الإهانات المتواصلة التي تلقاها من حكومة نتنياهو. لم يفعل أوباما أي شيء لإنقاذ مندوبه وقبل استقالته. قلنا هذه هي الدورة الأولى لأوباما ولم يشأ أن يزعزع مكانته بين الناخبين الأميركيين، فهناك دورة ثانية لا يريد تفويتها وخسارتها.

وجاءت هذه الدورة الثانية وانتظرنا حصيدها فليس بعدها ما يضيع عليه مستقبله. كان بإمكانه أن يلعب دورًا فعالاً بالنسبة لحسم النزاع على فلسطين.

ورغم مشاحناته مع نتنياهو فإنه بقي واقفًا على التل،

لم تكن عنده الشجاعة الكافية، شجاعة جيمي كارتر وجورج بوش الأب، ليتخذ موقفًا حازمًا في وجه نتنياهو وحكومته ووجه اللوبي الصهيوني. لم ينفع ذلك حزبه، الحزب الديمقراطي، وخسرت كلينتون الانتخابات. لقد فضل اللوبي الصهيوني الحزب الجمهوري وترامب.


ولكنه، ولم يبق من حكمه غير أيام قلائل، آثر الوقوف موقف الشجعان حيال الحكومة الإسرائيلية في موضوع الاستيطان، وهو موضوع كان معروفًا لديه طوال مدة حكمه، أوعز لوزير خارجيته جون كيري بالتحرك لمعارضتها وتصاعد النزاع بينه وبين نتنياهو. بيد أن معارضته لموضوع المستوطنات وعدم شرعيتها لم يكن حرصًا على مصالح العرب الفلسطينيين ولا لمصير اتفاقية أوسلو وضمان مشروع الدولتين، وإنما حرصًا على يهودية دولة إسرائيل. فهذه المستوطنات تلغي فكرة الدولتين وقيام دولة عربية في الضفة الغربية وغزة. وببقاء العرب في أماكنهم يكون على حكومة إسرائيل أحد الحلين؛ إما أن تعطيهم حق التصويت ومساواتهم باليهود، وإما أن تحرمهم من حق التصويت. الحل الأول يلغي سمة اليهودية لدولة إسرائيل، إذ سيصبح العرب والمسلمون أكثرية السكان فيها، وإما أن تحرمهم من حق التصويت فيلغي صفة الديمقراطية عنها ويحولها إلى دولة أبارتيد عنصرية، وهذا ما لوح به جون كيري إلى حكومة نتنياهو لتختار بين اليهودية والديمقراطية». وقال:

«إما أن تكون دولة ذات أغلبية يهودية أو دولة ديمقراطية... لا يمكن أن تجمع بين الاثنين».

سيكون على أوباما أن يسلم الحكم في العشرين من الشهرالحالي، يناير (كانون الثاني). كيف سيستطيع فرض هذا الخيار على نتنياهو في ظرف هذه المدة القصيرة؟ فمن ناحيته، كشف ترامب عن ولائه، فنادى إسرائيل أن تصمد حتى يتسلم الحكم!

ولكن كيف سيستطيع مساعدتها في حل هذه المعادلة المنغلقة التي وضعها فيها كيري: اليهودية

أو الديمقراطية؟


بيد أنني أرى شبح حل ثالث مخيف؛ إن كلا من نتنياهو وترامب واللوبي الصهيوني يبيتون في أعماق تفكيرهم في الحل الأمثل لهم، بالتريث حتى تحين فرصة ذهبية يستطيعون فيها طرد أكثرية العرب وضمان بقاء أكثرية يهودية في دولة من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط.


لا أدري ما إذا كان باراك أوباما قد فكر في هذا الاحتمال الذي يدور في العقل الباطن لنتنياهو وجماعته... وفي كل الأحوال سيكون أوباما قد ضيع الفرصة وفات عليه الأوان.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

911 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع