أين أموال أملاك الدولة؟

                                          

                           عدنان حسين

ما من حكومة لا تضطرّ إلى التقشّف في الأوقات الصعبة. وفي الأوقات الصعبة أيضاً تتجاوب المجتمعات مع الإجراءات التقشفية التي يمتدّ نطاقها الى المجتمع نفسه، لكنْ لهذا شرطان، الأول أن تكون ظروف التقشف خارجة عن إرادة الحكومة، والثاني أن تكون سياسة الحكومة واضحة ومنطلقة من المصلحة الوطنية.

بعد عام صعب للغاية نعبر الآن الى عام آخر بالمواصفات ذاتها، بل قد يكون أشدّ وطأة. مصاعب العام المشرف على الانقضاء والعام الموشك على الابتداء لم تكن كلها نتيجة لظروف قاهرة خارجة عن إرادة الحكومة. انهيار أسعار النفط ظرف خارج الإرادة، نعم لكن نسبياً، لأنه كان على الحكومة، الحالية والسابقة، أن تتحسب لهذا وتضعه في الاعتبار كما هي الحال في دول النفط الأخرى. أما حرب التحرير التي نخوضها ضد تنظيم داعش فليست من الظروف القاهرة الخارجة عن الإرادة تماماً.. الحكومة السابقة تتحمل كامل المسؤولية عن الظروف التي أدت الى وقوع ثلث مساحة البلاد تحت سيطرة التنظيم الإرهابي والى خوض حرب طويلة مكلفة للغاية.

على أية حال، فإن الحكومة قدّمت إلى مجلس النواب موازنة للعام المقبل أكثر تقشفاً من موازنة العام الحالي، فثمة تخفيضات في التخصيصات الاستثمارية وثمة قطوعات من رواتب موظفي الدولة وعمالها. لا خلاف على هذا إذ نعيش وقتاً صعباً، لكنّ الخلاف على أننا لم نلحظ بالترافق مع الموازنة التي أقرّها مجلس النواب خطّة واضحة وفعالة لمكافحة الفساد الإداري والمالي الذي يبتلع حيتانه من أموال الدولة والناس ما يزيد على ما تتكلّفه العمليات الحربية لتحرير الأراضي المحتلة والقضاء على داعش.

ثمّة ناحية أخرى لم نلمس جدية من الحكومة للتوجه اليها، وهي المتعلقة بتعظيم العائدات من الضرائب والرسوم ومن إيجارات أو بيوعات أملاك الدولة التي تعرضت منذ 2003 الى عملية فرهود واسعة النطاق على أيدي الاحزاب الحاكمة وميليشيات البعض منها بالدرجة الأولى، ومن جانب عصابات وأشخاص خارجين على القانون.

في الاجتماع الذي عقده الأسبوع قبل الماضي، أكد مجلس الوزراء على "ضرورة قيام الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة بإزالة التجاوزات الحاصلة على أملاكها وحمايتها"، كما جاء في بيان للمكتب الإعلامي للمجلس يومها. وقبل اجتماع مجلس الوزراء كان قد عُقد اجتماع في الأمانة العامة لمجلس الوزراء لمسؤولين في الوزارات والدوائر ذات العلاقة بهذا الأمر نوقشت فيه "السبل الكفيلة بالحدّ من هذه الظاهرة" بحسب بيان صادر عن الاجتماع.

المعلومات تفيد بأن لدى الدولة 600 ألف عقار في الأقل معظمها مستباح كلياً أو جزئيا. كلياً يعني أن جهات سياسية وميليشيات وأفراداً قد استحوذوا على عقارات للدولة من دون بدل ، بل إن البعض قد زوّر في الاوراق ليحوّل ملكيتها إليه، وهذا شمل على نحو خاص أملاكاً شخصية تعود لأفراد من مختلف الديانات: اليهود والمسيحيين وحتى المسلمين، فضلاً عن أملاك حكومية مما كان يشغله مسؤولو النظام السابق. أما جزئيا فيعني أن الاحزاب والميليشيات والافراد قد وضعوا أيديهم على أملاك الدولة مقابل بدلات إيجار متدنية جداً.. وهذا كان من عمل أحزاب الإسلام السياسي جميعاً على وجه التحديد.

مثلما تريد الحكومة من المجتمع أن يتحمّل مسؤوليته في مواجهة متطلبات الوقت الصعب الراهن، عليها هي أيضاً مسؤولية في تحصيل أموال عقاراتها التي هي أموال المجتمع في الأساس، للتخفيف من وطأة الحال الصعبة الراهنة.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

582 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع