فساد في البرلمان

                                                       

                           د. محمد عياش الكبيسي


في مستهل هذا الشهر عقد البرلمان العراقي جلسة استجواب لوزير الدفاع خالد العبيدي بشأن ملفات فساد وتصرفات خارجة عن القانون.

العبيدي فجّر أزمة داخل البرلمان وعلى مستوى الدولة كلها حينما كشف عن ملفات فساد أخرى تطال عددا من البرلمانيين بينهم رئيس البرلمان نفسه.
المساجلات بين الطرفين أمام وسائل الإعلام كشفت أيضا عما يمكن تسميته بفضائح مخجلة وصلت إلى حد تدخل البرلمانيين بعقود عسكرية مع دول أخرى وتعيين عسكريين أو نقلهم من مكان إلى آخر، حتى وصل الأمر إلى إعفاء (أم فلان) من سلاحها الـ (بي كي سي)!!
بكل تأكيد أننا لا نستطيع أن نحكم بشيء على هذه المعلومات أو الملفات حتى يأخذ القضاء مجراه، ولا ندري إذا كانت وزارة الدفاع لم تسلم من ضغوط البرلمانيين فهل سيسلم منها القضاء؟ إلا أنه من حقنا أن نسجّل الملاحظات التي تؤشّر على طبيعة النظام السائد والعرف العام الذي يتحكم بمؤسسات الدولة ومنها:
أولا: بات من المألوف جدا أن ملفات الفساد تُستخدم كأدوات في الصراعات الشخصية، فالمالكي كان يهدد خصومه دائما بفتح الملفات، ليرد عليه رافع العيساوي بأنه يمتلك أيضا وثائق محفوظة على قرص مضغوط، والعبيدي اليوم يكشف ملفاته في جلسة الاستجواب ليرد بها على ملفات أخرى موجّهة ضدّه، وهكذا، مع أن أغلب هذه الملفات متعلقة بدماء المواطنين وثروتهم الوطنية ومستقبل أجيالهم، ومنها ما هو متعلق بأسرار الدولة وعلاقاتها الخارجية!
ثانيا: اتضح أيضا أن وزارة مثل وزارة الدفاع مكشوفة لأعضاء البرلمان بتعييناتها وتنقلاتها وعلاقاتها وربما بتسليحها أيضا! فالنائبة عالية نصيف قدّمت معلومات دقيقة ومفصّلة بالوثائق والأرقام والتواريخ، وهذه الوثائق على ما فيها من إدانات إلا أن طريقة النائبة في الحصول عليها أهم من مضمون الإدانات نفسها، والغريب هنا، أن النائبة حينما واجهها الوزير أنها هي من كانت تضغط لتعيين بعض معارفها في الوزارة ردّت النائبة بالفم الملآن أنها تفخر بذلك لأن هذا جزء من واجبها تجاه أهلها!
ثالثا: إذا كان وزير الدفاع قد كشف عن كل هذه الضغوط من مثل الجبوري والكربولي والفتلاوي، فما هي الضغوط المتوقعة من أصحاب النفوذ الأقوى في الدولة من قادة التكتلات الكبيرة والميليشيات المسلّحة والارتباطات الخارجية المؤثرة باتجاه الشرق أو الغرب؟
رابعا: ردة فعل الشارع العراقي لحدّ الآن لا تبشّر بالخير، ولا تعبّر عن وعي يمكن الاستناد إليه لتلافي الأوضاع قبل أن نصل إلى حالة الانهيار التام، فهناك الاصطفافات الفئوية التي تساند هذا الطرف أو ذاك دون اعتبار للمصلحة العامة ولا حتى لفهم الأمور كما هي ليتحمل كل طرف مسؤوليته وفق أدائه وما سيثبت عليه أو ينفى عنه، وهناك فئة ثالثة راحت تتشفى بالجميع وتدعو الناس للنأي عن هذه العملية السياسية الفاسدة، وأن هذه هي نتيجة الباطل، وأن ما بني على باطل فهو باطل، مع أن هذا الخطاب قد يكون هو ما يريده الفاسدون أنفسهم، فالشتائم لوحدها لا تضرهم كثيرا إذا كانت تحقق لهم التفرّد بمقدّرات البلاد وثرواتها على قاعدة (أوسعتهم شتما وأودوا بالإبل).;

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

608 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع