كيف تغير العالم؟

                                          

                        عائشة سلطان

هناك أسئلة تبدو معكوسة، أو بمعنى آخر تظهر للمتابع والعارف بحقيقة الأمور أنها نتائج طبيعية أو إجابات منطقية، أكثر من كونها أسئلة تحاكم الواقع أو تطرح الإشكاليات، بعض هذه الأسئلة صار يطرح بكثافة هذه الأيام لأسباب معروفة، فعندنا حتى الأسئلة والاهتمامات تأخذ اهتماماً مفاجئاً وكرنفالياً مبالغاً فيه عندما يكون هناك فائدة شخصية من نوع ما!

هذه الأسئلة التي نتحدث عنها غالباً ما يهتم بطرحها الصحافيون ومقدمو البرامج الإذاعية، وقد يطرحها التربويون، لكن من النادر جداً أن يطرحها الآباء أو الأمهات، أو يهتم بطرحها الشباب أو المراهقون أو الأبناء الصغار، مثل: لماذا يعزف الجيل الجديد عن القراءة؟ واحداً من أهم هذه الأسئلة، كذلك السؤال حول ضعف الحيوية في علاقات أفراد الأسرة الواحدة، أو ظاهرة الصمت التي صارت تميز الشباب والمراهقين الصغار أثناء وجودهم في البيت أو في تجمعات العائلة!

إن طبيعة الحياة وتحديات الواقع الاقتصادي والسياسي، كذلك فإن السلوك الجمعي في المجتمع وداخل الأسر وبين الشباب في مجتمعاتنا الحديثة اليوم، تضع الجميع أمام مواجهات وتحديات ليست سهلة أبداً، فالوالدان كموظفين وكأولياء أمور وكأعضاء في العائلة وفي الأسرة، والأبناء كطلاب أو تلاميذ، والشباب كأفراد يتحملون مسؤولية سقف توقعات عال جداً، الكل يخضع للكثير من الاعتبارات والالتزامات والمطاليب، وعليه أن يثبت في كل لحظة أنه ناجح ومستحق ومتميز!

وإذا كانت حياة اليوم تبدأ في السادسة صباحاً وتنتهي في الخامسة، يقضي الإنسان جزءاً لا بأس به من وقته وسط الزحام وصراعات المؤسسة، وضغوطات العمل والتزاماته المنهكة، ألا يكون من الطبيعي أن تبدو اهتمامات كالقراءة مثلاً بعيدة عن التفكير في أجواء كهذه؟ إن الأسر التي تعيش ضغوطات حياتية مستمرة في بحثها الأبدي عن لقمة العيش وتوفير المتطلبات، لا يمكنها أن تتجاذب أطراف الحديث عن الكتب، أو تسعى لحض أبنائها على القراءة، بل يبدو سلوك كالعزوف عن القراءة نتيجة منطقية وكذلك الصمت والابتعاد وعدم التواصل!

بلا شك، إن الذين يطرحون هذا النوع من الأسئلة يفعلون ذلك بحسن نية وبرغبة في إحداث التغيير الإيجابي، لكن التغيير لا يكمن في البحث عن الإجابات فقط، لكنه يكمن في الخطوة الأولى التي تسبق السؤال، وهي تيسير الأسباب وإزالة العوائق، ليعود التواصل ويشرق الشغف في نفوس الشباب، تماماً كما قالت الأم تيريزا ذات يوم »إذا أردت تغيير العالم فعد إلى أسرتك وأحبهم بصدق«!

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1111 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع