بقلم :شيرين تواتي
كان يهود العراق في إسرائيل والمهجر منهمكين في الاسبوع الماضي في توثيق الفرهود عن طريق تقديم شهادات أقرباء الضحايا وأبنائهم.
فقد قام المؤرخ ادوين بلاك مؤلف كتاب الفرهود بالانكليزية، في عقد ندوات تكاريبة في كل من واشنطن ونيويورك ولندن وفي الكنيسيت بمشاركة عضو الكنيسيت المستشرقة كسينيا سبتلوفا. وفيها قدم أبناء ضحايا الفرهود المنسي شهادتهم امام الرأي العام العالمي والتاريخ، ثم عقدت أمسية تذكارية وصلوات على ارواح يهود العراق الذين اعدموا شنقا أو اختفت آثارهم أو قتلوا غدرا اقاموها في باحة النصب التذكاري في مركز تراث يهود العراق بأور- يهودا، وكانت المفاجأة الكبرى قصيدة الدكتور الشاعر جبار جمال الدين التي أرسلها الى صديقه الأستاذ سامي مويه عن الفرهود قرأها بالنيابة عنه. وقرأ الصلاة على أرواح اليهود المقتولين ظلما (أي في مجلس الفاتحة عند المسلمين) ، د. نسيم قزاز (الذي قتل والده فيها) وحسقيل فتال (الذي قتل فيها خاله) و قرأ أسماء المغدورين د. صفي يهودا، رئيس معهد الدراسات في مركز تراث يهود العراق) كما القى الأستاذ يهودا محاضرة مسهبة عن حقائق جديدة عن الفرهود، وأما الأستاذ موريه فقد قرأ القصيدة باللغة العربية وقرأ الترجمة العبرية الرائعة الشاعر والمترجم العبري عزرا مراد التي ابكت السامعين، وعلق الأستاذ موريه على القصيدة بأن د. جمال الدين الشاعر الملهم، ذكر أسماء المغدورين من آل قزاز (الذي قتل والده بعد ان حاول انقاذ شريكه في تربية خيول السباق الاصيلة من يد الرعاع) والتوأمان حكاك (قتل اثنين من اعمامهما وولد التوأمان بعد الفرهود ورأت فيهما العائلة تعويضا من الله على الفقيدين)، كما ذكر مقتل مير خليف خال الأديبين يحزقيل وسليم فتال الذي اخرج عنوة من سيارة النقل التي كانت تعيدهما الى دارهما وذبح على قارعة الطريق في محلة باب الشيخ، وعبر عن اعجابه بموهبة الشاعر الكبير د. جبار جمال الدين في ذكر أسماء العائلات اليهودية حسب الاوزان العربية منسجمة ومتناغمة مع موسيقى الابيات بدون ضرورات شعرية واقحام للقوافي، فلم يجد قافية نابية أو قلقة، بل جميعها قواف رنانة يتشوف لها المعنى والسياق، بينما عزف الشعراء اليوم عن الشعر العربي الرائع الموزون والمقفى فخر التراث الأدبي العربي المجيد، وفسر ذلك احد أصدقاء الأستاذ موريه من الأساتذة الأردنيين في محاضرته في للجامعة العبرية في اورشليم القدس، بان العرب اصبحوا ناضجين نفسيا وتخلوا عن القافية، بل عن الوزن أيضا، ولم تعد تلهي القصائد العربية عن المكرمات كـ"قصيدة قالها عمرو بن كلثوم". وأضاف قائلا: ولكننا نحن العراقيين في إسرائيل لا تكتمل حفلة بدون قصيدة او كلمة او اغنية عربية تأخذنا الى وادي عبقر لنوقظ شياطينه من سباتهم، فنحن نحيا ونموت في هوى الشعر العربي ، محافظون، أما في البلاد العربية فقد اسكتت المدافع وصناديق القنابل ودوي الطائرات وهدير زناجير الدبابات ودوي الرصاص صداح العنادل والاطيار، ولم تبق خنساء سوى الشاعر أمل الجبوري في رثائها لابطال العراق ولا جميل بثينة سوى د. جبار جمال الدين الذي دعا للجهاد الأكبر جهاد النفس، بقول جميل، مترنما بحسن كحيلات الجفون: "يقولون جاهد يا جميل بغزوة / واي جهاد غيرهن اريد"،، وانهى الأستاذ موريه كلمته بالدعاء أن ينعم الله على شاعرنا بطول العمر وباتحاف اللغة العربية بدرر القوافي والقصائد العصماء في خدمة الاخاء الإنساني والسلام في دار السلام وربوع السلام والبلاد العربية والإسلامية جمعاء مهنئا المسلمين برمضان مبارك وهو من الأشهر الحرم التي تحقن فيها الدماء لخير أجيال الربيع العربي والأجيال القادمة."
لقد كان حفلا تذكاريا مؤثرا، على أمل ان يسود السلام الشرق الأوسط والإخاء شعوبه، وان لا يرفع شعب على شعب سيفا بل يصنعون من رماحهم محاريث تغنيهم عن جوع وجهل ومرض، والله على كل شيء قدير،
شيرين تواتي
4029 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع