العملية السياسية...

                                             

                 بقلم : جابر رسول الجابري

النظام السياسي هو نظام إدارة مجموعة أنظمة مسؤولة عن إدارة الدولة وعلاقتها بالمجتمع على كافة الأصعدة ،

ومن خلاله يمكن رسم بناء هيكل شكل الحكم وتحديد مساره ، مسؤولية تلك الأنظمة هي إدارة مفاصل الدولة والمجتمع ، منها على سبيل المثال ( النظام الاقتصادي ، الأمني ، القضائي ، القانوني ، التعليمي ، الصحي ....الخ ) ولكل نظام من تلك له مؤسسات ادارية هرمية واجبها إدارة وتنفيذ مناهج وخطط ذلك النظام ،إبان الإحتلال الأمريكي عام 2003  أتخذت القيادة الأمريكية قرارا بإلغاء النظام السياسي في العراق والذي كان يدير بقايا لأنظمة سالفة الذكر ( لأن العراق قبلها كان يعاني ويتخبط  في إدارة بقايا أنظمة متهرئة بسبب الحصار والعقوبات لمدة تزيد عن عقد ونيف ) كما وأُقدِّم المحتل على إلغاء المؤسسات الإدارية ذات العلاقة ليدخل العراق بعدها في فوضى إدارية عارمة وفي كافة المجالات ، فإضطر المحتل الى إستحداث إدارة مؤقتة تمكّنه من إدارة مقاليد الحكم في العراق بشكل مؤقت ريثما يتم تشكيل نظام سياسي جديد ، تلك الادارة المؤقتة هي ما يطلق عليه اليوم  مصطلح العملية السياسية .
أن العملية السياسية لا يمكن لها أن ترتقي الى مصاف ومستوى النظام السياسي سواء في الإدارة والتنفيذ أو في مجال  التخطيط بل هي عملية مرحلية كان الغرض منها إدارة مفاصل الدولة لحين الإنتقال لنظام سياسي بديل ، إلا أن المحتل أهمل عمدا موضوع تشكيل نظام سياسي فترك العراق يدار بعملية سياسية مؤقتة وقد أدى ذلك الى حصول فوضى في إدارة الدولة  وبشكل عشوائي وإرتجالي ، لم تكن تلك الخطوة عفوية أو كان خطأ إرتكبته قيادة المحتل بل كان خطة مدروسة ومعدة مسبقا لهذا الغرض من أجل تمرير خطط وأهداف لاحقة أخرى ،
يتركز واجب النخب السياسية في أي بلد على إستنباط وتطوير القوانين والأنظمة التي تعني بإدارة المجتمع( السلطة التشريعية ) بهدف الوصول للأفضل إلا أن سياسيي الغفلة في العراق  تركوا واجباتهم لإدارة المحتل ( بشقيه الامريكي أو الإيراني ) وإنساقوا الى المكتسبات الشخصية ، بل راح أغلبهم يتهافت على نشر الفساد (الرشى والسرقة) وبإستخدام نفوذ رجال الدين  بهدف الحصول على تلك المكتسبات مما أدى الى نشوء مليشيات وأحزاب سياسية ( عصابات ) متسابقة تهدف الى السيطرة على موارد البلد بل غلت في فسادها فبيعت أصول أمواله بحجة الإستثمار ، وقد أدى غياب النظام السياسي في العراق وغياب الأنظمة الاجتماعية الى تدمير المؤسسات التنفيذية  فإنعكس ذلك بوضوح وبشكل مباشر الى تدمير المؤسسة  الأمنية والمؤسسة الاقتصادية والقضائية لأنها تدار لصالح أحزاب وتحت وصايتها مباشرة لغرض تنفيذ رغباتها وأهدافها على خلاف ما هو العادة من أجل تنفيذ ومراقبة خطط ورؤى النظم  ، ومن جانب آخر كان جهل النخب السياسية وتورطها بالفساد والعمالة لتنفيذ أجندات خارجية ( وكما صرحوا هم أنفسهم علانية بتورطهم في عمليات الفساد وعدم وجود الكفاءة والأهلية ) قد زاد الطين بلة ، كما ساعد وجود دستور فاسد في أن تنفث الأحزاب والميليشيات فسادها في مؤسسات الدولة والمجتمع تحت الغطاء الديني .
 لما ورد أعلاه لا يمكن نجاح أي إصلاح وزاري أو ترقيع مؤقت لعمل الحكومة بهدف القضاء على الفساد المستشري في مفاصل الدولة  والمجتمع إلا بإنشاء سلطة إنتقالية مؤقتة لادارة مقاليد الحكم وتشريع دستور جديد يرسم النظام السياسي الجديد وأنظمته الإجتماعية شرط أن تكفل وتضمن وحدة العراق أرضا وشعبا كما وتتكفل برعاية المواطن والحفاظ على حقوقه وواجباته دون النظر الى الطائفة أو القوميته .

الحادي عشر من نيسان عام 2016
المملكة المتحدة 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

771 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع