ومضات من تاريخ العراق!/ح١١

                                     

                    د.عبدالرزاق محمد جعفر

      

             الوضع الأقتصادي في العراق

ليـس هناك شــك من تأثيرالحصارعلى تدهورالوضع الأقتصادي في العراق, فمن المعلوم ان حوالي 95% من دخل الفرد العراقي يحصل عليه من النفط اومن منتجاته, وصارتصدير النفط,.. والأشــراف على بيعه يدارمن قبل لجنه تحت اشراف هيئة الأمم المتحدة,..كما كانت سـكرتارية الأمم المتحدة راغبة في رؤية عودة الصـناعة النفطية العراقية, وانقاذها من النهـب والتخريب بسـبب حرب الخليج كما ان الحصارزاد من الطلب العالمي على النفط منذ أن تبنت هيئة الأمم المتحدة القرار 1284 تحـت البـنـد الســابع ,..الذي ينص على حق الأمم المتحدة في  أستخدام القوة لتنفيذ تدفق النفط,.. وهكذا ما أن قطعت الطرق البحرية والجوية, حتى صارنقل المواد الغذائية عن طريق البر,... ولكن تلك الطريقة كانت غير قانونية,.. وبالرغم من تعاطف الشـعب الأردني مع نظام صدام , الا ان الحكومة الأردنية لم تسـمح للسـفن العراقية بالأبحار, وكان مراقبون من الأمم المتحدة والدول الغربية على أهبة الأســتعداد لمراقبة اي خرق للقانون الدولي لحصارالعراق, الا انه من الصـعب منع تســرب المواد الغذائية والطبية عبرمنافذ لدول المجاورة للعراق,.. مثل تركيا وايران وســوريه والأردن.
*** كان الحصارالأقتصادي على العراق مختلفاً لما كان عليه ايام التمييزالعنصـري في جنوب افريقيا,لأن حالة العراق مختلفة بوضـوح عن الدول الأخرى, حيث لم يكن للعراق سـوى النفط  كسـلعة صالحة للبيع في الأسواق العالمية, وقد افرزت تلك الحالة ما يعرف بالسوق الســوداء.
 *** لم يتخذ صـدام اي خطة جديدة للأتمان , ولذا لم يشــعر بأي أســـى او اســـف لمواجهة ديونه,... وأن اســتخدام الحصــار كسـلاح قســري أثر بشــكل مؤلم على الجماهير العراقية.
*** كان الغذاء ورقة فاعلة ومؤثرة بيد الأعداء , حيث لم يكن بمقدور العراق غير قادرعلى اســتيراد  حتى على 75% من المواد الغذائية الضــرورية, وبعد اجتياح الكويت لم يكن على العراق اطعام 17 مليون عراقي فقط, بل عليه اطعام 1.5 مليون من الكويتيين,..وفي السادس من سـبتمبر, قدمت لجنة الحصار التابعة لهيئة الأمم تصوراً عن الموقف الأنساني للحصـار,.. كما ان الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها, لم تكن لديهم القدرة على منع الموارد للعراق عبر البحر,الا ان التقاريربينت وجود مواد تشحن جواً الى بغداد من عدة أقطارعربية مثل : الأردن وليبيا و سـوريه وتونــس واليمن.
 *** كانت تلك المواد تســـد بعض النقـص الحاد في قطع غيارالسـيارات والآلات الميكانيكية, وغيرها من المواد ذات القيمة العالية , وأضافة لذلك فأن الحصار يحتم على كافة اقطارالعالم غلق منافذها بوجه البضائع الصادرة او الواردة من العراق اوالكويت,وأن لا يسـمح لشـركات النقل الجوي بالعمل ما لم تتأكد من عدم وجود مواد ممنوعة في طائرتها وفق قانون الحصـار!
*** أن طائرات النقل ســتواجه صــعوبات جمة اذا ما حاولت كســـرالحصــار , وفي كانون الأول 1997 ,حصل خرق بسيط,لما تأزمت العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق, واخبرت الخارجية الكويتية, نظيرتها في الولايات المتحدة الأمريكية, بأن الكويت لايوافق على على اي عمل عسـكري ضـد بغداد, من شــأنه ان يــسبب الأذ ى للشـعب العراقي !, ولقى هذا  الموقف الكويتي السـياسـي اسـتحساناً لدى الحكومة المصرية, والسـوريه والبحرين,.. كما ان حكومة المملكة العربيةئ السـعودية اعلنت:
 "بعدم السـماح لأسـتخدام أياً من قواعدها العسـكرية لقصـف المناطق العراقية" ,...
وحذر المؤتمر الأســلامي المنعقد في الميناء الســعودي , جـده , من ان اســتخدام القوة ضــد العراق ســوف تســبب كارثة لا يمكن التنبؤ بتأثيرها على النظام العراقي,..واعلم ســموالأمير عبدالله وزارة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية :
" لا تمنح اي تســهيلات من العربية الســعودية لمهاجمة العراق",..
 وتســائل ســمو الأمير عن اســباب اســتعمال الولايات المتحدة الأمريكية لقوتها العســكرية ضــد العراق في اي خرق لمقررات مجلــس الأمن , بينما اسـرائيل , ليس فقط تنتهك  للعديد من  مقررات مجلس الأمن , بل لا تحترمها ولا تعير لها اهمية !,...مثال ذلك:
 القرارات الدولية العديدة المتعلقة بالحقوق الفلــسطينية, ولذا فأن الســعودية ســوف لا تســمح بتوجيه اي ضـربة للعراق تحت اي ظـروف اوملابسـات تظهرعلى السـاحة, بسـبب حسـاسـية  هذه القضــية بالنســبة للدول الأســلامية والعربية.

       

   ســوق لبيع المواد الغذائية قبل اندلاع حرب الخليج الثانية.
 
*** وفي مايـس سـنة1998, قام وفد سـوري بزيارة لبغداد لكسـرالجمود في العلاقات المزرية التي طفحت على الســطح لأســباب حزبية , ازدادت تشــنجاً بســبب مســاندة دمشــق لطهران في  حربها مع العراق, وقد كانت هذه الزيارة علامة جيدة لعودة العلاقات بين الجارتين ,... وبعد ثلاثة اشــهروقع العراق وســوريه اتفاقية لأعادة ضــخ النفـط في الأنبوب الواصــل بين ميناء بانـيـاس (السوري), على البحر الأبيض وحقول نفط كركوك.
*** وفي تشــرين الأول 1998, اعلنت ادارة الرئيــس الأمريكي "كلنتن", عن خطط لتغيير النظام في  بغداد,... وعارض الرئيــس المصــري تلك الخطة, وقال :
ان الدول العربية تعارض اي دور اجنبي لتغييرالنظام في العراق,
وان أي تغيير يجب ان يتم عن طريق الشـــعب العراقي نفســــه.
***رفض رئيس الأمارات العربية سموالشيخ زايد آل نهيان ازاحة صدام حســين , فقد كان النظام حساس جداً نحو تغييرالظلم في فترة الحصار , ثم اختفت ابان تفجرالحرب بين العراق وايران, بسـبب مســاندة المملكة العربية السعودية والكويت, بتقديم الدعم الأقتصـادي  
بســخاء الى الشــعب العراقي اثناء فترة الحرب, وبات كل شــيئ ميســوراً وبأسـعار زهيدة , واوضـح "صـدام حسـين" :
"ان العراقيين على اسـتعداد لأكل التراب, ولن يطأطؤ رؤســهم الى المســتعمر",..
و لذا اصـدر صـدام امراً لرابطة  المرأة العراقية , بتوجيه العوائل العراقية نحو الأقتصاد , او قل للتـقـشـف !,..اي تقليل كمية المواد الغذائية التي توضع في القدر(الطنجرة),وعلى المائدة,ويجب ان تكون محددة ومن دون اســراف, لكي تتماشــى مع الوضع الجديد.
**وفي تــشرين الأول (اكتوبر), لجأ صدام الى اسـتخدام اسـلوب " الجزرة " و " العصـا ", وفي آب, منع احتكارالمواد الغذائية المطروحة في الأســواق, ووضعها تحت رقابة الدولة وان اخفائها وبيعها في السـوق الســوداء يشـكل جريمة لتخريب الأقتصـاد العراقي والأمن القومي يعاقب عليها الفانون ولهذا, فأن اياً من تسـول له نفسه التلاعب بقوت الشـعب سـوف يتعرض لعقوبة الأعدام!
*** وبعد شـهراصـدرمجلـس قيادة الثورة, امراً بتجريد ملكية الأرض من ما لكها اذا لم يلتزم بزراعتها بالكثافة الأنتاجية لتلك الأرض , وبنفــس الوقت , بدأ المسـؤولون بتوزيع البطائق التموينية على افراد الشعب للحصول على المواد الغذائية, وأضافة الى ذلك, تطرق الأمرالى الفلاحين وقدمت لهم ارشادات بضـرورة اسـتخدام الأسـمدة المحلية والأمتناع عن اســتخدام الأسـمدة المستوردة,.. كما طـُلب من رعاة البقروالمواشي, بأطعام حيواناتهم بأعلاف محلية وعدم شـراء الأعلاف المسـتوردة,... وشــجع ابناء الشعب بالأعتماد على النفس , و زراعة حدائق دورهم بالخضــروات وتربية الدواجن فوق ســطوح المنازل!
**وفي شـهر رمضـان, شــهر الصـيام, وهب صــدام كل عائلة عراقية "دجاجة" واحدة كهدية منه,...واعتباراً من شـهر ايلول , بانت ملامح نظام الحصص,... وما زال اهالي بغداد والمدن الكبرى يتذكرون الطوابير, والوقت المهدورامام المخابز والقصابين ودكاكين بيع المواد البيتية مثل السـكروالطحين,وصاروا بعد ذلك يحصلون عليها مرة واحدة ضمن قائمة الموادالتموينية!

  

              احد مخازن بيع اللحوم في بغداد

***أغلقت محلات بيع المعجنات مثل( الكيك والبقلاوه والزلابية), ابوابها بســبب اختفاء الســكر, ماعدا البعض منها, والمختصة بصناعة البقلاوة والمًـن الســٍما, وبيعها بأســعار خيالية,تجاوزت 100% من الأسعارالسابقة قبل الحرب,وارتفعت اسعارالمواد الغذائية مثل  الزيت و السكر والشاي, اما الخضروات والفواكهه الجيدة فقد اختفت من واجهة المحلات , وصـارت تباع في الخفاء اي, بما يعرف بـ ( بالسـوق السـوداء), وبأسـعار بمتناول الأغنياء فقط ,... وعلى اية حال, فأن غالبية ابناء الشــعب كانت تشــاهد انواعاً رديئة من تلك المواد معروضة للبيع, والويل لمن يعترض على ذلك!
 ***بدأت الأمم المتحدة بتطبيق خطة النفط من اجل الغذاء, وخصص لذلك الغرض مبلغ من المال  قدره $2 مليون دولار, من عائدات بيع النفط لمدة ســتة اشــهرمن قبل النظام العراقي. وان ثلث ذلك المبلغ يذهب الى صندوق التعويضات التابع الى الأمم المتحدة, و13% تقدم الى اقليم كردستان, بشـرط صـرفها تحت اشــراف الأمم المتدة, و7% لتغطية المصاريف الأدارية لمختلف برامج  الأمم المتحدة, تاركين نصـف الواردات الى العراق.
وعلى اية حال, فأن قيمة الدينارالعراقي اســتمرت بالهبوط الى ان وصـلت قيمه الدولارالأمريكي الواحد الى الألفين من الدينارات.
 يتبع في الحلقة/ 12 ,..مع محبتي

 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

708 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع