حروب شاذة تعيشها مهنة المحاماة (ج١٧ وج١٨)

                                           

                       د.عبد القادر القيسي

المحور السابع عشر: تسيس المهنة والانتخابات:

من أهم العوامل التي تؤثر على استقلال المحامين، هو تدخل السلطات العامة في عملهم النقابي مما يهدد استقلالهم النقابي، ويشكل اعتداء على الحرية النقابية المكفولة دستوريا، وتتعدد صور التدخل السياسي في العمل النقابي للمحامين، فقد يصل الأمر إلى حد فرض عضو مجلس نقابة او شراء أصوات لتنفيذ اجندة سياسية او حزبية او طائفية او وقف أو تشكيل هيئة لإدارة نقابة المحامين وكل ذلك يتم خارج ارادة المحامين وكما حصل بعد الاحتلال، حيث تركز العمل على إضعاف التنظيم النقابي وقيادته من الداخل والخارج بشكل رسمي أو بغير ذلك، كاعتقال المحامين بدون محاكمة، وتعذيبهم وتصفيتهم الجسدية، أو بث الشقاق والانقسام فيما بين أعضاء المهنة، عن طريق المحسوبية السياسية والمحاباة من قبل الحكومة والأحزاب بخاصة منها الدينية، وما تمارسه من تمييز عدائي لأسباب سياسية او طائفية او قومية، أو بفرض الوصاية على مجلس النقابة، كأن يصدر قانون يسمح للسلطة التنفيذية، بأن تتسلط على مجلس النقابة، تستطيع السلطة ان توفرها بشراء ولاء عدد من المحامين، أو عن طريق التدخل في تشكيل مجلس النقابة، كأن يخول وزير العدل الحق في تشكيل مجلس النقابة إذا كانت هناك استقالات، أو جعل تأديب المحامين عن غير طريق نقابتهم وكما يحصل في فتح دعاوى عديدة على محامين بسبب عملهم ومهنيتهم، وهناك صورتين واضحتين لتسيس المهنة في الوطن العربي:
الاولى: التدخل في عمل نقابة المحامين:
وما حصل في العراق سابقا عندما كان يتدخل المكتب المهني للحزب وبعد الاحتلال قضى مجلس الحكم على نقابة المحامين العراقيين واستقلال مهنتهم، حينما اصدر قرارا بحل النقابات وتشكيل مجلس بعدها عبر وزير العدل لإدارة النقابة، وكان ذلك القرار بمثابة الغاء لمهنة المحاماة ونقابة المحامين، فأصبح المحامون بموجب هذا القانون موظفين عموميين تابعين لوزارة العدل وخاضعين لتوجهاتها وأوامرها، وبالتالي أهدر هذا النظام ضمانة هامة من ضمانات استقلال القضاء من خلال إهداره لحق الدفاع، كأحد أقدس حقوق الإنسان،  وتصدت نقابة المحامين لذلك وأقامت دعوى أمام محكمة البداءة في الكرخ وردت المحكمة الدعوى المقامة من قبل النقابة، وطعنت النقابة بالقرار البدائي أمام محكمة التمييز وأصدرت محكمة التمييز بهيئتها التمييزية العامة، قرارا رائعا جسدت فيه مهنية القضاء العراقي، واعادت الحق لأصحابه، والذي أسس فيه لمبدأ عدم التدخل الحكومي في عمل النقابات المهنية ومنها نقابة المحامين العراقيين، ولا زالت تحاول الاحزاب والكتل السياسية الهيمنة على مقدرات النقابة وتحديد قياداتها النقابية، وهذا ما لاحظناها في الانتخابات الاخيرة في شهر اذار من عام 2016، وفي ليبيا ومصر حدث نفس الشيء.
نخلص مما سبق إن طبيعة عمل المحامي وعرف المهنة وتقاليدها هما الدستور الطبيعي الذي يكفل حماية استقلال المحاماة كحق من حقوق الإنسان، وضمانة من ضمانات العدالة.
والواقع إذا كان من الحق إن المحاماة، شأنها شأن كافة المهن الحرة، تعتبر مرافق عامة تملك الحكومة حق تنظيمها والإشراف عليها، إلا إن شرط ذلك أن تحترم الحكومة الحرية النقابية المكفولة بنص الدستور، وذلك بأن يكون على أساس ديمقراطي؛ فإنشاء النقابات على أساس ديمقراطي طبقا للدستور، يعني أن الانتخاب هو الوسيلة الوحيدة لتكوين نقابة منتخبة انتخابا صحيحا، وإنشاء مجلس نقابة بغير انتخاب، معناه حرمان المحامين من حريتهم الانتخابية؛ وفي هذا اعتداء صارخ على الدستور والحريات الدستورية.
الثانية: انتخابات المحامين والتسيس:
لاشك أن  الأجواء التي سادت في الانتخابات الأخيرة لنقابة المحامين وما الت اليه من نتائج، كانت مفاجئة ولا تنسجم مع الثوابت المهنية وافرزت أجواء مفعمة بالضغوط والتربص وانتهاز الفرص السانحة للانقضاض على الاخر، وهي ظواهر غير مهنية، والأجواء كانت ولا زالت متشنجة، بسبب اعتقاد كثير من المحامين ان بعض الفائزين غير مؤهلين لان يكونوا قيادات نقابية لضعف خبرتهم في العمل المهني النقابي، وهذا الامر سينعكس سلبا على الأداء المهني النقابي الذي هو أصلا يعاني من علل كثيرة يصاحبه اتهامات خطيرة بالفساد، وترجع المسئولية عنه إلى مجلس النقابة السابق وقسم من الحالي الذي لا يجيد بعض أعضائه سوي البحث عن امتياز او عن سفرة من خلال دعوة او مؤتمر او الولع في الظهور في قناة فضائية تسعده الظهور علي شاشتها، وكأن في ذلك كله آخر أمنياتهم في الحياة، جاهلين ومتجاهلين بالدور والمكانة التي وضعتهم فيها الأقدار، ليحملوا هموم فصيل المحامين المتناثرين في كل أنحاء المدن والقري والأحياء العراقية، فلم يكن علي المحامين ثمة ذنب أو مسئولية أنهم وضعوا ثقتهم في أناس اعتقدوا انهم خيرون واكتشفوا بمحض الصدفة أنها في غير مكانها بالمرة، وإن كان كذلك فيمكن لومهم علي شيئا واحدا اخطأوا فيه وهم تحت تأثير أشد من تأثير التنويم المغناطيسي الذي يلجأ إليه المجرم في ارتكاب فعلته ألا وهو انسياقهم(بعضهم) بكل جوارحهم وطاقاتهم التي لم يتبقي منها سوي الضعف والازدراء، وراء قادة المحامين الذين أثبت بعضهم علي مر أيام قليلة أنهم مجرد محامين مغمورين تعبر مسيرتهم المهنية عن ضعف قانوني كبير وتيه مهني اكبر في التعبير عن إرادة المحامين، ويمتلكون الحماسة الفائقة في تحقيق مصالحهم الشخصية، عبر الانبطاح والخضوع لإرادات لا تمثل جماهيرهم، لكنهم ينساقون وراءها ضاربين امال جماهيرهم عرض الحائط، ولن يضيفوا للمشهد المهني أي إضافة ولو ضئيلة يمكن أن تشفع لهم أخطائهم التي اعتبرها المحامون أنها سقطات عابرة في بداية الأمر، ولكن تبين أنها سمة جديدة من المفروض إضافتها للخصائص التي يتمتع بها أي زعيم أو قائد وهي قدرته علي نيل المكاسب والمغانم والانفراد بالخطأ والتمادي فيه لدرجة الغرق غير المحتمل النجاة منه.
ان الاعداد المشاركة في انتخابات المحامين لا تشكل 12% من اعداد المحامين المسجلين في جدول المحامين وتلك كارثة يجب معالجتها في مشروع القانون الجديد من خلال إيجاد نص يلزم المحام بالحضور في يوم الانتخابات او أي اجتماع عاجل تطلبه النقابة من المحام وفي حالة التخلف عن الحضور يعاقب المحام بمنع ممارسة المحاماة لثلاثة اشهر وبنص صريح وواضح، لان هذه الاعداد تشكل خيبة امل كبيرة في إيجاد الشخص المؤهل مهنيا بتمثيل المحامين ان كان نقيبا او عضو مجلس بسبب الحضور البائس والذي اقتصر على غالبية المحامين الشباب في ظل عزوف بائن وواضح من شيوخ ونبلاء وصفوة وقدامى المحامين.
المثير للتساؤل أن بعض القيادات المهنية النقابية الحالية والسابقة، الذين تسنموا منصة مجلس النقابة جاؤا تحت عناوين مورست في الانتخابات العامة للعراق، عبر عنوان؛ أبشركم بفوز السيد الرئيس، ويسقط دائما في الانتخابات أهل المهنية والكفاءة والعلم والخلق والشهامة والنزاهة، ويبقى الوطن خروفا مشويا على موائد اللئام، ما دامت جماهيره العريضة لا تفرق بين الألف وكوز الذرة، كما يقول المثل.
ان بعض القيادات النقابية ما زالت تردد وتّصر على صحة الخطوات التي قاموا بها، وكأنهم يعيشون في زمن وبلد وظروف غير التي يعاني منها المحامون، فهذه المكابرة والعناد المستمرين أودي بهم وبالمحامين خطوات طوال إلي الوراء.
الشيء المؤسف، أن الأجواء الانتخابية كانت ملوثة بطريقة قاسية وهابطة وغير مهنية في كثير من صفحاتها وساهمت النقابة في تفاقمها سواء بقصد أو بدون قصد، والمساهمين في تفاقم هذه الممارسات القذرة وسيادة هذه الأجواء لم تأخذهم أي ذرة رحمة أو شفقة علي حياة الصفوف الخلفية من المحامين بصورة عامة والمحامين التابعين لهم بكل ولاء وعطاء، لنيل أي مكسب مهني قد يراه هو ومن معه انه يحفظ لهم ماء الوجه أمام المحامين وعامة الشعب بخاصة أفراد أسرهم قبل موكليهم.
المحور الثامن عشر: تلقين المحامي لموكله المعتقل:
ليس كل أحد قادر على تناول أموره إلا بمعونة من غيره أو يترافع عنه ويدعم موقفه بالحجج والأدلة، وهي مناصرة للحقوق المشروعة للمتهم، والمحامي هو خير من يقوم بهذه المهمة لأجل الدفاع عن المتهم، ويعمل المحامي على رفع حاجة الضعيف والمظلوم ويسمع صوتهم للقضاء، هذه المعايير الرئيسية لعمل المحام.
من استحضار واقع المحامين الذين يكلفون من قبل ذوي المعتقلين لدى الأجهزة الأمنية بمتابعة قضايا ذويهم وجدنا إن المحامي يدور ضمن مسلسل من الغموض وعدم الوضوح بخصوص واجبه والالتزامات المهنية المترتبة عليه ويبدأ هذا المسلسل بعدة صعوبات أبرزها:
أولا-هناك صعوبة في توقيع الوكالة وقراءة الأوراق.
ثانيا-مواجهة المتهم مكبلة بقيود لا تتيح للمحام الجلوس مع موكله بحرية تامة؛ ولا تعطيه فرصة الانفراد به واطلاعه على أسراره وأعداد خطة دفاعه التي هي من أدق أسراره وأخطرها في مرحلة التحقيق.
ثالثا-التلكؤ والتباطؤ المقصود بالاستجابة للمتطلبات التحقيقية وطلبات الدفاع والوقت المفتوح لتلبيتها.
رابعا-عدم معرفة المحام بموعد إجراء التحقيق القضائي مع موكله والذي يتم أحيانا بدون حضور المحامي الوكيل، يرافقها أجواء بوليسية مصطنعة لمجريات هذه الدعاوى مما خلق تفسيرات وتأويلات لا تصب لصالح العمل القضائي.
هذه الصعوبات جعلت المحامي أسير المعلومات التي ترده من المعتمد والمنتسب واحيانا المحقق الذي يأخذ الطلبات والوكالات ويكون عمله عرضه للتبديل ووفق اجتهادات متعددة تكاد تكون يومية، ويتم تغير الإلية أسبوعيا، والمحامي لديه التزامات أمام موكليه تجعله في حرج كبير يتأتى من ضعف المعلومات التي يقدمها للمتهم وذويه وأحيانا كثيرة، تأخذ جانب فقدان مصداقية المحامي لهزالة عمله وضعفه لطول المدة، بالرغم من مراجعات المحام المتكررة، ونتج عن ذلك، المحامي لا يستطيع رسم الصورة الحقيقية لوقائع ومجريات الدعوى وبالتالي تكون إجاباته غير وافية للأسئلة المترادفة من المتهم وذويه ولتعدد وتكرارً الأجوبة المصطنعة؛ والتي تحمل في طياتها الضرر الأكيد للمتهم، غير متناسين ضياع جهود المحامي التي وجدت تفسير سلبي لدى المتهم وذويه بسبب هذه الإجراءات التعسفية.
ومن الصعوبات البالغة التي لا زال المحامون يعانون منها، هي مسالة افهام (تلقين) المتهم لما يدلي به من اقوال اثناء الاستجواب؛ والذي وجدت عدة تفسيرات غير صحيحة لدى بعض القائمين على التحقيق وادخلتها في مسارات فاسدة ولا تنسجم مع نصوص الدستور التي اعتبرت حق الدفاع مقدس، ولا تتماشى مع قانون المحاماة في المواد(39، 43،49)، ولا تتسق مع واجبات المحام في تقوية المركز القانوني لموكله ورعاية شؤونه القانونية، من خلال إيجاد المسوغات التي تعزز مكانة المتهم وتحقق فرص البراءة له، والمحام ملزم بإجراء البحث والتنقيب عن كل ما يدرأ عن موكله المتهم شبهة ارتكابه للجريمة المنسوبة اليه، من خلال العمل بكل جد وإخلاص على تحشيد الأدلة والقرائن التي ترفع الشك لما نسب لموكله من تهمة، وهي بمجملها تصب في مضامين حق الدفاع المقدس وروحيته ومفهومه، التي من اهم معطياته، ان تكون لدى المحام صورة كاملة عن أوضاع موكليهم القانونية ليكونوا قادرين على وضع صيغ كاملة الرؤية أمام القضاء لضمان حقوقهم التي ضمنها المبدأ القائل(المتهم بريء حتى تثبت إدانته بمحاكمة عادلة) والمحامي عون للعدالة لا وبالا عليها. ان تلك الممارسات التي اوجدها القائمين بالتحقيق بان المحام يلقن المتهم بما يضر التحقيق ويؤخر سير العدالة، ويحول الإرهابي الى بريء، والسارق الى نزيه والمرتشي الى غير مرتشي وغيرها، تفسيرات لا تجد لها مكان في المشهد المهني والقانوني والقضائي والدستوري الذي اكد ان (حق الدفاع مقدس)، وبهذه التفسيرات الفجة تتم مغادرة كل الحقوق والالتزامات المقرّ دستوريا وقانونيا، وهذه التأويلات المغرضة والاجتهادات العقيمة ضًعفت من دور المحام وجعلت مسالة وجوده بجانب المتهم اجراء شكلي بعيد عن اطر ومفاهيم حق الدفاع المقدس، وولدت بيئة قانونية مفعمة بالضغوط والتربص والتخلي عن الأسس والأصول القانونية والمهنية، والسلطة التنفيذية لا يمكن أن تكون مسئولة وحدها عن تلك الأعمال التي لها صبغة قانونية وقضائية.
والمؤسف والمثير للأسى، ان بعض القضاة يطلبون من نقابة المحامين اتخاذ الإجراءات التأديبية بحق بعض المحامين، كون أحد المتهمين المدونة أقواله سابقا أمام قاض أخر بالأنكار تم أحالته الى قاض أخر(طالب الإحالة) وعند سؤاله عن سبب عدم اعترافه قضائيا قال للسيد القاضي أن المحامي الذي وكلته طلب مني عدم الاعتراف، وعلى أثر ذلك قام القاض بتدوين أقوال المتهم كشاهد على المحامي وتم مخاطبة نقابة المحامين باتخاذ الأجراء التأديبي بحق المحامي بتهمة تلقين المتهم، ولا نعرف مفهوم التلقين الذي يفهمه بعض السادة القضاة والذي يتعارض مع حق الدفاع ونصوص قانون المحاماة ؟ان اتهامات تلقين المحام للمتهم اسقطت حق مقرر دستوريا(م19)، وقانونيا(123) من قانون أصول المحاكمات الجزائية النافذ، التي اوجبت بعدم جواز تدوين أقوال المتهم بدون حضور محام وللمتهم حق التزام الصمت وعدم الأجابة، واجهزت على  مفهوم النص الدستوري؛ بأن توكيل محام للمتهم أصيلا كان أو منتدب يعتبر من ضمانات حق المتهم بالتقاضي، انطلاقا وتجسيدا، من ان أغلب المتهمين لا يعرفون حقوقهم القانونية فيلجؤون الى صاحب الاختصاص وهو المحامي، كونه صاحب دراية وخبرة بما ينفع أو يضر المتهم من أقوال يدلي بها، تعزز من مركزه القانوني وتسقط عنه الاتهامات، والسؤال هنا اليس من حق المحامي أن يُعرف موكله بمواقع الضعف في افاداته ويشرح له ما يراه مناسبا من الأقوال ليذكر منها ما ينفعه في القضية وعدم ذكر ما يضره لأجل تعزيز فرص البراءة له، لاسيما ان جوهر وروح القانون الذي اكد، بعدم تحليف المتهم اليمين ووضع يده على القران الكريم عند تدوين أقواله، هو عدم ذكر كل الوقائع والاحداث وخاصة التي تضعف وضعه القانوني في القضية المتهم بها، ولهذا كان نص المادة(123) الأصولية ملزما بحضور المحام وجعل منهما شخص واحد في تدوين اقوال المتهم قضائيا، اضف، من واجب المحامي حضوره مع موكله أثناء تدوين أقواله قضائيا ليطمئن المتهم بحريته بالأدلاء بأقواله بعيدا عن الضغوط النفسية والوعد والوعيد والاكراه التي ربما تتم ممارستها ضده من قبل القائم بالتحقيق في مركز الاحتجاز.
ان "المُحامي" بمثابة المُتحدِّث الرسمي لمُوكِّله في جميع مراحل التحقيقات والدعاوى ووصولاً إلى مرحلة النطق بالحكم، لذا على المحامي أن يُوضِّح لموكله، أنَّ الهدف لا يكمن في الحصول على براءته من التهمة فحسب، بل التأكُّد من صِحَّة القضيَّة، ومن واجب المحام المنصوص عليه في قانون المحاماة المعدل رقم 173 لسنة 1965 ان يرسم للمتهم خريطة كاملة لأقواله، وان يجاهد مهنيا واخلاقيا في سبيل الوصول به إلى اقتضاء حقه، ويدافع عنه بشرف وامانة ونزاهة ولا يخرق نصوص قانون المحاماة، وليس في ذلك مخالفة لأي مادة من مواد قانون العقوبات أو أصول المحاكمات الجزائية أو نصوص قانون المحاماة النافذ، والمادة (179،180) من قانون أصول المحاكمات الجزائية قد اوجبت على المحكمة ان توجه للمتهم ما تراه من الأسئلة لكشف الحقيقة قبل توجيه التهمه اليه او بعدها ولا يعتبر امتناعه عن الإجابة دليل ضده، فالمحامي يمارس واجبه ويملى على المتهم حقوقه التي كفلها القانون.
والغريب هناك حالات تزايد في التجاوز الصارخ على المحامين وحبسهم وتوقيفهم وزجهم بقضايا ارهابية وسياسية من خلال ادعاءات التلقين او قيام بعض قضاة الأجهزة الأمنية بفتح دعوى بحق المحامي، بسبب قيام بعض القائمين بالتحقيق جلب المتهم وإجباره بالاعتراف بان محاميه من علمه بإحداث أثار تعذيب في جسمه، وتطور الأمر إلى إصدار أوامر استقدام أو التلويح بإصدار أوامر قبض من خلال زخ المعلومات من القائمين بالتحقيق لذوي المتهم لإيصالها إلى المحامي لتخويفه مما شكل حالة أرباك للمحامي ومنهم من ترك الدعوى. ان حق الدفاع عن المتهم مقدس والفيصل هو القضاء وليس المحامي؛ على اعتبار أنَّه طرف يُمثِّل العدالة ولا يعني وجوده أنَّه يدافع عن الظلم ضد الحق، بل هو يُساعد في إظهار الحقيقة ومُحاربة الجريمة، وتنويها، ان بعض أفراد المجتمع قد يرون أنَّ المُحامي يُدافع عن الظالم متناسين أنَّه(المحامي المهني النزيه) لا يستطيع تزوير المستندات أو الحقائق الثابتة، وحق الاستعانة بمحام حق أصيل للمتهم ويمثل الضمانة الأساسية لممارسة العدالة والمحامي ظهيراً ونصيراً لها من خلال تعاونه مع السلطات التحقيقية والفضائية لتسريع الإجراءات الجزائية مع الحفاظ على حقوق موكله في توفير الضمانات القانونية له، وتأمين العدالة بيسر وسهولة، لكن الممارسة الميدانية التي تحفل بها محاكم التحقيق في بعض الأحيان، قيام كثير من الحراس بمنع محامي من الانفراد بموكله أو حتى منعه من التكلم معه مما يشكل مخالفة لجميع النصوص القانونية والدستورية، وبعض قضاة التحقيق، لديه حماسة فائقة في جعل المتهم ان يدلي باعترافه بكل صورة من الصور حتى لو بالإكراه، وحتى يعتبر نفسه حقق نتيجة في القضية، بينما أصول العدل هو إظهار الحقيقة من خلال التحقيق النزيه الشفاف العلمي، وليس بعيد من ذلك، بعض القضاة من يرى ان المحامي مصدر قلق وخطر على قراراته، مما يجعله لا يتعامل بروح القانون بإعطاء الفسحة المناسبة لحق الدفاع عن المتهم، فيكون سلاح الاتهام للمحام بانه يلقن المتهم وانه يدعم الإرهاب ويهدد الامن، سلاح جاهز لإشهاره بوجه المحام، وقد حصلت عدة ممارسات وتصرفات من بعض عناصر السلطة القضائية والتنفيذية كانت نتيجة قناعات مسبقة موجودة لدى بعض القضاة يدعمه توجه فعال من بعض عناصر الاجهزة الأمنية، خاصة عندما يسمح بدخول ضباط التحقيق لغرفة القاضي أثناء تدوين إفادات المتهمين، مما يؤثر سلبا على حرية المتهم بالإدلاء بأقواله بعيدا عن أجواء الخوف والترهيب، وقد أدت تلك الاتهامات إلى القبض على عدة محامين بعضها كان خلل بالإجراءات القانونية، والبعض الأخر بسبب التعسف في تطبيق القانون صاحبها اجتهادات في ان المحام يساهم في اخراج الارهابين، وهذه الاتهامات تضعف من هيبه المحامي ومسيرته المهنية.
ان تلك الممارسات والإجراءات تناست وتغافلت بأن هذا الشخص محامي ويمثل القضاء الواقف وبالتالي لا يجوز اتخاذ إجراءات غير مشروعة بحقه وتأخذ عنوان النيل منه، بقرارات وممارسات تصدر من قسم من السادة القضاة تصب في اتجاه عدم الثقة بين القضاء الجالس والقضاء الواقف وولدت ضبابية في أطار العلاقة بينهما انطوت هذه التصرفات على ضرر أكيد على سير الإجراءات في كافة الدعاوى، والمحامين يمتازون بالذكاء الكافي ليدركوا أسباب هذه المواقف لان المحامي لا يحب ابدأ أن يرى كرامته وكرامة مهنته تكون رهينة تحت ظل امزجه وأهواء أو اجتهادات القضاء والسلطة التنفيذية.
ان حق تلقين المتهم حق مكفول دستوريا طالما يتم ضمن معايير العدالة، والضرورة تستدعي أن يكون المحامي شريكاً للقاضي في إحقاق العدالة، لان كليهما يسعيان للوصول إليها لتحقيق العدالة المجتمعيَّة عبر القضاء، بعيدا عن اجتهادات شخصية مبالغ في تأويلها.
هذه الممارسات بحق المحاميين كانت خلاف لما يقره الدستور والقانون، وتُفقد مصداقية القضاء الواقف وتشكل اعتداء صارخ على التزاماته تجاه موكله وتنطوي على ضرر كبير على الموقوفين، وهناك ضرورة ان يكون هناك ادراج لعدة نصوص في مشروع قانون المحاماة الجديد اشرنا لبعضها في محاور سابقة، تحقق للمحام حرية ممارسة عمله بشفافية مطمئنة، يرافقها عمل جاد وجهد مبذول من النقابة تقوم به مع مجلس القضاء الأعلى؛ لإزالة أي معوقات وتنقية الأجواء بين القضاء الجالس والواقف لممارسة عملهم بكل حرية ووقار والتصدي لأي خرق يضعف من مكانة المحام ولا ينسجم وقانون المحاماة النافذ مراعين ضمانات المتهم الدستورية والقانونية

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

662 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع