الكلمات التي لا تموت والشمس والشمس التي لا تغيب

                                        

                     ياسين الحديدي

يا بني .. إن الشمس ما إن غابت عنا ستشرق على أناس غيرنا .. هذا ما سمعته عندما كنت صغيرا من والدتي التي لا تعرف القراءة والكتابة ولم تكن تعرف العلوم الفلكية ولا الإحتباس الحراري بل كانت مدرسة متواضعة تعلمت من الحياة الصعبة .. أيام الماضي الجميل حيث النزاهة العقلية والمودة القلبية والإخلاص والوفاء بين الناس.. قبل أن تعصف على أجيالهم ريح صرصر عاتية وأمواج حروب قاسية تضربهم على صخور صلدة بسواحل الأمل الذي خرج من بيننا ولم يعد..

مقولة أمي الحنونة تشبعت في كياني وتجذرت في أعماقي وجعلتني أنظر الى هذه الحياة الفانية بنظرة المتأمل والمنتظر لبزوغ شمس الحرية ثانية على أرضنا المتعطشة على أشعتها الذهبية ونورها الإلهية وعنفوانها الكونية.
حياة الإنسان قصيرة وعمره فانٍ .. والجميع سيذيق من كأس الموت وييعيش لحظات الفراق .. ولكن هناك من سيعيش أسمه بين الناس ويدخل التاريخ ، وهناك من يخلد ذكره في المناسبات والذكريات ، وهناك من يدخل كل بيت بنبراس أضائه يوما في حياته وعلم انتفع به بعده وعمل قام به وحده ومات عليه حتى يعيش بعد رحيله أقوام غيره، أنه حب من نوع آخر ، بل عشق من نوع صعب لا يدرك لذته الا من تعلق قلبه بربه وعمل من أجله وفي سبيله.
كل إنسان يموت لا محال ولكن ليس كل انسان يخلد أسمه ، فربما تتساقط الحروف من بعض الكلمات على قلوب أناس أخرين تفتح بابا من أبواب الأمل الحقيقي في معرفة الحياة الأصيلة بمعانيها ومحتوياتها وحلاوتها ..
لا أطيل الحديث فالناس في هذا العصر لا يحبون كثرة الكلام وطول المقال ولا يقرأون الرسائل التي تزيد عن خمس أسطر لأنهم لا يعرفون طعم القراءة التي وصفها لنا أول كلمة نزلت على من أرسل رحمة للعالمين بـ "إقرأ" .. مثل هذه الكلمات القصيرة ذات معاني كبيرة غيرت الحياة في بقاع العالم وأضاءت النور على ظلام الأمم ,, انها ليست مجرد كلمات!
اليوم معكم وربما الغد نرحل عنكم ولا يبقى من أثرنا الا كلمة طيبة أو عمل مفيد أو أثر جميل.. قبل أن أقول أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه أكرر كلمات محفورة في قلبي الى كل من عرفني في حياتي :
إن كلماتنا تظل جثثا هامدة لا حراك فيها ، حتى إذا متنا في سبيلها انتفضت حية وعاشت بين الأحياء.. كل كلمة عاشت كانت قد اقتاتت قلب إنسان حي ، فعاشت بين الأحياء ، والأحياء لا يتبنون الأموات.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

809 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع