ماريو بارغاس يوسّا يكتب عن العراق بعد سقوط صدام حسين

                                    

                    كتابة - إيمان البستاني

   

ماريو بارغاس يوسّا يكتب عن العراق بعد سقوط صدام حسين
(ماريو يوسا ...ايها النسر العجوز ...تستطيع الانتحار ...لاني لم اعد احبك)   

ماذا تفعل ان التقيت وجهاً لوجه في بغداد ساحة بيروت بالروائي البيروفي (ماريو بارغاس يوسّا) احد أهم كتاب اللغة الإسبانية والحائز على  جائزة نوبل للآداب لعام 2010  وهو يتسكع وينظر لوجوه المارة ؟
نعم كان هناك يوسا في العراق في رحلة استمرت اثنى عشر يوماً فقط
بدأت في 25 يونيو وانتهت في السادس من يوليو 2003 , اي ذهب ليشهد سقوط نظام ديكتاتوري وإن كان بأيادي امريكية....ورغم أن هذه اليوميات التي جمعها ( يوسا)  تحت عنوان ( يوميات من العراق)  وصدرت بالإسبانية ، لاقت اهتمام العديد من وسائل الإعلام العالمية ونشرت في عشرات المجلات والصحف سواء في اوربا أو امريكا اللاتينية، إلا أننا لم نسمع بها في عالمنا العربي حتى الآن، على الرغم من ترجمة الكتاب إلى العديد من اللغات الأخرى، منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والهولندية

  

اليوميات التي تتكون من ثمانية فصول اربع دراسات له عن الحرب الأمريكية على العراق، كان قد نشر ثلاثاً منها قبل قيامه بالرحلة، والرابعة كتبها بعد الاعتداء على مركز الأمم المتحدة في بغداد ، ومن يقرأ الكتاب كاملاً سيجد أن ( ماريو بارغاس يوسا)  يعبر عن رأي مناقض تماماً لما عرف عنه قبل الغزو الأميركي للعراق، حيث لم يعد ضد الحرب الأمريكية ضد العراق كما كان يعلن قبل قيامه بالرحلة من خلال مقالاته الأسبوعية في الصحف الإسبانية، وهو ما يشرحه الكاتب في يومياته من خلال شروح عديدة ومستفيضة
   

قسّم ( يوسا)  كتابه إلى جزأين رئيسيين، الأول يضم يومياته عن العراق، والتي جاءت في ثمانية فصول، كانت عناوينها على النحو التالي: ( الحرية البربرية) ، ( الناس في بغداد) ، ( المتدينين) ، ( ناهبون وكتب) ، ( فاصوليا بيضاء) ، ( عطيل .. من اليمين إلى اليسار) ، ( الأكراد) ، ( الرجل الثاني) ، أما القسم الثاني فيضم دراساته الأربع عن الحرب على العراق، والتي حملت عناوين: ( كوارث الحرب) ، ( بقّ الوبر) ، ( ديموقراطية الأطلال) ، ( ميت في درعه) ، كما ضم الكتاب العديد من الصور الفوتوغرافية التي التقطتها ( مورجانا)  ابنة يوسا، والتي كانت فيما يبدو سبباً آخر لقيام الكاتب العالمي برحلته هذه إلى العراق، حيث كانت تعمل في بغداد قبل شهرين من قيام والدها برحلته، والمعروف أنها مصورة صحافية من مواليد العام 1974، عملت في العديد من الصحف الشهيرة في إسبانيا وفرنسا وبريطانيا، منها ( الباييس)  و( باريس ماتش)  وغيرها، كما عملت لعدة سنوات في منظمة اليونيسيف العالمية

في نص كتاباته عن الاكراد مثلاً يشير ( يوسا ) بأنهم ظنوه بادئ الامر مستثمر اجنبي عند لقاءه بالمسؤولين الاكراد في حزب (الاتحاد الوطني الكردستاني) في السليمانية و( الحزب الديموقراطي الكردستاني)  في مدينة أربيل وعرضوا عليه درزن مشاريع ذات ربح مضمون بكلفة ملايين من الدولارات , فما كان يوسا بعد سماعه للارقام الفلكية هذه الا ان كشف عن هويته بأنه صحفي و روائي جاء من اجل عمل كتاب عن المنطقة  
والنص ادناه مقتبس من كتابه يصف ما جاء اعلاه
بدأوا مباشرة بمحاولات إقناعي بأهمية ما لديهم: "مستشفى يضم 400 سرير على أن تتكفل الحكومة بتوفير الأرض وتصميمات البناء (التي من الممكن لي أن أطلع عليها إن شئت)، والتي لن تتكلف سوى 40 مليون دولار، مجزرة كبيرة للحيوانات في السليمانية ستتكلف 14 مليون دولار فقط". ما حزَّ في قلبي وآلمني هو أنني مضطر أن أقول لهم: "إنني لست إلا مندوباً عن نفسي فقط، وإنني كاتب من أمريكا الجنوبية جاء ليكتب عن الأوضاع في البلاد بعد زوال حكم صدام حسين
يصف يوسا العراق بشماله و جنوبه و بغداده بأسلوبه المميز حيث التقى كذلك برجال دين في النجف و راح يكتب عن المذاهب وتنوعها
و يصف سماء العراق بما يلي  ( لم يسبق لي أن شاهدت كل هذا العدد المهول من النجوم اللامعة في أي (!!!مكان من العالم
 
والنص ادناه مقتبس من وصفه للبيشمركة الاكراد
العسكر الوحيدون الذين ستراهم هنا هم المحاربون المحليون (جنود البشمرجة)، الذين يحاربون من أجل حرية الأكراد، والذين يرتدون أزياء شبه موحدة؛ سراويل فضفاضة وعمائم ضخمة وثقيلة ذات أشكال باروكية، وكأنهم سرقوا وحي أزيائهم من بورتريهات ( رمبرانت)  التي رسمها لنفسه، وكأحزمة تلف أجسادهم وضعوا أقمشة عريضة مطرزة حول خصورهم
ينهي رحلته للعراق وهو يصف نفسه كيف أستقل سيارة الأجرة الجماعية المتجهة إلى بغداد، حيث يقول عن هذا البلد ( كنت أحاول أن أذكِّر نفسي بأن ما أراه هنا سطحي ومزيَّف) و( كنت أحسُّ في فمي بطعم شيء مرّ اسمه الغضب )
ماريوبارغاس يوسا من المبدعين الكبار في كتابة الرواية قادته  روايته الأخيرة ( حفلة التيس)  إلى أكاديمية السويد لينال جائزته منها، وهو ايضا اسم معروف في قوائم الجوائز العالمية ,صحفي و سياسي رشح نفسه لتولي منصب رئاسة الجمهورية في البيرو , لكنه في الوقت نفسه ينكشف الان مدى التناقض الذي يتمتع به هذا الكاتب من ازدواجية بين شخصيته المبدعة وحياته، وهو ازدواج يبدو واضحا لو تتبعنا ممارساته في حياته اليومية، فقد بدأ حياته معتنقا ( الماركسية اللينينية)  وتطرف فيها إلى أقصى اليسار عندما كان لا يزال كاتباً شاباً، لأنها كانت في ذلك الوقت العملة الرائجة بين مثقفي أمريكا اللاتينية في وقت كانت تخوض في شعوبهم حربا شرسة ضد الهيمنة التي كانت تحاول أن تفرضها الولايات المتحدة عبر الانقلابات العسكرية التي تخطط لها وتمولها مخابراته ( السي آي إيه)  لإخضاعهم لسيطرتها وسرقة ثرواتها الطبيعية لصالح الشركات الأمريكية الكبرى والشركات الأخرى المتعددة الجنسية والتي في أغلبها أمريكية الجذور استعمارية التوجه , وهنا نجده يمتدح امريكا ويشجع على غزوها للعراق

ماريو يوسا ...ايها النسر العجوز ...تستطيع الانتحار ...لاني لم اعد احبك
في آمان الله

المصادر
مقالة نوبل للأدب 2010  للرجل الطاووس.. بارجاس يوسا للدكتورطلعت شاهين
مقالة ماريو بارغاس يوسّا يكتب عن أكراد العراق بعد سقوط صدام حسين ,,,ترجمة وتقديم: عماد فؤاد

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

917 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع