شخصيات بغداديه في الذاكره/8احمد باشا مختار بابان اخر رئيس وزراء
هذه شخصيه قد لايعرفها الجيل الجديد وهو احمد مختار بابان اخر رئيس وزراء للعراق في العهد الملكي ومن اسرة آل بابان الكريمه التي تضرب جذورها في عمق التاريخ وجده الاكبر إبراهيم باشا مؤسس مدينة السليمانيه وهذه العائله لعبت دورا كبيرا في الحياة العامه في العراق العثماني والملكي ويعتقد البعض ان اصول العائله تعود الى الصحابي الجليل خالد بن الوليد القائد الاسلامي الاكثر شهرة في الفتوحات ..
ولد احمد في مدينة الحله عام 1901م ودرس في المدرسه السلطانيه ثم دار المعلمين والحقوق وتدرج في المناصب الحكوميه التي بلغت 30 منصبا اولها كاتب اول في وزارة العدليه ثم موظفا في الديوان الملكي وحاكم لمدينة الكوت ومدعي عام وعضو مجلس الاعيان واخرها رئاسة الوزاره التي شكلها في 19 \ 5 \ 1958 عندما كان العراق والاردن في حالة اتحاد يرأس وزارته نوري باشا السعيد ..
وكان اول منصب وزير شغله كان في عام 1942م في وزارة نوري سعيد السابعه وقد شغل احمد مختار بابان رحمه الله منصب وزير 9 مرات ومنصب نائب رئيس وزراء 3 مرات ومنصب رئيس وزراء مره واحده .
كان له دور كبير وفاعل في المفاوضات التي جرت بين الحكومه العراقيه وشركات النفط وتوصله الى الاتفاق على مناصفة الارباح وتحرير الاراضي الغير مستثمره من حكر الشركات وكان هدفه الذي ذكره في الخطاب الوزاري هو مضاعفة متطلبات المعيشه للعراقيين وتوفير السكن الائق والخدمات الاجتماعيه والتعليم ولكنه لم يتسنى له فعل شيء حيث قام انقلاب تموز 1958 بعد شهر واحد من الاتفاق مع شركات النفط .
لم يكن يخطر ببال احمد مختار بابان ان يتم اعتقاله لغاية يوم 19 تموز 1958 عندما سمع بصدور امر القاء القبض عليه وكان بأمكانه اللجوء الى العائله بسهوله والهروب خارج العراق ولكنه آثر تسليم نفسه وقابل الزعيم قاسم الذي احترمه وقدره واودع التوقيف في سجن معسكر الرشيد مع مجموعه من رموز العهد الملكي منهم سعيد قزاز وقد زاره في السجن العميد المهندس (رجب عبد المجيد) احد الضباط الاحرار واوصى به خيرا وتكفل بذلك العريف (رسن) الذي كان يلبي طلباته مصحوبة ب ( تؤمر باشا )..
مثل احمد مختار بابان امام محكمة المهداوي وحكم عليه بالاعدام وتحركت ابنته وزوجته وقابلت المرحومين الملا مصطفى وعبد الكريم قاسم حيث اوقف حكم الاعدام ومن ثم اطلق سراحه بالعفو بمناسبة الذكرى االثالثه لثورة تموز عام 1961 م وترك العراق مباشرة الى لبنان ولم يعود اليه الا في عام 1976 م ولاقى ترحيب من القياده العراقيه ثم غادر الى المانيا للعلاج وتوفي في المانيا في 24 تشرين الثاني 1976 م ..
كان احمد مختار بابان شخصيه حلوة المعشر حلو الحديث مثقف ثقافه قانونيه عاليه نظيف اليد نزيه يعتز بعائلته وخلفيته الراقيه وكان لايجيد اللغه الكرديه اجاده تامه ولكنه كان يحتسب على الكورد في بعض الاحيان وكان يعتز بالحكم الملكي ولايعتبره مقصرا او خائنا كما كان يردد من ان احفاد الرسول صلى الله عليه واله واصحابه وسلم لايمكن ا لا ان يكونوا للخير فاعلين وكان مؤمن بالله وهادىء ومتزن وذا شخصيه
صدر كتاب ذكريات احمد مختار بابان الذي كتبه الدكتور كمال مظهر احمد والتي يذكر فيها الكثير من الذكريات السياسيه ودور اللانكليز في العراق وامور اخرى ..
وكان رحمه الله من الذين يمدون يد المساعده لمن يحتاجها وهنا اذكر قصه حدثت مع الباشا نوري السعيد في عام 1956 وكان نوري في داره ومعه موفد من قبل مدير الدعايه العام ليطلعه على بعض البريد حتى استأذن الشرطي الحارس ليطلب من الباشا دخول الباشا احمد مختار بابان فقال السعيد ليتفضل وبعد المجامله قال بابان للباشا هناك أمرأه في بيتي تبكي وتنوح لان ولدها المقبول في بعثه الى الخارج للدراسه موقوف حاليا لدى الامن العام لخروجه في مظاهره ضد الحكومه وعليه ان يهيء نفسه للسفر بعد خمسة ايام وهو قابع في السجن ؟ فطلب الباشا اسمه واعطاه الى الشرطي وطلب مدير الامن العام بالهاتف وبعد نصف ساعه حضر الشاب وهو في حاله يرثى لها فقال الباشا السعيد ,, اصعد على المنضده ولكن الشاب خجل قال الباشا اصعد او ارجعك للامن فصعد الشاب وهنا قال الباشا ( هوس مثلما كنت تهوس في المظاهره .. ولكن الشاب استحى فصاح الباشا تره ارجعك للامن فقال الشاب وهو يهوس { نوري سعيد القندره وصالح جبر قيطانها } وضحك نوري باشا وقال للشاب ,, ابني روح ادرس وكمل دراستك وبعدين تعال اشتمني يالله روح ويه عمك ) هكذا كانت اخلاق رجال السياسه ايام زمان ..
رحم الله احمد باشا مختار بابان وكل الرجال الذين خدموا العراق باخلاص ....
مع تحيات .....عبد الكريم الحسيني
670 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع