القضية الكردية في مهب الرياح الروسية

                                                            

                                     آرا دمبكجيان

                      القضية الكردية في مهب الرياح الروسية

في خضم الأحداث الجارية في الشرق الأوسط، أعطت روسيا الجواب المناسب لتركيا بتبنيها قضية اكراد سوريا الذين يتقاسمون المصير نفسه مع اكراد تركيا. الأكراد يشكلون كابوسا الى أردوغان، في الوقت نفسه هم أضعف نقطة في الرئيس التركي، لأن تشكيل دولة كردية يمثل أنهيار تركيا، ناهيك عن الأرمن المطالبين بأرمينيا الغربية في شرق تركيا حسب معاهدة سيفر.

تشكل القوات الكردية القوة المسلحة الرئيسة في مجابهة الدولة الأسلامية في سوريا، و هي جزء من الجناح العسكري لحزب الأتحاد الديمقراطي القريب من حزب العمال الكردستاني في تركيا. فبعد الهجوم الأرهابي في مدينة سوروج في تموز الماضي، حيث كانت اعداد الضحايا من الأكراد خاصة، رتَّب أردوغان عملية استفزازية على الحدود السورية ناقضا وقف اطلاق النار مع حزب العمال الكردستاني و كانت النتيجة تجدد الأشتباكات ثانية بين تركيا و الحزب.
تبنَّت الدولة الأسلامية تلك العملية الأرهابية و التي كانت بعلم و تخطيط المخابرات التركية. و كانت المسألة برمتها بالنسبة لأردوغان مسألة قوة و سيطرة على الموقف. و كانت نيته تقليل شعبية الحزب الديمقراطي برئاسة ديميرتاش الذي استحوذ على اصوات أردوغان في الأنتخابات التي جرت في حزيران الماضي، و لكن دور مسعود البرزاني كان واضحا في ترجيح كفة أردوغان حينما ذهب الى ديار بكر و خطب من منبرها لصالح أردوغان. كانت خطة الأخير واضحة في توحيد الشعب بلعبه ورقة "التهديد الكردي" عندما دعى الى أنتخابات مبكرة في تشرين الثاني، فنال هدفه بإراقة الدماء.
أما واشنطن، فتحاول من مدة أن تلعب ورقة "كردستان المستقلة". أما مشروع الأمبراطورية العثمانية الجديدة التي يلهث أردوغان من أجل تحقيقها من مدة ليست ببعيدة، فلا تتضمن اي دولة كردية فيه. و لكن الدولة الكردية المقترحة مهمة جدا بالنسبة الى امريكا لتكون في حالة حرب مستمرة مع بشار الأسد في سوريا من جهة و الأتراك من الجهة الأخرى. و قبل شهر من الزمن اشتركت اميركا مع الأكراد في أعمال هجومية على قوات داعش في مدينة الرقة السورية.
أعلن الأكراد تأسيس منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا بعد تحرير مدينة تل أبيض، فاستشاطت أنقرة غضبا بعد تأكيد واشنطن هذا الأمر. و تعتبر تركيا هذا الأعلان تهديدا لأمنها القومي، حسب ما صرحت بها الخارجية التركية التي تنسى أو تتناسى احتلال تركيا 38% من جزيرة قبرص منذ أربعين سنة ... و قبرص دولة عضو في الأتحاد الأوروبي...
صرح يوري نابييف، رئيس جمعية التضامن و التعاون مع الشعب الكردي الى جريدة  Pravda.Ru: "يتراءى لي ان الولايات المتحدة تدعم الأكراد دعما جزئيا لئلا تحيق الضرر بداعش بصورة كاملة. فلو كان الأميريكيون يساعدون الأكراد حقيقة، لقضى الأكراد على داعش بصورة نهائية و أبادوهم من وجه الأرض من مدة طويلة."
و الجدير بالذكر أن الأكراد ليسوا سعداء كثيرا بالتبني الأمريكي لقضيتهم و هم يتذكرون طبيعة الدعم الأمريكي للرئيس العراقي صدام حسين في الماضي.
كيف تستفيد روسيا من دعمها للأكراد...
تبيّن الوقائع عدم وجود أي تحالف غربي في مجابهة الدولة الأسلامية. فتركيا تقصف الأكراد بالقنابل و تعمل كدولة عضو في تحالفٍ ضد داعش، حيث يشترك الأكراد أيضا متمتعين بدعم امريكا.  في الوقت نفسه تستطيع روسيا ان تلعب على كل هذه التناقضات الموجودة ضمن ذلك "الحلف." من الممكن ان يكون دعم روسيا للأكراد الرد المناسب لأردوغان لإسقاطه الطائرة الروسية سوخوي-24، و أن يُضعف موقف هذا في كل من سوريا و تركيا.
إضافة الى مساعدة الأكراد بالسلاح، من الممكن أن تعطي روسيا الأكراد الدعم الدولي اللازم للأعتراف بدولتهم. فقد ناقش حزب الأتحاد الديمقراطي أسس قيام دولتهم حسب ما ذكرت جريدة الفاينينشال تايمز. و أضافت ان الولايات المتحدة لا يعجبها هكذا تحركات روسية-كردية لأنها تعرِّض جهودها في محاربة الدولة الأسلامية. بطبيعة الحال، اذا اتحد الأسد مع الأكراد فلن تكون هناك أي حاجة لـ"جهود" أمريكا.
و حسب الأمر الواقع، على روسيا ان تساعد الأكراد في مد المنطقة المسَيطر عليها و أحتلال الأرض الواقعة بين مدن جرابلس و عزاز ثم التقدم نحو غرب الفرات (و هذا ما رفضته أمريكا ان تعمل في حزيران الماضي). و ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية ان القوات الكردية اتخذت وضع الهجوم في منطقة حلب بمساعدة القوة الجوية الروسية. و على اساس هذه المعطيات فإن المساندة الروسية ليست في موضع شك بعد الآن لأن فعالياتها اصبحت مؤثرة و وواضحة للعيان.
كتبت Aljazeera.com ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد ان يحقق نصرا اكبر: "دعى بوتين حكومة الأسد و الجناح السياسي لحزب الأتحاد الديمقراطي ان يعملا معا. و لم يحصل هذا الأمر بعد، على الأقل بصورة رسمية. و ذكر المسؤولون السوريون الأكراد انهم يرغبون ان يعملا معا للنضال ضد الدولة الأسلامية و مع كل الفئات التي تعمل متحدة من اجل بناء سوريا علمانية و ديمقراطية. سيغير هذا النوع من التحالف ميزان القوى للقوات المتحالفة."
يظهر للعيان ان بشار الأسد سيعمل ما بوسعه لإعطاء حكم ذاتي اوسع للأكراد. و اذا ارتكب الرئيس التركي خطا احمقا و حاول ان يعطل هذه الجهود عسكريا، ستكون الكارثة من نصيبه حتما.
و أضاف يوري نابييف: "للأكراد علاقات تاريخية طويلة مع روسيا، و هي اكثر من دافئة الآن، و صراحة أقول ان روسيا قد تأخرت يعض الوقت في إنماء هذه العلاقات."


آرا دمبكجيان


في خضم الأحداث الجارية في الشرق الأوسط، أعطت روسيا الجواب المناسب لتركيا بتبنيها قضية اكراد سوريا الذين يتقاسمون المصير نفسه مع اكراد تركيا. الأكراد يشكلون كابوسا الى أردوغان، في الوقت نفسه هم أضعف نقطة في الرئيس التركي، لأن تشكيل دولة كردية يمثل أنهيار تركيا، ناهيك عن الأرمن المطالبين بأرمينيا الغربية في شرق تركيا حسب معاهدة سيفر.
تشكل القوات الكردية القوة المسلحة الرئيسة في مجابهة الدولة الأسلامية في سوريا، و هي جزء من الجناح العسكري لحزب الأتحاد الديمقراطي القريب من حزب العمال الكردستاني في تركيا. فبعد الهجوم الأرهابي في مدينة سوروج في تموز الماضي، حيث كانت اعداد الضحايا من الأكراد خاصة، رتَّب أردوغان عملية استفزازية على الحدود السورية ناقضا وقف اطلاق النار مع حزب العمال الكردستاني و كانت النتيجة تجدد الأشتباكات ثانية بين تركيا و الحزب.
تبنَّت الدولة الأسلامية تلك العملية الأرهابية و التي كانت بعلم و تخطيط المخابرات التركية. و كانت المسألة برمتها بالنسبة لأردوغان مسألة قوة و سيطرة على الموقف. و كانت نيته تقليل شعبية الحزب الديمقراطي برئاسة ديميرتاش الذي استحوذ على اصوات أردوغان في الأنتخابات التي جرت في حزيران الماضي، و لكن دور مسعود البرزاني كان واضحا في ترجيح كفة أردوغان حينما ذهب الى ديار بكر و خطب من منبرها لصالح أردوغان. كانت خطة الأخير واضحة في توحيد الشعب بلعبه ورقة "التهديد الكردي" عندما دعى الى أنتخابات مبكرة في تشرين الثاني، فنال هدفه بإراقة الدماء.
أما واشنطن، فتحاول من مدة أن تلعب ورقة "كردستان المستقلة". أما مشروع الأمبراطورية العثمانية الجديدة التي يلهث أردوغان من أجل تحقيقها من مدة ليست ببعيدة، فلا تتضمن اي دولة كردية فيه. و لكن الدولة الكردية المقترحة مهمة جدا بالنسبة الى امريكا لتكون في حالة حرب مستمرة مع بشار الأسد في سوريا من جهة و الأتراك من الجهة الأخرى. و قبل شهر من الزمن اشتركت اميركا مع الأكراد في أعمال هجومية على قوات داعش في مدينة الرقة السورية.
أعلن الأكراد تأسيس منطقة حكم ذاتي في شمال سوريا بعد تحرير مدينة تل أبيض، فاستشاطت أنقرة غضبا بعد تأكيد واشنطن هذا الأمر. و تعتبر تركيا هذا الأعلان تهديدا لأمنها القومي، حسب ما صرحت بها الخارجية التركية التي تنسى أو تتناسى احتلال تركيا 38% من جزيرة قبرص منذ أربعين سنة ... و قبرص دولة عضو في الأتحاد الأوروبي...
صرح يوري نابييف، رئيس جمعية التضامن و التعاون مع الشعب الكردي الى جريدة  Pravda.Ru: "يتراءى لي ان الولايات المتحدة تدعم الأكراد دعما جزئيا لئلا تحيق الضرر بداعش بصورة كاملة. فلو كان الأميريكيون يساعدون الأكراد حقيقة، لقضى الأكراد على داعش بصورة نهائية و أبادوهم من وجه الأرض من مدة طويلة."
و الجدير بالذكر أن الأكراد ليسوا سعداء كثيرا بالتبني الأمريكي لقضيتهم و هم يتذكرون طبيعة الدعم الأمريكي للرئيس العراقي صدام حسين في الماضي.
كيف تستفيد روسيا من دعمها للأكراد...
تبيّن الوقائع عدم وجود أي تحالف غربي في مجابهة الدولة الأسلامية. فتركيا تقصف الأكراد بالقنابل و تعمل كدولة عضو في تحالفٍ ضد داعش، حيث يشترك الأكراد أيضا متمتعين بدعم امريكا.  في الوقت نفسه تستطيع روسيا ان تلعب على كل هذه التناقضات الموجودة ضمن ذلك "الحلف." من الممكن ان يكون دعم روسيا للأكراد الرد المناسب لأردوغان لإسقاطه الطائرة الروسية سوخوي-24، و أن يُضعف موقف هذا في كل من سوريا و تركيا.
إضافة الى مساعدة الأكراد بالسلاح، من الممكن أن تعطي روسيا الأكراد الدعم الدولي اللازم للأعتراف بدولتهم. فقد ناقش حزب الأتحاد الديمقراطي أسس قيام دولتهم حسب ما ذكرت جريدة الفاينينشال تايمز. و أضافت ان الولايات المتحدة لا يعجبها هكذا تحركات روسية-كردية لأنها تعرِّض جهودها في محاربة الدولة الأسلامية. بطبيعة الحال، اذا اتحد الأسد مع الأكراد فلن تكون هناك أي حاجة لـ"جهود" أمريكا.
و حسب الأمر الواقع، على روسيا ان تساعد الأكراد في مد المنطقة المسَيطر عليها و أحتلال الأرض الواقعة بين مدن جرابلس و عزاز ثم التقدم نحو غرب الفرات (و هذا ما رفضته أمريكا ان تعمل في حزيران الماضي). و ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية ان القوات الكردية اتخذت وضع الهجوم في منطقة حلب بمساعدة القوة الجوية الروسية. و على اساس هذه المعطيات فإن المساندة الروسية ليست في موضع شك بعد الآن لأن فعالياتها اصبحت مؤثرة و وواضحة للعيان.
كتبت Aljazeera.com ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد ان يحقق نصرا اكبر: "دعى بوتين حكومة الأسد و الجناح السياسي لحزب الأتحاد الديمقراطي ان يعملا معا. و لم يحصل هذا الأمر بعد، على الأقل بصورة رسمية. و ذكر المسؤولون السوريون الأكراد انهم يرغبون ان يعملا معا للنضال ضد الدولة الأسلامية و مع كل الفئات التي تعمل متحدة من اجل بناء سوريا علمانية و ديمقراطية. سيغير هذا النوع من التحالف ميزان القوى للقوات المتحالفة."
يظهر للعيان ان بشار الأسد سيعمل ما بوسعه لإعطاء حكم ذاتي اوسع للأكراد. و اذا ارتكب الرئيس التركي خطا احمقا و حاول ان يعطل هذه الجهود عسكريا، ستكون الكارثة من نصيبه حتما.
و أضاف يوري نابييف: "للأكراد علاقات تاريخية طويلة مع روسيا، و هي اكثر من دافئة الآن، و صراحة أقول ان روسيا قد تأخرت يعض الوقت في إنماء هذه العلاقات."

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

948 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع