من روائع الأدب ألعالمي روايه /ورده التوليب السوداء
la tulipe noire
ألمؤلف أسكندردوماس
ترجمت باختصار_ ألدكتور طلعت الخضيري
ألمقدمه
أخترت لقرائي ألأعزاء ألروايه الثالثه للمؤلف , وتدور أحداثها بعد أنقلاب في الحكم أنتصر به الأمير وليم أورانج لتصبح بعد ذلك هولندا مملكه بعد أن كانت جمهوريه وقد نتج عن ذلك أن سجن أحد أبرز ساسه الجمهوريه السابقه وهو جان ويت وحكم عليه بالنفي خارج البلاد.
ألسجين جان ويت
أن تواجد اليوم المصادف العشرون من آب سنه ألألف وستمائه و أثنان وسبعون في مدينه لاهاي في هولندا ، و دورها البيضاء وشوارعها الممتده على جانيبها الأشجار ألخضراء ، تمتد بينها القنوات والجسور ، وتنتشرهنا وهناك المنتزهات وقد نسقت بها ألأوراد الجميله وتناثرت هنا وهناك برك الماء ،إنها عاصمه دوله تتكون من سبعه محافضات مجتمعه في جمهوريه واحده ،
وكان من أبرز حكامها السيد كورنيبل فان ويت أما اليوم فهناك حركه مشابهه لثوره يقوم بها ألأمير وليم أورنج ، قريب ملك بريطانيا ،أعدى أعداء ألملك لويس ألرابع عشر ملك فرنسا ، بينما كان النظام القائم يداهن ويحابي ذلك الملك ، الذي زادت قوته وسلطته على كل دول أوربا.
في ذلك اليوم الجميل ، ساد المدينه حدث عظيم , فقد تجمع الناس في شوارعها، حاملين جميع ما أمكنهم حمله من أسلحه ، من سكاكين وبنادق وما أشبه ذلك ، والكل يتوجه نحو سجن المدينه المسمى بوتنهوف ،الذي تواجد به سجين إتهمه الجراح تيكلر زورا بتهمه حثه للأشتراك معه في جريمه القتل ، ولم يكن ذلك السجين إلا أخ السياسي جان ويت واسمه كورنيل ويت ،و مهنته مفتش سدود المدينه وسبق له أن تقلد سابقا مناصب حكوميه رفيعه أخرى ، ولم يكن القصد في تلك المسرحيه إلا الإسائه لأخيه جان السياسي المخضرم وتبديل نضام الحكم القديم ينضام جديد يحكمه وليم أورنج.
ومن مهازل الصدف أن جان ويت كان من أحد معلمي ألأمير وليم أورانج ،و تمت محاكمه المتهم كورنيل ويت وصدر الحكم عليه بتجريده من كل رتبه وامتيازاته وتكليفه بدفع مصاريف المحاكمه وأخيرا نفيه خارج بلده مدى الحياه.
وبعد أن صدر الحكم بحق أخيه قدم جان ويت أستقالته من جميع المناصب الحكوميه الهامه التي كان يتبوأها ، مما ترك المجال إلى الأمير وليم أورانج أن يعزز مكانته كالمدافع عن النضام الجديد ، وأن يخطط لإثاره الشعب والإنتقام من الأخوين ويت. ، لذا كما سبق وأن ذكرنا خطط لتدمير الأخوين في ذلك اليوم وهو 29 آب 1672
الفصل الأول من اللعبه والإنتقام .
كان ذلك اليوم هوالموعد المحدد لنفي كورنيل إلى خارج البلد ، أي أن يترك السجن إلى الوجهه التي يريدها للعيش بعيدا عن هولنده ، وأخذ لناس في التجمع في ألساحه المقابله للسجن وهدف معضمهم من التجمع في الساحه المقابله للسجن ، هو ألتشفي والتفرج على السجين وهو يغادر ذليلا سجنه. ، بعدأن كان شخصيه مرموقه ، أما وليم أورانج فقد خطط غلى ما أبعد من ذلك ، فبث أعوانه بين الناس يحدثوهم عن مساوء ا لرجل المسكين ، وخيانته وأخيه بالتعاون مع ملك فرنسا ، وأخيرا وصل الرجل الجراح أالذي أتهم السجين بمحاوله أغرائه بتقديم يد المساعده له لقتل أحد خصومه والذي كان الجراح يعالجه ، ولم يكن ذلك إلا محض افتراء وليست له أيه مصداقيه .
إزداد عدد الحشد في الساحه ،وازداد تدريجيا هياجهم ، وأخيرا تقدم بعضهم سائرين نحوالسجن لللإنتقام من السجين قبل أن يترك سجنه إلى منفاه ، وكانت ثله من الجنود يقودها ضابط شاب تقف مدافعه عن السجن ، وعندما تقدم الجمع هددهم الضابط الشاب بأنه سيطلق النارعليهم إذا استمروا بالتقدم نحو السجن.
خلال تلك الفتره وصلت عربه , نزل منها أخ السجين ، أي جان ويت ،السياسي المرموق ،يتبعه خادمه وسار بشجاعه إلى باحه السجن ، وكان قصده مرافقه أخيه إلى الميناء عند ذهابه إلى منفاه ، وقد طلب من سائق العربه الإنتظار حتى خروجهما معا. وبعد أن طرق الباب ، أستقبله السجان الوحيد في السجن وكانت له معرفه سابقه به ، وكانت بقربه إبنته الجميله روزا، التي بلغت العشرين من العمر ، وظهرت على ملامحها الرقه والبرائه ، وبعد أن حيت الزائر همست روزا بصوت خافت ( سيدي إني أخشى عليكم من هذه الجموع البشريه وما يظهرعلى وجوههم من حقد وشر) فابتسم لها الزائر وطمأنها أنهما سيتركان السجن بدون مشاكل ، وأن أخاه ينفذ أوامر القضاء لاغير.
واستمر الأمير وليم أورانج بإرسال أعوانه إلى الساحه ،ناشرين خبر مفاده أن الأخوين ويت ، سيتعاونان مع عدو هولنده ونظامها الجديد، ملك فرنسا لويس الرابع عشر ،للقضاء على ذلك النضام ، لذا فيتوجب على الجموع الحاشده منعهما من ترك البلاد ، بل والقصاص منهما ، لذا بدأت الجموع الحاشده تتجه نحوالسجن ، فتصدى لهم الضابط الشاب الذي كان مكلف و رفاقه للدفاع عن السجن ، وهددهم بأنه سيقاومهم حتى النهايه ، وذلك تنفيذا للأمر الصادر اليه ، وأخيرا وبعد أن هددت الجموع الضابط وجماعته بالقتل وهددهم الضابط الشاب بما هو مماثل ، نصحهم الضابط بمراجعه دار الحكومه للحصول على أمر له بترك الحراسه ،وكان بظنه أنهم سيفشلون على الحصول على مثل ذلك الأمر ،المنافي للقانون ، وتوجهت الجموع الغاضبه نحو دار الحكومه للحصول على ذلك الأمر.
إجتماع الأخوين
لنترك تلك الحشود الغاضبه تتجه إلى دار الحكومه ،ولننظر ما يجري في داخل السجن.
بعد أن صعد جان السلم ،وجد أخاه كورنيل مستلقيا على سريره ، بعد أن عانى خلال الأيام الثلاثه الماضيه ماعاناه من التعذيب ، لاستنزاع إعتراف منه بالخيانه العظمى ، والذي ستكون نتيجته الأعدام . ونتيجه ذلك تهشمت يداه ، وقد كف سجانوه عن تعذيبه بعد أن وصل قرارالمحكمه بنفيه خارج البلاد.
وخلافا لجسده النحيل المعذب ، حافظ الرجل على كبريائه ورجاحه عقله ، وانتظر مستسلما ساعه إطلاق سراحه ، ليتوجه إلى ميناء المدينه شفنغن ، حيث تنتظره سفينه للإبحار إلى منفاه، ولم يعر اهتماما للصيحات التي كانت تصله ، عبر نافذه صغيره ،عندما كانت تجري ما ذكرناه من أحداث.
ودخل الغرفه أخاه جان ، وقبله على جبينه ، ثم جلس على حافه السرير، و بادره بالكلام
- كورنيل أخي الصغير إنك تعاني كثيرا أليس كذلك؟
- إنني لا أتألم يا أخي وأنا أراك بجنبي.
-إنني أنا ألذي يتألم برؤيتك هكذا يا أخي.
- إنني كنت أفكر بألمك عندما كانوا يعذبونني ولم أفكر بنفسي ، هل أتيت لإخراجي من السجن؟
- نعم. .
-إذن لقد تم شفائي ، أعينني أخي للنهوض من السرير.
- لا تقلق إنني سأحملك إلى عربتي ألتي تنتظرنا أمام السجن ، بالرغم من الحشود التي لا تريد لك مغادره المكان.
- إذا ما أسمعه هو هتاف الجماهير الغاضبه أليس كذلك؟
- نعم يا أخي.
ثم أضاف جان بقلق :
- هل أتلفت ياأخي ألمراسلات التي كانت بيننا وبين لفوا , والني كان القصد منها إنقاذ بلدنا من شر جماعه الأمير وليم أورانج ،وأهدافهم لخراب البلد ، هل أحرقت تلك المراسلات؟
- إن مراسلاتك كانت في مصلحه البلد وعزها , لذلك لم أشأ إتلافها ، وهي لا تزال موجوده.
- إذا سيتم هلاكنا إذا أكتشف أمرها.، وأين هي الآن تلك الوثائق؟
- لقد تركتها بعهده أحد أقاربنا وهو كورنيليوس فان برل في مدينه دوردخت .
- إنك تعني ذلك ألرجل الطيب ،والعالم في زراعه الورود ، إنه سيفقد حياته معنا إذا عثر على تلك الرسائل لديه.
- إنني كنت أعلم بطيبته ، لذا فقد عهدت اليه بتلك الرسائل ، دون أن يعلم طبيعتها أو أهميتها.
- إذا يجب علينا أن نخبره بإحراقها فورا.
- ومع من نستطيع إيصال طلبنا؟
-مع خادمي كراك الذي رافقني وهو ممتطيا جواده ، بغيه مساعدتك وحملك إلى العربه ، وعلينا أن نسرع يا أخي ، أتسمع نداء الجماهير في الخارج ، وهي تنادي الموت للخونه ، إنهم سيهاجموننا قريبا إذا لم نسرع في مغادره المكان.
ووافق أخيرا كورنيل أخاه ،ولكنه أخبره أن كورنيليوس فان بريل لن يتلف ما تركه لديه إذا لم يسلتم رساله تحريريه بذلك ، ويجب علي أن أكتب له تلك الرساله ، وتسائل جان هل باستطاعه أخيه ، وقد كسرت كفيه واصابعه من كتابه تلك الرساله ، أما كورنيل فوعده ذلك وطلب منه مايستيطيع به أن يدون رسالته فلم يجد جان إلا قلم والكتاب المقدس ، فانتزع منه إحدى صفحاته ،كتب عليها كورنيل ما يلي
( عزيزي , أرجوك أن تحرق الوثائق التي أمنتها لديك، دون أن تحاول أن تقرأ مضمونها ، إن مضمونها يقتل من يطلع على ذلك.) ثم أرخ الرساله وناولها لأخيه الذي استدعى الخادم الأمين وكان ينتظر أوامر سيده خلف باب الغرفه ، و أمره بإيصال الرساله بأقصى سرعه إلى قريبه السيد كراك ، وتناول الخادم الرساله لينصرف مسرعا مستقلا فرسه لإنجاز تلك المهمه.
وحث الأخ جان أخاه بمغادره السجن حالا.
قرار جبان
توجه المتضاهرون نحو دارالحكومه ، طالبين الحصول على أمر إبعاد الحرس عن بنايه السجن , وقد شعر من كان بها من مسؤولون الخطر الداهم ، وتهديد المتضاهرون لهم ، فأصدروا أمرا إلى الى الضابط المدافع عن ألسجن أن ينسحب ومن معه من الجنود ، وإعفائه من تلك المأموريه ، أما الضابط الشهم فقد أطاع الأمر وتمتم بصوت منخفض ،ألآن لديكم الفرصه للقتل أيها الوحوش المتعطشه للدماء.
ألفرار
نزل ألأخوين السلم المؤدي إلى باحة السجن ليجدوا الفتاه الجميله البريئه روز وهي ترتجف من الخوف قائلتا لهما:
- آه ياسيدي جان ياللمصيبه.
- ماذا هناك ياطفلتي ؟
_ يقال أنهم ذهبوا إلى دار الحكومه للحصول على أمر بإبعاد الضابط الكونت تلي عن حراسه السجن.
- أصحيح ماتقوليه يا أبنتي ، سيكون الأمرصعبا لنا إذا أبعدوا الضابط تلي عن حراستنا.
- لذا لوسمحت لي أن أعطي لكم المشوره.
- قولي ما تشائيه يا أبنتي , قد يكون ما تقولينه هو مايريده الرب أن نفعله.
- شكرا يا سيدي إنني أتمنى أن لا تخرجوامن الباب الأماميه.
- ولماذا لا ، ولا يزال فرسان الضابط تلي مرابطون أمام السجن؟
- نعم مادام هو لديه الأمر بالبقاء.
- بلا شك.
- هل لديك ياسيدي أمرا لهم بمرافقتك حتى الميناء.
- في الجقيقه كلا.
- إذا ياسيدي ، في اللحظه التي ستجتاز بها الحرس ، ستقعون في أيدي هؤلاء الناس الهائجين.
- وما العمل يا أبنتي؟ .
- هو الخروج من الباب ألخلفي ، والذي يؤدي إلى ساحه ،لايتواجد بها أحد ، ثم تتجهون إلى خارج المدينه ,وإلى الميناء.
- ولكن أخي لا يستطيع المشي،وعربتي تنتظرنا في الساحه ألأماميه للسجن.
- لا ياسيدي أنا فكرت بذلك ،وطلبت من سائق العربه ،أ لوفي ،أن يترك المكان ،وينتظركم أمام الباب الخلفيه للسجن.
ونظر الأخوين إلى بعضهما ثم إلى تلك الفتاه الطاهره وبنظره ملئها الحنان والإعتراف بالجميل ثم أضاف جان:
- والان هل سيفتح لنا والدك تلك الباب الخلفيه ؟
- كلا ياسيدي إنه لن يفعل ذلك ، إنه يحرس السجن فحسب ، لقد أنتهزت فرصه محادثته مع أحد المتجمعين , ومن خلال الكوه الصغيره في الباب ، فسرقت منه مفتاح الباب الخلفي.
وبادر الأخ الآخر كورنيل الحديث؛
- باركك الله يا أبنتي ، وليس لدي ما أقدمه لك من شكر ،سوى أن أهديك الكتاب المقدس ، وهو آخر ما املك، وتجديه في غرفتي، وهذه آخر هديه من شخص عفيف ، يهبه لك.
- شكرا ياسيدي كورنيل , وأنا أعاهدك بالإحتفاظ به معي ‘إلى آخر لحظه من حياتي.
ثم تمتمت وكأنها تحدث نفسها - كم كنت أود أن أستطيع أن أقرأ.
أما جان فكان يستمع إلى الهتافات وهي تتعالى وتزداد تقربا من السجن ‘ فما كان من السيد جان إلا أن يطلب من الشابه الإستعجال بإخراجهما من ذلك المبنى ، وأسرعوا جميعا با لنزول إلى طابق أسفل ، وابتعدوا إلى جهه أخرى من المبنى حيث وجدوا تلك الباب ، واستقبلهم الحوذي أمام العربه وصاح - أسرعوا ياسيدي إنهم في حاله هياج ، ولن يتورعوا عن عمل أي شيىء قبيح.
وبعدأن ساعد جان أخاه الصعود إلى العربه ، ودع الشابه وشكرها على إنقاذها رجلين بريآن ، وأنه دعى من الله أن يكافأها على إحسانها هذا.
أما روزا فقبلت يد السيد جان،وحثتهم على الإسراع في مغادره الموقع ، بعد أن ظنت أن المهاجمون يحاولون اقتحام المبنى.
وقفز جان ويت إلى العربه حاملا أخاه إليها ، وطلب من الحوذي بأعلى صوته أن يتوجه إلى تول هيك وهي بوابه الميناء .
وتبعت روزا النظر إلى العربه وهي تبتعد ، ثم دخلت البنايه وأغلقت الباب ورائها و رمت المفتاح في بئر .
واتجهت بعد ذلك نحو أبيها لتجده في حيره من أمره ، فقد أخذ المهاجمون بكسر الباب الأمامي ،وتسائل هل من الأفظل أن يفتحه لهم ، أما إبنته روزا ، فتناولت يده ، وأخبرته أنه من الأفضل لهما عدم فتح الباب ، وإنما أللجوء إلى مكان أمن تعرفه هي فقط , ورفعت غطاء خفي في أرض الممشى , ونزل الإثنان إلى طابق تحت الأرض بواسطه سلم قادهم إلى غرفه صغيره ، بعد أن أغلقا بعنايه ذلك المدخل.
ودخلت الجموع الهائجه المبنى ، وتوجهت نحو غرفه السجين ليجدوا أنها خلت من ساكنها , مما أدى إلى غضبهم ،و انتشر الخبر إلى الجموع المحتشده , وكان يقف بينهم الأمير وليم أورانج ، وابتسم أبتسامه صفراء ، وهمس لرفيقه أنهم سيهربوا إذا وجدوا بوابه الميناءالحديديه مفتوحه أمامهم.
أما الأخوان ويت فاتجهت بهم العربه نحوالميناء ليتفاجأو أن البوابه الحديديه كانت مغلقه , وأخبرهم من كان مسأولا عنها ،أنه هنالك شاب قد أتاه بأمر من رئيس بلديه المدينه بإغلاقها فورا , ولم يكن ذالك الشاب إلا الأمير وليم أورانج ، فأمر جان ويت الحوذي بالرجوع إلى المدينه، ولكنهم فوجئوا بوجود الحشود الهائله وهي تسد الطريق في وجوههم، وهكذا أنتهت حياه المسكينين علي يد أعدائهم ،وانتهت سلطه البلاد إلى الأمير وليم أورانج.
1229 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع