قراءة فى تطور الاوضاع التى شهدتها المنطقة وتجلياتها المستقبلية

                                                     


                                 فلاح ميرزا

تباينت المواقف بين الدول التى يهمها موضوع الشرق الاوسط بين الحقيقة والواقع فلا زال قسم من الدول متمسك بالخطاب الامريكى الذى شهد تغيرا غير متوقع بعد الاصرار الذى استمرت عليه طوال السنوات السابقة وسيكون له من الاثار الدولية خارج حدود الولايات المتحدة

وكذلك فى داخل حدودها وتلك هى امور لايستبعدها كل من يراقب المراحل التى تسبق الانتخابات الامريكية التى يشتد فيها تضارب الاراء عند مرشحىى الحزبين الرئيسين الجمهورى والديمقراطى والتى تؤشر عن افكار تعتبر خروج عن المبداء التى التزمت به خلال الفترة السابقة ومن يتتبع الاحداث عن قرب يلاحظ ذلك ومنها خطابات الرئيس باراك اوباما الاخيرة التى اشار فيها الى تغيير فى الاستراتجية الامريكية فى موضوعات الساعة (سوريا وايران والعراق)  فالاتفاق الاخير مع ايران بشان البرنامج النوى سيترتب عليه تغير فى مواقف كلا البلدين بشان سوريا وهو بالتاكيد سيكون له موقفا متطابقا من روسيا بشان الرئيس السورى بشار الاسد الذى سوف لايكون موضوع اختلاف بينهما اذا ادى ذلك الى انهاء الصراع فى سوريا  وكذلك بالنسبة للعراق الذى يشهد حاليا احتداما وفورة ساهم فى طبخها بعض القوى السياسية والمرجعية الدينية الذى يأتى رائيها متأخرا لانهاء سيطرة الاحزاب الدينية على اركان الدولة الرئيسية  بينما كان للرئيس الامريكى اوباما خطاب اخر فى ولايته الاولى الذى اشار فيه الى سياسة التوازن الاستراتيجى حين قال ان سياستنا (سنعيد ترتيب اولويتنا ونبذل قصارى جهدنا لوضعنا وننفذ استراتجية للتعامل مع التحركات الاستراتجية الحيوية التى تحتاجها امريكا لتغير صعود المنطقة الاسرع نحو نمو فى العالم)بينما واقع الحال يقول بان تلك امور لم تكون فى كل احوالها الايجابية والسلبية فى خدمة المشروع الصهيونى فى الاستحواذ على الاراضى الفلسطينية ومن ضمنها القدس فالكل مايزال  مغرم بما تطلقه امريكا من اراء فى حقيقتها تبدوا وكانها مكسبا للعرب ولكن فى واقعها هى خسارة تضاف الى سلسلة من الخسارات التى امتدت الى قرن من الزمان فالتاريخ كما يشير بان للفرس الصفويين كان لهم شوطا فى المنطقة ثم الاتراك فالانكليز والان الامريكان انه اشبه باتفاق جنتلمان كل واحد يسلم المنطقة للاخر رغم التناقض فى المواقف التى يظهرها كل من هؤلاء للاخر  وبغياب النقيض كما يرى المحللون الاستراتجيون يؤدى الى غياب المحفزات والعناصر المحركة للمجتمع ويؤدى ايضا الى حالة الضعف والوهن.
 فى ظل التجاذبات العالمية التى اتت على كثير من المعوقات فى الوقت الذى تتداخل مناطق النفوذ فى المنطقة كان لزاما طرح السؤال عن مواقع القوى وقدرتها على الفعل حاضرا ومستقبلا فنحن بامس الحاجة اليوم الى قراءة واقعنا والبحث عن اليات التى تحكمه صحيح نحن نعيش لحظة تاريخية حرجة لكننا بحاجة الى قراءة فاحصة لحركة تغيير متجددة تتأثربطبيعة الاشياء والتطورات التى تحدث فى المجتمعات التى تتفاعل فى واقعها مع نوازع الضمير الذى يعبر عن نفسه فى ارقى المفاهيم اصلاحا للانسان والمجتمعات , ان اطلاق الشعارات دون ان يكون لها وسائل اخلاقية فى التطبيق سيكون لها اثرا سلبيا على المعانى الاجتماعية فمثلا الديمقراطية  باعتبارها وسيلة حضارية للتعبيرعن مطالب الكثيرين ولكنها وفى احسن الاحوال لم ترى بدا من الوصول الى مخرج ,ينقذها من حالة الفوضى التى خلفتها الاوضاع السائدة  و اكبر دليل هو موضوع سوريا  فالولايات المتحدة كان لها اكثر من  رأى حول ذلك ففى البداية كان الهدف هو الرفض المطلق للنظام ومن ثم القبول به مع بعض التغيرات واخيرا عدم الاعتراض على بقاء النظام   وبنفس الحالة حلها مع النظام العراقى تتعامل بازدواجية معه  ومع ايران رغم وجود اتفاقيات معلنه وغير معلنة لم تعرف بعد تفاصيلها فى حين وعند العودة الى التاريخ فلقد سبق للقيادة العراقية قبل احتلال العراق ان دعت الى مشروع اطلق عليه المشروع القومى العربي وسعى اليه  من خلال اللقااءت العربية الثنائية و مؤتمرات القمة ولكنه للاسف لم يتحقق لانه  قد تعرض الى ثلاثة حروب قاتلة الاولى مع نظام الملالى  خلالها الالاف من المدنيين والعسكرين والثانية فى عام 1991 التى قامت بها الولايات المتحدة بحجة تحرير الكويت والثالثة حرب الاحتلال  عام 2003  تحت غطاء الديمقراطية والحرية والتي  تمناها العراقيون ولم يتحقق منها اى شئ  بل تحقق نقيضها الاستبداد والظلم والقتل والتدمير كل ذلك حدث من اجل وضع حد لما كان  العراق يسعى الى تحقيقه للامة العربية واهمها بناء المجتمع المتساوى فى الحقوق والمتكافئ فى الواجبات والعمل على مناصرة القوى التى تدعو الى نصرة الفلسطينين وتحقيق حلمهم بالعودة والذى لم يلاقى صدا مقبولا حتى من الدول التى تنادي  بقضية فلسطين مما شحع ذلك الولايات المتحدة واسرائيل بان تسخر كل وسائلها  بهدف القضاء على النظام  الذى اطلقوا عليه نظام صدام وبانتهائهم من ذلك يكون الطريق مفتوح امامها لتحقيق مشروعها الكبير فى الشرق الاوسط والقضاء على الاصوات التى تدعو الى الوحدة العربية وادخال بدل عنها المشروع الطائفى والعنصرى . فالصراع الذى يدور الان فى المنطقة بين القوى الرافضة لانظمة الحكم وما تضمه من تيارات مختلفة والحكومات التاريخية تحت راية الوطنية دون ان تقدم ما يمكن ان يوصفها ذلك واختفت فى ظلها كثير من الشعارات والمطالب بين الحقيقى الذى يهدف الى تغير انماط الحكم الوراثى للحكام العرب وبين الوصف الطائفى الذى تبحث عنه القوى الاقليمية الجديدة ( ايران , وتركيا ) التى تحتمى بعباءة الولايات المتحدة واوروبا  ولاول مرة نشاهد بان  الشعوب العربية تركض بسرعة لتحقيق شعارتها دون ان يكون لها خطوط نهاية معروفة فى حين ان بدايتها كانت واضحة ولاول مرة نرى ان القوى  الكبرى تتصرف و كانها وصية على شعوب المنطقة متخذة من ذلك وسيلة للتدخل عسكريا على اساس انها عون لهاولكنها فى حقيقتها كانت فرعون كما يقول المثل مقابل ذلك فان الرافضين للانظمة الموروثة التى وان كانت ليست بحاجة للتدخلات الاجنبية فى امورها ولكنها فى الواقع وجدت فيها فرصة لانقاذها وتخليصها من الحكام بالتدخل عسكريا , ان البريق الذى كان يسطع من رؤساء الولايات المتحدة وبريطانيا عندما حققوا ماارادوا فى حرب العراق (1991و 2003) وعلى راسهم كل من بوش الاب والابن وكلنتون وتونى بلير ليس  بنفس بريق الذين تولوا السطلة بعدهم باراك اوباما وساركوزى وكاميرون فكل شىء تغير طعمه  فالنفط والاستثمارات اصبحت لها نكهات لذيذة تسحب برائحتها انوف هؤلاء الرؤساء  ليس باسلوب التهديد فقط  وانما باسلوب التصريحات الكلامية التى فى اغلبها تميل الى  الدبلوماسية فى حين كان للحكام العرب  تصرف اكثر عقلانيا  فى تسير الامور التى لم يتمكنوا عليها فى القرن الماضى فى حين ادركوا الوسائل ورموز حل الازمات  وبالطبع تحت تاثير روسيا فلادمير بوتين  فعالجوا الموقف بشىء من القوة  وشىء من الدبلوماسية كالذى حصل فى  مصر واليمن والبحرين وسوريا , واما مايخص ايران وتركيا فان موقفهما قد لايتشابه فيما يجرى فى المنطقة فبالسبة لايران فقد تدخلت وبقوة فى العراق بينما تركيا اتخذت من اوضاع سوريا شعارا لاعادة قوتها فى المنطقة ولاشك فان فكرةا التوسع فى المصالح تدور فى خلد ساستهم وخاصة الاقتصادية منها,  ولكنها فى كل الاحوال لن ترقى الى تناول الفريسة , بل فقط تتغذى برائحتها  ,ورغم ان السياسةالامركيةوجدت من الظروف المستجدة التى تسود المنطقة و لم يكن سهلا عليها ان تحقق ذلك فى السابق عندما كان العراق وتحت قيادة نظامه الوطنى وجيشه وحزبه واقفا بالمرصاد ضد امتداد  ايران فى المنطقة   وتحجيم دورالدول الاخرى, ان اوضاع المنطقة الحالية وبعد احتلال للعراق بحاجة الى وقفةورغم تراجع مواقف الادارة الامريكية واعترافها باخطاءها فى احتلالها للعراق وقتل رئيسه كماجاء فى خطاب اوباما الاخير الا ان موقف كهذا بحاجة الى دليل ليس بالقول فقط وانما بمقدار ماتقدمه من حلول لاصلا ح مادمرته فى العراق لقد خسر العرب الكثير من اراضيهم بسبب نزواتهم  ونظرتهم الى حضارة الغرب المدنية منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين  ليبدا القرن الحالى بمشروع آخر وهو زرع الفرقة والطائفية فيما بين شعوبهم تحت تاثير الولايات المتحدة والدولة العبرية اسرائيل  ليتكررتقسيمها مجددا. ان المخططات التى وضعتها تلك القوى للمنطقة يؤشر بصورة واضحة بان الدول العربية لن تتمكن من تتحكم فى مصيرها دون الاستعانة بامريكا واسرائيل وعن طريق ايران وتركيا  ولعل ماجرى فى لبنان فى الربع لاخير من القرن لماضى ولحد الان دليل على ماستكون علية المنطقة واولها العراق ثم دول الخليج لينتهى بمصر والسعودية والسودان  وان كانت التقارير الامريكية لاتقول بذلك بشكل واضح بل تشير بان ايران تعمل على تحقيق صراعات  فى المنطقة و تسعى لاضعافه  فان رؤيتها لمشروعها لقومى هو تحقيق التوازن الطائفى وان الولايات المتحدة واسرائيل تؤمن لها الحماية المطلوبةا,  وبذلك ضمنت الحماية الامريكية والاسرائيلية وذلك لم يعد سرا  . وبالنسبة لتركيا  فان مشروع تقسيم العراق الذى يصرح عنه بين الحين والاخر سيشكل خطرا  عليها وان لم يكن جغرافيا بل قوميا وطائفيا كما يشير الموقف الامريكى لانها هى ايضا مثل ايران لديها مشروع قومى وهو مشروع العثمانيون الجدد بل ان قادتها ابدوا بالتقرب الى سياسة التوازن فى المواقف  وان الرئيس الامريكى يدفع الطرفين بهذا الاتجاه ولكن ايران حذرة  للغاية وتطالب بتعهد تركى مكتوب وتطالب باستمرار مفاوضاتها مباشرة مع الولايات المتحدة وبدون شروط ونجحت الى حد ما , فالرئيس الامريكى على عجلة من امره لان تكون المنطقة وخصوصا منطقة لخليج العربى من حصة واشنطن وتبقى سوريا بمثابة الارض المحايدة  لضمان الامن الاسرائيلى , لذلك فقد استبشر اوباما واردوغان حينما سقط حسنى مبارك باعتباره دليل على نجاح رؤيته التى تؤدى ايداع المنطقة ولو بصورة مؤقته لدى تركيا وايران لكى يتفرغ الى اعادة النظر بالاستراتيجية الامريكية للمنطقة فهى التى خططت للحرائق التى اشتعلت فى المنطقة وكانت بفعل امريكى اسرائيلى خفى لهذا لم ترى اى اعتداء على المصالح الامريكية والاسرائيلة وذلك التقت وجهات النظر الامريكية والتركية فى نزع الشوكة المؤذية لهم وهى مصر فى قيادة المنطقة وعودة الاحلام التركية لتحقيق حلمها نحو العثمانية الجديدة فى حين لم يبقى امامها الا سوريا التى تحاول ان تجمع حولها عدد من الملفات التى تصلح لاثارتها تباعا لتشكل زخما ابتزازيا ضدها وحتى لايجعلها الوضع العربى القائم الان ان تاخذ دور مصر فى قيادة المشروع القومى العربى .... الامة كل امة لاتصنع نفسها من لاشئ بل يصنعها رجال ومواقف ومبادئ وتاريخ عظيم والامة العربية حملت رسالة واكرمها الله جلة قدرته بالرسول محمد عليه الصلاة  والسلام وانزل فيها كتابه الكريم القران بلسان عربى وبهذا اكتسبت العقل والحكمة والعدل والشجاعة واحترام الرسالات التى سبقتها وقد تميزت ايضا بانها امة داعية الى الخير واحقاق الحق وتحرير الانسان من كل اشكال العبودية وحاربت الظلم واسقطت امبراطوريات الشر والكفر وتحقق على يدها بناء المجتمعات ومساوات البشر فى الحقوق وتكافئ بالواجبات , ونتيجة لهذا النهج واجهت حروب وصراعات ونزاعات من قبل الطامعين فيها وبرزفيها علماء ومفكرين واصحاب الرائ والكلام ورجال ابطال عرفوا بشجاعتهم وعلى مدى 1400  سنة هجرية والتاريخ يشير اليهم ولازال التاريخ يذكرهم بعز وبفخر منهم طارق بن زياد وموسى بن نصير وخالد ابن الوليد وسعد ابن ابى وقاص والقعقاع وصلاح الدين الايوبى وعشرات غيرهم واخرين الذين برزوا فى مقاومة المحتلين عبد القادر الجزائري وعمر المختار  فكل واحد من هؤلاء كان له مواقف تاريخية فى سبيل تحقيق حلم الامة فى الوحدة  والحريةوالسلام ,  ومن السهل ان تكتب على احد من عظماء التاريخ البشرى ممن كان لهم موثرا بصيغة الاستمرار كمرجع سواء بقياسات عصرهم او بقياس الحالات المشابهة لما جعله يصنف هكذا تصنيف فى المراحل التاريخية اللاحقة  جمال عبدالناصر وهوارى بومدين وياسرعرفات لايقاس بماهو متعارف عليه من رجولة وشهامة وانما بقياس النظرة الشمولية  فالصحابة الاجلاء دورا مركزيا فى بعث الرسالة المحمدية العربية وهو البعث الاول واكملها الذين تبعوهم بالبعث الثانى حيث انتقل حلمهم الى الواقع مؤسسين منهما منهجا جديدا فى كيفية صياغة وتفعيل اهداف الرسالة وبالشكل المادى المحسوس على المستوى التطبيق الفعلى     ان الاهمية الجيوستراتجية والاقتصادية للعراق لايمكن ان تغيب عن ذهن اى عربى يسعى لاقامة المشروع القومى العربى وحتى لو كان العراق يعانى حاليا من انشقاقات وانقسامات وصراعلت حادةوعدم استقراروحتى لو استوجب الامر المواجهة الطويلة مع الغزو الايراني  و محاولة جلد للذات  فى تمويه لما يواجه فى الواقع كما هو بل استمر فى تبريره خارج سياقات العقل والمنطق واهواء السلطة لذلك لازال  الامل باقيا مادامت هنلك ارادة حرة وشعب عطيم , ان القوى القومية العربية ستكون مضطرة لان تتوقف ايضا لتراجع مواقفها النظرية فى القضايا المصرية للامة وان تدعو الى موتمر قومى لبناء استراتجية تعتمد رؤية جديدة للاخطار المحدقة بالوجود العربى المهدد بالفناء من قبل  القوى الطامعة فيه وباسرع مايكون والا فان السكوت عن مايجرى وماسوف يجرى علينا مستقبلا سوف لايدع اية فرصة للعودة الى ماحققناه فى المراحل  الوطنية خلال قرن من الزمن اننا مطالبون بتفويت الفرصة لاعدائنا , وبذلك لن تستطيع اية قوة فى الارض ان تلغى تاريخنا وكفاحنا ووجودنا وسيبقى صبرنا طويل وطويل الى ان يندحر الاعداء وينتصر المناضلون الاصلاء بعون الله وهى ترفع رايتها نحو اهدافها القومية
 

    

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1089 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع