كلمة السر في اتفاق فيينا

                                           

                             عدنان حسين

إذاً، فلقد تحققت المعجزة لمن كان يرى أن التوصّل الى اتفاق بين إيران ومجموعة "خمسة زائداً واحد" بشأن البرنامج النووي الإيراني يحتاج الى معجزة، وقد أصبح حقيقة واقعة ما كان يراه آخرون من المستحيلات.

الاتفاق الذي عُقد في العاصمة النمساوية، فيينا، أمس يُثبت من جديد أنه لا وجود لمشكلة لا يُمكن حلّها ولا كينونة لمعضلة لا مخرج لها، مثلما يثبت فكرة أخرى هي أنه ما من صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، فالشيطان الأكبر، الولايات المتحدة بالنسبة لإيران، لم يعد شيطاناً بدليل الاتفاق معه أمس، و"الدولة المارقة"، إيران بالنسبة للولايات المتحدة وحليفاتها الغربيات، لم تعد مارقة بدليل الاتفاق نفسه، ومشكلة عمرها أكثر من عشر سنوات (تحديد ومراقبة البرنامج النووي الايراني) حُلّت أمس ومعها أوجد مخرج لمعضلة أقدم وأعقد هي معضلة العلاقات بين "الشيطان الأكبر" وإحدى"الدول المارقة".
احتاج الأمر الى نحو ست سنوات من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة في أكثر من مدينة ودولة.. كانت مفاوضات شاقة للغاية، شهدت الكثير من موجات المدّ والجزر والشدّ والجذب، والعديد من العقبات والعراقيل وخيبات الأمل، بيد أن الاتفاق حصل في نهاية المطاف، وهو اتفاق امتدحه الطرفان أمس، في فيينا وفي واشنطن وطهران في الوقت نفسه، بكلمات مفعمة بمشاعر الرضا والفخر، كما لو أن كلاً منهما قد حصل على كل ما كان يريد ويطلب، وهو ليس كذلك بالطبع، فالشروط والمطالب التي طرحها كل طرف منذ البداية كانت تشير الى وجود هوّة واسعة وعميقة بين موقفي الطرفين، وهذا ما جعل البعض يعتقد بان التوصل الى اتفاق هو أمر مستحيل أو يحتاج الى اجتراح معجزة.
تكمن كلمة السر في التوصل الى هذا الاتفاق، وأي اتفاق بين طرفين مختلفين خصوصاً، في الإرادة الطيبة من الجانبين، فلو أن أحد الطرفين لم يتحلّ بهذه الارادة ولم يجلس إلى طاولة المفاوضات برفقتها لغدا الاتفاق مستحيلاً.
هذا درس آخر لكل الذين لديهم مشاكل ويواجهون معضلات مع أطراف داخلية أو خارجية، فلا مشكلة من دون حل ولا عداوة أبدية. إيران تخرج رابحة بهذا الاتفاق، فالعقوبات الدولية القاسية المفروضة عليها منذ زمن ستُرفع تدريجياً، وهذا أمر مهم لبلد عانى كثيراً من القيود المشدّدة على صادراته النفطية وعلى وارداته من سلع ومعدات تمسّ حاجته اليها... والولايات المتحدة هي الأخرى تخرج رابحة بهذا الاتفاق، فلم تعد شيطاناً أكبر وستفتح لها طهران أبوابها التي تكمن خلفها مصالح مهمة... والعالم كله يخرج رابحاً بهذا الاتفاق، فنزع فتيل أي أزمة يُحقق مصلحة للعالم المتطلع إلى السلم والأمن والتنمية والتعاون بين الدول والشعوب.. ومنطقتنا ستخرج رابحة بهذا الاتفاق لأنه يُنهي بؤرة توتر على حدود الجميع كانت قابلة في كل لحظة للانفجار ما يزيد حرائقها الكثيرة اشتعالاً. كما من المفترض أن يدفع هذا الاتفاق بالقوى المختصمة في المنطقة إلى الاعتبار بما حدث أمس في فيينا فيتغلّب لديها منطق الحوار وتتحلى بالإرادة الطيبة اللازمة للتوصل الى حلول سلمية لمشاكلها.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

948 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع