قمة كامب ديفيد الخليجية تستحق المقاطعة

                                     

                           عبد الباري عطوان

القمة التي يستضيفها الرئيس الامريكي باراك اوباما الثلاثاء بحضور بعض قادة مجلس التعاون الخليجي، تعكس مدى استخفافه بنا كعرب، شعوبا وحكاما، ولذلك فان تغيب بعض هؤلاء عنها يشكل فعلا صفعه للرئيس الامريكي، وردا قويا على هذه الاهانة، جاءت في الوقت المناسب، سواء قصدوا ذلك او لم يقصدوا.

الرئيس اوباما مارس كل انواع العنجهية والاستعلاء عندما اصدر فرمانا “باستدعاء” قادة دول مجلس التعاون الى واشنطن، وكأنه ناظر مدرسة ابتدائية، وبهدف “استرضاء” هؤلاء، وتطييب خاطرهم، وبعد ان “خانهم”، وخدعهم، وطعنهم في الظهر، عندما تفاوض من خلف ظهورهم مع ايران، وفي احدى عواصمهم (مسقط)، بينما كان يقرع طبول الحرب، ويحشد حاملات الطائرات، ويبيع لهم صفقات اسلحة بأكثر من 150 مليار دولار استعدادا لمواجهة كان يؤكد انها حتمية لنكتشف انه كان يسعى الى تحالف استراتيجي مع ايران على حساب حلفائه العرب التاريخيين فهنيئا له ولها، ولا عزاء للمخدوعين.

        ***
كان الاحرى بالرئيس اوباما لو كان جادا فعلا في “استرضاء” ضيوفه هؤلاء، وتأكيد احترامه لهم ودولهم، وتحالفه الاستراتيجي المزعوم معهم، ان يذهب اليهم بنفسه، الى الرياض مثلا، ويلتقي بهم هناك، لا ان يستدعيهم الى “كامب ديفيد” المنتجع الامريكي سيء الذكر، الذي ارتبط في اذهان العرب، ومن بينهم الخليجيين، باتفاقات الذل والعار والاستسلام المطلق لاسرائيل، والتفريط بكل الثوابت العربية والاسلامية، وتمزيق المنطقة العربية، وبذر بذور التفكيك والانقسام فيها.
جون كيري وزير الخارجية الامريكي مهندس هذا اللقاء وعرابه، قال بالامس ان رئيسه سيعرض على دول الخليج “اتفاقا امنيا جديدا”، واضاف “نحن نبلور سلسلة من الالتزامات الجديدة التي ستخلق عهدا امنيا جديدا”.
هذا الكلام يعني عمليا شراء المزيد من صفقات الاسلحة الاقل تطورا بالمقارنة مع ما تبيعه امريكا لاسرائيل، وانفاق عشرات، ان لم يكن مئات المليارات من الدولارات، واقامة قواعد عسكرية اضافية في الجزيرة العربية، وتحويل دول الخليج الى “محميات” امريكية، اي العودة الى الوراء اكثر من مئة عام الى زمن الامبراطورية البريطانية في عملية “ابتزاز″ جديدة اضخم من سابقاتها.
هذا الاتفاق الامني الجديد الذي يتحدث عنه الوزير كيري، وسيتبناه رئيسه اوباما في قمة كامب ديفيد، لن يمنع التوسع الايراني في المنطقة، بل ربما سيعززه، اذا كان موجودا في الاصل، لان من يعتمد على امريكا، او اي قوى خارجية، سيصاب بخيبة الامل حتما، ونحن في المنطقة العربية اكثر من اكتوى و”انقرص” من الجحر الامريكي.
نسأل، اعتمادا على قراءتنا لتجارب ما زالت حيه، ونقول، هل حمت امريكا ودروعها الصاروخية اوكرانيا من التوسع الروسي، واستيلاء موسكو على شبه جزيرة القرم؟ وهل منعت امريكا روسيا من التوسع في جورجيا، واقتطاع اوسيتا الجنوبية منها؟
الدولة الوحيدة التي اخلصت امريكا لها حتى الآن هي اسرائيل، ولكن حتى هذه ستجد نفسها في المستقبل القريب تواجه ما واجهته اوكرانيا وفيتنام (سالغون) وافغانستان وعراق ما بعد صدام، فنحن نقرأ التاريخ جيدا، والايام بيننا.
فاذ كانت واشنطن جادة فعلا في منع التوسع الايراني في المنطقة، فلماذا احتلت العراق، واطاحت بنظام رئيس عراقي حارب ايران ثماني سنوات، ومنع فيضان ثورتها الى الجانب الغربي من الخليج العربي، وسلمت الحكم فيه لاصدقائها، اي اصدقاء ايران؟
مشكلتنا كعرب ان الجميع يتعامل معنا كأغبياء، ونحن نؤكد لهم هذه الحقيقة يوميا، فلا غرابة ان يتعامل معنا الرئيس اوباما وغيره من قادة الغرب من المنطلق نفسه.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

626 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع