مشاهد من احتلال بغداد

                                        

                              احمد صبري

اوهمت قوات الاحتلال العالم انها باسقاط تمثال الرئيس الراحل صدام حسين في ساحة الفردوس عصر التاسع من نيسان عام 2003 انهت الصفحة العسكرية في حربها مع العراق في حين كان صدام في نفس اللحظة في منطقة الاعظمية يحيي الجماهير في مفارقة بين مشهدين كانت تعيشه بغداد في ذلك اليوم الاسود في تاريخ العراق حيث كان اكثر من نصف مساحة العاصمة العراقية وخمس محافظات عراقية هي الانبار وصلاح الدين ونينوى وكركوك وديالى لم تصلها القوات الامريكية

من هنا كانت الرمزية في اسقاط تمثال صدام في وسط ساحة في قلب بغداد كرسالة للجميع مفادها ان بغداد والعراق كله اصبح تحت السيطرة فالدبابات الامريكية تطوق ساحة الفردوس واتخذت من باحة فندقي المريديان والشيراتون مكانا لانتشار قوات المارينز
وكان مشهد الرايات البيضاء المتدلية من شرفات الفندقين ملفت وغير مالوف بعد ان قذفت اماكن تواجد الصحفيين مدفعية الدبابات الامريكية التي تسللت الى بغداد وقتلت وجرحت العديد منهم.لتفادي اي موقف مماثل
و تحولت بغداد الى مدينة اشباح يصول ويجول فيها اللصوص الذين دهموا المصارف الحكومية والاهلية فيما استباح اخرون المتحف العراقي ونهبوا مقتنياته امام انظار تلك القوات التي غضت النظر عن نهب وتدمير حضارة العراق وذاكرته التاريخية. في حين شددت الحراسة على البنك المركزي ووزارة النفط
وبعد ايام من الحرب تم استدعاء وسائل الاعلام على عجل الى مؤتمر صحفي في فندق المنصور وفوجئوا باعلان وزير الدفاع سلطان هاشم احمد ان طلائع القوات الامريكية قد تصل بغداد في غضون اسبوعين وهو يشرح على خارطة سير المعارك لم يرمش له جفن حين تسقط الصواريخ على المنطقة التي يقع فيها الفندق حتى ان طاولته اهتزت من عصف القصف وارتداداته عل القاعة وابوابها وشبابيكها لكن الرجل بقي صامدا غير مكترث بما يجري خارج القاعة
ونظم المركز الصحفي في وزارة الاعلام جولة للصحفيين العرب والاجانب لبعض مناطق التماس جنوبي بغداد و شاهدنا حطام دبابات وعربات نقل امريكية محترقة ومتناثرة على الطريق السريع و تواجد لعشرات الجنود العراقيين والياتهم تحدثوا عن معارك شرسة مع القوات الامريكية
وكان وزير الاعلام محمد سعيد الصحاف يوجز الصحفيين يوميا عن سير المعارك وعقد نحو 20 مؤتمرا صحفيا خلال فترة الحرب ولغاية التاسع من نيسان الذي انتقل الى المقر البديل لوزارة الاعلام الكائن في منطقة الاعظمية
وفي صبيحة اليوم التالي اي العاشر من نيسان واثناء ما كنا متجمعين في ساحة الفردوس أقترب مني شخص لا أعرفه وقدم لي بيانا مطبوعا صادرا عن القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية يدعو لمقاومة المحتل وطلب مني استخدامه في رسالتي اليومية الى اذاعة مونتي كارلو الذي كنت مراسلا معتمدا لها بالعراق
وبعد مرور 12عاما على غزو العراق واحتلاله هل اصبح العراق واحة للديمقراطية والرخاء كما زعمت ادارة بوش الابن في مبرراتها للحرب .؟
الجواب يتلخص بهدر نحو 800 مليار دولار من اموال العراقيين منذ عام 2003 وحتى الان من دون ان يلمسوا اية نتائج تقربهم من العيش بامان ورفاهية واستقرار .واذا رصدنا حال العراق بعد هذه السنوات على احتلاله سنرى المأساة التي حلت به وبامواله ووحدته وفشل المشروع الامريكي حيث تحول العراق بعد احتلاله الى ساحة للصراع الطائفي
ودفع العراقيون اثمان باهضة من دماءهم واموالهم واستقرارهم بفعل التخبط الامريكي الذي حول العراق الى بلد فاشل تنخر جسده الطائفية ونزعات الثأر والانتقام والكراهية رغم حديث القائمين على ادارته عن المصالحة والتعايش السلمي والمصير المشترك بين مكوناته

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

575 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع