الدكتور عبدالإله الراوي
في البداية علينا أن نوضح :-
-. سبق وكتبنا مقالا بعد أيام قليلة من تسليم الموصل بعنوان " ثورة العشائر المباركة أراء وتساؤلات " نشر في عدة مواقع : شككنا فيه بكون عملية هروب القوات الصفوية تمت اعتباطا ومن قبل القادة الميدانيين، حيث هنالك احتمال كبير بأن الأوامر بالانسحاب صدرت من جهات عليا ومن المالكي بالذات. من حق القارئ أن يعتقد بأننا نهذي لأنه لا يوجد أي سبب يدعو المالكي لإصدار مثل هذه الأوامر. فنقول :- - الدليل الأول : إن مسؤولي الإقليم أكدوا وصول 500 ضابطا إلى إقليم كردستان، من الهاربين من الموصل. وطبعا عملية الهروب تمت دون أن تقع أية معركة بين القوات العراقية والقوات المهاجمة. والمسرحية هذه بعيدة عن التصديق دون وجود أوامر عليا بالانسحاب. .
-. بأن مقالنا هذا سوف يعرض سريعا الأهداف الجوهرية التي كان المالكي يطمح بتحقيقها من وراء تسليمه الموصل لتنظيم داعش دون شرح وتبيان الدلائل على كل هدف لكون كل منها يحتاج إلى مقال مستقل أو أكثر آملين أن نقوم بذلك مستقبلا .
-. للأسف سوف نضطر لاستخدام مصطلحي ( الشيعة والسنة ) قائلين : لعن الله من أراد خلق الفتنة التي لم يكن يعرفها العراقيون قبل الاحتلال والهيمنة الصفوية
بعد هذه المقدمة ، نقوم بعرض الأهداف التي كان المالكي يأمل تحقيقها كما يلي :-
أولا :- توحد الشيعة والتفافهم حول الحكومة وحصول المالكي على ولاية ثالثة .
يعلم الجميع بأنه قبل سيطرة داعش على الموصل كانت الخلافات قد بدأت تتفاقم بين مكونات التحالف الشيعي وحتى بين أعضاء الكتلة التي يقودها المالكي وهي دولة القانون ولذا فإن تهديد داعش كان سببا لتوحيدها ، كما أدى لوقوف المرجعية الشيعية خلف مبادرة تكوين ما أطلق عليه الحشد الشعبي .
ولكن المالكي رغم نجاحه المذكور أعلاه فإنه لم يستطع الحصول على ولاية ثالثة لكون معارضيه وبالأخص الأكراد والمكون السني وبعض الشيعة عارضوا ذلك ولذا وقفت الولايات المتحدة الأمريكية موقفا صلبا ضد بقاء المالكي رئيسا للوزراء ، ولكن المالكي استمر مصرا للبقاء بموقعه لو لم تخذله إيران وتضطره للتنازل عن تعنته
ورغم ذلك فإن المالكي لم يتنازل إلا بشروط تعجيزية تحقق قسما منها – تعينه نائبا لرئيس الجمهورية – وأخرى نأمل بعدم تحقيقها ومنها بصورة خاصة عدم محاسبته عن جميع الجرائم التي قام بها سواء المالية أو الطائفية أو العسكرية وخصوصا تسليم الموصل والمحافظات الأخرى .
. مع ذلك يجب أن لا ننسى بأن قادة إيران منحوا المالكي الحصانة وأكدوا له بأنه سيكون في مأمن عن أية محاسبة عما قام به خلال سنوات حكمه .
ثانيا -. الانتقام من المحافظات المعتصمة ضد النظام الطائفي .
يعلم الجميع بأن المظاهرات والاعتصامات التي نظمت ضد الحكم الطائفي كانت سلمية وذات مطالب مشروعة باعتراف النظام وأعوانه الذين وعدوا بتحقيقها ولكنهم في الحقيقة لم يبذلوا أي جهد لتحقيق أي هدف منها ، بل قاموا بجرائم بشعة للقضاء على الاعتصامات
على كل رغم كل الجرائم التي ارتكبوها لم يستطع النظام العراقي من اخماد ثورة العشائر في تلك المحافظات ولذا قام المالكي وبالاتفاق مع داعش على تسليم هذه المحافظات لهم مؤقتا ليضع العراقيين الأحرار الذين وقفوا وبحزم ضد النظام الطائفي بين شقي الرحى وهذا ما حصل فعلا .
أي أنهم وقعوا :- بين داعش التي قامت وتقوم بقتل كل من يرفض إعلان البيعة لخليفتهم من رؤساء وشيوخ العشائر وكل من يرفض الرضوخ لأوامرهم وقراراتهم البعيدة عن الإسلام السمح وتهجير الغالبية العظمى من أهالي المناطق التي استولى عليها هذا التنظيم ليلجئوا إلى مخيمات لا تقيهم لا من برد الشتاء ولا من حر الصيف .
-. وبين الحشد الشيعي الذي يقوم بعمل مجازر بحقهم وبهدم مساكنهم وسرقتها وإجبار من بقي منهم في المناطق المحررة !!!– على الرحيل وعدم السماح لهم بالعودة لمناطقهم بعد تحريرها !!وهذا ما تم في جرف الصخر والضلوعية وأغلب مدن ديالى عدا بامرلي طبعا
نعم لقد قامت هذه ( المليشيات ) بتفجير أغلب مساكن المواطنين ومساجدهم بحجة قيام داعش بتفخيخها .
من حقنا هنا أن نتساءل : هل يعقل أن يقوم داعش بتفخيخ مساكن وجوامع السنة ولا يقوم بتفخيخ دور وحسينيات الشيعة في بامرلي التي أغلب سكانها من إخواننا الشيعة ؟
حيث كما يعلم الجميع بأن أهالي بامرلي عادوا إلى دورهم بعد ( تحرير ) مدينتهم مباشرة ولم يسمح للمواطنين السنة للعودة إلى مدنهم ( المحررة )
كما أن ما يهدد السكان السنة في محافظات ديالى وكركوك وبابل هو محاولة الحشد الشيعي القيام بتغيير الخارطة السكانية أي بترحيل المواطنين من السكان الأصليين من السنة من مناطقهم لجلب شيعة وإسكانهم في هذه المناطق .
ولكن الخطر الكبير الذي يتهدد المدن التي ثارت ضد النظام الطائفي أعظم بكثير وخصوصا الذين بقوا ، مضطرين في مدنهم وقراهم -. بعد أن رأوا معاناة اللاجئين في الخيام ولعدم قدرتهم المادية على تأجير مساكن لهم ولعائلاتهم – ففضلوا البقاء في مساكنهم وتحمل كافة النتائج التي قد تترتب على ذلك ، أي فضلوا الموت على الهجرة إلى المخيمات .
نعم إذا قامت قوات الحشد الشيعي وما يطلق عليها القوات الحكومية بإرغامهم على ترك دورهم أو الموت فماذا يعملون ؟
وخصوصا فإن هادي العامري أنذر مواطني مناطق شمال المقدادية ب " ترك المنطقة لحين تطهيرها حيث سنوجه ضربة قوية الى الارهاب ونخشى عليهم من اثارها "
ولا يمكن إنكار قيام ( ميليشيات) ما يسمى الحشد الشعبي بجرائم فضيعة أثناء سيطرتها على ناحيتي (جلولاء والسعدية) بمحافظة ديالى، وقضاء (بيجي) بمحافظة صلاح الدين وإن تلك القوات المسعورة مارست سياسة الأرض المحروقة، وذلك بتدمير وإحراق المساجد وسرقة المحال التجارية وهدم منازل المواطنين وتجريف الأراضي.
وفي هذه الحالة أي إذا تم تطبيق مبدأ سياسة الأرض المحروقة فستحدث مجازر غاية في الخطورة أبعدنا الله وأبعد أهلنا عنها ووقاهم شرها .
ولذا فإن حكومة العبادي ترفض تسليح العشائر السنية في المناطق التي تسيطر عليها داعش كما أن ممثلي التحالف الشيعي يعملون على عرقلة إصدار قانون الحرس الوطني وهم يرفضون تخصيص أي مبلغ لهذا الغرض في ميزانية 2015 بحجة التقشف .لكونهم يصرون على ( تحرير ) كافة هذه المناطق من قبل الحشد الطائفي ليعيث في الأرض فسادا .
فنقول لهم أولا هل يوجد لما يطلق عليه الحشد الشعبي قانون أم أنه صدر بقرار رئيس الحكومة فقط وثانيا لماذا تتوفر المبالغ لهذا الحشد الذي وصل تعدادة إلى أكثر من مليوني منتسبا ولا توجد مبالغ للحرس الوطني ؟؟
ثالثا :- إدخال القوات الإيرانية لحماية النظام الصفوي في العراق .
نظرا لعدم ثقة المالكي بجيشه الذي أفسده رغم كون الغالبية العظمى من ضباطه وأفراده تم ضمهم للقوات المسلحة من ( المليشيات ) المدربة في إيران ( ضباط الدمج ) ، فقد كان يخشى من قيام ثورة أو انقلاب ضد النظام الذي زرعه المحتل بالاتفاق مع إيران ، ولذا فقد توسم أن تقوم الجارة ( الشقيقة ) كما يطلقون عليها بالهيمنة العسكرية على العراق ليكون مطمئنا على نظامه ضد أي تحرك يقوم به المكون الآخر ( السني ) .
وطبعا لا يوجد أي إحصاء حقيقي لعدد القوات الإيرانية المتواجدة في العراق ولكن يقال بان "الحرس الثوري الإيراني" أرسل أفراد من "قوة القدس" وطائرات للهجوم الأرضي ومجموعة متنوعة من الطائرات بدون طيار إلى العراق، وإن إيران في وضع فريد للإحاطة بأي حالة طارئة قد تنشأ في شمال ووسط وجنوب العراق. ويُذكر أن هذه الوحدات كانت أساسية أيضاً لخطة إيران في تنظيم الميليشيات الشيعية المحلية التي تعمل مع قوات الحكومة العراقية لكنها مقرّبة من طهران، على غرار وحدات الميليشيا الشعبية في سوريا. ( فرزين نديمي معهد واشنطن 8/9/14)
وحسب معلومات وردت الى المقاومة الايرانية من داخل النظام ان عدد عناصر الحرس لفيلق القدس في العراق يصل الى 7000 عنصر
ولا نرى داع لتأكيد كون قاسم سليماني أصبح قائدا أعلى لكافة القوات العسكرية التي تقوم بمحاربة داعش .
رابعا :- التهرب من ميزانية عام 2014 والتي تم توزيع أغلبها كهدايا لغرض الانتخابات ولغرض بقاء المالكي في موقعه أي حصولة على ولاية ثالثة . ونعتذر عن الدخول في تفاصيلها
ونختتم كلمتنا هذه بالقول بأننا واثقون بأن الشعب العراقي الأبي سوف لا يقف مكتوف الأيدي بل سيكشف كافة مخططاتهم الخبيثة لتتم محاسبتهم على كل ما اقترفوه من جرائم بحقه .ولا يضيع حق وراءه مطالب كما أن ثقتنا بالله عالية وهو القائل :. " ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين " صدق الله العظيم
الدكتور عبدالإله الراوي
دكتور في القانون محام عراقي سابق وكاتب وصحافي مقيم في فرنسا
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
1038 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع