ولاية الموصل والحقوق الكردية بعد الحرب العالمية الأولى/ح15
* قضية الأقليات في العراق
كانت المشكلة التي واجهت الحكومة العراقية، والطبقة الحاكمة العراقية، من قبل العنصر العربي الشيعي في جنوب العراق ليست بذات بال، ولم تنل سوء اهتمام ضئيل من قبل عصبة الأمم ومع ذلك فقد كانت هذه المشكلة، تعادل مشكلة الأكراد، في تعقيدها، وفي الحاجة الماسة إلى إيجاد حل لها، إذ أن أخطارها قد بدأت بالظهور خلال أشهر قلائل بعد أن ظفر العراق باستقلاله عام 1932م( ) ذلك لأن استخدام تأثير المذهب الشيعي، وكذلك القوة العشائرية، سلاحاً في السياسة الداخلية العراقية كان يمثل خطراً مهلكاً.
أما الطرف الأخرى وهي أقل عدداً من أمثال المسيحيين، واليهود واليزيدية، والتركمان، فأنها لم تثر سوى القليل من الحوادث. فلقد عومل المسيحيون على أساس المساواة مع المسلمين في المجتمع العراقي، وفي شؤون الإدارة أيضاً. وعندما أثار جلاء البريطانيين عن العراق في عام 1929، بعض الهواجس لدى البعض من المسيحيين، فإن رؤساء الطوائف لديهم، لم يجابهوا أية مشقة في أن يؤكدوا لتابعيهم، ويلحوا عليهم في مواصلة ولائهم لملكهم، الذي هو ملك العراق. ولقد أدت الجولة التي قام بها بعض الوزراء في سنة 1931 في القرى التي يسكنها المسيحيون، إلى توثيق عرى المودة، كما تم تقديم كلمات الشكر رسمياً، إلى القاصد الرسولي في العراق في هذا الشأن.
ولهذا فلم يكن من العسير في سنة 1930 إصدار تشريع ينظم الأوضاع الجديدة لهذه الأقليات المسيحية، ويحدد سلطات قساوستهم وممثليهم. وكان الإجراء الذي أريد به تطبيق الإدارة الذاتية، والذي تقبله المسيحيون، مقيداً في الدولة العصرية ويراد به أن يؤدي في مدة قصيرة إلى انهيار السلطة الفردية التي يمارسها رؤساؤهم.
وقعت الطائفة البهائية الصغيرة العدد في بغداد، خلال هذه السنوات تحت طائل حادث كان يخص البيوت البهائية المتنازع على ملكيتها في العراق. فلقد بدأ البهائيون في أوساط العشرينات من القرن الماضي، يصلحون ممتلكاتهم العقارية في بغداد، ولكن المتطرفين من الشيعة المجاورين لهم، قد رفضوا هذه المحاولة البهائية، ورفعوا إلى الملك التماساً يطلبون فيه بأن يصدر أوامره بإخلاء تلك البيوت، ومصادرة مفاتيحها من أيدي البهائيين، علماً بأن القضية كانت ما تزال آنذاك قيد الدرس في المحكمة المدنية ببغداد، وأن الحكم من قبلها قد صدر مؤخراً لصالح البهائيين. لقد حاولت عصبة الأمم إثارة هذا الموضوع ومناقشته، غير أن المندوب السامي البريطاني في العراق احتج على تدخل العصبة في هذا بصفة متكررة ولكن من دون طائل.
ولم يحاول التركمان في كركوك وفي كفري، وفي القرى التابعة لها أية محاولة للخروج عن نطاق الغموض الذي كانت له فائدة، فلم يثيروا أية مشكلة، منذ أن تمت تسوية قضية ولاية الموصل، وعلى هذا تم قبولهم في الوظائف العراقية بنسبة تتجاوز، كثيراً جداً، نسبتهم العددية في البلاد( ).
وظل اليهود على نفس حالهم الذي ألفوه قبلا من اندماجهم فيما بينهم، وعزلتهم عن بقية الطوائف الأخرى، واكتفائهم الذاتي، وتجنب المطامع، الذين رعاهم وزير المالية الشهير ساسون حسقيل( ) كما أنهم حافظوا على مكانتهم في الدوائر الحكومية، والسيطرة على كثير من الأسواق، وامتلاك الأموال، ودعم مدارسهم ومستشفياتهم الخاصة.
وعندما قارب العراق أن يحقق استقلاله لم يكن اليهود على ضعف عقلي بحيث يجرؤون بالاحتجاج المكشوف ضد الاستقلال، ذلك لأن أسلوب العيش الذي ألفوه في العراق والمكوث فيه حتى في الأوقات العسيرة بالنسبة إليهم، كل ذلك لم يكن من الأمور الجديدة عليهم. صحيح أن العراقيين، مثل جميع العرب، كانوا يشعرون بالمقت الشديد تجاه الحركة الصهيونية في فلسطين، ولذلك استقبلت هذه الحركة الصهيونية بالتظاهرات العنيفة التي قام بها طلاب المدارس وبعض العناصر الأخرى، التي جوبه بها "السير الفريد موند" اليهودي عندما وصل بغداد في زيارة عمل له خلال شهر شباط سنة 1928. وفي السنة التالية قامت تظاهرات في المساجد وفي أنحاء بغداد، ووقف أعضاء البرلمان لمدة دقيقتين حداداً، وصدرت الصحف مجللة الحواشي بالسواد، وأرسلت البرقيات إلى لندن تعلن عن معارضتها للسياسة البريطانية الموالية لليهود( ). ولكن اليوم الذي طغت فيه هذه الأحاسيس المصحوبة بالعنف ضد اليهود القاطنين في بغداد، والطائعين للقانون، والمتبرئين من الحركة الصهيونية، قد تأخر إلى سنوات طويلة( ).
تحول اليزيديون، الذين لم يكونوا قد اشتهروا بأنهم كانوا من المقتنصين القدامى للرخاء الذي أصاب العشائر، أو من ضحايا ذلك الاقتناص، إلى أثارة شيء من الاضطراب، وفي نهاية تلك الفترة، وبطرق خفيفة متعرجة، كان يسلكها أميرهم "سعيد بك"( ) فلقد اتهم هذا الأمير بسوء التصرف في الإيرادات، وإهمال مرقد الشيخ "عدي" وزيارته، ولذلك عقد إشراف اليزيدية مؤتمراً لهم في الموصل في سنة 1931 حضره المندوب السامي البريطاني نفسه.
وعلى الرغم من بعض العوامل الضاغطة على آمال الكرد، إلا أنهم ظلوا مندمجين في الدولة العراقية. وإن ما يصيبهم هو حالة الضغط الشديد الذي كان يعانيه أخوانهم الأكراد في تركيا وفي إيران، من العوامل التي أحدثت التفكك العميق فيما بينهم. وفي الوقت ذاته بذلت الحكومة العراقية كل ما في وسعها من جهد للالتزام بالتوصيات التي أصدرتها عصبة الأمم سنة 1925 بشأن الأكراد. فلقد منح الأكراد نصيباً في مختلف أشكال الوظائف الحكومية، وكان لهم وزيراً في الوزارة، كما زيد عدد نوابهم في المجلس النيابي وفقاً لهذه الغاية. ومع كل ما تقدم فقد طلب الأكراد في عام 1929 من الحكومة العراقية زيادة صرف الأموال على أنحاء كردستان وتشكيل ولاية كردية خالصة من المحافظات الكردية الأربع الخاصة بهم، ولم ينس الناطقون باسمهم أن يزعموا بان المعاهدة البريطانية العراقية التي عقدت في عام 1922، والوضع الخاص بتسوية قضية ولاية الموصل، إنما كانت لمصلحة الأكراد على نطاق واسع.
أصبح متوقعاً في سنة 1927، التوصل إلى شروط غريبة محتملة مع الشيخ محمود الحفيد بغية استسلامه إلى الحكومة. لكن الشيخ محمود رفض، قبل أي شيء آخر، أن يلتزم بتلك الشروط. وقد برهن تصرفه ذاك بأن غدا من الضروري أخراجه من الموضع الذي كان يتحصن فيه في "بنجوين" باستخدام القوات العراقية والقوة الجوية والبريطانية وقوات المرتزقة سوية، وقصف مواقعه، وإرسال قوات الاستطلاع من الخيالة بقصد التغلغل على داخل المناطق التي يسكنها حلفاؤه من عشائر الهماوند.
كان انسحاب الشيخ محمود الحفيد إلى داخل الأراضي الإيرانية، قد أزال، ولو بصفة مؤقتة، عقبهُ كأداء كانت تقوم في طريق إقامة حكم منتظم في محافظة السليمانية. فقد أصبح الآن مستطاعاً إعادة إنشاء مثل ذلك الحكم، وذلك عن طريق تحسين الطرق، وبناء مراكز الشرطة. كما أن وصول "بابا علي" بن الشيخ محمود الحفيد، إلى بغداد للدخول في المدرسة ومن ثم إرساله للدراسة في كلية "فكتوريا" في الإسكندرية نقطة مركزية في تأهيله علمياً وفكرياً وسياسياً. وبعد أن تخرج " بابا علي" بعد سنوات في جامعة "كولومبيا" الأمريكية، عين وزيراً في الحكومة العراقية وفقاً لشروط التسوية مع أبيه الشيخ محمود الحفيد.
استولى الشيخ أحمد البارزاني، على مكان الشيخ محمود الذي كان يمثل الزعيم الكردي العابث بالأمن عام 1927م وعندما قامت القوات العراقية، فيما بعد، بمناورات عسكرية في أراضي الشيخ أحمد البارزاني قد حفزت في الشيخ الذكي (أي الشيخ أحمد البارزاني) بواجبه الشرعي إلى التمرد والانتفاضة لاحقاً، حين اعتبر ذلك واجباً عليه وهو يستمع إلى نصائح أحد الملالي المتدينين. وأدى إلى وقوع مذبحة ضاعت فيها أرواح كثيرة كانت من بينها أخ الشيخ أحمد( ). فلقد أعقب ذلك تدخل الشرطة، وتعزيز الحامية العسكرية في "بله" على مقربة من ناحية "برزان" غير أن الشيخ أحمد الذي ظل يتحدث ويبعث بالرسائل عن الحرب والعصيان إلى جميع أولئك الذين كانوا ينصتون إليه، وينشر الإشاعات عن تدفق الأثوريين إلى أراضيه، كان هذا الشيخ ما يزال يعتبر شخصاً مثيراً للجدل. [أعتقد أن تشويه سمعة الشيخ أحمد بهذه الطريقة هي سياسة بريطانيا تجاه الرموز الوطنية دائماً].
أما ردود فعل الكرد خلال عامي 1929 – 1930، فقد سجلت الانتخابات النيابية التي أجريت في عام 1929، إلى حدوث أعمال شغب في مدينة السليمانية. كما سبق للنواب الأكراد في البرلمان أن طرحوا أسئلة عن "الفوائد" الذي تقدمه المعاهدة الجديدة بين العراق وبريطانيا للقضية الكردية.
وإذ كان الشيخ محمود الحفيد يتوقع أن يحظى بالدعم على أساس ذات الإدعاءات السابقة، فإنه عمد في شهر أيلول عام 1930 مرة أخرى إلى أن يغزو الأراضي العراقية، على الرغم من الإنذارات المحددة التي وجهت إليه بأن لا يقدم على هذا العمل. لكن الشيخ محمود لم يلبث أن منح لنفسه السلطة بنفسه، وتقدم بطلب إلى المندوب السايم البريطاني، بأن تتوحد كل كردستان في ظل الانتداب البريطاني، وتمتد حدودها من (زاخو حتى خانقين). ولم يكتف بذلك وحده، بل أقدم على احتلال (بنجوين) مجدداً. غير أن قوات الجيش العراقي، بمساعدة من قاصفات القوة الجوية البريطانية، نجحت في إخراجه من (بنجوين وسردشت) بعد بضعة أشهر.
استمر نشاط العصابات خلال شتاء سنة 1930 – 1931، غير أن الحركة التي قام بها الشيخ محمود الحفيد في شهر آذار سنة 1931 لإثارة عشائر (كفري وخانقين)، قد تم إيقافها بعملية مركزه من قبل قوات الجيش العراقي، وقوات الشرطة العراقية، والقوات الجوية البريطانية. فقد استطاعت هذه القوات مجتمعة أن تلتحم مع قوات الشيخ محمود الحفيد التحاماً كبيراً في نقطة "أو - ئي - باويكا" على بعد عشرين ميلاً أي (أربعين كيلومتراً)، إلى الشمال الشرقي من (طوز خرماتو) وإجباره على الانسحاب مخلفاً وراءه عشرين قتيلاً، بعد أن لجأ إلى داخل الأراضي الإيرانية لكنه لم يحصل على ملجأه الاعتيادي هناك بسبب العمل التأديبي الذي قامت به الحكومة الفارسية. وفي لقاء جرى في (بنجوين) تم الاتفاق مرة أخرى على شروط الصلح، حيث أعطيت للشيخ محمود الحفيد تعهدات بالإبقاء على حياته، وخصصت له منحة مالية، وتقرر أن يكون محل إقامته الثابت المحدد في مدينة الناصرية( ). وكان على الشيخ محمود الحفيد أن يستمع إلى بنود المعاهدة العراقية – البريطانية الجديدة عام 1930م، وفيها أن السياستين الخارجية والدفاعية للعراق ليست من حصة الملك فيصل الأول ولا من اختصاص حكومته، وأن الثورة أو الانتفاضة المعادية لبريطانيا ستكون على كف عفريت بعد أن تصافحت أيدي عربية وأخرى كردية مع أيادي المحتل البريطاني.
كان السلام القلق خلال الفترة ما بين 1928 و1931 يسود منطقة برزان، حيث قام أحد المفتشين الإداريين، بزيارة شيخ برزان أحمد البارزاني( )، الذي قدمت إليه التحذيرات من قبل الحكومة العراقية. غير أن شيخ برزان، قام في شهر تموز سنة 1931، لقتال جاره الشيخ رشيد لولان زعيم عشيرة البرواري( ) وشن غارات ضده أدت إلى إشعال نيران الحرب العشائرية. [وكان تشويه سمعة وشخصية الشيخ أحمد البارزاني من قبل الإعلام البريطاني وهي سياستهم "فرق تسد" بين أبناء الشعب العراقي].
حاول الملا مصطفى البارزاني، شقيق الشيخ أحمد البارزاني، عبثا تهدئة الأمور بين العشيرتين بالطرق الدبلوماسية. لكن الشيخ أحمد البارزاني سرعان ما أقدم على شن غارات غير معتادة على أراضي إقليم "برادوست".
في شهر أيلول 1931 من تلك السنة صدرت الأوامر إلى القوات النظامية أن تتدخل في هذا الأمر على الرغم من حلول فصل الشتاء، ولقد استطاعت قوة من الجيش العراقي أن ينفذ عبر الجبال فيصل على القرية التي كان الشيخ أحمد البارزاني يقيم فيها، لكن الجيش وقع في كمين، لم يتخلص منه إلا بتدخل من القوة الجوية البريطانية، حيث هوجم الشيخ وأتباعه بالقنابل من الطائرات، وتم حصره في قريته، وأجبر على إطلاق سراح الأسرى الذين احتجزهم لأنهم رفضوا الخضوع له، ومن ثم انسحب من إقليم برادوست.
وفي أوائل ربيع 1932، وبعد التحذيرات التي وجهها المندوب السامي البريطاني إلى الشيخ أحمد البارزاني وتجاهلها تماماً تقدمت القوات العراقية داخل أراضيه، فاحتلت منطقة (ميركه سور) وراحت تهدد قرية "برزان" ذاتها، وبمساندة من القوة الجوية البريطانية، استطاعت القوات العراقية أن تحتل "برزان" وكثيراً من الأراضي التابعة لها.
وبعد توقف حصل نتيجة التفاوض على إطلاق أحد الطيارين الإنكليز، وتجربة محاولات أخرى لعقد ألوية السلام بشروط سخية، استؤنفت العمليات العسكرية البرية والجوية معاً حيث طورد الشيخ أحمد البارزاني في أواسط صيف تلك السنة إلى أحد الأودية التي حاول منها اجتياز الحدود التركية وإذ ذاك تم إلقاء القبض عليه، ونقله إلى خارج الحدود ولقد أصبح مستطاعاً آنذاك إقامة إدارة اعتيادية أو شبه اعتيادية في منطقة بارزان وإنشاء مراكز للشرطة، وقوات الاستطلاع ومنح العفو إلى بقايا إتباع الشيخ أحمد الذي عادوا إلى مواطنهم في منطقة بارزان.
وإذا كانت أمثال هذه الاعتصابات الشبيهة بالحروب ذات النمط الاعتيادي في كردستان تحدث منذ آلاف السنين، فإن مثل هذا الأمر لا يصدق إلا قليلاً على العمل السياسي الذي أقدم زعماء الأكراد على اتخاذه، ففي شهر تموز سنة 1930 تقدم عشرة من أشراف السليمانية بطلب إلى مجلس عصبة الأمم في (جنيف) يطالبون فيه العصبة بأن تقوم بالإشراف على إنشاء دولة كردية. ولقد علقت اللجنة الدائمة للانتداب على ذلك الطلب بأن قالت بأن عصبة الأمم لم تشر إطلاقاً إلى قيام حكومة كردية، وإنما كانت قد اقترحت "إجراء معاملة خاصة" ليس إلا وعلى هذا ألحت اللجنة على الدولة المنتدبة بأن يضمن تطبيق هذه "المعاملة الخاصة" تطبيقاً تاماً قبل أن يصبح الوقت متأخراً جداً. أرسلت سلسلة من الطلبات الكردية الأخرى المماثلة كتبت خلال سنتي 1930 – 1931، إلى عصبة الأمم في سنة 1931، وقد نجم عن تلك الطلبات تقديم توصية مؤداها أن على بريطانيا أن تضغط على حكومة العراق بضرورة الحاجة إلى أن تضمن ولاء رعاياها من الأكراد وأنهم مقابل ذلك سوف يحصلون على احترام عصبة الأمم واهتمامها، بالموقف الصائب الذي تقفه المملكة العراقية.
والواقع أن الحكومة العراقية لم تتأخر لحظة واحدة عن الالتزام بمبدأ استخدام الموظفين من الأكراد إلى جانب الفنيين منهم، في المناطق الكردية، وتأكيداً لهذا الالتزام أقدمت الحكومة على شن تشريع اللغة الكردية الذي جاء لصالح الناطقين باللغة الكردية، وتأسيس مكتب للترجمة، وتعيين مفتش كردي لوزارة التربية في المناطق الشمالية الشرقية في العراق، وتعيين معاون كردي لمدير الداخلية العام. ومن ثم ألفت الحكومة بعد ذلك لجاناً محلية لتقرير لغة التعليم الكردية التي ينبغي العمل بها في كل مدرسة في المناطق الكردية، وتحديد نوعية الحروف الأبجدية الكردية المطلوبة، واستبدال الموظفين الذين لا يتكلمون الكردية.
ولقد قام الملك والأمير غازي، والمندوب السامي البريطاني، والوزراء العراقيون بزيارات متكررة إلى المناطق الشمالية، والشمالية الشرقية من العراق (كردستان)، وذلك بقصد إزالة الشكوك، وتوثيق الاتصالات الشخصية وجمع المعلومات المطلوبة التي من شأنها أن ترضي لجنة الانتداب التي ما تزال تشعر بالقلق كان مستطاعاً في هذه المرحلة أن يتعاظم الأمل في هدوء المناطق الكردية من العراق، ولم تكن تلك الآمال مستحيلة لكنها انطوت على تفاؤل ليس في محله، ذلك لأن حرفة إدارة الدولة، والحنكة السياسية السامية، التي تستطيع أن تحقق كل هذه الغايات، لم تكن موجودة. ومع كل ذلك فباختيار موقف متردد إزاء هذه المطاليب، لم تكن الحكومة العراقية حكيمة دوماً فلقد كانت هذه المطاليب، في كثير من الأوقات، مطاليب انفصالية صريحة، لا تتلاءم مع الدولة العراقية بالشكل الذي أنشئت به، وتزداد أثارة وهيجانا بالتنافر الروحي الثابت، الذي يشعر به العنصر العربي والكردي( ) ولم يتناقص ذلك التنافر بظهور دلائل على المزيد من العطف والموقف السخي الذي وقفه المستشارون البريطانيون تجاه الأكراد أكثر من مواقف رجال الدولة العراقية( ).
وبالإضافة إلى ذلك كان هناك خوف قائم من أن تؤدي الامتيازات التي منحت للأكراد، إلى بروز مطاليب مماثلة وبصفة مباشرة تتقدم بها العناصر الشيعية في الفرات الأوسط، تلك العناصر التي بقيت غيرتها وحسدها، تؤلف عاملاً كبيراً في القضية العربية الكردية.
ويصدق ذات الشيء أيضاً، على الأقلية الصغيرة جداً، والغريبة كثيراً، والتي ما تزال أقل تجانساً فيما بينها، ونقصد بها، الأقلية الأثورية. ذلك أن أعداداً كبيرة من هؤلاء الاثوريين قد استقرت في سنة 1926، في الأراضي المتناثرة المحيطة بالقرى الكردية القائمة في محافظة الموصل. كما أكمال عملية الاستقرار هذه، بالإضافة إلى إعادة توطين ممن كانوا أقل رضا، وإدخال تحسينات على المستوطنات، من بين المهمات التي خططت خلال السنوات من 1927 على 1930. ولقد ظهر مدى اهتمام المندوب السامي البريطاني بهذا الأمر، في الزيارات التي قام بها لتلك المناطق، وبالمؤتمرات الكثيرة التي عقدت، وبدعوة الحكومة إلى إظهار ودها الملموس تجاه الاثوريين، حتى وأن كان هؤلاء بموقفهم المراوغ وغير المتعاون قد عملوا نوعاً ما على وقف النشاط الذي كان يبذله الراغبون في تحقيق الخير لهم.
تم استخدام ضابط متخصص تخصصاً جيداً في قضايا الإسكان، وإعداد المزيد من القرى في منطقة (حرير) من قضاء (رواندوز) لإعادة توطين الأثوريين فيها، كما تم تقديم الحبوب والنقود إلى المترددين من المستوطنين. وفي الوقت ذاته أظهرت الحكومة حسن نواياها تجاه الآثوريين بتشريع أصدرته في شهر آذار 1927 يقضي بإعفاء المستوطنين، لمدة مؤقتة، من الضرائب.
وحتى نهاية سنة 1925م لم يكن هناك أكثر من بضع مئات من العوائل قد تم توطينها، ولكن في نهاية سنة 1929 لم يبق من هذه العوائل سوى حوالي ثلاثمائة عائلة. أما مشروع الاستيطان في منطقة (برادوست) فإنه لم يتحقق نتيجة النزاع على الأراضي، بين الأثوريين أنفسهم وما كانوا يتمسكون به إدعاءات. ومع كل ذلك فإن المستوطنات التي أنشئت حول مدينة العمادية، وفي زاخو، ودهوك، وفي السهول القائمة على مقربة من عقرة، وأراضي حرير في قضاء راوندوز، وفي منطقة الشيخان من الموصل، قد أنجزت درجة طيبة من الاستقرار. وبفضل الإعانات المالية وحسن تنظيم الزراعة من قبل القرويين، وتحسين مواقفهم بصفة عامة، إزاء الإقطاعيين الأكراد - حيث كان نصف الأراضي المملوكة ملكاً للأكراد، والنصف الآخر ملكاً للدولة، إذا رخاؤهم يعتبر جيداً إذا ما قورن مع مستويات الحياة الجارية في المنطقة.
كانت علاقات زعماء الاثوريين في هذه الفترة مع الحكومة مرضية. وكان المدراء المحليون نافعين، والعدل قائماً. كان التفاؤل يبعث على الأمل في حدوث المزيد من التمازج لدى هذه الأقلية، بحيث يمكن الاحتفاظ بها، بصفة سليمة، جزءاً من هيكل السياسة العراقية، لا إن تظل عنصراً غريباً محروماً أو مضطهداً. كان إعداد المساكن للاثوريين الذين قاموا قبلا في بلاد فارس وعادوا إلى العراق، وكذلك للذين استوطنوا منهم المدن، واشتغلوا في الحوانيت والمعامل، ومؤسسة سكك الحديد، وشركات النفط، ومصالح الشرطة والمصالح الأهلية، من الإجراءات النافعة والمنطوية على المساندة الذاتية.
وفي الوقت ذاته استمر الاثوريون الذين انضموا إلى قوات المرتزقة (الليفي) حيث لم يبقى في هذه القوات سوى الاثوريين بعد سنة 1928، إلى أن تم إنهاء الانتداب، يعملون بنشاط خلال الخدمة الفعالة في كردستان، ويحصلون على الثناء الرفيع. ولقد بدأ تخفيض قوات المرتزقة لصالح الجيش العراقي، وتم استخدام عدد من الاثوريين، ولكن من دون ضباطهم، في الجيش العراقي أيضاً.وإذ ذاك بدأت عملية تفكيك قوات المرتزقة (الليفي)، ونقل مقراتها ومستودعاتها عام 1928 من شمالي الهنيدي (معسكر الرشيد) في بغداد، في الوقت الذي تسلم فيه الجيش العراقي معظم مواقع تلك القوات في المرتفعات الشمالية. وفي الفترة ما بين سنتي 1928 و1932 كانت قوات المرتزقة ما تزال موجودة، وقد استخدمت مرة أخرى في العمليات التي وجهت ضد الشيخ محمود الحفيد.
على أن هذه القوة قد شهدت أحسن أيامها، حيث تقرر أن تصبح بعد سنة 1932، مجرد قوة يعهد إليها بحراسة معسكر القوة الجوية البريطانية، أما الرجال الذين تم تسريحهم من قوات المرتزقة (الليفي) فقد منح كل واحد منهم بندقية وذخيرة لغرض الحماية الشخصية، في المساكن الجديدة( ) التي أنشئت لهم.
ومن خلال ذلك فقد كان في مستطاع قوات المرتزقة (الليفي) أن تساهم في تكوين اقتصاديات الأقلية الأثورية، حيث أبرزت ذكاء ورغبة عجيبتين في استخدام الأساليب البريطانية، وأظهرت تحملاً فاخراً وشجاعة فائقتين في حروب الجبال والتي كانت ملائمة لها كل الملائمة، ولكن الأخطاء التي وقع فيها الاثوريون تتمثل في الانضباط الذي كان يطغى عليه الانقياد الوحشي، والذي قد يظهر في الأوقات السيئة، في صفة انفجار لأعمال النهب، والتمرد الجماعي، والاستعداد للخلط بين آلام طائفتهم والأمور السياسية، وواجباتهم العسكرية، والنقص الظاهر في ولائهم للعراق.
لقد كان الاحتفاظ بهم في صفة قوات إمبراطورية يديرها البريطانيون، والتناقضات الكثيرة، وسوء الفهم بينهم وبين الجيش العراقي، واستخدامهم بصفة متكررة ضد الأكراد، نقول كانت كل هذه الأمور من القضايا التي يؤسف لها حقاً.
ولقد كان سوء العلاقة بن الأكراد والاثوريين من الأمور التي أغرت بعض الساسة في بغداد باستخدام ذلك بطريقة يسيرة لإثارة الإضطراب. وقد أثمرت هذه الطريقة في وقوع سلسلة من أعمال القتال، وبعثت الأصوات المعادية للاثوريين بين الأكراد. ومع كل ذلك فإن الأقلية الاثورية لو تمسكت بالصبر، وتجنبت أثارة الشغب، وقبلت بوضعها الجديد في العراق، ذلك الوضع الذي كان في ذات الوقت أفضل من وضع الكلدان والأرمن، لغدا مستقبلها محفوفاً بالسلام حتى وأن كان معيبا، وتم الحفاظ على طقوسهم الكنيسة، وفرديتهم الاجتماعية ولضمنوا بيوتهم وسعادتهم.
ولكن زعماء الاثوريين اختاروا طرقاً أخرى أدت إلى المأساة. ذلك أنهم تمسكوا بكل نقطة من قضيتهم المثيرة المعقدة المتمثلة في أدعائهم بأنهم كانوا حلفاء بصفة رسمية في الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918، ولكنهم لم يكافأوا على ذلك آبداً، وأن قواتهم من المرتزقة (الليفي) قد أدت خدمات واسعة وعميقة وأن هذه القوات في الواقع هي التي أنقذت الجزء الجنوبي من كردستان وأبقت عليه، وأن عصبة الأمم سبق لها في سنة 1925 بأن أوصت بإعادة منحهم "امتيازاتهم القديمة" التي ما زالت معترفاً بها حتى الآن، وأن البريطانيين هم الذين قضوا على أمالهم، في أن يهتم الأتراك بهم، وإعادة توطينهم في منطقة (حكاري) يضاف إلى ذلك أيضاً أن البريطانيين قد خانوهم في جنيف.
كان (ايشاي مارشمعون) البالغ من العمر خمساً وعشرين سنة( )، والذي درس في إنكلترا خلال الفترة 1925 – 1929، ويجهل جهلاً تاماً الحقائق العراقية، غير ملائم لأن يتزعم الاثوريين، وأن يشغل أفكارهم بمفاهيم غير واقعية، ذلك لأن الرئيس الذي يحكم بين هؤلاء هو الذي يمتلك السلطة الدينية والتي كان يشعر بأنها يجب أن تعزى إلى زعامة "الملة" التي كانت في الغالب تحكم نفسها ذاتياً في الأيام الخالية مهما كانت هذه الزعامة غير مقبول بها، وغير دستورية في العراق الحديث. كان والد (ايشاي مارشمعون) من أشد المحافظين، وكانت عمته (سرمة خانم)، والحماسة التي اصطبغت بها مشاعر الطائفة الآن هي الحكم الطاغي لدى الأقلية الاثورية، بالإضافة إلى وجود القساوسة والزعماء الذين خانتهم حكمتهم فسرعوا ينشدون الأغراض الانفصالية بالإضافة إلى الحالات المريبة، كانت كل هذه العوامل، قد دفعت بالاثوريين إلى التمرد حتى ضد بطريريكهم. ولقد دفع الحماسة التي نالها من الخارج أحد المنكرين من أحفاد "هرمز رسام" مساعد "لايارد"( ) وكذلك أحد الإنكليز المدعو (مايتوثوب) واللذين أساءا استعمال نفوذهما، إلى تنظيم الاسترحامات من لدن الاثوريين، مما أدى إلى ظهور أمال كاذبة خادعة فيما بينهم، وتعريض العلاقات الاثورية العراقية إلى مزيد من المخاطر.
قدم مبعوث المندوب السامي البريطاني في عصبة الأمم في شهر تشرين الثاني عام 1930 تأكيدات، كان يعتقد فيها بأنها كانت محقة بشأن مستقبل هذه الأقلية والأقليات الأخرى ومطامحها، وفي ذات السنة عكف (السير فرنسيس همفريز) المندوب السامي البريطاني في العراق، على دراسة الاسترحامات التي قدمها (هرمز رسام) وتعهد "بمسؤولية بريطانيا الأخلاقية بشأن الموقف الذي ستقفه الحكومة العراقية في المستقبل" وما أن عاد (السير فرنسيس همفريز) إلى العراق، وجوبه بالحالة التي تردت كثيراً بسبب الأعمال التي قام بها الاثوريون، حتى عاد وأوصى الحكومة العراقية بأن تظهر كل ما لديها من حسن النوايا، فتستأنف سياستها في إعفاء الاثوريين من الضرائب. ولقد تم تنفيذ هذا الأمر وكانت له نتائجه الطيبة.
كان من المقرر أن يعقب ذلك الإجراء، تجديد محاولة المضي في مشروع توطين الاثوريين في برادوست، وبشروط أكثر جاذبية هذه المرة ذلك المشروع الذي تأجل تنفيذه منذ وقت طويل، لو لم تنفجر المعارك في منطقة (برزان – برادوست). وفي شهر تشرين الأول سنة 1931 (عقد الاثوريون مؤتمراً لهم في الموصل، حيث قدم (المارشمعون) مطالب إلى عصبة الأمم( ). كان من بين ما تضمنته تلك المطاليب إدعاء الاثوريين بأنه لما كانت "ملتهم" تستطيع أن تواجه الأوضاع التي ستقوم في العراق بعد انتهاء الانتداب البريطاني عليه، فإنه يجب أن يتم نقل الاثوريين بصفة جماعية إلى بعض الأراضي التي تمت السيطرة عليها في الغرب في أي مكان منها، أو إلى سورية لم تأخذ لجنة الانتداب هذه المطاليب بنظر الاعتبار طيلة ثلاثة عشر شهرا، الأمر الذي أثار فزع الاثوريين فقرروا أن يقوموا من جانبهم بعمل مباشر. كان (المارشمعون) قد عرض في شهر أيار سنة 1932 خطة غير معدة لتجميع كل أفراد الطائفة في منطقة (دهوك – العمادية) في شهر تموز من تلك السنة. كذلك هدد الاثوريون المنضمون إلى قوات المرتزقة (الليفي) بتخليهم جميعاً عن تلك القوات افي اليوم الأول من شهر حزيران عام 1932م، وذلك في مذكرة تهديدية سلموها إلى قائدهم اللواء (ج، غ، بروان) ذلك الشخص الذي كان يدافع دون كلل عن حقوق الاثوريين، وقد تحول في النهاية إلى مؤرخ لقوات المرتزقة( ).
أدى تدخل المندوب السامي في الأمر إلى تأجيل الأزمة، ومع كل ذلك قدم الأثوريون طلباً أخر إلى عصبة الأمم، وتكرر التهديد باستقالة الاثوريين بصفة جماعية من قوات المرتزقة (الليفي)، في حالة عدم الحصول على نتيجة مرضية. كان هذا الطلب الجديد يلح على الاعتراف بوجود "ملة" أثورية، وبالسلطة الدينية والروحية للبطريرك، وبتعيين ممثل أثوري في البرلمان العراقي، وإنشاء مدارس خاصة بالاثوريين، وتقديم الأموال إلى البطريك الكنسية التي يتزعمها، وإلحاق أراضي منطقة "حكاري" بالعراق، أو تشكيل محافظة تضم كل الاثوريين القاطنين إلى الشمال من الموصل، مع عدم الإقدام على تنفيذ مشروع جديد معتبر، ومنح حقوق واضحة في تلك الأراضي.
تخلى الاثوريون في قوات المرتزقة (الليفي) عن إضرابهم، في الواقع بعد أن وصل فوج من القوات البريطانية محمولاً جواً، وهي عملية قوبلت بالترحاب، واعتبرت من العملية الحربية الشهيرة( ). استقرت السرايا الأربع لذلك الفوج في المحطات الأربع الرئيسة التي كانت تحتشد فيه قوات المرتزقة (الليفي). ولم يلبث (المارشمعون) الذي تأثر بهذه الخطوة، وبالمبعوث الذي بعث به (السير فرنسيس همفريز) إليه، أن وافق على أن يصدر أوامره بأن تظل قوات المرتزقة الاثورية (الليفي) قائمة بواجباتها إلى أن يتم درس الطلب الذي تقدم به (المارشمعون) إلى عصبة الأمم في السابع عشر من شهر حزيران 1932. أما قوات المرتزقة الاثورية (الليفي) التي كانت موجودة في معسكر الهنيدي (معسكر الرشيد) لاحقاً والتي واصلت تمردها فقد قلص عددها، حيث تم تسريح حوالي مائتين وخمسين نفراً من أفرادها (الليفي)، وبطلب من (المارشمعون) نفسه تم تأجيل خفض القوات الأثورية (الليفي) المحرضة في كل مكان، وحينذاك عاد فوج (نورثمبتون شاير) إلى مصر.
وبإذعان جزئي للطلبات التي أدرجها (المار شمعون) في الطلب الذي قدمه إلى عصبة الأمم، أقدمت الحكومة العراقية على تأليف لجنة تكون مهمتها البحث عن أراضي أخرى لتوطين الاثوريين فيها. ولقد اكتشفت هذه اللجنة أراضي قليلة صالحة للزراعة ومتوفرة، ولكنها أوصت بأن يتم الإنفاق على مشروع للري في تلك الأراضي لكي يهيء المزيد من الأراضي الصالحة. ولقد قبلت الوزارة القائمة بتقرير اللجنة هذا والذي تم إرساله إلى عصبة الأمم في جنيف ولقد قام الملك فيصل الأول بزيارة (العمادية)، وتحدث طويلاً مع (المارشمعون)، واستعمل كل الوسائل الممكنة لكسب ثقته، لكن ذلك البطريرك الشاب العنيد لم يلزم نفسه بأي شيء قبل أن يصل جواب عصبة الأمم، ولم يلبث أن غادر العراق إلى سويسرا، وبعد سفره بعث الاثوريون القاطنون في منطقة "برواري بالا" (داخل الأراضي العراقية) إلى عصبة الأمم بطلب معاكس لطلب (المارشمعون)، يعربون عن كامل رضاهم بالترتيبات الحاضرة.
أما المناقشات النهائية التي قامت بها لجنة الانتداب الدائمة، ومجلس عصبة الأمم، والاستماع إلى الشكاوى التي تقدمت بها الطائفة الاثورية، واستحالة توفير الاستيطان الجماعي الذي طالب به الاثوريون، فإن ذلك كله لم تنجم عنه أية آمال في تحسن الوضع. ذلك لأن الهوة كانت واسعة جداً، بين الحكم الذاتي التام الذي طالب به (المارشمعون) وبين المعاملة الحسنة التي كانت الأقلية الاثورية تعامل بها وعلى أحسن وجه من لدن الحكومة العراقية وعلى هذا الأساس رفض مجلس عصبة الأمم رفضاً رسمياً مشروع الحكم الذاتي للاثوريين، ونظر بعين الرضاء إلى الاقتراح القاضي بتعيين خبير أجنبي في الاستيطان، والتخلي عن الموضوع، بكل ما كان ينطوي عليه من شكوك أعطت التبرير للأعمال التي وقعت بعد ذلك على الفور.
الفريق الركن الدكتور
عبد العزيز عبد الرحمن المفتي
للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة:
http://www.algardenia.com/maqalat/15156-2015-02-25-18-56-50.html
956 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع