أعـمـى بطـريق مـظـلـم / الحلقة السابعة و العشرون

                                       

                      د.عبدالرزاق محمد جعفر

   

أعمى بطريق مظلم! / الحلقة السابعة والعشرون

في منتصف آب (أغسطس), حدث ما ليس بالحسبان, فقد  تعكرت الأجواء السـابقة ، فما أن دخل "صابر" وجماعته القنصلية الأمريكية قابلتهم موظفة من أصل "صيني" لا تجيد اللهجة الإنكليزية، وتنطقها  بلهجتها الصينية, ولم يفهم "صابر" منها شيئاً وقال لها: لم أفهم!,... أرجو ان تكتبي لي ماذا تريدين؟!,... فأنفعلت واعادت له  الوثائق!

طلب "صابر" منها أن تنادي على القنصله ولم توافق وقالت له:"أنها مشغولة"، .. وفي تلك اللحظة حضرت القنصله,... وبين لها أسـفه لأنفعال الموظفة, لعدم قدرته على فهم لهجتها, واقترح عليها أن تنقل (معاملتة), إلى الأردن,... ووافقت على أرسـالها بالبريد, ولا تسلم باليد،... إلا أن تلك الموظفة, وبكل بجاحه وقلة أدب،.. أمسكت بجميع الوثائق, وراحت تشطب عليها, فذهل "صابر" من تصرفها !

***

غادر "صابر" القنصلية مع مرافقيه ووصلوا إلى الفندق وهو في حزن بسبب المطب الذي وقع فيه، وبعد ساعة جاء (المستر كمال), لغرفة "صابر", وأخبره بما حدث, وطالبه بأعادة جوازات سفرهم , حيث اعيدت لهم معاملة الفيزة , وسـوف يغادرون إلى الأردن!

أبدى ( المستر كمال ), الهدوء عندما علم بجدية الموضوع وانفعال "صابر"، فخرج يجر أذيال الفشل, ومرت ساعات ثقيلة على"صابر"   لعدم تصديقه بفقدان الأمل الذي وعدته به القنصله الأمريكية يوم أن قالت له:

 " أنا لا أدري أي نوع من التأشيرة أضعها لك ؟"، كسائح اوكعالم او كمرافق لولدك؟! وإضافة إلى ذلك ما ذكره مساعدها الذي أثنى على كفاءة الدكتور "صابر"...وأسـتعداده بمنحه الفيزة ،فهل من المعقول أن تذهب تلك الوعود أدراج الرياح ويعود الى الأردن بخفي حنين,بعد ما صرف آلاف الدولارات في ماليزيا, بالطبع لا, حيث سيكون طامة كبرى، فما العمل؟!, ولهذا فكر"صابر" بإرسال اعتذار الى السيدة قنصله أمريكا, والطلب منها إجراء المعاملة مرة أخرى لعدم رغبته بالسفرالى الأردن,لأسباب أمنية,... وما هي إلا لحظات حتى جاء ولده, وأعلمه بمُقترح(كمال) بتبني الموضوع, وأعادة كل الوثائق الفيزة للقنصلية, فوافق "صابر"على الفور.

***

ذهب "صابر", إلى مقر الخطوط الأردنية لتثبيت حجز مبدئي , لأجل تمديد الإقامة في ماليزيا، وأكد, (المستر كمال) على مقدرته لتمديد أقامتهم ، وكان "صابر" واثقاً من ذلك بسبب خبرته الطويلة بالمجتمع الماليزي ، فكل شيئ  يمكن عمله لقاء المال!, وبالرغم من عدم إيمان "صابر", بمثل تلك الحلول غير الشرعية ، إلا أن (كمال) بَينَ لـ "صابر", أن ما يقدمه للمسؤول هو هدية, وأن النبي صلى الله عليه وسلم, قبل الهدية !، وبسبب سوء الحالة النفسية لـ "صابر",.., وعدم قدرته على السفر المتكرر،... وصعوبة الحصول على تأشيرة للبلدان المجاورة، وافق "صابر" على مضض!, للسـيـر خلف ذلك النصاب الذي وضعه القدر في طريقهم ، وأوكل أمره لله.

***

وما أن أكمل الوثائق المطلوبة للحصول على الفيزة,حتى قدمها  إلى المسؤول في القنصلية الأمريكية في ماليزيا،... وبعد اربعة أيام أستلم "صابر" رسالة رسمية من القنصلية الأمريكية حددت فيها رقم المعاملة وتاريخها ، وهكذا هَدأ "صابر", واتصل بخال ولده المقيم في امريكا  لكي يرسل لهم تعهدا شخصيا بتكفل ولده و زوجته عند وصولهما لأمريكا.

حدد أبن"صابر" مَوعداً مع ( المستر كمال), للذهاب الى السفارة الأمريكية  في التاسع من سبتمبر, إلا أنه لم يَف بوعده، وظلَ ولده ينتظر حتى الرابعة مساءً وبعد اليأس من الأتصال به,.. حيث أغلق تلفونه النقال !,... أضطر للذهاب إلى غرفته في الفندق, وبعد العتاب أكد على القيام بما وعـد به في اليوم التالي، إلا أنه كذب ولم يأت في ذلك اليوم أيضاً،... واتصل ليعلم "صابرا" بأنه على أتم الاستعداد للذهاب إلى القنصلية، صباح الغَد,..والذي لم يتكهن اي شخص ما هو ذلك اليوم؟: انـه اليوم الأسود بتاريخ أمريكا، يوم 11سبتمبر سنة 2001"!

  

وعلى اية حال, ذهب المستر كمال وابن الدكتور "صابر" الى السفارة الأمريكية في كوالا لامبور, وما ان دخلوا إلى القنصلية حتى وجدوا الجميع في حزن شديد، وحاول (كمال) أن يلطف الجو ويبدي حزنه لهم,ثم سلمهم وثائق الكفالة الشخصية التي أرسلها  الخال, وخرجوا نادمين لضياع اليومين السابقين لأحداث سبتمبر!,... حيث هاجمت طائرة انتحارية المركزالتجاري في نيويورك, كما هاجمت طائرة أخرى البنتاكون,.. ( وزارة الدفاع)‍!

  خيم الحزن على "صابر" وجماعته  لسببين الأول , للضحايا من الناس الأبرياء, والذي تجاوزعددهم الثلاثة آلاف!, والثاني ما أصاب دوائرالهجرة في القنصليات من الحذر الشديد لمعاملة العرب وكافة المسلمين، حيث اتهمت أمريكا تنظيم القاعدة وطالبان في افغانسـتان, وما من أحد يعرف الحقيقة,... وتوقف "صابر" عن عمل أي شيئ,... مننتظراً الفرج من الله !

***

هنا وبعد عدة أيام, زار (المستر كمال) وزوجته شقة "صابر" بعد أن تشاجر مع سائق سيارته, فقد تبين أن (المستر كمال أبو فرحان), لم يكن صاحب شركة ولا يملك أي سيارة!,.. بل كان مـستأجرها من السائق, ولم يدفع له الأجورمنذ عـدة شـهور,ولـذا كان (المستركمال) يحتال على "صابر"وأبتز منه مالا بحدود 2400 (رنكت)، أي ما يساوي ألف دولار!،... من أجـل اكمال معاملة تمديد الإقامة, وبعد حديث "صابر" مع زوجة كمال, فقد تبين أن الجوازات مازالت في حقيبة الزوجة، حيث قالت لصابر, لا تخف, الجوازات في حقيبتي؟!
ولما فاتح "صابر" (المستر كمال) عن ذلك,.... أنكر وقال : لا,...  الجوازات ما زالت في دائرة الهجرة!

وهكذا تبين أن (المستر كمال), الذي اخذ على عاتقه ان يكون بمثابة مترجم عند مراجعة بن "صابر" السفارة الأمريكية,.. قد بان معدنه الردي!, حيث تبين ان السيارة التي في خدمته تعود ملكيتها لسائقها, وقد اجرها له بأجرة شهرية مقطوعة, وما ان احس السائق بحقيقة (المستر كمال), حتى طالبه بما في ذمته من دين, ولما اعتذر كاد ذلك السائق ان يسبب له عاهة في جسده,..ولذا هرب ليلاً والتجأ الى شقة الدكتور"صابر",... خوفاً من السائق!

***

 وفي اليوم التالي مساءً، بانت حقيقة المستر كمال وأتضح "لصابر"  أن ذلك الشخص مخادع,ٍ وهو لا يملك أي شيء, ولذا بدأ يخطط مع ولده بهدوء, لأنتزاع جوازات سفرهم العراقية التي اخذها من اجل تمديد اقامتهم , الا انه كان يأخذ المال بعذر واهي من اجل ان يعيـش يومه ,...ويدفع أجورالمرأة التي معه, حيث تبين انها خليلته وليست زوجته, وهكذا انكوى "صابر" مرة اخرى بسبب ثقته العمياء بمن لا يعرفه, الا ان حدس "صابر" استطاع ان يكشف مخطط هذا النصاب !, بطريقة غير متوقعة , ففي ساعة متأخرة من الليل كان "صابر"والمستر كمال وزوجته المزعومة امام التلفاز, وما أن غادر(كمال) المكان الى الحمام حتى فاتح "صابر"المرأة وابدى اعجابه بجمالها وقال : سوف تصلني يوم غـَد عشرة آلاف دولار, وسوف اسدد ديون زوجك (المستر كمال),  لو كان جواز سفري معي!, واذا بالمرأة تؤكد له مرة أخرى وتقول :  جوازاتكم ما زالت عندي في الحقيبة وسوف اجلبها على الفور!

وفي تلك اللحظة عاد (المستركمال),.. وشرحت زوجته ما دار بينها من حديث مع "صابر" باللغة الماوية , واذا به ينفعل ويسحبها بعنف نحوغرفة النوم وسمع "صابر" صراخ المرأة ولم يرغب بالتدخل,...وبعد فترة خرج المستر كمال وقال:

ان زوجته لم تفهم اللغة الأنكلزية,... وهي تقصد انها ستجلب الجوازات من دائرة الهجرة في صباح الـغد !

***

وفي الصباح ,روى "صابر" لولده القصة كاملة, ولم يوافق على اخبار البوليس اواستعمال العنف مع (المستر كمال) حيث سيؤدي ذلك الى هروبه ، ومعه الجوازات,.. أضافة الى مبلغ 3500 دولار, كما تبين أنه مدان للفندق بحدود أربعة آلاف "رنكت والتي تساوي  800$ ,ولديه عدة جوازات مزورة ، من دول مختلفة,...منها ألأردني والسوري والماليزي!

وعلى أية حال ,..أنتقل (المستر كمال) وزوجته المزعومة الى أحد الفنادق بوسط المدينة ولم يترك عنوانه في الفندق الجديد,.. وبعد ثلاثة أيام تحول (المستر كمال), إلى فندق آخر, بعيداً عن مركز المدينة،... وأتصل تلفونياً بالعمارة التي فيها شقة "صابر", وأعطاهم تلفونه, ومساءً زاره الدكتور "صابر" وابنه طالبين منه الوفاء بتعهده وإنجازمعاملة الإقامة, ووعد بأتمامها في اليوم التالي! 

انهار"صابر"عليه  بأسئلة عديدة, إلا أنه ظل ماسكاً بشعرة معاوية, ولذا صمت وراح يكلمه بهدوء على أمل أعـادة جوازاتهم وفيها الإقامة الماليزية! ,...وسنرى في الحلقة التالية,خسـة هذا النصاب التي تعرض لها "صابر",... لكي نمتنع عن التعامل مع أمثاله من النصابين!

***

يتبع في الحلقة / 28 / مع محبتي لكل قراء الگاردينيا الغراء

للراغبين الأطلاع على الحلقة السابقة..

http://www.algardenia.com/maqalat/14662-2015-01-26-07-53-54.html

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

872 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع