رسائل هادفة لمعالجة قضايا عراقية ساخنة / الحلقة الخامسة

                                         

   رسائل هادفة لمعالجة قضايا عراقية ساخنة /الحلقة الخامسة

  

   

      

 
رؤية لإستراتيجية مواجهة  التهديدات الإيرانية في العراق والمنطقة العربية

عام

1. من منظور الجيوبولتيك الإيراني منذ 2500 سنة ولحد الآن، والذي يشكل بحد ذاته الصراع الطبيعي ما بين سكان الهضبة(بلاد فارس – إيران ) وسكان السهل (بلاد ما بين النهرين - العراق)، يعتبر العراق المجال الحيوي الأول لإيران ،والخليج يمثل المجال الحيوي الثاني لها ،فكان التوجه الاستراتيجي للدول الفارسية المتعددة عبر التاريخ هو التوسع  نحو الغرب وقليل جدا نحو الشرق، إبتداءا من الصراع الطويل الذي بدءوه العيلاميون نحو بابل وأستمر طويلا ليصل إلى  سقوطها وتدميرها في القرن الخامس قبل الميلاد ثم نشوء الإمبراطورية الفارسية والتي خاضت حروبها المعروفة  مع الإغريق (بلاد اليونان) وكانت تستهدف منها المحافظة على مكتسباتها الإستراتيجية  في العراق وبلاد الشام،وأستمر هذا الصراع لاستعادة تلك المكاسب الإيرانية في مراحل متعددة من التاريخ  وكانت الحرب الإيرانية / العراقية من 1980 – 1988 أشد وأقصى  الحروب في التاريخ المعاصر، ويعتبر التدخل الإيراني مؤخرا في العراق نوعا خطيرا جدا من أنواع الحرب كنفوذ قوي لتحقيق الهيمنة ليس على العراق فحسب بل وعلى بلاد الشام والخليج كافة بل الوصول إلى مصر قلب الإقليم العربي، بعد هذا الاستثمار الكبير للفعل العسكري للولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في المنطقة والذي أدى إلى إزاحة أخطر عدوين لإيران هما نظام طالبان في أفغانستان، ونظام صدام حسين (البعث) في العراق (حرب2001 على أفغانستان وحرب 2003 على العراق).
المسارات الإستراتيجية الإيرانية خلال 30 سنة الأخيرة (الثورة الإيرانية الإسلامية):
2. يمكن تشخيص المسارات الأساسية للإستراتيجية الإيرانية  لتحقيق الأهداف الرئيسية (أهداف قومية ودينية) كما يأتي:-
أ.  المسار العراقي (الهيمنة على المجال الحيوي الأول)باستثمار التأثير الديني للمذهب الشيعي لإزاحة القوة الأميركية منه لضمان الأمن القومي الإيراني ،والتصدي لمرتكزات الإستراتيجية الأميركية في المنطقة  العربية ،ولمشاركة الولايات المتحدة في العديد من  مصالحها القومية فيها كطرف إستراتيجي لا يمكن إغفاله .
ب.المسار الفلسطيني (هو امتداد للمجال الحيوي الأول) باستثمار مرتكزات الصراع الإسلامي والقومي بين العرب وإسرائيل(اليهود) للاستحواذ على الرأي العام العربي والإسلامي ،كقوة دافعة ومؤثرة في رسم السياسات لصالح إيران تمتد إلى معظم منطقة الشرق الأوسط.
ج.المسار الخليجي (للهيمنة على المجال الحيوي الثاني)باعتبار الخليج  بكلتا ضفتيه بحر فارسي شبه مغلق، ودلائله استمرار احتلال إيران للجزر الثلاث التابعة للإمارات العربية ،و الادعاء بأن مملكة البحرين جزء من إيران ،علاوة على التدخل بالشؤون الداخلية في الكويت والعربية السعودية.
د.المسار الشرقي (نحو الشعوب الناطقة باللغة الفارسية ،ومنها شمالي أفغانستان (مزار شريف)– وهذا المسار يعتبر جزء من طريق الحرير القديم والتي سيطرت عليه الدولة الفارسية – الصفوية في القرنين السادس والسابع).
توصيف الإستراتيجية الإيرانية :
3. تشكل مسارات الإستراتيجية الإيرانية نحو الغرب حركة تطويق إستراتيجية كبيرة تلتقي في مصر، ذراعها الشمالي على محور طهران - بغداد - دمشق -  لبنان (قاعدته المتقدمة حزب الله  في جنوب لبنان )- فلسطين (حماس) - مصر. أما الذراع الجنوبي يمتد على محور  طهران - البصرة - الخليج  - اليمن - مصر. وتحاول إيران  جعل العراق القاعدة الرئيسية الثانية بعد إيران لزيادة سرعة الوصول  نحو أهدافها في  العمق لسوق الموارد  والعمليات المختلفة والمتتابعة للإستراتيجية  الإيرانية  كقدرات بشرية ومادية وفكرية، وعليه ترسخ إيران كل يوم مكتسباتها المتحققة وخاصة في العراق من خلال نفوذها السياسي والأمني والاقتصادي فيه.
الخطاب السياسي الأميركي وأثره على الإستراتيجية الإيرانية:
4.للخطاب السياسي للإدارة الأميركية الجديدة  والذي أحتوى على تأكيد تفض اليد الأمريكية من العراق ، و الدعوة لانفتاح السياسي مع إيران حتى بدون شروط مسبقة، يراها بعض المحللين الإستراتيجيين أنها الطريق الصحيح لحرمان القيادة الإيرانية من ورقة تكتيم الأفواه المعارضة بحجة التهديد الأميركي، لمنح سياسة احتواء إيران سرعة مضافة لتحقيق النتائج وذلك بتفجير الخلافات الداخلية، لكن هناك  قراءات مختلفة  لهذا التحليل من قبل مراكز قيادية عديدة مهمة في منطقة الصراع  معظمها قراءات سلبية تخدم الإستراتيجية الإيرانية ،ومن هذه القراءات :-
أ. القراءة الإيرانية:   
والتي استنتجت أن سياسة الولايات المتحدة قد اندحرت في العراق أمام السياسة الإيرانية، وعليه تنشط جهودها في إدامة زخم إستراتيجيتها في العراق والمنطقة لتحقيق كافة الأهداف وهي فرصة تاريخية نادرة لا ينبغي ضياعها، مع توسع في طموحاتها كقوة مؤثرة تشمل المحيط الهندي أيضا.
ب. قراءة تنظيم القاعدة :
وهي قراءة مشابهة للقراءة الإيرانية ،حيث شعرت  القاعدة بان إستراتيجيتها الإرهابية  قد نجحت، وعليه ستنشط فعالياتها  في العراق وأفغانستان  وباكستان حتى تتمكن من تحقيق أهدافها في دولة إسلامية أصولية كبيرة.
ج. قراءة القوى المعارضة للتغيير في الساحة العراقية :
ومنها قوى مقاومة مسلحة،وهي ذات القراءتين السابقتين، وخلصت إلى نفس النتائج.
د. القراءة العربية :
والتي رأت أن الولايات المتحدة كحليف إستراتيجي بدأ في تراجع وضعف سيؤثر على تعهداته والتزاماته مع الدول العربية المعتدلة والتي ترتبط مع الولايات المتحدة بتحالف إستراتيجي طويل،مما يجعلها ضمن خيارات توافق مع الإستراتيجية الإيرانية.
هـ .  قراءة القوى الخاضعة للنفوذ الإيراني في العراق:
وهي قراءة سلبية أيضا، تستنتج أن الضغوط الأميركية في طريقا للزوال مما يدعوهم إلى الخضوع  المطلق للسياسة الإيرانية ،والتنكر لكل الانجازات الأميركية التي أوصلتهم لدفة الحكم في العراق.

ملامح عامة لإستراتيجية إقليمية لمواجهة الإستراتيجية الإيرانية.
5.بالنظر للظروف الدولية والإستراتيجية والسياسية  للولايات المتحدة الأميركية ،وصعوبة مواجهة قوة عظمى (الولايات المتحدة) لقوة إقليمية (إيران) في صراع مباشر ،وعليه فأن  فلسفة إستراتيجية  فعالة لمواجهة الإستراتيجية الإيرانية ترتكز على إيجاد قوة إقليمية مكافئة أو متفوقة على إيران،مركزها المملكة العربية السعودية ،لمركزها الديني وقدراتها ووسائطها غير المحدودة، مع إجراءات تمثل الصفحة التمهيدية لهذه الإستراتيجية وكما يأتي:-
أ.  المرحلة الأولى (الصفحة التمهيدية) بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية وتشمل :-
أولا: تسعى القوى العربية المعارضة للنفوذ الإيراني  لتوحيد كافة القوى السياسية العراقية المشاركة في العملية السياسة والتي تتقاطع مع السياسة الإيرانية، ودعمها من كل النواحي السياسية والإعلامية والمادية ،وتشكيل جبهة سياسية كبيرة وقوية ويفضل مشاركة  الحزبين الكرديين الكبيرين فيها.
ثانيا:  العمل على تهيئة الظروف الميدانية لإعادة كفاءات (التكنوقراط) مؤسسات الدولة العراقية السابقة المستقلين سياسيا (حقيقة الأمر 90% منهم من المستقلين) للإسراع في إعادة بناء مؤسسات الدولة وتحديثها، وفق برنامج تشرف عليه السلطة الأميركية في العراق وخاصة في المؤسسات الاقتصادية.
ثالثا: العمل على فرض عملية جدية وفاعلة لإعادة تنظيم القوات المسلحة العراقية بمؤسستيها الدفاعية والأمنية ،وفق معايير مهنية عالية واستقلال سياسي (سحب صلاحية منصب القائد العام من منصب رئيس الوزراء كونه قائدا حزبيا،واعتماد قائد محترف مستقل سياسيا ،مع بقاء رئيس الجمهورية قائدا أعلى) وبأشراف خبراء أميركيين ،مع تأسيس عقيدة عسكرية تنتج منها إستراتيجية عسكرية عامة مع سياسة تسليح وتجهيز من مصدر واحد وعقيدة تدريب موحدة ،وإعادة بناء المرتكزات والبني التحتية لهذه القوات (لا يمكن وجود استقرار سياسي وتحول نحو ديمقراطية حقيقية دون وجود مثل هذا التوصيف للقوات المسلحة).
رابعا: فرض مشروع مصالحة حقيقي مع أطراف النزاع السياسي الأساسيين، تلعب به القوة الإقليمية المقترحة والمشار إليها أعلاه دورا مهما في تحديد القوى العقلانية والمؤثرة، ومساعدتها مع القوى المشاركة في العملية السياسية ومن الرافضين للنفوذ الإيراني في العراق في تشكيل أكبر كتلة سياسية لكسب أكبر ما يمكن من المقاعد البرلمانية في الانتخابات القادمة،والتي ستكون خطرة جدا في رسم سياسة العراق المستقبلية  .

ب. المرحلة الثانية  (بناء قوة إقليمية فاعلة) وفقا لما يأتي:-
 أولا:  التأليف: تتألف هذه القوة من كل من  المملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية والأمارات العربية وتركيا ومصر بإسناد أميركي وأوربي فاعل.
ثانيا:  الغاية : مواجهة السياسة الإيرانية وإستراتيجيتها العدوانية بالنفوذ داخل الساحة العراقية(ميدان الصراع الأخطر) وعدم السماح لإيران بملء أي فراغ ناتج عن انسحاب أو تراجع أميركي ميداني في العراق.
ثالثا:  تحديد مناطق النفوذ  وطبيعته: وفقا للوضع الجغرافي لدول القوة الإقليمية وحجم القدرات الاقتصادية التي تمتلكها والروابط الاجتماعية لكل من هذه الدول مع العراق، على أن يكون هذا النفوذ مدرك ومؤثر وغير ملموس وفقا لقواعد العلاقات الدولية المشروعة( موضوع تنظيم تدفق المياه لنهري دجلة والفرات، المساعدات و الاستثمارات الاقتصادية المختلفة للمناطق المتاخمة لحدود الدول الثلاث المجاورة، حماية الحدود المشتركة ،الارتباط والمشورة والإسناد للقوى السياسية والشعبية المعارضة للنفوذ الإيراني، توسيع العمل المشترك لمؤسسات المجتمع المدني في المناطق المتاخمة للحدود الدولية، والخدمات العامة الصحية والطاقة ).
رابعا: استمرار سياسة الاحتواء والضغوط الاقتصادية الدولية على إيران للتخلي عن مشاريعها الخطيرة ومنها المشروع النووي.
الفريق الركن الدكتور
عبد العزيز المفتي
عمان آذار 2010

للراغبين الأطلاع على الحلقة الرابعة..

http://www.algardenia.com/maqalat/13913-2014-12-06-12-36-27.html

 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1265 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع