دورة العراقيين في الطبيعة !!!

                                           

                          سيف الدين الألوسي

في بدايات القرن العشرين وحتى منتصفه أخذ أولاد وأبناء العوائل الدينية   والعشائر بالتوجه الى الوظائف المدنية والعسكرية و الاحزاب العلمانية وحتى اليسارية والقومية وغيرها ,,

فنرى بأن من قادة الحزب الشيوعي العراقي أولاد رجال دين مثل المرحومين عزيز شريف وعبد الرحيم شريف وكان والدهم رجل دين في عنه  وغيرهم الكثير ! وحسين جميل  السياسي وحافظ جميل  الشاعروهم أحفاد العلامة عبد الغني الجميل مفتي بغداد , وأتجه معظم أبناء الاسرة الالوسية العلمية الى الحياة المدنية والوظائف العامة ودون التدخل من معظمهم بالسياسة وكذلك شخصيات كثيرة من بيت الشبيبي والخالصي وغيرهم  من عوائل بغداد القديمة مثلا , وكذلك تأسست الحركات القومية العربية من أبناء عوائل علمية من النجف الاشرف كالسيد احمد الحبوبي و المرحوم الدكتور تحسين معلة وغيرهم الكثير  , وكان هنالك تنافس بين التيارات السياسية اليسارية والقومية في النجف الاشرف   والحلة والديوانية والناصرية والبصرة  وأربيل والسليمانية وكركوك (( الرئيس جلال الطالباني نجل رجل دين أتجه لليسار في بداية حياته السياسية )) , وكذلك برز العديد من أولاد العشائر في جنوب العراق وغربه  في المجالات السياسية وكثيرا ما نرى أبناء أحد الاقطاعيين الشيوخ المعروفين وهو يساري يدافع عن القوى العاملة والشغيلة !! في بغداد والموصل  والبصرة وكل مدن وأقضية  العراق تنوعت الحالة وأخذت المدنية تتقدم ووتتسع بكل أوجهها من تعليم  ووظائف جديدة وحياة ثقافية رغم الاختلاف الفكري  والقومي والديني وأذيبت كلها في بودقة العراق الواحد , ومقابل أضمحلال واضح للعشائرية والمذهبية والتمزق المجتمعي  الضيق  , وساعد على ذلك النظام السياسي الملكي المستقر نوعا ما  والديمقراطية الناشئة رغم عيوبها في ذلك الوقت ولكنها كتنت متقدمة على قياس المنطقة !, وبقيت أستمرارية تلك الحياة الى نهاية  الثمانينات حيث بدأت بالتراجع وأخذ أولاد العلمانيين والمدنيين والمثقفين بالتوجه نحو التدين المتعصب والتخندق بالمذهبية وبوسائل التدين الظاهرة للناس كالملبس وطريقة الصلاة والوضوء وغيرها , ولاسباب مختلفة منها الحروب المستمرة والخوف من المجهول  بالنسبة للمتدينين (الحروب تدفع البشر الى التطرف الديني أو الى الالحاد وخصوصا عندما تطول فترتها ) ,وتقليد من هم أصبحوا من أصحاب رؤوس المال والسلطة ولمن  له عقدة في نفسه  !! وقد نزع الكثير من الشباب ملابسهم المدنية ورجعوا الى الملابس العربية من غترة وعقال ورغم أنهم من عوائل ترعرعت في المدن ولم تلبس أجدادها تلك الملابس منذ قرون ومع كل أحترامنا لكل أنواع الملابس وتقاليدها  وأعتزازنا بها ... اليوم تفاقمت الحالة  جدا وحتى ضاعت علينه الحسبه وخوفي أن نرى مستقبلا طبيبا جراح يدخل غرفة العمليات بملابس تراثية  مضى عليها الزمن وعلى أساس كونه الدكتور الجراح أبن النفيس مكتشف الدورة الدموية .... ومن الدورة الدموية الى دورة الحياة في المجتمع العراقي . دمتم بخير .

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

745 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع