فنجان قهوة مع الفنان المبدع محمود فهمي عبود
إيمان البستاني
ضيفنا يا سادة يا كرام ..... فنان عراقي غادر وطنه قسراً إلى عمان و روسيا وأوكرانيا والنرويج والإمارات العربية و زاد عليها كندا , درس على يد فنانين اوكرانيين وروس كبار وتدرب على أصول المدرسة السوفيتية المعروفة بأصولها الفنية الصارمة , عمل تدريسياً في النرويج عام ١٩٩٩ الى عام ٢٠٠٢ وبعدها باشر العمل في الامارات بتدريسه لمادة الرسم في معهد الفن الخاص، ومراكز الأطفال والفتيات في الشارقة ويتعامل مع المطبوعات في رسم القصص للأطفال..
أعماله تنقلك الى حلم بغدادي , المرأة هي شغله الشاغل شخوصه النسائية ماموثية , خاتونه البغدادية مسعدة وبيتها على الشط , ولا تخلو لوحاته من عجرفة ديك هنا او هناك, يطير بك الى فضاءات صيف بغدادي لا تبّرد حرارته سوى ( نومة سطح ) او ( شيف ركي ) , شناشيله مزركشة يفوح منها عبق الحنين, وتفاصيل تخطف بصرك لدقتها فتتمنى ان يطول مكوثك بحضرة هذا الحلم البغدادي , لتفيق وكأنك مسحور لا تشفيك رقية
ضيفنا هو الفنان العراقي محمود فهمي عبود من مواليد بابل ١٩٦٢, سافر كثيراً حاملاً معه المشهد العراقي إينما ذهب , حصل على المركز الأول في فئة الرسم والنحت عن آخر ثلاث لوحات له وهُن: ( خاتون دجلة، الجمعة صباحاً، استراحة فوق السطح ) , لوحته خاتون دجلة حصدت الجائزة الأولى في معرض الإمارات للفنون التشكيلية اوائل العام الحالي
ترحب مجلة الگاردينيا الثقافية بالفنان المبدع محمود فهمي مع تهنئة قلبية بهذا الفوز , ونأمل ان تكون فقرة فنجان قهوة , جلسة ملونة كألوان ريشته المعطائة , فأهلاً وسهلاً استاذ محمود
س ١ - لك اخ أكبر هو الفنان محمد فهمي ، من زرع فيك ولع الرسم ، عبر مكتبته المليئة بالكتب المصورة للوحات الفنانين ، ومرسمه المتواضع في بيتكم ، وقد نلت في المرحلة الابتدائية الجائزة الاولى على مستوى محافظة بابل ، وكانت السبب في فوز مدرستك لأول مرة ، وكان ذلك عام ١٩٧٥ ، هل ما زلت تحتفظ بالميدالية الخاصة بالجائزة ؟ كيف كانت تلك الايام ؟
نعم لقد كان اخي الاكبر الفنان محمد فهمي الاثر الكبير في زرع حبي للفن وهو من اكتشف عندي وجود اثر لموهبة ممكن رعايتها وتزهر، وساعدني بتوفير علب الالوان ويحدثني عن الفنانين واستمتع بقصص حياة عمالقة الفن التي كان يسردها لي، وانا كنت الصغير بالبيت او آخر العنقود كما يقال انا واختي الصغرى، وكنت اشاهه يرسم ويخطط باقلام الرصاص ، وكنت استغل فرصة غيابة بتصفيح الكتب التي كان يشتريها للفنانين العالمين وانا منبهر بالفن الايطالي والهولندي والروسي والانطباعية ، وفي المدرسة ايضا استمريت بتطوير موهبتي في الرسم ولاحظني مدرس الرسم استاذ صفاء رحمه الله وبدأ برعايتي واهتم بي حتى مرحلة السادس الابتدائي اشتركت بعدة اعمال فازت بها مدرستنا بالمدالية الذهبية على عموم المحافظة لاول مرة وكنت انا المكرم بهذه المناسبة وسبب بفوز مدرستنا وكانت فرحتي كبيرة بذلك الانجاز وكان علامة فارقة اعطتني القوة والاصرار على مواصلة هذا الخط ،وكانت فرحة ايضا لجميع التدريسيين ، والميدالية للاسف بعد سفري الى اوكرانيا للدراسة وغيابي الطويل عن العراق وتنقلي بدول اخرى ، قد فقدت هذه الميدالية ولا اعرف مصيرها ...شئ مؤسف
س ٢ - تخرجت من معهد التكنولوجيا / بابل عام ١٩٨٥ , ثم سافرت لأوكرانيا والتحقت بمعهد الفنون في خاركوف وتخرجت بدرجة ماجستير فنون جميلة (رسم) عام ١٩٩٧ , هل انتظرت ١٢ عاماً لتحقق حلمك بعد ان عجزت عنه في وطنك ؟
نعم كانت تجربة الدراسة محطة مهمة في حياتي الفنية والشخصية في كثير من جوانبها تعرفت على ثقافة جديدة ، نمط حياة ومفاهيم جدية استفاديت منها واغنت تجربتي الفنية والثقافية كثيراً، ولقد انتظرت تلك الفرصة ببالغ الصبر واللهفة لأحقق حلمي بالدراسة وفي بلد اوربي معروف بمستواه في مجال الفن التشكيلي وفي الفنون يشكل عام . ولولا تلك الخطوة لما استطعت ان اكون فنان على مستوى طموحي الذي كان دائما يصبو الى الريادة والمثابرة في الانتاج الفني .
س ٣ - تجربة الخروج من الوطن لدنيا المنافي , قرار اتخذته بعد خروجك من حرب الخليج الاولى بأصابة بالغة محفورة في وجهك وجسدك وفي الحرب الثانية عدت الى بيتك في ذلك الظلام الدامس من آذار عام ١٩٩١ بعد ان مشيتُ ٩٠٠ كيلومتر على قدميك قادماً من الكويت , هل تعاودك ذكريات تلك الايام المريرة ؟
نعم تلك الايام المريرة اجبرتني كما احبرت الكثيرين على ترك الوطن الغالي عنوةً لا لشئ الا لتكملة حقنا الطبيعي بالعيش وتحقيق رغباتنا في هذه الحياة بالعيش بكرامة بعيدة عن الحروب والخراب الذي اصاب البلد، وكانت تلك تجربة مريرة اكيد بعد ان خدمت مدة طويلة في الحرب العراقية الايرانية واكملتها بحرب الكويت او حرب الخليج الثانية كما يسمونها ورجعت مع جحافل الشباب المنهك الذي ضاع مستقبله بهذه الحروب التي لا طائل يرجى منها كما اثبتت الايام ،وكانت عودتي من الكويت تجربة مريرة ولكنها لم تثنيني عن فقدان الامل في اكمال مشواري بالحياة فلم يستطيع الياس ولم اسمح له ان يسيطر علي اطلاقاً، ولكنها كانت تجربة استفاديت منها في كونها معركة حقيقية مع الذات وانتصار على القوى المحبطة الارتكاسية التي كان ممكن تجعلني منكسراً وسلبياً ، رجوعي للبيت وانا تغمرني الفرحة المخبئة بداخلي رغم تراجيدية المشهد العراقي في تلك الايام العصيبة، لانني عرفت بانني كنت محظوظاً بوصولي سالما الى البيت حيث الاهل،وكان الوالد الذي فتح الباب لي ليلاً او في ساعات الفجر صباحاً وسط القصف المستمر على مدينة الحلة وباقي مدن العراق واتذكر تلك اللحظات وصوت الكلاب المذعورة تنبح خوفا من القصف حيث الصمت يتكسر بتلك الاصوات المرعبة وانا منهك بعد هذه الرحلة الطويلة الى بيتنا ، وهي نعم تعاودني هذه الايام المريرة كثيراً ولها الفضل علي بان اكون انسان اكثر توازناً وحكمة بل واكثر سعادة باهمية ان يكون الانسان في امان فهي نعمة لاتقدر بثمن والباقي كله يهون
س ٤ - في اوكرانيا بعد حصولك على الماجستير درست على يد فنانين اوكرانيين وروس كبار,هل تحدثنا عن تلك الفترة ؟ ما سماتها ؟ وبمن تأثرت ؟
نعم اكملت مرحلتي الاكاديمية في اكاديمية خاركوف للفنون في اوكرانيا وكنت محظوظاً ان يكون هناك هؤلاء العمالقة مثل الفنان الكبير والمحارب القديم بالحرب العالمية الثانية ادولف مارك كوستنتيبولسكي،وهو الذي تأثرت به كثيرا بالرغم من انه فارق الحياة عندما كنت في المرحلة الثالثة من الدراسة لكبر سنه ، وكان هو من تبناني واهتم بي وكان مغرما بتاريخ العراق وبلاد الرافدين ويحدثني كثيراً عن حمورابي وبابل وآشور ، وكذلك هو من ابطال الحرب العظمى الثانية وجرح بالحرب مرتين وهناك تشابه كثير بيني وبينه وهو ما اثار اعجابي بعظمة انسانيته وصبره ، كان فعلا فنانا كبيراً واعماله تملأ المتاحف تمتاز بقوة رمزيتها وحرفيتها العالية واقل ما يقال عنها انها ساحرة بامتياز ، وكذلك عملاق الواقعية في اوكرانيا بغدان خملنسكي ، ويوسف كرازن، والفنانين الاساتذة من جيل الخمسينيات مثل الفنان الكبير فيكتور جاوس، فلاديمير غنودسكي الذي اشرف على رسالتي في الماجستير وهم مازالوا احياء والكثير منهم، تمنياتي لهم بالصحة والعافية .
كانوا هؤلاء اساتذة الفترة التي اشتهرت فيها هو اسلوب المدرسة الواقعية الاشتراكية ، وهذه واحدة من اجمل المدارس الفنية في العالم نظرا لتقنياها العالية وجمالية وعذوبة الوانها المبهرة ومواضيعها الحياتية الجميلة التي تصور الناس البسطاء والفلاحين والنساء والحقول وتصور عودة الفلاحين وهم مبتسمون وكل واقعية الحياة بنظرة تفاؤلية مميزة.
س ٥ - بعدها عملت في التدريس في النرويج ٣ سنوات من عام ١٩٩٩ الى عام ٢٠٠٢ , والان تدرس مادة الرسم في معهد الفن الخاص ومراكز الاطفال والفتيات في الشارقة ، هل التدريس حالة وظيفية لك , أم فضاءات تعينك على تحقيق ابداعاتك ؟ أم انك تتمنى التفرغ في أجواء من صنعك ؟
- التدريس حالة ايجابية يجب ان يمارسها الفنان خصوصا اذا كان متمكناً في الاصول الاكاديمية ولقد مارست التدريس في النروج ثلاث سنوات وكانت تجربة رائعة وهي بعد تخرجي مباشرة، وساعدت اكتشاف مواهب عدد لاباس به منهم
وفي الامارات اكملت مشواري بالتدريس وكذلك تجربة عملي الثاني وهو رسام قصص اطفال (الستراتور) ومنها تعلمت على الكثير من البرامج الديجتال والتصميم الخاصة بالكتب وصدرت لي ما يقارب لاكثر من خمسين كتاب لحد الآن .
وطبعا اتمنى التفرغ نهائياً للرسم واقضي وقتي كله بالمرسم والالوان وسماع الموسيقى والاغاني التي لااستغني عنها لحظة واحدة ، واعتقد ان التفرغ سيتيح لي الكثير من الاعمال الابداعية بلا شك، ولكن الحياة ومتطلباتها حالياً احتاج الى عمل على شكل مرتب شهري لتمشية الامور الحياتية .
س ٦ - من يتابع لوحاتك ايام اوكرانيا وروسيا ثم النرويج الامارات,ومن ثم كندا التي وصلتها حديثاً، يجدك فنان مختلف لكل مرحلة , تتغير ويولد في كل ظرف فنان مختلف عما سبقه ؟ هل وجدت نفسك الان ؟
نعم كلامك صحيح لكل مرحلة باختلاف ظروفها الزمنية والمكانية لها تاثيراتها على شخصيتي واعمالي وانا اعتقد هي تحولات وتجليات طبيعية للفنان وخصوصا من قرر ان تكون حياته ديناميكة وتفاعلية مع المحيط وانا بطبيعتي احب التجديد ولا احب النمطية واراقب نفسي كثيراً على ان لااكون فناناً مملاً او متكلساً وتنوع الاسلوب يأتي من ضمن هذا السياق من حيث المضمون والرمزية والتقنية وطريقة الطرح ، احاول ان استفز المشاهد بعملي ولا اتركه فقط يشاهد اللوحة وينساها بعد خطوات منها، الابداع هو انبهار ودهشة وليس ديكور لغرفة، هذه هي فلسفتي للعمل الفني
س ٧ – مبروك عليك فوزك بالجائزة الاولى في معرض الامارات للفنون التشكيلية شباط / ٢٠١٣ ؟ هل كنت تتوقع الفوز ؟
هو في الحقيقة كانت الرغبة في المشاركة في هذا المعرض السنوي المهم اكثر ماكان يثير اهتمامي والجائزة كنت اتمناها ولكن لم يكن في بالي لان موضوع التقييم للاعمال خاضع للجنة خاصة من فنانين عرب واكثر ميولهم تنحو للنزعة الحداثوية وبعظهم يميل للحداثوية المتطرفة وخصوصاً الاعمال المفاهيمية ، وانا ما اقدمه هو صحيح فن حديث ولكنه ينحو منحى الكلاسيكية في الكثير من جوانبه اوفي طرحه ومعالجته للرؤية البصرية التي اقدمها وخصوصاً ان مواضيعها بغدادية صرفة قد يصعب فهمها لغير العراقيين ، ولكن الحمد لله كانت النتيجة الغير متوقعة وهو الفوز وبالجائزة الاولى لعام 2013 ، وطبعاً انا اشاكر لجمعية الامارات للفنون التشكيلية وكذلك لجنة التحكيم وكل من ساهم في رعاية هذا المعرض المهم .
س ٨ – ماتقييمك للحركة التشكيلية في العراق وفي الامارات ؟ وهل الترف في كثرة المعارض والبينالات المستقطبة للفنانين عامل مهم ؟ أم الموهبة هي مفتاح السر ؟
الحركة التشكيلية العراقية انجبت الكثير من المبدعين ومازالت ، وهناك مواهب واعدة ومواهب اخرى بدأت بالفعل تأخذ مكانتها بالساحة التشكيلية العراقية بقوة ، وهو شئ مفرح بالرغم من كل الاحباطات التي تصيبنا كل يوم.
وهناك طبعا بعض النقاط المهمة التي يجب طرحها حول التشكيل العراقي وهو كثرة التقليد من قبل بعض تلك المواهب الشابة الجديدة ، أي في تقليد الفنانين الرواد وما بعد الرواد، بل ادى ذلك الى اتجاهها نحو الفن التجاري في بعض الاحيان مما يسئ للحركة التشكيلية العراقية،نحن بحاجة الى الجديد ، والمغاير للمألوف.. الفن المشاكس الذي لايقبل بالنمطية في الطرح ، او السذاجة في الرؤية ... هذه التي نحتاجها وليس فقط فرس او شناشيل وقباب هذه الشواخص جميلة ولكن توضيفها بالعمل يجب ان لايكون كالديكورات فنحن لسنا بحاجة لمثل تلك التزويقات بل بحاجة لعمل يخترق المالوف والسياق العام، ويثير فينا الانبهار والدهشة.
س ٩ - من كثرة اسفارك , طارت شخوصك في اللوحة ؟ الى اين تريدها ان تصل ؟ وما سر تجسيدك للمرأة بهذا الشكل الماموثي ؟
العمل الفني هو انعكاس لرغبات كامنة في نفس الفنان مهما حاول اخفائها ستبقى واضحة وشاخصة للمتلقي الفطن.
وانا لاحظت بعد فترة من الترحل اميل الى الكائنات الطائرة والمحلقة !! لا اعرف ربما هي رغبة في الانتقال الى مكان اكثر امان واكثر استقرًاً ربما ..!!، ويمكن رغبة في الحرية والانطلاق .
انا اسمي كائناتي، بالكائنات المنفلتة عن الجاذبية هي تنطلق وترتفع وتجلس في اعالي السطوح متفرجة احيانا واحياناً لامبالية بمحيطها تجلس بما يحلو لها ولا تعرف التابوهات التقليدية هي رغبتي في ان تكون هكذا ربما او انعكاس لها.
اما كون كائناتي ماموثية ثقيلة الوزن وبدينة لا تتسعها لوحتي، هي كما قلت انا اتنقل باطر معينة بين فترة واخرى والمراة البدينة انجزت عدد من الاعمال لها طابع تلك المراة الممتلئة او الكروية احياناً وهو جزء من حالة الخروج عن المألوف كما قلت او ما اسميه بالمشاكسة ، ولقد احبها الكثيرون ، ولكني حاليا بدات بالانتقال الى المراة النحيفة والاطفال احيانأً .
س ١٠ - الديك رمز مواظب على الحضور في لوحاتك , هل هو رمز ذكوري منافس ؟ وما سر البطيخ الاحمر ( الرقي ) المفضل جداً لشخوص لوحاتك ؟ هل هي رموز استرجاعية لذاكرة الوطن ؟
هو في الحقيقة انا استخدم الرموز واوضفها لخدمة العمل احيانا حيوانات مثل الديك او القطة او فاكهة مرة اخرى كما في البطيخ باعمالي الاخيرة وهذه الرموز تلعب بمشاعر المتلقي كثيراً، الديك قد يعني الذكورية والقوة وممكن الاستغلال والاضطهاد الرجولي الذي تعاني منه المراة في المجتمعات الذكورية .
وكذلك البطيخ له رمزية عندي فهو اشبه برمزية الحياة وغزارة مائه هي تملك الكثير من تلك الايحاءات، وكذلك يوحي بالخصب لكثرة بذوره وهنا ايحاءات جنسية ممكن ان يفسرها البعض ، جمال لونه ، العودة الى الطفولة ،الفتوة والشباب... فهو يمثل القطاف واللذة والحصاد ولمة الاهل ، بغداد الصيف وعطلة المدرسة ، الكثير الكثير من التفسيرات أي كما قلت رموز استرجاعية للوطن والمحلة والام بمجمل تصورها.
س ١١ - لديك لوحتان رائعتان الاولى تحكي عن ابو الاغنية العراقية الاستاذ صالح الكويتي وشقيقه داود اللذان غادرا العراق وتوفيا بعيداً عنه حسرة وألماً, هل اختزلت كل هذا بوضعية العين المتجهة احدها لاقصى الشرق والثانية لغربه ؟ ولوحة الشاعر الكبير معروف الرصافي رسمته بقامة فارعة يتوسط بركان الوان رمزية أفكاره ؟ هل هذا ما أردت ايصاله للمتلقي ؟
الفنان الكبير صالح الكويتي وشقيقة داوود هم عمالقة وكنز ابداعي قل نظيره بتاريخ الموسيقة والاغنية العراقية ، كنت اطرب لسماع الحانهم الشجية وفي السبعينيات عندما كنت طفلاً اسال من لحن هذه الاغنية مثل اغنية ام العباية وخدري الجاي واغنية الهجر موعادة الك غريبة..وغيرها، يقولون لانعرف !!! هذه من التراث، !!!! وكذلك المذيع في اذاعة بغداد يقول اسم صاحب القصيدة الغنائية ويكمل بان اللحن من التراث العراقي!!! هكذا خرجت عليها ... بقدرة قادر ... آلامني كثيرا عندما قرات قصة ذلك الموسيقار بعد ان اطلق سراح الارشيف وكشف لنا المستور عن هؤولاء الرعيل الرومانسي من الموسيقيين العراقيين الرواد بسبب النت وغيرها...
بكيت في لحظات وانا راسم سكيتش صالح الكويتي اقرا وارسم في نفس اللحظة وانا استمع لاغانيهم خرجت اللوحة والتي سانفذها قريبا لوحة قصة حب صالح وزكية جورج، جعلت عينه متفارقة كرمزية للعين الناظرة للعراق والوطن وعين على بلد المهجر الجديد الذي يعرف انه نهايته كفنان حيث اصبح بائع في محل صغير او بقالية منسية في تل ابيب لايساوي موجوداته المئة دولار كما قال المؤرخ سامي موريه عنه ... يعزف الحانه للاطفال ... كم هو مؤلم ان يكون هذا المبدع واخيه يسفرون قسراً ، وكانت اغنية (تاذيني يولفي ليشت تاذيني) لسان حال العراق او الولف الذي آذاهم... مع الاسف بسبب الحكام الذي فقدوا الانسانية ..
اما الرصافي فانا اعجبت به ليس كشاعر فقط بل كمفكر حر كان حيوياً بتفكيره وصاحب رؤية ثاقبة في التاريخ والفكر يستحق منا كل التقدير،ولوحتي هي تعبير عن حجم بركان هذا الشاعر المبدع ورحابة فكره الذي كان يريد ان يتجاوز التكلس الفكري الذي اصاب الساحة الثقافية في العراق وفي الشرق على العموم في تلك الفترة .
والعمل الذي رسمته هو محاولة لاعادة الاعتبار له ونسج فكرة جديدة عنه مغايرة لما نحن فهمناه عن هذا المبدع الكبير
س ١٢ - لماذا المرأة شغلك الشاغل ؟ وهل هناك ما تتمنى ان تحققه من خلال لوحات لم تولد بعد ؟
المراة كائن لامفر منه يشغلني كما يشغل الكثيرين ، المراة بحد ذاتها قوة من الجمال والدفئ، قوة من معاني الامومة والعاطفة، .. ومن الرحمة وبناء الانسان هي الجميلة والساحرة التي تسحرني وتجعلني اتشبث بالحياة وارسم وابدع هكذا هي اتصورها او هي هكذا نسائي.
هناك الكثير من الاشياء التي اتمنى ان تتحقق بلوحاتي.. ان تنتهي سيطرة الرجل وهيمنته الكبيرة على المرأة ، حالة المجتمع الذكوري بطغيانها الشرقي بالشوارب المنتصبة التي يفتخر بها ، الحضارات التي ثقافتها الذكورية هي مجتمعات ابوية واستبدادية ، تنظر للمراة كعورة وكائن ضعيف...حالتي هي انتفاض على تلك التابوهات ..حيث المجتمع الامومي كما في حضارتنا القديمة وخصوصا باحلى تجلياتها عند الاغريق، فالعراق كان يعج بالآلهات من الاناث..
س ١٣ - ما هي طقوسك في الرسم ؟ وكيف تقتنص فكرة اللوحة ؟ وكم تستغرق كمعدل في رسم لوحاتك ؟
طقوسي في اللوحة الابداعية هو الخوض والتعايش معها، هي اندماج بالحالة، ولا ارسم الا وانا استمع الى الموسيقى فبدون الموسيقى لا يمكنني ان اقدم ابداع ، الموسيقى تجعلني اعيش بحالة من الصوفية المتجانسة مع العمل ،وكل هذه الدجواء اوفرها لاقتنص اللوحة واترك المجال لتولد بدون ان اتدخل بما نسجته لي من مفاجئآت!! عندها سيكون العمل اكثر صدقاً ،وجمالاً، لانه الفكرة تاتي كومضة تحترق وتختفي علي ان اقتنصها برشاقة واقدمها باحلى صورها.
لوحاتي التي بالتكوينات الاخيرة وهي بالحجم الكبير تستغرق من شهر الى شهرين لانها اعمال تحتاج الى تحضير وسكيتش وتأسيس و لأنها بالحجم الكبير وهذه هي ستراتيجيتي الحالية وممكن اغيرها باحجام اقل لا اعرف!!! ربما ، ولذلك تحتاج الى وقت اكثر، والاعمال الصغيرة طبعا اكيد اقل وبعضها بنفس اليوم انهيها
س ١٤ - البورتريه عندك ناطق , عمل به إجادة لا توصف , هل يستهويك هذا النوع من اتجاهات الرسم , ام انه عمل مُكلف للاعصاب ؟
نعم البورتريه اساسي للفنان التشكيلي، احبه كثيراً وهو عماد الرسم بالمفهوم الاكاديمي ، ولكن اكيد هم متعب وفيه شد خصوصا اذا كان مباشر ، اتجاهات البورترية تستهويني كثيراً على ان لا يكون كلاسيكي مئة بالمئة، احب التمرد في الفن ، وانشاء مغاير للمتعارف عليه والبورترية يحمل الكثير من تلك الصفات
س ١٥ - كل ما ترسمه عشق فاضح للوطن , ماذا تود قوله ككلمة ليست هي الاخيرة تخاطب فيها العراق ؟
احب العراق وهو يشغلني كثيرا ، ارسمه كمرأة جميلة وكأم احياناً، هو عندي حفلة ولمة اكل بطيخ احمر في بيت ، هي زقاق وسماء وشمس شتائية جميلة ، كل شيء يذكرني ببغداد والعراق و بكل ناسه واهله ، اعشقه كحضارة وكل يوم يزداد عشقي له ، واعمالي هي تتحدث عن العراق وضحكات اطفاله ، وحقوله واسواقه ، اقول سيرجع العراق كما كان ومطمئن من ذلك ..
واخيراً تحية طيبة لك عزيزتي ايمان وشكرا لك على الاسئلة الجميلة والغنية بكل جوانبها
أما كلمتي الاخيرة فأقول.....لو كانت عندي ربع موهبة ضيفنا, لقفلت عليّ الباب ولوصلت ليلي بنهاري, لا لشئ, الاّ ان احول كل جدران داري لدرابين بغدادية, واجلس وسط الدا ر مرددة بقهقهة, هزمتك أيتها الغربةُ....في آمان الله لضيفنا ولكم...
742 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع