من تراث وفلكلور السليمانية... المرأة والمجتمع الجزء السابع

 

من تراث وفلكلور السليمانية... المرأة والمجتمع-الجزء السابع

            

    

  

عندما يكون الفلكلور والتراث مرآة المجتمع، وبفضلهما يتعرف المرء عن هذه الثروة النفيسة والعظيمة، التي مازالت مختفية بين أبناء الشعب الكوردي، ومن المحتمل ان تزول وتضيع وتختفي من الوجود، ولكن بعدما يتعرف المرء الى الفلكلور الكوردي ويتذوقه، ويوسع من معرفته عن مكانة المرأة وشأنها، ويتعرف أن المرأة قد اتخذت الفلكلور والتراث عرشا لها، لهذا وهب المجتمع الكوردي للمرأة مكاناً وقدراً عظيمين،و فضل المرأة على كل شيء، وهي موضع مدح دائم، وتصبح عونا وسندا لزوجها في الايام العصيبة.
لا عبث بالحب في مدينة السليمانية.
من عادات سكان مدينة السليمانية سواءا يعيش الفرد مع عشيرته أو منفصلا عنها، أو يعمل كراعِ جوال يبيت تحت خيمته في الجبال، أو يمتلك دكانا، أو يشتغل كفلاح أو حرفيا، لا يعيش بمفرده في جميع الاحوال بل يصاحب زوجته وأطفاله دائما، فقلما نجد اعزب في المدينة فالشباب يتزوجون مبكرين حيث لا ينتظرون سن العشرين، ويبدأ الشاب البحث عن فتاة قد اكتملت انوثتها وربة بيت بارعة ممتازة ضليعة بالواجبات الملقاة عليها، ولكن السعادة العائلية تحتاج الى شريك جيد، لأنها مسألة بالغة الاهمية فثمة اعتبارات اخرى ماعدا الجاذبية أو الجمال، لا بد من وضعها في الاذهان لأنه يقال (لا تنظر الى الفتاة  فحسب بل الى أقاربها)، (وأنظر الى الخال وأتِ بالفتاة الى دارك)، لكن اين يجد الشاب الفتاة التي يخفق قلبه لها؟ الجميلة، الذكية، المثقفة، الغنية، المتعلمة، صغيرة السن ذات الدين وذات الحسب والنسب وذات المال.

    
في الريف يلتقي الشباب عادة عند الينابيع، أو اثناء الاشتغال في الحقول، وغاية الالتقاء تكون شريفة على الدوام، فتسود الحشمة والفضيلة ذلك شيء تدركه الفتيات القرويات، حينما ينشدن أغاني الحب أثناء حلب النعاج او حياكة السجاد، أو هن راجعات من عيون المياه يحملن جرار الماء، فتفيض أغانيهن شوقا وحنانا بما يشعر الفؤاد من لوعة الغرام.
ولا يكون التقاء الشباب سهلا بين سكان المدن والأغنياء، والحياء يكبح جماح الرجل من الافصاح، بما يخالج قلبه لفتاة لإبداء رغبة في تكوين عائلة، وإذا صاف الرجل أن ناهز العمر المناسب للزواج ولم يعبر عما في نفسه لفتاة صادفت هوى في نفسه وتَعَرف الى عائلتها، عند ذاك لابد من إجراء سلسلة من الزيارات والبحث عن الفتاة،وربما تصيب ويكمل نصيبه أو لا، وللأم رأي اخر ربما تستطيع أن تجد بين قريباتها مرشحة تنال رضاه، فتبدأ الام بوصفها بعبارات منسقة من المدح والتبجيل، فتصف قوامها وحسن اخلاقها ومحاسنها وطرف عيناها الجميلة السوداء، التي تضاهي عيون المها في حسنها، وتتهادى في مشيتها مثل دراج البرازي، فينتاب لابنها شعور البطل قادما لبيت عشيقته راكب صهوة حصانه الابيض حاملا الحلي والجواهر لها.

                             

أما عندما الشاب ينشد ود فتاة فانه يقتحم الصعاب ويهب الروح من اجلها، يتجرد من خوفه، فعندما يعشق الشاب فعشيقته تكون احلى فتاة على هذه الارض، أو ربما اجمل مخلوق على وجه الخليقة، فهو دائما في ترحال من أجلها، فمن أجل ذات الحسن والدلال، وذات الحسن والجمال، ينطلق العشاق هائمين في البراري والصحاري والجبال من اجلهن، هذه الفتاة البهية شبيهة الحواري ما ان تقع عليها عينه، حتى ينسى الشاب طعامه وشرابه، أيام بلياليها لا عمل له ولا حديث، غير طوال الوقت واقفا مشدودا أمام جمالها، يخاطب القمر أن يغيب فعشيقته كالبدر المكتمل. هؤلاء العشاق يرحلون الى بلاد الجن والعفاريت من اجلهن، والسعي وراء فتاة ذات شعر اسود فاحم ترسله على كتفيها في ضفيرتين و تترك على جبينها خصلة متمرّدة ، ولها عينان سودوان جميلتان بها حور بديع، فعندما يجدها اصبح هذا الهيام في الاخير شهادة حسن سلوك لهذه الفتاة الجميلة التي ستكون زوجته ، وكثير من الحالات لا يبدي الوالدان أي رضا لهذا التصرف من ابنهم، لأنه ترك الدنيا ولحق فتاته أي زوجته، فهم يعلمون أن تلك الفتيات لطيفات ولكنهن خبيثات يهوين الاغاضة، فالفتاة الكوردية لها كل السحر كي تدير رأس الشاب اليافع بهواها وسحر جمالها ودلالها وغنجها، فالكورد هم أكثر شعوب المنطقة تسامحا تجاه المرأة، ويعطونها مكانة كبيرة ويقبلون بزعامتها، وعليه يتضح لنا المكانة العظيمة التي خصصها المجتمع لهذه المرأة.

                             
يقول المستشرق الروسي فلاديمر ميينورسكي:

الكورد اكثر تسامحاً من جميع الشعوب الاسلامية الاخرى للمرأة، ويقصد بذلك التسامح ويعني حرية التعبير، والرأي، وإعطاء المرأة مكانتها التي تستحقها في المجتمع الكوردي، والكورد أكثر تقبلاً واحتراماً لمكانة المرأة في مجتمعهم مقياساً بالأقوام الاسلامية الاخرى.
ويعزى هذا الاهتمام النسبي بالمرأة الكوردية من قبل الرجل الكوردي وثقته العالية بها، إلى أسباب أو عوامل تاريخية ودينية ممتدة إلى عمق التاريخ، فإن المرأة تتولى إدارة المنزل والخدم، وهي التي توزع الطعام على أفراد الأسرة، ولا يمكن لأحد أن يبدأ الأكل بدون إذنها، و في غياب الرجل تستقبل هي الزوّار وتضيفهم، و تتحدث بحرية إليهم، ولا تخبئ وجهها كما تفعل غيرها من النساء في بعض بلدان الشرق، فلا وجود للحريم (أي المكان المخصص للنساء)  وهي مزودة بذات الفضائل التي يتزود بها الرجل، تتولى الأم تربية اولادها فتعلمهم الأغاني الوطنية، والرقص الشعبي والفروسية، والكتابة والأعمال اليدوية، و تختلط الفتاة مع الرجال فتتعرف بذلك على زوج المستقبل، وغالبية الشعر الوجداني الكوردي هو من وحي المرأة ، بل إن جزءاً من الأغاني والأناشيد هي من نظم النساء، و في معظم الأحيان تقوم المرأة الكوردية مقام زوجها الراحل .
والمرأة تقدر أن تدلّنا على الأبعاد والخبايا بشكل أدقّ وأصدق، حيث نرى كيف تبتدئ الكاتبة سرفراز بإظهار حكمة المرأة في هذا الباب على لسان المرأة الكوردية نفسها حين سألها زوجها: ( ما هو أطيب شيء في الدنيا يا امرأة ؟
فحيث ترى المرأة نفسها حقيقة ملازمة لكل فصول الحياة، تقول:
في الصيف أنا والبستان .
في الخريف أنا والغلّة .
في الشتاء أنا والنار .
في الربيع أنا والمرعى .
يقول الباحث الروسي باسيلي نيكيتين:

(إن النساء الكُورديات لا يعرفن الحِجاب على الإطلاق، ولا يُخفين وجوههن أبدا)، والمقصود بالحجاب هو غطاء الوجه أو النقاب، وتتمتع بروح عالية من العزة والشرف وهذا الذي أدى بها في كثير من الأحيان إلى أن تقتل نفسها حفاظا على شرفها وطهرها، في سنة 1608 م حاصرت القوّات الفارسية قلعة دُمْدُم في شرقي كُوردستان، وبعد قتال شديد وصمود بطولي، نَفِد الطعام والشراب، وفتك الجوع والمرض بالمدافعين، فمات بعضهم وعجز الباقون عن حمل السلاح، فتمكّن الجنود الفرس من دخول القلعة، ورمت النساء الكُورديات أنفسهن من فوق أسوار القلعة، وفضّلن الموت على أن يقعن في أيدي القوّات الفارسية.
يقول الرحالة ميجرسون عن شجاعة المرأة الكوردية:

               

بأن نساء كورديات من عشائر الهماوند، أشجع النساء في استخدام البنادق وهن على صهوة الفرس، ومن المعروف ايضاً بان نساء كورديات من عشائر اللور وكلهور اشتهرن بشجاعتهن الفائقة واستخدامهن البندقية وهن على صهوة الخيل، وعرفن ببسالتهن في القتال على مر التاريخ الكوردي، وفي الميدان السياسي، يؤكد الرحالة والمستشرقون وجود زعامة للمرأة الكوردية على رأس القرية والقبيلة، وتؤكد هذه الظاهرة مع قلة انتشارها، أن المجتمع الكوردي يتقبل زعامة المرأة ولا عقد له إزاء ذلك عندما تفرض المرأة وجودها بمبررات منظورة أو غير منظورة، وتعزى أسباب زعامة المرأة إلى الحروب الكثيرة التي خاضتها الأمة الكوردية ضد الغزاة، دفاعاً عن وجودها وخيرات مواطنها، ولابد من معرفة أن المرأة الكوردية يفسح لها المجال لأن تكون شخصية نسائية متميزة، والحياة الكوردية تطلق الحرية للمرأة، والرجل الكوردي لا يفكر قط بالتضييق على المرأة، فهو يعتبرها دائماً أهلاً لذات الثقة، وذات الحقوق والمسؤوليات التي يتمتع بها، وأن المرأة الكوردية هي عامل أساسي في النهضة الكوردية من جميع نواحيها.
وأمثال الاولين جزءا من الفلكلور الكوردي وهي حكم الاقدمين،وهذه الامثال ثرية متنوعة فيها الكثير من المعلومات القيمة وتعتبر فلسفة حياة الشعب الكوردي، والمجتمع وهب هذه الحكم لتكون مقياس بين الصلاح والفساد، الخير والشر ، والصدق والكذب، وتعتبر كاللبنة لبناء المجتمع .
جزء اساسي من هذه الامثال ركز على موضوع المرأة، وبفضل هذه الحكم نستطيع الخوض في احداث المجتمع كتحليل للعلاقة الزوجية، وبواسطتها يُعَرف المجتمع الكوردي نفسه للآخرين من كل النواحي، فكل حادثة أو قصة قيلت، فخلاصتها حدث مهم، ادناه قسم من هذه الامثال التي قيلت في المرأة على احوالها وهي مترجمة عن الكردية.
•اعمار الدار بيد المرأة.
•نهابة الضرس الموجعة قلعها، نهاية الزوجة السيئة خلعها.
•الريح اللاعبة، والمرأة الكاذبة، سواء .
•اب بدون بنات، كجبل دون ماء.
•الحسناوات سر شهرة القرية .
•فلتكن المرأة عفيفة، ولتكن بين جيش من العسكر.
•فلتتزوج على يتامى ولا على ضرة.
•اعبث  بمزار ولي ولا تدنس سيرة العذارى .
•ان وجد الرأس فالقبعات كثيرة .
•الكنة هم حماتها.
•هناك كنة مصدر اتفاق ، وهناك اخرة مصدر شقاق.
•من شدة حب الكنة لأهلها ، لو اذنت لها لركضت اليهم حافية
•كنّة الدار ، زينة الدار.
•الكنة دون لسان ، والحماة لا دين لها ولا ايمان.
•زوجة الاب لا تصير أما.
•شاهد الام واخطب ابنتها.
•كيفما تكون الام ، تكن الابنة
•إنه هيام الفواد، وليس أكلة برغل، لتغرف منه ملاعق وتمضي.
•امنح الثور لفاقد الثور ، وامنح زوجة لفاقد زوجته.
•الرجال زينة النساء.
•كل ضفائر شقراء يحرسها رجل ذو شوارب حمراء.
•إن لم تعشقه الام اولا ، لا توافق على خطبة أبنتها.
•الزوجة فاسقة، الرماد يهال على رأي الزوج.
•بوسع المرأة التلاعب بالرجل كما بمنديل.
•الفتاة ابنة الغير .
•الفتاة ضيفة في الدار .
•الفتاة بطيخ  ناضج.
•المرأة جدار من الداخل، والرجل جدار من الخارج.
•المرأة بحيرة والرجل نهر.
•هناك امرأة لزوجها فلة، وامرأة لزوجها علة.
•المرأة قلعة والرجل أسيرها.
•إذا احب المرأة ثقبت الجدار.
•المرأة الجميلة كارثة على الرأس.
•الارملة كشهر اذار ، تبكي تارة ، وتضحك تارة
•لا ابتلي الله حتى عدوي بالمرأة الثرثارة.
•المرأة ضلع اعوج.
وهناك عشرات من الامثلة الفلكلورية لها علاقة بالمرأة والمجتمع.

  
حكاية قصيرة:
هذه حكاية قصيرة مستقاة من مجموعة الحكايات الشعبية الكوردية الفلكلورية.
سأل إسماعيل باشا آخر الزعماء الحميدين عيسو العاقل: من هي أفضل امرأة ؟ فأجابه جواباً غير واضح لم يفهم منه ما يريد، ولما استعصى على إسماعيل باشا فهم ذلك، اقترح عليه عيسو أن يقوما بجولة معاً، فتنكرا بزي الدراويش ومضيا، و كان أول منزل دخلاه منزل رجلً هو أصغر إخوانه الثلاثة، فطلبا منه أن يضيفهما ، فرحب بهما، وعندما جلسا، لاحظا أن ذقن مضيفهما بيضاء، و أن قامته مقوسة، فسألاه بدهشة عن سبب حاله و هو لا يزال شاباً في الأربعين من العمر، فأجابهما قائلاً: غداً تذهبان إلى منزل أخي الأكبر فتدركان الحقيقة ،ثم نادى رب البيت زوجته ،فصرخت هذه فيه تقول: ماذا تريد مني أيها العنكبوت الأحمر، يا سم الأفاعي؟ قال لها : يجب أن تهيئي طعاماً للضيفين الدرويشين، فردت عليه بصياح: ماذا تريدني أن أهيئ ؟ ألا تعلم أن منزلك خراب لا يحتوي على شيء؟ وهكذا كانت المرأة تجيب على كل طلب من زوجها بالصراخ والألفاظ النابية، وعندما حان وقت النوم ، قال الزوج : لدينا فراشان و غطاءان، فلنأخذ أنا و أنتِ فراشاً وغطاءً، ونعطي الباقي لضيفنا، فجاوبته الزوجة: فقدت بصرك ! ألا تعلم أني لا أسمح لك أن تلامسني ؟ خذ أنت غطاء و أنا آخذ الآخر، و هكذا أمضى الباشا ومرافقه عيسو ليلة نكراء، وعند الصباح ذهبا إلى منزل الأخ الأوسط، فوجدا أن ذقن هذا شمطاء، فسأله الباشا : كم عمرك ؟ أجاب: إني أناهز الستون، فاعترض الباشا قائلاً:( و لكن في مثل هذه السن تصبح الذقن بيضاء تماماً، فلماذا تشذ ذقنك؟

فأجاب المضيف: أمضيا الليلة عندي، و في الغد تذهبان إلى منزل أخي الأكبر فتعرفان السبب، فقبلا ، وكانت ربة المنزل تلبي رغبة زوجها تارة، و تارة تتجاهل طلباته، مر ّة تظهر مهذبة، وأخرى فظة وعند الصباح ذهبا إلى منزل الأخ البكر، فوجدا أن لحيته سوداء فاحمه على الرغم من بلوغه الثمانين، و لما استوضحاه السبب قال لهما: لا تعجبا أيها الدرويشان، امكثا عندي فتعرفا السبب، و كان هذا الأخ البكر أفقر من أخوته، غير أن زوجته كانت تطيعه طاعة عمياء، فما أن يناديها (يا امرأة) حتى تجيبه، ( أجل، أنا أمَتك فماذا تطلب ؟) ولما سألها إذا كان في المنزل ما يصلح للطعام، أجابت: كيف لا ؟ إن لدينا كل شيء ، بيضاً و أرزاً و زبده ، و عسلاً ! و بالفعل فقد هيأت وجبة طعام تليق ببيت الباشا نفسه، وحان وقت النوم، فسأل الزوج: هل لدينا آسرة ؟ فردت قائلة  نحن تحت ظلك، ولدينا كل ما نحتاجه، و منزلنا مثل منزل الباشا، ثم خرجت إلى بيوت الجيران، وعادت بكل ما يلزم للنوم، وقال المضيف لزوجته: يا امرأة ، هذا المساء لدينا ضيوف، ولا يليق أن ننام مع بعضنا، فلنفترق، فأجابته: (كلا ! إن الدرويشين أهل لنا، وأنت تعرف أني أفضل الموت على أن أنام بعيدة عنك) ولما جاء الصباح، سأل الباشا مضيفه عن( أفضل امرأة ) فقال له : إنها بالطبع امرأتي، فهي تعمل المستحيل لكي تريحني من كل همّ ، وتتمون من كل ما نحتاج إليه فلا نخجل تجاه الضيوف، وإذا ما نقصنا شيء استعارته من الجيران، إنها تحبني ، والهرم لا يمكن أن يدخل حياتنا ، و عند ذلك أدرك الباشا معنى كلام عيسو ، و أطرى عليه و كافأه ، كما أنه أسبغ الثراء على الأخ البكر ، و حمل الأوسط على الطلاق من زوجته ، و زوّج الأخ الأصغر من امرأة ثانية .

                            
هذه قصيدة كردية مترجمة للشاعرة ماه شرف خان كُردستاني (مستورة).
أسيرة في لمحات عينيك
أنا أسيرة لمحات عينيك الناعستين،
جريحة وخز الأهداب،
تكبلني خصلات شعر رأسك،
توقِع قلبي في سجن أخدود الوجنتين،
ها، قد قَدِم العشاق لأداء فروض العشق،
وأنا آتية، ليقدموني لكَ في مذبح الحب قرباناً،
ليس لي سوى الشكر لك والامتنان، إن متُّ بسيفك البتار،
وإن فصّلوا لي كفناً بشعاع خصلاتك المضطربة،
أنت المخير، أسامحك، عذراً من قتلي إن تفقدتَ ثراي،
وحشرتني في يوم الجمعة مع شهدائك،
فلاعذاب يوم الحشر لمن يحترق في نار هجرانك،
جعلت من تربة عتبة بيتك محرابي،
والشامتون يبغون موتاً دون وصالي،
فديتُ وعودك،
فإن أخبار وفائك قد طبقت الآفاق،
فأين غدتْ لي تجلّياتُ عهودك؟
لقد غدوتُ في ملكوت الهيام درّة يتيمة،
العشاق اليوم آتون لأداء فروض العشق عند عرش ملكوتك،
فهيا يا "مستورة"،
هبي إلى تقديم الشكر لملك الانصاف،
فقد فاض نور شمس محيّا الأمير على أيوان قصرك
وللحديث تكملة.

ماه شرف خان كردستاني ( 1805- 1847 ).
ولدت ( ماه شرف شان) في منطقة (سنندج) عاصمة إمارة (أردلان) في كردستان الإيرانية ، تعتبر أبرز الأصوات النسائية الشعرية في أوائل القرن التاسع عشر بشكل عام و على المستوي الكردي بشكل خاص ، إلا أنها لا تعتبر الصوت النسائي الكردي الوحيد الذي برع في كتابة الشعر الكردي الكلاسيكي ، إلا أن وضعها الاجتماعي هو ما أهلها لذلك حيث تنحدر من أسرة عريقة كانت دائمة العلاقة بالبلاط الملكي ، صاحبة نفوذ و سلطان يطلق عليهم الأردلانيين نسبة إلى جدهم الأكبر "بابا أردلان"، وهذه السلالة ظلت تحكم لمدة 600 عام، سواء في كردستان إيران الحالية، أو مناطق أخرى ، استعملت اسما ً أدبيا ً هو " مستورة " اشتهرت به على الساحة الأدبية.
المصادر :
التاخي .اكرم محمود
امثال وأقوال المجتمع الكوردي ، دراسة ، حاجي جندي 1958
المرأة في الفلكلور الكوردي ـ روهات آلاكوم ترجمة قادر عكيد 2013 ؟
دلّيني - نصوص فلكلوريّة ، باللغة الكورديّة 1986 أربيل ـ سرفراز علي النقشبندي .

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

682 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع