الفنانون ومقهى ابو رزوقي في الصالحية ..

 

       الفنانون ومقهى ابو رزوقي في الصالحية

 

كتبت بواسطة (الگاردينيا)

في هذا اليوم البهي من ايام رمضان الكريم , يطيب ل(الگاردينيا) اعادة نشر مقالة للكاتب محمد مجيد الدليمي , نشرتها جريدة (الصباح) البغدادية  ,  استلت من مضامين كتاب كاتبنا الكبير الرائد الأستاذ صبري الربيعي ..ورقة ثريّة بطرافتها وتعبيراتها العميقة , التي تستذكر  ملامح جميلة ومؤثرة , من  أيام الفنانين العراقيين البارزين  الذين أغنوا وأطربوا ذائقة العراقيين ,ايام كانت اجهزة (الراديو والتلفزيون) تصدح في أسماعهم طربا وموسيقى حقيقية نابعة من التراث العراقي الأصيل , دونما زفة  راقصات  و(كاولية ) تستجلب السامعين والمشاهدين ..

    

داخل حسن الموصوف (بطيحان البلابل) عند سماعها صوته الغارق بحزن عراقي دفين شفاف والمغني المليء بالملاحة والشجن صاحب شرّاد , وصاحب (ليلة ويوم ) سعدي الحلي  و(مكتبيهما ) السفريّان  الأول في المقهى , والثاني في سيارته (الرگة)

 

من ذاكرة الأيام (جريدة الصباح) البغدادية

      

الفنانون ومقهى(أبو رزوقي) في الصالحية

شارع محمد علي  في بغداد

داخل حسن "العشة والحباشات عليمن"؟

عطر صاحب شراد يعبق بـ(الصالحية)

سعدي الحلي  متساهل باجور حفلاته

 

محمد مجيد الدليمي

من المحلات البغدادية الكرخية الشعبية , محلة الصالحية المعروفة لدى البغداديين بالمحلة التي تضم بناية الاذاعة والتلفزيون وابراجها العالية وساحة الصالحية التي ينتصب فيها تمثال الملك فيصل الاول , والمقاهي الشعبية والمطاعم والبارات , ومن اشهر المقاهي فيها مقهى (ابو رزوقي )الشهيرة التي يرتادها الفنانون العاملون في الاذاعة والتلفزيون , وتختزن ذاكرتهم  بذكريات رائعة عن تلك العصريات والامسيات الجميلة التي كانوا يقضونها في هذه المقهى العتيق , يحتسون اقداح الشاي ويتبادلون اطراف الحديث عن الفن وافاق التطور والابداع في الغناء والموسيقى , كما ينتظرون فيها الى من يأتي ليطلبهم لاحياء الحفلات ..

                                         

وبهذا الصدد يستذكر الصحفي والاذاعي المخضرم(صبري الربيعي) الذي عايش ايام الزمن الجميل (الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ) ذكريات اجواء الصالحية ومقهى (ابو رزوقي )حيث يقول :

  

في الصالحية وقبالة تمثال (الملك فيصل الاول) تنبسط باحة مقهى (ابو رزوقي) تظلل مقاعدها (التخوت) العالية المصنوعة  من خشب (التوت) ,فيما بلطت تلك الباحة بالطابوق الفرشي , وقد انتصبت شجرة (النبق ) المعمرة، ومن علامات ساحة الصالحية نصبة (ابو رزوقي )خلف (الدخل) هذه المقهى يرتادها الفنانون العاملون في (الاذاعة والتلفزيون ) في الغالب ,

     

ففي عصر كل يوم يقصدها خليل الرفاعي وصاحب شراد ببدلته البيضاء وعطره النافذ وابتساماته الموزعة بين الجهات الاربع , كما تجد عديد الموسيقيين المحترفين العازفين نهارا في الاذاعة  وليلا في الملاهي الليلية خاصة (ملهى ليالي الصفا) القديم الواقع في (رقبة جسر مود ) كما ان من رواد هذه المقهى المطرب داخل حسن , حيث اصبح تخته وطاولته مكتبا سفريا له , اذ يجلس مطربنا عصر كل يوم وفي الاخص يوم الخميس بشكل غير مستقر , مادا نظره من وقت لاخر الى الرصيف, منتظرا من يأتي ليطلب اليه حفلة ما .وعندما تبدأ (مفاوضات) احياء الحفلة يسأل مطربنا:

اين ؟ وفي أي ساعة ؟ هذا اجري . وهذا اجر الفرقة , هل توافقون ؟ (العشه والحباشات عليمن ) ؟ و( توصلونا وترجعونا ) ؟ ..

وعندما يتم الاتفاق على كل شيء يطلب مطربنا الى صاحب المناسبة عربونا (ربط كلام ) اذ صادف من يتفق ويخل باتفاقه في مقهى (ابو رزوقي) والمقاهي الصغيرة الاخرى.

 

ويؤلف كتاب الاغاني ويلحن بعض الملحنين  الاغاني ومنها عرف الجمهور المطربين كافة ابان المرحلة الشباب منهم والكهول.

ومن المشاهد المتكررة في هذه الساحة , مشهد سيارة فوكس واكن (رگة) يحتل مقعدها الامامي المطرب الشعبي( سعدي الحلي) واقفا في انتظار من يرغب باحياء حفلته, متانقا ببدلته اللافتة وقد تميز (الحلي ) بتسامحه في اجوره.

الصالحية التي توجه الى اثيرها اسماع وابصار العراقيين من خلال (البث الاذاعي والتلفزيوني ) نموذجا مبسطا من شارع (محمد علي ) في القاهرة , ملهى سينما ( ريجنت ) ومقهى ابو علي الصغير وكص ميسون والاكلات الباردة للارمني الطيب وبار الجنائن المعلقة وعديد المكاتب الصغيرة المعلقة في اعالي البنايات البسيطة الخاصة بالموسيقيين والفنانين ومن يريد من المعجبين بالفنانين يمكن لهم مشاهدتهم والجلوس اليهم في المقاهي الصغيرة المنتشرة (انتهى حديث الاستاذ صبري الربيعي ).... ونقول هذه هي ذكريات ايام الزمن الجميل وما اشبه اليوم بالبارحة .
 

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

731 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع