سوق الجديد.. لؤلؤة الكرخ.. وقمر غرب بغداد
سوق الجديد محلتي التي بها ولدت وبها نشأت وترعرت، وفيها درست الابتدائية بمدارس التربية الإسلامية، قبل ان انتقل الى العطيفية، وسوق الجديد أو "سوگ الجديد"، أو :السوق الجديد" كما يسميها آخرون، واحدة من محلات الكرخ، الجانب الغربي لدجلة، سموها "عروس الكرخ" و"جوهرة الكرخ" ليس تحيزا، فقد كانت موطن ومولد كثير من علماء العراق وقضاته ومحاميه وساسته وصحافييه وأطباءه وضباطه...
يقول عنها مؤرخها وعاشقها صديقي وابن محلتي أنور عبدالحميد الناصري في كتابه الشهير "سوق الجديد محلة مضيئة من الجانب الغربي ببغداد
تتميز محلة سوق الجديد عن سائر محال الكرخ في انها قد تبوأت موقعا ممتازا فهي "واسطة العقد فقد نأت عن بداوة المحال الغربية وعنعناتها القبلية وتطامنت من نهر دجلة حتى اتكأت على ضفته اليمنى فلطف مناخها ورق نسيمها، ولحسن موقعها وارتفاع ارضها عما يجاورها من المحلات بخمسة امتار فقد عرفت بنظافتها وجمالها لذا كانت المحلة المختارة لأوائل المدارس والمنشآت الاخرى وتقدر مساحتها بنحو " 52" دونما تخترقها شوارع رئيسية طولها / 780 / مترا وفرعيه يقدر طولها بـ / 1000/ متر واعرض طريق فيها يبلغ / 10/ امتار هو شارع الامام موسى الكاظم اما اضيق درب فلا يتعدى عرضه مترا او نصف متر .
تحد المحلة من شرقها نهر دجلة الذي يفصلها عن جانب الرصافة وتحديدا القشلة وديوان الحكومة بالضفة الأخرى المقابلة، ويفصلها عن راس الجسر (ساحة الشهداء) منطقة الشيخ بشار، عبر شارع موسى الكاظم، الذي كانت عربات الكاري المتجهة للكاظمية تبدأ المسير عبر هذا الشارع من راس الجسر ثن سوك الجديد ثم الست نفيسة فالتكارتة ثم الجعيفر ثم ساحة الصدر، التي ابدلت تسميتها الى ساحة حماد شهاب، عند منطقة الرحمانية (السليمانية سابقاً).وحين كنا نقف على شاطئ دجلة عند سوق الجديد نتطلع الى الجانب الآخر الرصافة حيث مبنى البرلمان (محكمة الشعب) وكانت اللقالق المهاجرة تعشعش شتاء على سطح البرلمان وبالقرب منه ساعة القشلة.
من أين جاءت تسمية سوق الجديد؟
هناك آراء في سبب تسمية محلة سوق جديد :
الرأي الاول هو ان سلع تلك الدكاكين لم تكن واحدة او متشابهة ، ولو كانت كذلك واختصت ببيع او صنع نوع معين من البضائع لأطلق على السوق اسم تلك البضاعة كما سمي سوق الدجاج وسوق اليمنجية وسوق البريسم
اما الرأي الثاني هو ان اسم سوق الجديد جاء من باب مفهوم المخالفة اي انه بني بجوار سوق قديم او انه بني على انقاض سوق عفت .
اما الرأي الثالث في التسمية هو ان الدكاكين عندما افتتحت لم تكن عمارة اراد لها مالكها ان تكون سوقا بالمعنى المألوف المعروف وانما كانت حجرات في بيوت عمد اصحابها الى هدم الجدران التي تفصلها عن الدرب ثم وضعوا لها ابوابا تغلق من الداخل بشكل محكم ومن الخارج بقفل متين وظل باب صغير يربط الدكان بالبيت او بغير ذلك الباب اذا كان سيؤجر كما هو جار في دكاكين بغداد القديمة الى اليوم .
ومن الجدير بالإشارة إلى أن محلة سوق الجديد خلال الحقبة التي كان فيها سعيد باشا واليا على بغداد / 1228 - 1232 هـ / قد تفوقت وازدهرت وزهت في عمرانها ودواوينها وشهرة رجالها ومن كان يجتمع فيها حتى كنّاها الشاعر محمد بن اسماعيل الملقب بـفتح الخاء المتوفي في 1247 هـ " سوق عكاظ " .
ويقال ان سوق الجديد كانت تعرف بمحلة " قصر عيسى " وهو الأمير عيسى بن علي احد اعمام المنصور وسكن الناس حول القصر فسميت المحلة بقصر عيسى وكان الامير عيسى قد اصلح نهرا قديما كان مصبه في دجلة عند قصره وكان يسمى نهر عيسى وكان يعرف ايام الساسانيين بنهر الرفيل وجامع قمرية منسوب الى موضع على شاطيء دجلة يعرف قمرية انشأه الخليفة المستنصر بالله عام 926 وجدد اكثر من مرة ويعرف بمنارته القصيرة .
ولأن موقع محلة سوق الجديد يتوسط جانب الكرخ فقد كانت هي المحلة المختارة لكل نشاط علمي او اجتماعي او طبي ففي ساحة الكودي المقابلة لجامع القمرية كانت تجري احتفالات المولد النبوي وبين بيوتها تفتتح المدارس وعلى ساحة السوق التي تتوسط المحلة كانت تقف لجان التطعيم ضد الامراض حيث يتوافد الناس من المحلات المجاورة لتزدحم المحلة بأنشطة متنوعة .
من أين جاءت تسمية الكرخ؟
الكرخ كلمة دخيلة من الارامية معناها المدينة المحصنة، وقد ارتبطت الكلمة في العصور الاسلامية بعدة مدن كانت في مناطق الثقاة الارامية قبل الفتح الاسلامي وتميزت هذه المدن بعضها من بعض باضافة اسم مكانها الجغرافي مثل كرخ بغداد وكرخ سامراء اما في بغداد فان الكلمة تطلق على منطقة خاصة باب الكرخ ويعمم استعمالها على الجانب الغربي كله. نفهم من ذلك ان الجانب من المدينة الواقع الى الغرب من دجلة يعرف اليوم باسم الكرخ وهو اسم يعني المرتاد اللطيف.
والكرخ ايضا هو الصوب العتيق او الصوب الصغير او ذلك الصوب وان التسمية الاخيرة وردت على السنة البغداديين منذ مئتي سنة كان الناس وما يزالون في بغداد يطلقون على الكرخ اسم صوب عكيل ولم يزل قسم غير يسير من سكان المحلات القديمة في الكرخ ينتسبون لهذه القبيلة وما زالت كلمة (ذاك الصوب) أو (ذلك الصوب) يطلقها كل من الكرخيين واهل الرصافة على الجانب الآخر من بغداد. ذلك الصوب الكلمة المحببة التي يتعلمها بعض الرحالة فقد قال الدكتور عبدالوهاب عزام في رحلات عبدالوهاب عزام ج1 ص48 ثم عبرنا الى الشاطئ الاخر- ذلك الصوب.
ذكريات سوق الجديد:
لاتستطيع الكلام عن سوق الجديد لوحدها منفصلا عن الحديث عن سوق حمادة والشيخ بشار والست نفيسة والشيخ صندل وجامع عطا، فالمحلات مترابطة بدون حدود فاصلة، ففي سوق حمادة (السوق الأهم الذي يتسوق منه الكرخيون ) حيث يباع الخضار والقيمر والخبز واللحوم والفواكه وهو سوق حافل بكل احتياجات البيت الغذائية وتقع بالقرب منه مقهى ديبان ومقهى ياسين الشهيرة ومقهى الكيتاوي ومقهى عكيل حيث يجتمع فيها اهل نجد (السعوديون) ومنهم الدكتور عبد الله الخضير وزير الوحدة السابق والحاكم عبد الرحمن الخضير وال الجمهور والخنيني وعبد الله الرشودي وهؤلاء هم من نجد.
ثم بجانبها تقع مدرسة دار السلام الابتدائية ومديرها عبد الجبار المدلل وعبد الجبار شريدة والشريف ابراهيم الحجازي...
ومن تلامذتها الممثل الشهير يوسف العاني ثم تتفرع طرق منها تؤدي الى تكية الاجودي والعيدروسي وبيت الملا جاسم سلامة الحجازي المقرئ الاول في اذاعة بغداد عام 1936 والد الاستاذ عادل ودار السيد حسين العاني مدير مدارس التفيض.
وهناك طريق يتفرع الى الشيخ معروف وهناك دور تعمل التنانير الطينية لصنع الخبز ثم تجد طولات الخيول لتربية الخيول العربية الاصيلة ويقع دار الكاتب الشهير عبد الرزاق الجصان بالقرب منها. وقد أجاد استاذنا عبدالستار الراوي بالحديث عن دربونة زنكو وعن تلك المنطقة. ولابد لنا أن نعرج على علاوي الشيخ صندل حيث توجد علاوي الحنطة والتمن والدهن والشعير ثم بجنبهم سوق الحداحدة وحمامان كبيران حمام شامي وحمام ايوب ثم منطقة الفلاحات ومنهم الكاتب والصحفي الشهير عبد الرحمن الفلاحي خال حارث طه الراوي
الأخ فؤاد حسين علي وذكرياته عن أهالي سوق الجديد:
يعاونني الأخ فؤاد حسين علي (أبو أحمد) بتذكر أهم شخصيات سوق الجديد، ومنهم بيت خلف الجواد السامرائي وأولاده، والمرحوم صالح الكرخي مدير المدرسة الفيصلية، وعائلة المرحوم شكيب عبدالوهاب العاني، وعائلة الكسار الذين هم اقارب خلف الجواد اما المحلات ففيها مكوي احمد رمضان المجاور للتربيه الاسلاميه والنداف صالح وصاحب فرن الكعك الشهير الحاج منعم نبات، وهناك محل موفق العاني قرب الفيصليه والشيخ امين صاحب محل بيع التتن ايضا قرب الفيصليه وبجوارهم صالح حباشه ابو الدوندرمه وقربها مقهى السوامره ومن الشخصيات السامرلية الشهيرة بالمنطقة هم فيصل وغازي، وثامر وفاروق اولاد محمد السامرائي، وعبدالله توفيق السامرائي، والحلاق صالح الذي كان يشتهر باجراء الختان اضافة للحلاقة والتداوي، وصديقنا فليح حسن طوبان صاحب الباجة الشهيرة، وكان محله قد مقابل ثانوية الكرخ،
واذا ذكرت سوق الجديد لابد أن تذكر التربية الاسلامية ورائدها المرحوم عبدالوهاب السامرائي يرحمه الله ومعلميها من خيرة المربين ومنهم الاستاذ كامل محمد علي والشيخ عبدالودود والشيخ عبدالعزيز البدري وغيرهم وسبق ان كتبنا عنها بالتفصيل اضافة الى ماكتبه الاخ عبدالوهاب الجواري.
كما يذكر من المرافق الرياضية المهمة في سوق الجديد نادي المنصور الرياضي (وابدلت تسميته الى نادي الكرخ) والذي كان يقع على شاطىء نهر دجلة مابين بناية التربية الاسلامية وجامع القمرية وثانوية الكرخ، وكان ملتقى شباب الكرخ جميعا لممارسة مختلف انواع الألعاب الرياضية وكان يضم خيرة لاعبي العراق.
لايمكن ان تنسى جامع القمريه ومرقد حبيب العجمي لانهما جزء هام من تاريخ الكرخ وسوق الجديد،ولاننسى (الشريعة) على نهر دجلة كانت تستقبل المراكب القادمة من تكريت وسامراء والمحملة بالرقي والبطيخ، ومن القصور المهمة التي هدمت بحركة العمران هو بيت (النواب) الذي تم هدمه واقامة مستشفى الكرخ للولادة مكانه. المجاور لمبنى ثانوية الكرخ للبنات.
يتذكر الأخ فؤاد كذلك، السيده المرحومه -كنتوله- أم محي التي كانت تقود التظاهرات القومية ضد الشيوعيين في زمن عبدالكريم قاسم وهي رمز من رموز الكرخ والتي تنطلق من ست نفيسه باتجاه سوق الجديد ثم ساحة الشهداء مع الاشاره الى ان معظم اهالي سوق الجديد هم من محبي القوميه العربيه ، وكانت سوق الجديد تشهد تظاهرات الطلبة ضد العدوان الثلاثي على مصر 1956. كما شهدت التظاهرات الصاخبة ضد قاسم بعد إعدام مجموعة الضباط الأحرار الطبقجلي وجماعته.
كما يذكرني الأخ أبو أحمد بالمحلات الشهيرة في سوق الجديد اضافة الى منعم نبات ابو فرن الكعك، وباجة ابن طوبان، وهناك خضر ابو الكبة الحلبية الشهيرة، ومن المحلات الخدمية محل مكوى حديث لصاحبه المرحوم الحاج أحمد رمضان الراوي (كان الكرخيون يلقبونه بأحمد الأعرج) كما أن هناك في سوق الجديد مقهى (حميد) الذي يأوي إليه الرجال من درابين سوق الجديد ليمضوا فيه سهراتهم اليومية ويسهرون حتى وقت متأخر يقضونه بتبادل الأحاديث ولعب النرد الطاولي والدومينو
واذا ذكرت سوق الجديد وعوائلها فلابد من ان تذكر القابلة المأذونة الشهيرة حاجة فطم (فاطمة) أم عبدالله، التي اسهمت في توليد جداتنا وامهاتنا يرحمها ويرحمهن الله وكانت دارها مقابلة لمدرسة التربية الاسلامية، ثم انتقلت الى دار جديد في العطيفية الى ان توفاها الله.
أول مدرسة متوسطة للبنات:
أول مدرسة متوسطة للبنات في جانب الكرخ أنشئت في محلة سوق الجديد وكذلك أسس مدحت باشا سنة 1285 هـ الدميرخانة او الفابريقة او الحدادخانة او دار الحدادة وفي سوق الجديد توجد تكية العيدروسي أي تكية الشيوخ والدراويش والزهاد وهي تكية المنقطعين من الرجال الأخيار وفي المحلة زقاق ضيق لاينفذ ينزوي مسجد الصافي فيه الذي اشتهر مؤخراً باسم خادمه وساكنه الرجل المنقطع "صافي" بعد أن بقي عشرات السنين يسمى بـ – مسجد أولاد الكاظم – بزعم أن القبرين المتجاورين فيه هما "للمصطفى والمرتضى " ولدي الكاظم عليه السلام ثم درس القبران وطمس النسيان على الجميع .
وفي سوق الجديد مبنى مدارس التربية الاسلامية التي الغيت في السبعينات بقرار الغاء المدارس الاهلية، كما ان بنايتها كانت مستأجرة بالمساطحة من قبل الاوقاف وعادت ملكيتها للاوقاف، ومازال مسجد التربية الاسلامية مفتوحا للصلاة وبجوار قاعة الشهداء للمجالس العزاء ويشير الكاشي الكربلائي الأزرق على بابه سنة 1371 هـ - 1951 م من خيرات المرحوم الحاج قاسم يحيى الشكرجي. ومن معالم محلة سوق الجديد الأخرى المدرسة العمرية التي ابتناها عمر باشا أحد ولاة بغداد لتكون مجمع الفضلاء ومثابة العلماء .
ويذكر الناصري أن أول مدرسة ابتدائية للأناث أنشئـَت في هذا الجانب عام 1908 م وأول طالبة سجلت فيها هي الحاجة سليمة خالد الحمدان وهي تسكن محلة سوق الجديد في زقاق بيت جمهور .
علماء وأعيان:
واشتهرت محلة سوق الجديد بالعلماء والأعلام أمثال غلام رسول الهندي وأبي الثناء الآلوسي ومحمد سعيد الراوي وعبدالملك الشواف وعبد العزيز الشواف واحمد عبد الغني الراوي والعالم القاضي محمد صالح الراوي وسهيل نجم العاني والدبلوماسي المؤرخ الدكتور حسن احمد الراوي وغيرهم . ومن الأسر المعروفة في المحلة بيت جمهور وهي من الأسر النجدية الأصل وهو بيت كان رجاله في حركة دائبة بين بغداد والبصرة وموانئ الهند للتجارة بأشهر الخيول وكذلك بيت آل حسن وعميد هذه الأسرة صالح المعروف بين أكابر تجار الخيول
ومن العوائل النجدية الأصل والتي عرفت بالغنى وتجارة النقل بالإبل عائلة الهدبان وكذلك السيد محمد الدخيل وعائلة العكيل او العكيلات وغيرها من العوائل .
سوق الجديد متصلة دون انفصال بمحلة خضر الياس هذه المحلة كانت تحوي العلماء والقادة العسكريين ورجال السياسة ومن هؤلاء العلماء الدكتور احمد سوسة وطه الراوي ويوسف العطا مفتي الديار العراقية والعالم الكبير استاذ الحاج نجم الدين الواعظ الشيخ غلام المدفون في مقبرة الشيخ معروف الكرخي. ويوسف عز الدين الناصري ومحي الدين الناصري وال الخوجة الكرام منهم رشيد الخوجة امين العاصمة وعبد الحميد الخوجة مدير ادارة وزارة الدفاع وعبد القادر الخوجة وعزت الخوجة وعبد الكريم الخوجة واحمد الخوجة.
ومن النواب عبد الرزاق منير والد المهندس الشهير هشام عبد الرزاق منير وال السويدي منهم رئيس الوزراء توفيق السويدي وناجي السويدي وعارف السويدي وشاكر السويدي وثابت السويدي اولاد يوسف السويدي الذي خرجت من داره ثورة العشرين في بغداد وضربت المدافع الانكليزية داره وسقط من القتلى من السامرائيين سبعة.
ومن مشاهير سوق الجديد بيت الحاج هندي صاحب الخان الشهير في باب السيف واولاده رشيد و جودت ورفعت واكرم، وكانت دارهم مقابل دارنا في (الدربونة) الواصلة بين شارع موسى الكاظم والمستشفى مير الياس،
كما سكن سوق الجديد في الخمسينات خير الله طلفاح وولده عدنان وزوج ابنته صدام الذي كان طالبا بثانوية الكرخ. ومن مشاهير اهل الكرخ عائلة المرحوم الفريق هاشم العلوي مدير الشرطة العام الذي قتل في الرطبة بعد مقتل الملك غازي وقيل في بعض الروايات انه انتحر، وسبق ان كتبت عنه في هذا الموقع الكريم. ومن عوائل الكرخ بيت شاكر العلام وولديه القاضي بدري العلام ومدير الشرطة ثامر العلام امد الله في عمريهما. وكذلك القاضي المرحوم اكرم الخضار وعدد آخر من القضاة لم تسعفني الذاكرة بتذكرهم.
وكانت الاكلات الشعبية في محلة التكارته هي باجة بيت طوبان التي انتقلت لاحقا الى جانب ثانوية الكرخ، وفي الست نفيسة طرشي حنانش واسم حنانش هو محمد امين الذي هرَّب يوسف السويدي عندما اراد الانكليز القبض عليه. كما كان هناك بائعا جوالا لطرشي اسمه (صالح) ابو الطرشي. وهناك كبة خضر الشهيرة في محلة سوق الجديد الشهير بعمل كبة الحلب المقلية، وهريسة السيد داود.
وكان اضخم الدور في الكرخ بيت النواب الذي ازيح وانشات على انقاضه مستشفى الولادة في الكرخ وبيت الاليجي بالقرب منه يث تقف البواخر التي تمخر عباب دجلة بين البصرة وبغداد وكانت الواسطة بين الرصافة والكرخ هي الزوارق النهرية حيث كانت حوالي يمتلكون هذه الزوارق و من مشاهير أهل سوق الجديد المرحوم الملا خضر، (وهو جدي لوالدتي)، وهو كذلك جد الدكتور خالد الزبيدي، والملا خضر كان يشتغل بالجراحة في مستشفى المجيدية (موقع مدينة الطب)أوائل القرن العشرين قبل تأسيس كلية الطب العراقية على يد الملك فيصل الأول، وكان الملك يواجه معارضة دينية من أجل إلغاء الكلية الطبية بسبب تشريح الجثث، وكان يعتمد على الملا خضر – الذي كانت تربطه صداقة شخصية مع الملك فيصل الأول – فقد كان الملا خضر يحضر درس التشريح ويشجع طلاب الطب على القيام به، وبسبب صفته الدينية فقد كان له دور في افشال مساعي البعض من رجال الدين المطالبين بإلغاء الكلية الطبية بذريعة حرمة التشريح...
وقد كتب عنه كثيرا كل من الطبيب سندرسن في مذكراته وكذلك المرحوم الدكتور كمال السامرائي، وموسوعة الطب في العراق، وكان في سوق الجديد الحاج احمد معروف وهو شقيق المقرئ عبد الفتاح معروف يصف الحشائش والاعشاب للمرضى من ابناء الكرخ وكان الطبيب بالنسبة لابناء الكرخ وكان الطبيب بالنسبة لابناء الكرخ وكان الفوال هو ابن ملا جواد حيث ياخذ الخيرة للنساء وكان يسكن في محلة المشاهدة.
ومن شعراء الكرخ الشاعر الشعبي الملا عبود الكرخي والشعراء للفصحى ناجي القشطيني (وهو عم الكاتب العراقي خالد القشطيني الذي يكتب في الشرق الاوسط اللندنية)، وهناك الشاعر خضر الطائي وعباس العبدلي وعبد المجيد الملا وجاسم الجبوري ومن علمائها كما ذكرت طه الراوي ويوسف العطا والسيد منير القاضي والحاج نجم الدين الواعظ ومن قراء القرآن ملا جاسم سلامة الحجازي وهو اول مقرئ للقرآن في دار الاذاعة العراقية سنة1936
ولايمكن نسيان مختار محلة سوق الجديد المرحوم اسماعيل الطيف السامرائي وورثه من بعده في المختارية صديقنا وزميلنا عامر اسماعيل السامرائي.
والحافظ خليل اسماعيل والمقرئ الشهير عبد الفتاح معروف والمقرئان عبد المنعم ابو السعد وعبد المنعم السيد علي ومن اصحاب الذكر الشيخ ابراهيم شلش السامرائي والشيخ اوفي وتكية الاجودي لآل الشيخ.
ورغم هدم دور منطقة سوق الجديد بالاستملاك الشهير اواسط الخمسينات، وانتقال كثير من سكانها الى كل من حي دراغ والعطيفية وحي الحارثية، فان جزءا كبيرا من سوق الجديد مازال ماثلا، كما ان الحكومة قررت اواخر السبعينات بناء مجمع الكرخ السكني لاسكان العوائل الكرخية ( سميت صدامية الكرخ)، وهكذا بقيت محلة سوق الجديد محلة مضيئة من الجانب الغربي ببغداد تتميز برجالها البارزين في العلم والأدب والسياسة والإدارة . وهكذا بقت محلة سوق الجديد محلة مضيئة من الجانب الغربي في بغداد .
وبعد....
كل الشكر للاخ فؤاد ابو احمد الذي أمدني بالكثير من المعلومات او بالأحرى أنعش ذاكرتي بها لأننا أبناء محلة واحدة، وثمة كلمة أخيرة هي أنه مهما كتبنا عن الكرخ عامة وعن سوق الجديد خاصة فلن نستطيع أن نفيها حقها، وهذا ما اسعفتنا به الذاكرة وبعض المراجع الاعلامية وكتاب اخينا الباحث والمؤرخ البغدادي انور عبدالحميد الناصري يحفظه الله صاحب السلسلة الشهيرة عن سوق الجديد
976 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع