بـ ١٠٠ دينار سافر الى باريس وعاد بالدكتوراه!

     

بـ ١٠٠ دينار سافر الى باريس وعاد بالدكتوراه!

   

                       حاورته.. رنا خالد

      

قرأت له كثيرا، قبل ان احاوره، وهذا الاسلوب اتخذته مسارا في حياتي المهنية، فمن حق القارئ ان يعرف عن الذي احاوره معلومات خافية عنه، وهي من خصال الصحفي المحاور الذي يحترم القارئ.. 

لقد وجدتً في ضيفي الصحفي المعروف د. كاظم المقدادي، قلباً منشرحا لمن يخالفه في الرأي، مرنا معه إلى أقصى حد، وقلمه نقي، ناصع البياض، في قولة الحق، شهرته الصحفية، معروفة، لكنه بقي على تواضع ملموس بين طلابه في الجامعة وعند اصدقائه، فلن يدخل قلبه الغرور والتعالي، فالغرور يؤدي إلى تدمير الذات، وكلما صغر العقل زاد الفخر بالنفس، وهنا يكمن سقوط المرء، عُرف بمهنئته العالية وحبه وانتماءه لبلده بكل المحن، وخلال حوارنا معه استذكر لنا الماضي المشرق بكل متاعبه والحاضر المزدهر بكل عطاءه..
ولادته ونشأته
ولد كاظم شنون محمد المقدادي عام 1949 في بغداد، متزوج من المهندسة فاطمة يوسف ولديه ثلاث أولاد أنهي صفه الابتدائي بمدرسة المسعودي بالجعيفر وصفه المتوسط في متوسطة العطيفية وبعدها الاعدادي في الثانوية المركزية بجانب رصافة بغداد متفوقا بين زملائه ليدخل كلية الآداب قسم الصحافة وتخرج عام 1973 1974

في العام 1977حصل على الماجستير من جامعة السوربون عن رسالته الموسومة (سيكولوجيا الاعلان السياحي) التي عززها بالدكتوراه في العام 1979 من نفس الجامعة عن رسالته الموسومة (التيارات الفكرية في الصحافة العربية المهاجرة الى باريس/ القرن التاسع عشر)

وكان المقدادي قد شغل سكرتير تحرير صحيفة (الصحافة) في العام ١٩٧١.. ثم رئيس تحرير لها في العام ٢٠٠٦والتي كانت تصدر عن قسم الاعلام.. جامعة بغداد.. حاليا رئيس تحرير مجلة (معين) وهي مجلة عراقية فصلية تختص بنشر البحوث للمجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية مع نخبة من الاساتذة المختصين منهم الاستاذ واثق الهاشمي والدكتور عزيز شيال، الاستاذ حازم الشمري، والاستاذ ياسين البكري

مؤلفاته

الفّ الدكتور كاظم المقدادي مجموعة قيمة من الكتب اذكر منها: (البحث عن حرية التعبير/ طبع في باريس ١٩٨٤ ـ تصدع السلطة الرابعة / في طبعتين / بغداد وعمان ٢٠١١ ـ ديمقراطية الفرجة / مقالات في الصحافة الساخرة) فيما انجز (نظرية "الملوية" في العام 2008 كأسلوب جديد في تحرير الاخبار بدلا من نظرية "الهرم" المتبعة في المدرسة المصرية)

إصداراته

أصدر صحيفة (الكاروك) الساخرة في العام 2007.. قدم الكثير من الاعمال لحساب عدد من القنوات التلفازية والاذاعية اذكر منها: (برنامج صاحب الامتياز 2009) لحساب قناة البغدادية وبرنامج (الرازونة) لحساب اذاعة دي موزي.. فيما أنتج نشيد التحرير (دعوني امشي) من كلماته والحان الفنان المبدع ابراهيم السيد.. وهو يعمل الآن على انجاز كتاب (جدل الاتصال) الذي يبحث في التطور المذهل في عالم الاتصال (حدوده وإمكانياته)

وبعد نقاش عن الصحافة وايام زمان أحببت ان يكون سؤالي الأول له:

**هل الصحافة المستقلة في عالمنا الحالي لها وجود؟
_ لا يمكن التحدث عن صحافة مستقلة بالوقت الحاضر. لا سيما مع وجود سطوة مال وانعدام وجود جدوى اقتصادية، لذلك علينا التحدث والاهتمام بالموضوعية في الصحافة وهي التي تسرق القارئ بين هذا الموضوع وذاك
**الحركة الاعلامية اليوم كيف تراها؟
_ الاعلام هو نتاج يومي مستمر وليس حركة وكل يوم يجب ان يكون أفضل من الاخر بإضافة جديد للصحافة ككل... كما في الحديث الشريف ((من استوى يوماه فهو مغبون)) وهذا طبقته في صحيفة الكاروك، يجب الابتكار وترك التكرار
**حدثنا عن الكاروك؟
_الكاروك هي صحيفة اسبوعية ساخرة اصدرتها من حسابي الخاص وكانت جريئة في طرح للموضوعات
**هل مازالت تصدر؟
_لا فقط استمرت سنة واحدة
**لماذا الكاروك؟
_فيه حركة النقاء والولادة الجديدة
**كيف جاءت فكرة اصدار جريدة بوضع متقلب في العراق؟
_بعد سنة 2003 ظهرت صحف تحاكي الصحافة الساخرة.. مثل جريدة حبزبوز، كان لطالبة عندنا اسمها عشتار وهي طالبة ممتازة لكن الشكل والمضمون للصحيفة كان اشبه بتقليد لصحيفة حبزبوز التي اسسها العملاق نوري ثابت...وانصح بعدم التقليد بل الاضافة على النتاجات السابقة، هذا ما اتبعته في صحيفة الكاروك. والتي عنوانه وحده كلفني من التفكير مدة 3 أشهر
**ثقافة في الصحف السابقة والحاضرة ترى فيها تجدد مستمر؟
_ثقافتنا مع الأسف اعتمد على التكرار. استذكر لكم موقف لأول مرة اقوله
بعد انتهاء الحرب الإيرانية العراقية سنة 1988 .... كان هناك اجتماع من اجل تطوير الصحافة في العراق بحضور وزير الاعلام لطيف نصيف جاسم وبدعوة من حميد المطبعي وعلماء كبار مثل على الوردي وكنت جالس بجانبه حينها. تحدثت فيه وكنت على ما اعتقد خامس متحدث، قلت لا توجد صحافة حتى نطورها لم نبني صحافة حتى نطورها ...قال وزير الاعلام يومها كيف؟!
قلت.. الصحافة تكون مع التقرير مع الخبر أو العمود ونحن نفتقر لرؤساء تحرير مختصين ومع احترامي للموجودين سامي مهدي شاعرا وحميد سعيد واخونا هاني وهيب كاتب سياسي أذا الصحافة يجب ان تتطور مع اشخاص صحفيين عاشوا مع الخبر او يكون كمراسل حربي وهذا أفضل ما يكون. ولكن في وقتها نزعج مني وحولها الى قضية وقال هؤلاء رموز البلد، لكن استاذي على الوردي طبطب على كتفي وقال (عفرم) احسنت وهذا أسعدني يومها
**هل تميل للكتابة الساخرة؟
_منذ الصغر وانا ايميل للنكتة بالبيت والشارع وانا اخر اخوتي الستة كنت دائما صاحب نكته اصدقائي ينتظروني حتى اقول لهم شيء لطيف.. وعلى فكرة هذا النوع من أصعب انواع الكتابة وذلك يعود لسبب رئيسي هو وجود قضية مهمه نخفف من وطأتها بشكل هزلي ساخر وتبقى في الذهن
واتذكر بعض منها الان.. قلت في احدى الفضائيات نحن كنا ننتظر دولة مؤسسات وإذا بها دولة مسدسات. وأخرى ان بغداد بناها المنصور وفلشها العيساوي، دائما ابحث على الكلمة المؤثرة التي لا تنسى ...كما في العنوان الذي يلخص زمن وجهد طويل كعنوان (علوه المرشحين) وهو عرض المرشح لنفسه وتقديم الهدايا وقبل سنة او أكثر كنا بانتظار وزير التعليم العالي السيد علي الاديب في جامعة بغداد كلية الاعلام لحضور المؤتمر الاعلامي.. وانتظرناه ولم يحظر والمؤتمر يبدا ساعة عشرة وحتى صارت ساعة 12 ظهرا حضر الكلب من اجل تفتيش القاعة وفرحنا قلنا جاء الوزير وبقينا في الانتظار حتى الساعة الواحدة والطلاب شعروا باستياء.. الطلبة لديهم صحيفة يصدرونها أحبوا كتابة موضوع عن هذا اليوم وقلت لهم انا اعطيكم عنوانا مميزا (حضر الكلب وغاب الوزير) ودائما اضع العنوان واكتب العمود في كل كتاباتي
**كيف ترى الشباب الصحفي اليوم وحضرتك استاذ في جامعة بغداد كلية الاعلام؟
_مع الاسف هناك من يتصور الاعلام بأنه شهرة ومال، والشهرة أكثر شيء يتصوره انه سوف يلتقي بنجوم العالم .... الصحافة هي نقل رسالة والدفاع عن حقوق الناس والدفاع بشرف وأمانة وجرأة.. وذلك يتطلب وجود ثقافة ولكن لا ارى هذا في طلبة اليوم يجب على الطالب ان يكتب عشرات المرات في جميع انواع الصحف وايضا العمل في الإذاعة والتلفزيون والظهور فيها حتى يكتسب لقب اعلامي بجدارة، اي ان يتقن جميع المهارات
**لكن اليوم نشاهد الاعلامي متنقل بين الفضائيات؟
_لا يوجد انتماء مع الاسف البعض يتنقل من قناة الى اخرى من اجل كسب المال الأكثر او الشهرة دون الاهتمام بصناعة اسم له.. ومثلما يوجد حديثي النعمة اليوم هناك حديثي الاعلام ونظرية كونفيشيوس في اساس فكرة الانتماء للعمل في جميع المؤسسات والخوف عليها مثل الخوف على بيوتنا وسابقا اتذكر انا واستاذ زيد الحلي والاستاذ احمد عبد المجيد والاستاذ طه الجزاع كنا نعمل في الصحف وكل ما يهمنا الاخلاص للعمل فقط
**لكن لا يمكن تعميم الحالة ليس كذلك؟
_لا يمكن ان ننفي وجود طلبة جيدين.. كـ نبيل جاسم.. احمد العذارى.. رحيم مزيد كثر في الحقيقة ويظهرون في الفضائيات.. نحن قد ننجح مهنيا ولكن عدم الالتزام يرجع لأمور اخرى ربما مادية ... ولكن اي مرفق اعلامي تذهب اليه عليك معرفة من هم الممولين له حتى تحمي نفسك على سبيل المثال انت صحفي جيد وصاحب العمل غير ذلك وكثير من الفضائيات يحركها المال السياسي وليس المهني.. دائما نحن بحاجة للموضوعية .... وانا كنت أظهر على الحرة بالعراق واول من ظهر فيها وهي قناة امريكية ولكن استخدم منبرهم لصالح بلدي وهذه القناعات التي اكتسبتها من خلال عملي
بعد هذا الحديث المفعم بالمعلومات سألت د. كاظم المقدادي عن البدايات **كيف كانت؟
_منذ ايام المدرسة وانا في الاول المتوسط كانت هوايتي التصوير وما زالت أتذكر نوع الكاميرا التي كنت استخدمها (كيف) بعدها اكتشفت ان كيف عاصمة اوكرانيا.. واتذكر العطيفية وجسر الحديد (الصرافية) ونهر دجلة والبساتين الجميلة، كنت استغل الوقت كل الوقت في التصوير أو السباحة في النهر، احتفظ ببعض الصور لشروق الشمس ولغروبها على جسر الصرافية
وذات مرة كنت في بستان للحاج طعمه ووجدت نخلة لها رأسين وكان صديقي يدعى سيروأن فتاح وكان كردي الأصل وأنا احبه كثير لذلك ذهبت اليه واخذت معي الصورة وقلت له (هذه الخوة العربية الكردية) وكتبت الموضوع بهذا المعنى مرفق مع الصورة واخذته بنفسي الى جريدة التأخي ..كنت اترقب يوم نشر الموضوع واتابعه, فعلا نشر في الجريدة ويومها كان فرح كبير الصورة والتعليق واسمي اسعدني الموقف جدا ,, بالمدرسة كنت اعمل نشرة مدرسية أسمها ( الأنوار) وكنت اهتم بها كثيرا ..في الإعدادية كنت اتقن هذا العمل بشكل جيد جدا وفي الكلية كنت اعملها كصحيفة وكانت الاساتذة حميدة سميسم تشجعني دوما على عملي واستاذي زكي الجابر واحمد عبد الستار الجواري واستاذي علي الوردي
**تربطك علاقة بالأستاذ علي الوردي كالصداقة؟
_انا من اشد المعجبين به.. رغم أنى كنت ادرس اعلام لكن اذهب لحضور محاضراته في علم الاجتماع.. ومن رجعت من فرنسا من الاشياء الجميلة التي اتذكرها ذهبت كي ارى امر تعيني الذي تأخر أكثر من سنة لأني ذهبت للدراسة على نفقتي الخاصة.. يومها رأيت الاستاذ على الوردي وكان منزعج جدا سلمت عليه وعرفني وقال جاءت لمقابلة وكيل الوزير بعد اخذ موعد طبعا.. وإذا بهم يقولون لا وجود لموعد معك.. واخذته معي واوصلته الى بيته ومن يومها اصبحت اخذ طلبتي الى الوردي واشيد به لأني رأيت الدولة تحاربه وايضا المؤرخ الكبير عبد الرزاق الحسني بيته قريب من بيتي في الكرادة بعد أن انتقلت لسكن هناك كنت اخذ الطلبة على طول اليه منهم عبد الهادي مهودر وجدت انهم بحاجة لمثل علم الوردي وعلم الحسني
**كيف كان سفرك لفرنسا؟
_كنت دائما اتواجد في المركز الثقافي الفرنسي وانا طالب في الكلية وايضا لي صديقة تعلمت منها بعض الكلمات كانت في قسم الفرنسي وانا في قسم الاعلام .... سنة التخرج فتح بدل الدراسة وكان المبلغ (100) دينار وكنت من عائلة ميسورة والحمد الله.. لكن خشيت من ابي الذي كان يريد ان أكون ضابطا في الجيش ولم اخذ منه المبلغ واستدنته من صديق عمري وجاري في العطيفية وسام جرجيس دفعته كبدل نقدي لأعقائي من الخدمة العسكرية... وسافرت بنفس السنة التي تخرجت فيها 1974 وكانت فرصة وقتها ... من خلال معلوماتي من المركز الثقافي الفرنسي عرفت الكثير من امور الدراسة واللغة والحياة في فرنسا ودرست الماجستير والدكتوراه لمدة 6 سنوات
**دراستك في فرنسا منحتك التحدث باللغة الفرنسية بطلاقة ليس كذلك؟
_نعم.. والى يومنا هذا لا اخرج من البيت دون ان اسمع نشرة الاخبار الفرنسية .... وكما ذكرت كنت اذهب للمعهد الفرنسي قبل السفر ودراستي كلها باللغة الفرنسية وحتى مناقشة رسالة الدكتوراه بالفرنسية حيث كان رئيس الجنة فرنسي من أصل جزائري يدعى (محمد أركون) ومن العراق كان جليل العطية في وقتها كان طالب في السوربون ايضا.. سامي مهدي كان من مصر ايضا غالي شكري وأمير اسكندر احببت ان اذكرهم للتاريخ
**هل كل بقاؤك في فرنسا كان للدراسة؟
_لا.. انا ذهبت على نفقتي الخاصة كما ذكرت ولم أكن مضطر للعودة السريعة.. لذلك عملت لقاءات منها مع (جالك شيراك) وعلاقته بالرئيس العراقي (صدام حسين) خدمتني وكانت لي علاقة طيبة بالسفارة العراقية هناك وكنت اذهب للسفارة بالمناسبات الوطنية والتقي بالشخصيات الكبيرة والمهمة واطلب مواعيد ومنها حوار مميز مع المرحوم عدنان خير الله ونشر في مجلة (كل العرب) ومن الشخصيات الفرنسية الكبيرة.. روجيه جارودي او (رجاء جارودي) بالعربية لأنه كان قد أسلم في عام 1982, جاك بيرك، كاترين دينوف الممثلة الفرنسية المشهورة اركون شاعر فرنسا ومحمد أركون، وشاهرنز نابور الذي توفي قبل مدة قصيرة وكان يتحدث العربية قليلا.. وكنت لا أفضل اللقاءات مع الفنانين رغم الشهرة أكبر بل أحب المفكرين واصحاب قضايا
**تميل للسياسيين أكثر؟
_لا انا اميل للثقافة بشكل عام ومن واجب الصحفي الجيد ان ينتقل بين العام والخاص وهنا اقول خاص اي التحدث بلغة المثقفين وتحاور معهم تحمل رسالة أعمق
**متى رجعت للبلد؟
_في أواخر عام 1987 رجعت وكان من أجل اثبات موقف ولا اريد ان ارجع الى بلدي بعد انتهاء الحرب الايرانية العراقية.. لكن زرت العراق قبلها في سنة 1982 وتركت فرنسا وجمالها وذهبت للمعايشة مدة اسبوعيا حتى لا يقولون (تكتب بالوطنية وانت بعيد عنها) ... والكثير من الزملاء استغربوا لعودتي بعد 14عام.. لكن انا انسان حذر ولا اريد ان اكون ضعيف امام موقف او امام شخص معين
**بعد عودتك من باريس الى يومنا هذا لم تذهب؟
_الحمد لله توفرت لي فرصة قبل خمس سنوات ..وفرها لي سفير فرنسي حضر ودعانا نحن الخريجين واخذته في جولة الى شارع المتنبي ومقهى الشهبندر وارسل بعدها لي دعوة ...مكثت اسبوعين ومن فرحتي لم ارتاح في الفندق فقط وضعت حقيبتي وخرجت مسرع الى جامعة السوربون والى الاماكن الجميلة اسال فيها على من اعرفهم ووجدتهم تقلصوا بسبب العنصرية واتذكر حتى جورج بهجوري الرسام المصري الكبير الذي قال لي قبل عودتي لا يمكن ان اترك فرنسا ,هو الاخر قد رحل منها هو ايضا وكان صديق مقرب من بين هاني شكري وامير حجازي ولكن ارقى واحد من المصريين امين محمود العالم وهذا امين سجنه عبد الناصر سبعة سنوات ولم يتكلم يوما بسوء عن عبد الناصر ولدية كتاب مميز الانسان موقف وانا تعلمت منه وكان كاتب يساري واكتشفت بعدها ان 14 سنة كنها 14 يوم سبحان الله .
**رأيك في المستشرق الجزائري الفرنسي جاك بيرك؟
_فيما بعد وفي اكاديمية ((كولج دفرنس)) التي تكون في حي كبير قرب جامعة السوربون , تعرفت على (جاك بيرك) لكن كنت ما ازلت لا اتحدث الفرنسية بطلاقة حيث لم يمضي على تواجدي سوى ستة شهور ولكن تعادل اربع سنوات دراسة في قسم اللغة الفرنسية وذلك يعود بتواجدك بنفس البلد ...المهم سألني عن لغتي وانا كنت امدح باللغة الفرنسية جدا ...بعدها قال لي (لا) لغتكم اجمل بكثير انا اندهشت من كلامه لغتنا صعبة ...سالته كيف ؟؟ قال(( انا اجلس الان على مكتب باللغة العربية تقولون مكتب وهذا يشتق منه كتاب ,كاتب ,مكتبة, كتب بينما نحن غير ذلك لا نمتلك اشتقاقات للغة وعبقرية اللغة ان فيها اشتقاقات)) من يومها اصبحت احببتها واصبحت انتبه للغة العربية كثيرا
ومن خلال تجربتي ان اللغة العظيمة ننتج أدب عظيم وهذا ما نراه في لغتنا العربية كونها عظيمة انتجت المتنبي وكذلك اللغة الفرنسية انتجت فولتير وجان جاك روسو والانكليزية شكسبير وعلى سبيل المثال اللغة التركية لم ننتج أدب عظيم كونها لغة خليط
جاء سؤال في خاطري بعد هذا الحديث الطويل والشيق (وجهة نظر) **كيف ترى نفسك د. كاظم المقدادي؟
_رجل يحب بلده جدا ... ارى نفسي صاحب رسالة يجب ان وصلها ومتمسك بها ولا يهمني شيء مادي مطلقا.. واتذكر قول لـ مانديلا.. يقول ((عندما يريد المناضل ثمن مقابل نضاله سيتحول الى مرتزق)) لذلك لا اريد العمل في قناة واكون منفذ لأوامرها... مؤمن بأفكاري ومسؤول عنها. وأفتخر ان طلبتي يتعلمون مني
**بيتك أيام الطفولة والشباب كان يطل على نهر دجلة.. فماذا علمتك؟
_السباحة والجراءة
**المرأة بعيدة عن كتاباتك لكن ماذا تعني للمقدادي؟
_أوكسجين الحياة ...وكمياء الحياة بالوقت ذاته.. انها في تفاعل مستمر
**عرفنا أنك اخترت زوجة عراقية كيف وكنت تعيش في حينها في باريس؟
_أميل للمرأة العراقية وعندما قررت الزواج اخترت زوجتي من بغداد وتزوجنا سنة 1985 سافرنا الى فرنسا وكانت تتحدث الفرنسية وهذا ما شدني اليها أكثر. في اول لقاء بيننا تحدثنا باللغة الفرنسية واتذكر بعد زواجي كتبت الصحفية والزميلة انعام كجه جي عمود قالت فيه الشاب الذي أحب العزوبية اخيرا وقع في قفص الزوجية..
**السعادة كيف تدخل لعالم المقدادي؟
_ان اعمل كل يوم شيء جديد.. ان أقدم كل يوم عمل ويضاف لي
**هل الحرية تسبب مشاكل للصحفي؟
_السلطة ضد مبدا الحرية ودائما غاشمة وفي كل العالم ... على الصحفي ان ينتزعها انتزاعا بل هو الذي يرسمها لنفسه وكم عانيت ما عانيت من هذه الحرية ...واخر مشكلة لي كانت ستنهي على مستقبلي وحياتي ....الاعلام الغربي اعلام سياسي ,ونحن الان نشاهد ما يحدث في فرنسا وكيف الرئيس الفرنسي ( ماكرون) بدأ يحافظ على كرسيه ويقول على اصحاب الستر الصفراء انهم مندسين ..وعندما تقرا موضوعا ما منشور ترى انه يحمل الموضوعية والحيادية ولكن الاعلامي الذكي لا يمكن ان يغفل لما بين السطور لو تبحر بالمضمون يكتشف انه لا يوجد اخلاقيات العمل الاعلامي بل هناك ابتزاز وانتقاص من حرية الصحافة ولهذا كتب كتابي ((تصدع السلطة الرابعة)) واليوم وكما قال ((راموني)) خبر الاعلام الفرنسي نحن بصدد ان تكون لنا سلطة خامسة انتجتها التكنولوجيا الحديثة وهي صحافة المواطن والتي سوف تتطور وتتجدد باستمرار وتكون سلطة بلا قيود وتمويلها ذاتي لا تخضع لبنود المالك
التفاؤل والشتائم ماذا يعني للدكتور كاظم المقدادي؟
_لا اميل لهذا التصنيف مطلقا.. أمن باللحظة في حينها والتي تخلق تفاءل او عكس ذلك
**هل وصلت الى قمة النجاح في مجال الصحافة؟
_لا يوجد قمة للصحافة لكن اشعر بقمة السعادة، وانا اقوم بنقل رسالة اعلامية بشكل متميز
**د. كاظم المقدادي لمن يسمع من الاصوات الغنائية اليوم؟
_نزاريات لكاظم الساهر ...وبعض الاغاني الفرنسية
** الصحفي بحاجة الى طاقة يومية حتى يواصل عمله بجد من اين يكتسب المقدادي طاقته؟
_الثقافة البصرية تمنحنا الطاقة. وانا والحمد الله منذ ان فتحت عيوني على الدنيا وامامي فضاء بصري جميل نهر دجلة والبساتين ..وهناك فرق بين ان تستيقظ كل صباح وتذهب لعملك وترى امامك زهور ونحل يتنقل بينها لتمنحك طاقة ايجابية ,,, وان ترى نفايات امانة بغداد والذباب عليها لتمنحك طاقة سلبية ... بغداد اصبحت تمنح طاقة سلبية بسبب الزحام والواجز الكونكريتية وووو..عندما تسافر تكتسب طاقة معاكسة حتى لو سافرت لـ عمان , تركيا , باريس التي تمنح الجمال ... لذلك اي موظف عندما يذهب لعمله يحمل طاقة سلبية وحتى نحن الاساتذة ننظر للطلبة ونحن محملين بتلك الطاقة وهذه مسألة خطيرة يجب النظر اليها
**الكتب التي دائما تقرأها؟
_أحب كل كتب الاعلام وهذا اختصاصي.. حتى لو تنظرين الى مكتبتي الخاصة بالبيت اغلبها كتب اعلام
**كم مؤلف لديكم؟
_عشرة مؤلفات.. لكن اهمها ... البحث عن حرية الاعلام ... هو مختزل لرسالة الدكتوراه... كتاب يتحدث عن المصريين الذين هاجروا الى باريس في ظل حكم الخديوي اسماعيل الذي كان يضطهد هم ومن القرن التاسع عشر وأصدروا صحف في باريس ومنها (ابو نظارة) (أبو صفارة) ليعقوب صنوع.. الأديب الساخر الذي تأثرت به وهو مصري يهودي وكان يمثل التيار الوطني ضد الخديوي اسماعيل والعروة الوثقى لجمال عبد من الصحف التي درستها ...الكتاب الاخر تصدع السلطة الرابعة ... الذي كان في مجال الاعلام بشكل خاص
**متى يستخدم الصحفي المثل خير الكلام ما قل ودل؟
_في العناوين.. نحتاج له على سبيل المثال
علوه المرشحين
الحبل الدبلوماسي
اخضرار الوجوه
**نسمع عن الزمن الجميل وجيل الطيبين واليوم ماذا؟
_في الحقيقة الحياة ثنائيات لو لم يكن هناك مرض لما شعرنا بالصحة، ولو لم تكن هناك دول قمعية لما شعرنا بالدول الجيدة ولم تكن هناك عمالة لم نشعر بقيمة الوطنية.. ومن الذين تأثرت بهم جعفر ابو التمن شخصية وطنية عراقية لا يوجد مثله لا نوري السعيد مثله ولا ياسين الهاشمي ولا جعفر العسكري وطني وطني خالص

السؤال الأخير الذي نختتم به حوارنا الممتع مع ضيفنا الراقي د. كاظم المقدادي نقول له
**ماذا تعلمت من الحياة ومن الاعلام بشكل خاص؟
_الحياة تعلمت منها النظر الى الطبيعة الموجودة فيها والتي تكون مرتبطة مع الانسان حيث حبة الجوز تشبه دماغ الانسان، حبة الفاصوليا تشبه الكلية الانسان وقطعة من الجزر تشبه حدقة العين نحن منها واليها
_والاعلام بطاقة مرور الى عوالم شتى وممكن في يوم واحد ان التقي شحاذا في أطراف الليل ا في النهار واحاور مسؤولا كبيرا او أراني في تجمع شعبي كبير.. من هذه الزاوية يقدم لي الاعلام هذه المساحة الكبيرة التي يمكن ان اتحرك فيها مهنيا وإنسانيا.. وبالتالي فانا يوميا اكتسب ثقافة ومعرفة متباينة بأشكالها الواقعية والعملية.. اضافة الى تحسين المهارات من خلال القراءة الواعية والاختلاط والاطلاع والسفر، لكن هذا الزاد المعرفي يعتمد على شخصية الاعلامي.. فهناك من يسعى الى تطوير نفسه واجتهاداته. وهناك من يتعامل مع الاعلام وكأنه وظيفة يومية.. وهذا الاخير لا يقدم الاعلام له سوى الاجترار المهني دون الابتكار المعرفي.

   

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

745 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع