رحيل اول خزافة عراقية... عبلة العزاوي

                      

ايلاف/بغداد:اعلن في بغداد عن رحيل الفنانة التشكيلية عبلة العزاوي عن عمر ناهز  80 عاما ، وهي اول خزافة عراقية ويطلق عليها وريثة عدة الاف سنة من تاريخ العراق

رحلت عن الدنيا بهدوء الفنانة التشكيلية العراقية الرائدة عبلة العزاوي (1935 – 2016) بسبب المرض و الشيخوخة والاهمال بعد ان عاشت وحيدة طوال السنوات الماضية في عزلة اختارتها لنفسها ، وتعد العزاوي أول فتاة تتخرج من معھد الفنون الجمیلة في بغداد فرع الخزف ، وللدكتور عماد عبد السلام قد كتب سيرتها المفعمة بالمعاناة والابداع في كتابا بعنوان (عبلة العزاوي .رحله بين الطين والروح ) وهو سيرة شخصية وفنية صدر في بغداد سنه 2005، وهي القائلة عن تجربتها :( بدأت بإنجاز أعمالي الفنية حال رجوعي من فرنسا ، وهي تميل الى الحداثة .. واستمرت هذه التجربة لدي ّ بدافع التأثيرات والأفكار التي شغلتني لسنين .. لكن زياراتي الكثيرة الى المتحف العراقي أثرت بي وجذبتني نحو الفن القديم الذي كنت قد بدأت أعمالي الأولى به .. أي قبل ذهابي الى فرنسا .. وقد لاقت تلك الأعمال إعجاب أساتذتي .. لكنني للأسف تركتها متأثرة بالقطع التي وجدتها هناك .. وقد كانت جديدة عليّ وغريبة فتعلقت بها بالرغم من إلحاح أساتذتي بضرورة التمسك بتراثي العراقي القديم . وبعد الأعمال والتجارب العفوية والبدائية بدأت بالتراث وبدأت ابحث في الشوارع القديمة والأسواق الشعبية والقرى عن التراث لتأمله ودراسته ، ثم انتقلت الى الإسلاميات .. وكانت نقلة مفاجئة منذ العام 1400 للهجرة .. والآن اجمع في أعمالي بين كل الأدوار. إلا ان تأثيرات الفن الإسلامي هي الكبرى والأكثر تميزا من الأدوار الأخرى ) .
 
قالوا عنها
 قال عنھا الفنان و الأدیب والناقد عادل كامل :"ھي خزافة وریثة عدة الاف سنة من تاریخ العراق حافظت على روح المدینة العراقیة واخذت تاریخ العراق و تراثھ ولم تتاثر بالتجارب العالمیة ..فن عبلة العزاوي كالفن السومري و فنون العالم القدیم ، وھي تمتلك الأمل و تمتلك الفلسفة وتفتح الأبواب للعالم لتقول: ھذا الجمال , ھذا الفن"
وقالت عنها الفنانة التشكيلية زينا سالم : هاهي شمعه اخرئ تنطفئ اضاءه وتركت اثر كبير في صرح الفن التشكيلي العراقي.
واضافت مخاطبة اياها : كم كنت اتمنى ان ازورك واراك قبل ان ترحلي او حتى ان اسمع صوتك... كنت دوما اسال عنك ولم تغيبي عني ابدا، لم انس ابدا كلماتك في اخر زيارتي لك واخر وجبة غداء معا وضعتي وجبه السمك بيديك الحنونتين  وتقطعينها قطعه قطعة وتضعينها امامي كام حنون ،ولم انس ابدا كلماتك لوزير الثقافة وانت تدخلين الى قاعة الواسطي ممسكة بيدي ، اعتز بك وبكل حرف من حروف كلماتك لم ولن انس ابدا.
 وتابعت :التاريخ سيوثق كل شي لزمن سيكون باذن الله فيه صرحا لكم ياشموع انارت لنا الطريق وتركت للاجيال ارث كبير.... محبة كبيرة لك ياطيبة الروح وعزيزة النفس والفنانة الكبيرة اقف امامها منحنية مقبلة لتلك اليدين التي منحت كل الخير لوطنها ولابناء وطنها كانت الام الحنون تجمعهم بقاعتها الدافئة بالمحبهةوالحنان... وداعا ياطيبة القلب وداعا ياكريمة النفس وداعا لجسدك الطاهر رحل عنا ولكن ستبقى روحك النقية الطاهرة بيننا ومعنا .
اما رئيس تحرير مجلة باليت الفنان والناقد ناصر الربيعي فقال عنها : الفنانة التشكيلية عبلة العزاوي رائدة الخزف العراقي ، اختصت بالخزف بعد ان تخرجت من معهد الفنون الجميلة فرع الخزف وعدت من اوائل الفتيات المشتغلات بالسيراميك .- واضاف:وحيدة عاشت ايامها الاخيرة، ربما حتى إنها انفصلت عن (ذاتها) بعد أن أتعبتها العزلة، وأتعبها الفراغ، ورحلت بصمت..
 
رحلة بين الطين والروح
هنا اقتطفنا بعض الاسطر من كتاب الدكتور عماد عبد السلام رؤوف عنها (رحلة بين الطين والروح.. سيرة شخصية وفنية).
 ولدت عبلة يوسف نجم الدين عام 1935 في بغداد وقضت سنوات تعليمها الأولي في مدرسة الجادرية الابتدائية وعاشت في اجواء تتخللها (العقد) و(الشناشيل) و الازقة الضيقة والابواب الضخمة.
 ثم انتقلت اسرتها الى دارها الجديدة في محلة السفينة في الاعظمية لتنتقل الى مدرسة الاعظمية الثانية للبنات ولكنها تصاب بمرض عضال يبقيها طريحة الفراش ويحول بينها وبين التعليم الا ان المرض لم يتمكن من منعها من القراءة التي وجدت فيها عزاءها الوحيد والبديل الناجع الذي باتت لا تستغني عنه، فقرأت كل ما وقع في متناول يدها من صحف ومجلات كالاداب البيروتية والمختار والرسالة والرواية والاديب وغيرها من الكتب والمجلات... ثم جربت كتابة القصة والشعر في محاولة محمومة للانتصار على المرض الذي كان ينغص عليها الحياة.
 ثم انتقلت عبلة الى مطالعة علم النفس وحاولت ان تجسد ما تقرأه على ارض الواقع وفي الحياة اليومية، وكانت تجد سعادتها الامر الذي ساعدها على الشفاء بعد معاناة ومكابدات استنـزفت منها سنين طوال ولكن القدر لم يرحمها واختطف منها والدتها وعبلة، لما تزل في فترة النقاهة ثم طالت يد الموت، والدها بعد خمسة اعوام فانتقلت الى دار شقيقتها الكبرى في منطقة الوزيرية، فضاقت بها الاجواء ولم يكن هناك من متنفس مع الحياة الجديدة، سوى المزيد من القراءة والمطالعة.
 ثم سافرت الى فرنسا لتلتحق بشقيقها طارق من اجل اكمال علاجها وهناك اكدت الفحوصات انها تجاوزت المرض فبدأت في فرنسا حياة جديدة ودرست فن السيراميك في بعض القاعات الفنية الخاصة ولكنها اضطرت الى العودة الى بغداد بحثاً عن الراحة التي افتقدتها في فرنسا. وعدم حصولها على الشهادة الدراسية لم يمنعها من القبول في معهد الفنون الجميلة (كمستمع) بدعم من الفنان الراحل خالد الجادر وهكذا امضت عبله ثلاثة اعوام في المعهد بشكل غير رسمي ثم تجاوزت عقدة الشهادة وحصلت على شهادة المتوسطة التي تؤهلها-رسمياً- للقبول في المعهد ثم حصلت على شهادة معهد الفنون ايضاً، وهكذا قرنت عبلة العزاوي رغبتها الجامحة وعشقها للفن التشكيلي، قرنته بشهادة الاكاديمية التي فتحت لها آفاقاً جديدة والى رحلة جديدة الى فرنسا، لتكملة دراستها في قسم السيراميك وشاركت في جميع المعارض التي اقامها، ثم تواصلت معارضها في العراق وفي خارج العراق وانتقلت اعمالها بين كاركاس وفيينا ولندن وامريكا وايطاليا وغيرها من البلدان.
 ومن اعمالها الكبيرة جدارية ضخمة انجزتها سنة 1982 تمثل مدينة بغداد موضوعة عند بناية المصرف العقاري في الكرخ ومساحتها 9.60 × 4.20م2 تم تكبيرها وتزجيجها في ايطاليا.
 ولعبلة جدارية اخرى عن بغداد نصبت في ساحة من ساحات العاصمة.
 وفي العام 1986 انشأت قاعة كبيرة للفنون في حي الغزالية سمتها (قاعة عبلة للفنون) حيث اقامت فيها معرضها الشخصي الثامن.
 و معرضها الشخصي الرابع عشر الذي اقامته في قاعة المركز الثقافي بباريس نيسان عام 2002 هو احدث معارضها التي اقامتها في الخارج.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1089 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع