بنات يعقوب..رواية حفرت في ذاكرتي

   

      بنات يعقوب..رواية حفرت في ذاكرتي

         

    

منذ أن وعيت وجدت في بيتنا مكتبة حيث أنواع الكتب الأدبية والدينية والمجلات العربية.. لذلك كنت بعكس شقيقي الأكبر مني المرحوم ( الدكتور جمال / رحمه الله) الذي كانت هوايته المفضلة كأثرية الشباب لعبة كرة القدم والدراسة.

كنت أتناول الكتب الأدبية والمجلات المختلفة ( المصرية والكويتية والسورية ..) أقرأها من الغلاف الى الغلاف !.
من خلال تلك المكتبة تعرفت وأطلعت على أعمال عدد من الأدباء والكتاب.. العقاد والمنفلوطي ونجيب محفوظ واحسان عبد القدوس والعشرات غيرهم..
ماكدت أنهي كتاب أو مجلة حتى أتناول الأخر.. بالمناسبة كانت المكتبات زاخرة بهذه الكتب والمجلات كل أسبوع كذا مطبوع في المكتبات وبأسعار رخيصة قياسا باليوم..
تمتعت جدا بألف ليلة وليلة والروايات ومجلات الهلال والعربي الكويتية واليقظة وأخر ساعة والمصور والمجلات الفنية المصرية واللبنانية ...الخ
أما فترة أعتقالي في معتقل /ابو غريب /1995 فكانت مرحلة أخرى من مراحل القرأة وألأطلاع ..
الوقت كثير ولاوجود لأية تسلية غير القراءة ..أما التلفزيون فلم تكن غير قنوات حكومية وبرامجها على الأكثر سياسية عدى (ثلاث أو أربعة برامج) لذلك كنا نقضي أكثرية الأوقات بالكتابة والمطالعة..
في قسمنا (قسم الأحكام الخاصة/ السياسيين ) كانت هنالك مكتبة عامرة ولكن مع مرور الزمن كانت الكتب تختفي وتقل اعدادها والسبب أفراد الحرس والضباط كانوا يستعيرون الكتب ولا يعيدوها.
في قسمنا( قسم السياسيين) العشرات من المثقفين من اساتذة واطباء ومحامين ومهندسين وضباط  وأكثرهم كان من ذوي الأهتمام بالثقافة وألأدب لذلك أنا وغيري أستفدنا الكثير من وجودهم من خلال المناقشات وتبادل الكتب والمجلات الأدبية والثقافية..
اليوم الحالة تغيرت بسبب الأجهزة الحديثة (الأنترنيت والفيسبوك...الخ) لذلك للأسف الشديد نادرا ما أطلع وأقرأ كتاب والسبب الرئيس لأنشغالي بمجلة الگاردينيا..
من خلال عملي في المجلة سواء (مجالس حمدان أو الگاردينيا) تعرفت على عدد من الأساتذة وألأكاديميين في مختلف انحاء العالم وتعلمت منهم الكثير بسبب خبرتهم ومكانتهم العلمية والثقافية وألأدبيه..فنشكر الله على هذه النعمة ..

     

من الأساتذة الذين يشرفني بالتعرف عليهم هو الكاتب الكبير الأستاذ/ محمود سعيد* والمقيم في أمريكا فهو أستاذ جامعي...

         

من خلال المراسلة كتب لي بأنه ينوي أهدائي أجمل رواياته( بنات يعقوب) ومن خلال الحديث عرفت بأنها بحدود 600 صفحة من القطع الكبير.. ترددت في البداية وقلت مع نفسي ياترى أين هذا الوقت الكاف لأقرأ كل هذه الصفحات؟
شعر الأستاذ/ محمود بترددي ومع ذلك أرسل لي الكتاب وفي داخله قصاصة ورق كتب عليها:
عزيزي جلال..
سأرسل لك الأهداء بعد قراتها
لاترتعب من طولها..فما أن تقرأ صفحتين حتى تغرقك في عسلها!!
وصدق الأستاذ / محمود ..ما أن بدأت بالصفحة الأولى حتى تحولت الى عالم واسع وفسيح بسبب تلك الجمل والمفردات التي صاغها بعناية فائقة .. مع قراءة المزيد تشعر وأنك أحد ابطال الرواية أو شاهد من شهود الأحداث الرهيبة ..
في رواية ( بنات يعقوب) تشعر وكأنك تشاهد فيلما سينمائيا بتفاصيلها حيث:
صهيل الخيول وصليل السيوف .. هديل الحمام ..هدهدة الهدهد .. شحيج البغال ..نقيع الضفادع ..حفيف الأشجار .. دبيب الأقدام ..خرير المياه....
سمعت وشعرت بكل هذه الأصوات... يااااه لروعة هذه الرواية..في كل مرة كنت أحدث نفسي وأقول:
ماذا تفعل أذا انتهت الرواية؟؟
كنت أرد على نقسي: سأعيد قرأتها مرة أخرى!!
من خلال هذه الرواية شاهدت وشعرت بجمال نساء الجواري وقسوة النخاسين وعظمة الجنائن المعلقة وعدالة الأمبراطور (نبو خذنصر) وشجاعة قادته وجنوده والأحتفالات السنوية الباذخة ومرعات أهل بابل ومساعدة الفقراء منهم ..وذكاء وعبقرية مهندس البلاط/ ( الليمونمو) ..
دخلت معابدهم.. مشافيهم.. ومدارس ومعاهد تعليم الرقص والموسيقى والرسم والنحت وبقية الفنون الجميلة...
ليست من باب الدعاية اطلاقا.. ولكن اتمنى لوأستطاع كل ألأصدقاء أن يطلعوا على هذه الرواية الكبيرة والرائعة بكل المعاني..
وشخصيا من خلال حديثي قررت اسرتي أن يقرأوها واحدا بعد الأخر..
الف شكر للأستاذ الكبير / محمود سعيد وكثر الله من أمثاله.. وأهمس في أذنه وأقول:
لو لم تكن عراقيا لحصلت على أكبر جائزة عالمية بسبب / بنات يعقوب!!.

       

*محمود سعيد .. روائي عراقي كتب أكثر من عشرين رواية ومجموعة قصص ..
روايته/ نهاية النهار.. فازت بجائزة نادي القصة القاهرية 1996 وفازت قصة/ شجاعة إمرأة بجائزة قصة اطفال في ابو ظبي.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

842 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع