وزارة الثقافة العراقية: عن ملفّات التراب والآثار والمنهوبات

       

العربي الجديد/محمد الباسم:أثرت جائحة كورونا على عمل مؤسسات الدولة العراقية، ومنها الدوائر الثقافية والفعاليات وحملات التنقيب وصيانة المواقع الأثرية والتراثية، كما أنها أسهمت في تراجع حركة البعثات الأجنبية المتخصصة بالتنقيب. يعترف وزير الثقافة والسياحة والآثار في العراق، حسن ناظم، أن تراجع أسعار النفط، وما سببته الجائحة، أدى إلى شح التخصيصات المالية لكثير من المرافق الأثرية والسياسية في البلاد.

وفي حوارٍ مع "العربي الجديد"، قال ناظم، إن "الأزمة المالية في العراق عطّلت صيانة المواقع الأثرية في وسط وجنوب البلاد، وتحديداً المسجلة في لائحة التراث العالمي". كما أنه أشار إلى أن البعثات الأجنبية المتخصصة بالتنقيب لم تنسحب، إنما قطعت عملها في بعض المناطق بسبب التجاوز على المناطق الأثرية. هنا، لقاؤنا بـ ناظم.

* علمنا أن بعثة التنقيب الإيطالية أوقفت عملها في محافظة نينوى بسبب تجاوزات الأهالي على الأراضي التي تحتوي على الآثار. ما القصة؟

ـ محافظة نينوى عموماً تعرضت إلى هجومٍ وإرهاب قاده عناصر "داعش"، وتمكن الإرهابيون من تفجير المناطق الأثرية، مثل تل النبي وجامع النبي يونس. وعقب هذا التفجير وفترة الحرب وتحرير المدينة، حدثت بعض المشاكل والتجاوزات على المناطق الأثرية والتراثية، وشملت الأمكنة التي تحتوي على آثار، وضمن عمل بعثات تنقيبية أجنبية، حيث توجد في الموصل بعثات إيطالية وألمانية وأميركية. وأن من أبرز التجاوزات التي عالجتها الوزارة بعد أن أملهت المتجاوزين ثلاثة أشهر، هي بناء وحدات سكنية عشوائية، على الأرض الأثرية، بل ونبش المنطقة من قبل بعض العائلات في سبيل العثور على قطع أثرية وبيعها، وتمكنت الوزارة من إزالة نحو 50 وحدة سكنية عشوائية.

* لدى العراق آلاف القطع الأثرية والأعمال الفنية واللوحات والألواح المسروقة والمحجوزة حالياً في بلدان عربية كالإمارات مثلاً، وأخرى لدى الاحتلال الإسرائيلي الذي يعترف بأنه يمتلك آثاراً عراقية مهربة، ويعتبرها ملكه، كيف تعالجون هذا الملف؟

ـ ملف الأعمال الفنية والآثار المنهوبة والمسروقة هو ملف شائك ومعقد، وتشترك فيه مجموعات من داخل العراق ممن ينتفع من التهريب، ودول إقليمية وعالمية. نحن لدينا قانون خاص بالآثار، يحدد أعمال الوزارة في كيفية الاسترداد. هناك عمل حثيث في قسم كامل اسمه "الاسترداد"، يعمل على ملاحقة الشركات والأشخاص المتورطين والمتعاونين في عملية التهريب، وقد قادنا العمل الوزاري إلى جهات معينة.

نستند إلى هذا القانون في الأمم المتحدة لكي نحاجج الآخرين الذين يتاجرون بالآثار العراقية، ولحد الآن تمكنا من استرداد آلاف القطع المسروقة في الولايات المتحدة، وننتظر تهيئة صناديق خاصة لنقلها إلى البلاد. كما أن العراق تمكن من الإمساك بلوح شهير ومعروف اسمه "حلم كلكامش"، في أميركا أيضاً، ونعمل على إنهاء بعض الخطوات الإجرائية لإعادته، كما تتعامل وزارة الخارجية العراقية وسفارات العراق في الخارج على إرجاع الآثار المحجوزة في البلدان.


* لم يتقدم العراق في تهيئة وتحويل مناطق الأهوار وبابل إلى مرافق سياحية بالرغم من إدراجها على لائحة التراث العالمي. ما السبب؟

ـ الأمر لا يشمل الأهوار وبابل فقط، بل جميع الأماكن التي سُجلت في لائحة التراث العالمي، حيث كان لا بد بعد التسجيل أن تتوفر متطلبات يجب أن تستأنف، وتتلخص بإقامة مشاريع وصيانة وحماية وترتيب وتحسين وتجميل. كل هذه المتطلبات تحتاج إلى أموال، وللأسف تسجيل الأهوار وبابل على لائحة التراث العالمي جاء في وقتٍ يعاني فيه العراق من أزمات مالية، ولم تنته لحد الآن مع استمرار جائحة كورونا بالانتشار وانخفاض أسعار النفط. تحويل الأهوار، أو أي منطقة أثرية في العراق، إلى مرفق سياحي؛ يعني الحاجة إلى ملايين الدولارات، وهذه الأموال غير متوفرة حالياً.


* ماذا عن جامع النوري في الموصل ومنارة الحدباء، كنّا قد عرفنا أن جهات عدة تطوعت عقب تحرير المدينة من "داعش" بإعادة إعمار هذه المنطقة؟

ـ جامع النوري، والحدباء، ومعهما كنيستان في نينوى، ضمن مشروع ممول من الإمارات لإعادة بناء هذه الصروح، وأعطي المشروع لمنظمة يونسكو لكي تنفذ، وبقي على وزارة الثقافة العراقية الإشراف والتوجيه، مع العلم أن المكان يملكه ديوان الوقف السني، لوزارة الثقافة سلطة تراثية عليه، ونحن نتعاون مع الديوان في زيارات حثيثة، ولكن التأخير في المباشرة بالبناء يرجع إلى الجهة المنفذة (يونسكو)، وهذا الأمر مألوف عند المؤسسات الدولية التي تعمل ببطء بسبب الجائحة وبعض الإجراءات الروتينية.

* في الماضي، كان معهد الدراسات النغمية في بغداد من أهم معاهد الموسيقى في الوطن العربي، ولكنه حالياً، يعاني من الإهمال، لماذا؟

ـ واقعياً، ليس هذا المعهد فقط هو الخامل والراكد، هناك مؤسسات كثيرة ودوائر ثقافية وفنية أخرى كثيرة تعاني من نفس الأمر، بسبب عدم وجود التخصيصات المالية، وبعضها يعاني من مشاكل مرتبطة بسوء الإدارة.

* هناك شخصيات عراقية معروفة، مثل نصير شمة، كان قد تطوّع لإحياء معهد الدراسات النغمية بجهوده الذاتية. هل تعاونتم معه؟

ـ هذا صحيح، ولذلك جزء من عملي هو الاعتماد على مبادرة مثل هذه الشخصيات الذين يتحركون بدافع ذاتي، وليس عبر وجودهم ضمن الهيكل الإداري في الوزارة. ولدينا الآن فرقة جديدة تتشكل لإحياء تراث العراق الغنائي الأصيل، وبمبادرة من المايسترو علاء مجيد، وقد تمكن من جمع عدد من العازفين والمطربين بشكلٍ تطوعي، ونحن في وزارة الثقافة بصدد رعاية هذا التشكيل وإدراجه ضمن هيكلية الوزارة.


* ضمن نظام المحاصصة الحزبية والطائفية المعمول بها في العراق، فإن وزارة الثقافة في الحكومة الحالية هي من حصة حركة "عصائب أهل الحق"، وهو فصيل مسلح يشترك بالعمل السياسي. هل تؤثر الحركة المسلحة هذه على عمل الوزارة؟

ـ سأكون صريحاً. المحاصصة فرضت أن تكون بعض الوزارات تحت رعاية بعض الجهات الحزبية، ولكن العمل في وزارة الثقافة يتبع الاحترافية، كما أن ترشيحي للمنصب (الوزير) لم يكن من جهة حزبية، بل من قبل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، وأنا حالياً أعمل بطريقة مستقلة لأنني مستقل، كما لا تفرض أي جهة أو حركة على الوزارة أي إملاءات أو فروض على الإطلاق.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

469 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع