مطلوب جنود لجيش الفاتيكان مستعدون للموت من أجل البابا

  

              أزياء تثير انتباه الأطفال والسياح

جيش الفاتيكان قليل العدد يشهد عزوف الإقبال عليه من قبل الشباب السويسريين، وهم الوحيدون المخوّلون للعمل في صفوفه، وذلك بسبب الراتب المتواضع مقارنة بالوظائف الأخرى رغم المزايا العديدة غير المالية، هذا الأمر جعل الإدارة المشرفة على بعث قناة يوتيوب لإطلاق حملة ترويجية عبر الفيديوهات تشجع على التطوّع في الجيش الذي يلبس أزياء طريفة، علما وأنه تم التنازل عن بعض الشروط الصارمة.

العرب/الفاتيكان - مطلوب شباب على استعداد، إذا لزم الأمر، للتضحية بحياتهم من أجل حماية البابا مقابل راتب متواضع، علما وأنّ المتقدمين الناجحين سوف يحصلون على إقامة مجانية.

الحرس البابوي السويسري هو جيش الفاتيكان مهمّته حماية البابا، ويُعرف بأنه أصغر جيش في العالم ويقتصر عدد جنوده على 150 فردا يلبسون زيا رائعا يُلفت الأنظار بالنسبة إلى السائحين وزائري ساحة القديس بطرس.

وأسندت مهمة حماية البابا إلى الحرس السويسري منذ 500 عام، تاريخ لا ينضب من الشجاعة، وعلى عكس ما قد توحي به أزياؤهم الملونة وقلة عددهم يتلقى هؤلاء الحرس السويسري تدريبا قاسيا، وقد أثبتوا مهارتهم وجدارتهم في أرض المعركة أكثر من مرة منذ عصر الإمبراطورية الرومانية وحتى الآن.

ويمتلك الجيش السويسري 4 مهمّات، هي حماية وتأمين مداخل دولة الفاتيكان، وتأدية خدمات تأمينية وشرفية أخرى، ومرافقة البابا في رحلاته الخارجية، وأخيرا وليس آخر حماية المجمع المقدس خلال انتخاب بابا جديد للكنيسة الكاثوليكية.

ومع حساسية الدور الذي يقوم به هذا الجيش الملون، كان لا بد أن تخضع عملية اختيار جنوده لمعايير دقيقة بما يتناسب مع ثقل المهمة المطلوبة منهم، لكن اليوم يواجه مشكلة في العثور على مجندين، لذلك قام المشرفون عليه بحملة ترويجية مع تخفيف متطلبات وشروط الانضمام قليلا، كما يجري العمل من أجل تصميم زي عملي جديد أكثر مرونة.

يقول الكولونيل كريستوف غراف (57 عاما) قائد الحرس السويسري منذ فبراير عام 2015، والمحارب المخضرم منذ 32 عاما في القوة العسكرية الراقية، “نحن نسير على أرض مجهولة بسبب قلة الراغبين في الانضمام إلى القوة الحرس التي تأسست في عام 1506 في عهد البابا يوليوس الثاني، لأول مرة نروّج إلى أنفسنا”. وأطلق الحرس السويسري قناة على يوتيوب العام الماضي، وهي تحاول جذب جنود جدد عبر مقاطع الفيديو وورش العمل الترويجية، يقول غراف، “نخطط لتوسيع هذا الأمر بشكل أكبر، نحن الآن في المرحلة التجريبية”.

   

جنود جيش الفاتيكان يجب أن يكونوا من الذكور السويسريين، وأن يكونوا كاثوليك رومانيين تتراوح أعمارهم بين 19 و30 عاما أتموا بنجاح التدريب العسكري الأساسي في سويسرا، ويحملون إما شهادة التخرج من المدرسة وإما تدربا مهنيا كاملا أو شهادة جامعية، ولديهم سمعة لا غبار عليها بشهادة القسّ المحلّي.

وفي حال تجاوز الجندي الشروط الأساسية السابقة، عليه أن يُنهي تدريبه العسكري التمهيدي في سويسرا من أجل بدء تدريبه العسكري الذي يمتد لـ5 أسابيع في روما، حيث يخضع لدروس نظرية لمدة 4 أسابيع، لاسيما في مسائل التعامل مع الإجهاد.

كما يدرس الجنود القانون المتعلق بالأسلحة والدفاع عن النفس بطريقة شرعية. ويتدربون كذلك على استعمال الأسلحة النارية، وإطلاق النار طويل المدى أو من مسافة قريبة، والدفاع اليدوي، وكيفية التعامل مع شخص أو سيارة.

وبمجرّد الانتهاء منه يحمل اسم “هالبيرد” أو الحربة نسبة إلى “الحربة”، السلاح الوحيد الذي كان المسموح لهم باستخدامه في الحقبة الممتدة من القرن الـ14 إلى الـ15، ويحصل اليوم كل جندي على رخصة لحمل السلاح، ويُسمح له بالتدريب في نطاقات الرماية الرومانية، كما قد يكون بإمكانه استخدام المسدس أيضا.

وعندما ينتهي جنود الجيش السويسري من تدريبهم العسكري يلتقون بقداسة بابا الكنيسة الكاثوليكية مع أهلهم في غرفة مغلقة كي يمنحهم قداسته مباركته، ومن ثم يتم تعيين مدرّس شخصي للجنود لتعليمهم اللغة الإيطالية، وبانتهاء أول عام من خدمتهم، يصبح الجنود مؤهلين لاستلام مهام عملهم الرسمية لحماية البابا في دولة الفاتيكان.

تخفيف الشروط

الزيادة في أفراد الجيش، جعلت إعادة الهيكلة أمرا ضروريا، فمن ضمن التغييرات الجديدة، سُمح للحراس الذين خدموا لمدة خمس سنوات، وتعهدوا بالبقاء ثلاث سنوات أخرى بالزواج، بعد أن كان من الضروري الوصول إلى رتبة عريف.

وتم تخفيف شروط الطول التي كانت 174 سنتيمترا ويقول غراف، “كنا نرفض من يتقدم وطوله 172 سنتيمترا. كان ذلك مخزيا”.

ويضيف غراف، إن عدد المتقدمين يتناقص منذ سنوات، وهو ما يعزى إلى الظروف الاقتصادية الجيدة في سويسرا و”الدور المتراجع للدين في المجتمع”.

وعادة ما يكون الحصول على وظيفة في قطاع الأعمال أكثر ربحا بكثير من الانضمام إلى الحرس البابوي، الذي يدفع راتبا شهريا هزيلا نسبيا قدره نحو 1500 يورو (1680 دولارا).

هناك مميّزات غير مالية بالطبع، فإلى جانب الرضا لخدمة “كنيسة المسيح ونائبه على الأرض”، حسبما يقول غراف في كلمات الترحيب على موقع الحرس السويسري على الإنترنت، فإن الحراس “يشاركون في روح المغامرة على المسرح الدولي”، ويتعلمون اللغة والثقافة الإيطالية، ويستمتعون بمناخ البحر المتوسط ويتمتعون بكل ما تقدمه روما لهم.

كما أن الحرس السويسري لديه حتى فريق كرة القدم الخاص به الذي ينافس فرق الفاتيكان الأخرى للعبة –بما في ذلك فريق الشرطة وفريق المتاحف– في بطولة الفاتيكان السنوية.

وتهتم خمس راهبات من بولندا باحتياجات الحرس السويسري من الطهي في مقصف الثكنات، مع تقديم المأكولات السويسرية والإيطالية ضمن قائمة الطعام.

كما أن هؤلاء الجنود يتمتعون بنزهة سنوية يقضونها بالملابس المدنية طبعا، وستكون هذه السنة في متنزه: يوروبا بارك الذي يحظى بأكبر شهرة في ألمانيا، ويقع بالقرب من ستراسبورغ في فرنسا.

وسيذهب الجنود إلى قضاء عطلتهم في ثلاث مجموعات متتالية، كل منها يتكوّن من 50 حارسا حتى لا يُترك البابا فرنسيس دون حماية.

إلى جانب العمل كحراس شخصيين للبابا، يحرس الفيلق الفيلا البابوية كاستل غاندولفو والمداخل الرسمية لمدينة الفاتيكان، كما يراقبون بأزيائهم التقليدية أو المدنية الجماهير البابوية والاحتفالات التي يحضرها البابا، ويرافقه كبار الضباط في الرحلات الرسولية.

العلامة المميزة للحرس السويسري هي ملابسه الرائعة التي تحمل نمط عصر النهضة وتتكوّن من السترات والجوارب المخطّطة بألوان الأحمر والأزرق والأصفر، وطوق أبيض وأحيانا خوذات من ريش النعام رفيعة ملونة لتعكس الرتب المختلفة.

ويرتدي الحرس درعا أيضا في بعض الأحيان، ويستطيع الحراس الذين يرتدون الزي التقليدي حمل الرؤوس أو الرماح أو السيوف.

ونظرا، إلى أن هذا الزي الاحتفالي ليس عمليا للغاية في أداء الواجبات اليومية، فقد صمّم الحرس زيا آخر بالإضافة إلى زي التمثيل وزي التمرين الأزرق مع قبعة يرتديها الحرس أثناء التدريب وأداء الواجبات المسائية.

يقول غراف، “تم الانتهاء من الزي الرسمي الجديد، وسوف يُعرض على الجمهور”، مضيفا أنه لا يزال يتعيّن أن يحصل على مباركة البابا.

ويقول أحد أفراد جيش الفاتيكان، “لا يمكن مقارنة الخدمة في الحرس السويسري بالمهن العادية”، موضحا أنها مهمة خاصة في مكان خاص يقابل فيه المرء أشخاصا بطبيعة خاصة.

ومع ذلك، حسبما يقول غراف، لا يخدم الحراس عادة أكثر من الحدّ الأدنى المفروض، وهو 26 شهرا، مع بقاء القليل منهم لمدّة عام ثالث. ويُشير غراف، إلى أن الضباط وحدهم و30 إلى 35 فردا تقريبا من الحرس المسؤولين عن الأمن الشخصي للبابا مع ارتداء ملابس مدنية يظلون في الخدمة لفترة أطول، لذلك فإنّ نحو ثلث القوة يتغير كل عام.

شجاعة تاريخية
عرف المرتزقة السويسريون كمحاربين منذ العصور الرومانية القديمة، فخلال أحداث نهب روما في عام 1527، لقي جميع أفراد الحرس السويسري البالغ عددهم في ذلك الوقت 187 حارسا حتفهم ما عدا 42 فردا دفاعا عن البابا كليمنت السابع ضد الإمبراطور الروماني شارل الخامس، وتمكّنوا من الوصول به إلى برّ الأمان.

وفي عام 1981، ساعد الحرس السويسري في حماية البابا يوحنا بولس الثاني أثناء محاولة اغتيال في ساحة القديس بطرس.

وحسب غراف فإن البابا فرنسيس المولود في الأرجنتين، والذي يبلغ من العمر82 عاما، يقدّر حريته الشخصية بشكل كبير ويفاجئه بانتظام برحلات عفوية، مما يجعل عمل حراسه الشخصيين أكثر صعوبة. ويقول إن البابا على سبيل المثال، ذهب إلى أخصائي العيون والصيدلية دون إخطار مسبق.

يختم غراف عن البابا فرنسيس، “من المهم بالنسبة له أن يكون قريبا من الناس، وأن يمارس أنشطته اليومية بطريقة غير معقدة… إنه إنسان ونحن جميعا نفهم”. ولم تشهد بابوية فرنسيس، التي بدأت في مارس 2013، حتى الآن أيّ حادث، البابا ليس لديه خوف عندما يتعلّق الأمر بسلامته، حسبما يرى غراف، الذي قال، “إنه يعرف أنّ حياته في يد الرب”.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1151 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع