أم يوسف.. دمشقية تصارع الحياة بأكواب القهوة

          

البيان/الحسكة - عبدالله رجا:لم يعد باب توما في دمشق، يتمثّل فقط في الباب الخشبي القديم الذي يتوسّط ساحته، ولا حتى الوجوه الشابة الداخلة والخارجة باتجاه الأزقة القديمة، إذ بات هذا المكان يرتبط بسيدة صار وجودها جزءاً لا يتجزأ من هوية المكان الدمشقي.

أم يوسف، سيدة سورية أتعبتها الأيام وسنوات الحرب ودفعتها للعمل في الشارع متحمّلة حر الصيف وبرد الشتاء، لا فرق عندها في تنوّع الفصول فكل ما يهم الاستمرار في الحياة، فيما لا تعدى مشروعها أكثر من كؤوس شاي وقهوة وبعض المشروبات الساخنة، تبيعها للمارة بكل حب وود، فمع كل كأس من الشاي أو القهوة ابتسامة، وبعيون ممتلئة محبّة تنتظر المساعدة من الآخرين دون أن تطلبها صراحة، لأنّ عزة نفسها أكبر من سؤال أحد، وأكبر من الجلوس في المنزل وانتظار عون الآخرين.

تستيقظ أم يوسف باكراً كل يوم وتتجه نحو ساحة باب توما في دمشق، لتبدأ بعرض منتجاتها على سيارة قديمة بيضاء من نوعية «فولكس فاغن»، استعارتها من أحد الأشخاص لتضع فيها «البسطة»، فيما هي تحلم أن تحصل على كشك تبيع فيه المنتجات نفسها ويكون لها مكان يقيها من البرد والحر.

عمل وهموم

تروي أم يوسف لـ «البيان»، كيف بدأت عملها في هذه المهنة منذ تفجّر الحرب، حيث لم تجد معيناً أو مؤنساً لوحدتها بعد وفاة زوجها وبعده ابنها الوحيد، ما يضطرها للخروج صباحاً والعودة في أواخر الليل. تمضي هذه الساعات في العمل لتأمين مصروفها، ونسيان همومها. وتشير أم يوسف إلى أنّها فجعت في ابنها قبل نحو ثلاث سنوات بعد إصابته بقذيفة هاون، ليترك موته جرحاً غائراً.. فقد كان رفيق دربها ومؤنسها ومرافقها إلى العمل فلم تكن تستطيع تركه وحيداً في المنزل لمعاناته من إعاقة دائمة. تقول لـ«البيان»: «اخترت هذه المهنة لأنني أفضل أن أكون سيّدة نفسي، وألا يفرض أحد شروطه علي، أحب أن أكون قادرة على اختيار مكان ومواعيد عملي».

علاقات طيبة

اعتاد الجوار على وجود أم يوسف وتمكّنت خلال سنوات من بناء علاقات طيبة مع الجميع، حتى أنهم يطمئنون عليها في حال غيابها ويقدّمون لها يد العون متى احتاجت. وتلفت أم يوسف إلى أنّ زبائنها اعتادوا على فنجان القهوة الذي تعدّه، ما جعلهم يرفضون شراءه من أي مكان آخر في حال تغيّبت عن عملها.

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

850 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع