الأرز الذهبي السويسري يكافح الجوع وفقر الدم في العالم

               

                تنمية الأرز الذهبي داخل الأحواض الزجاجية

تعتمد نصف البشرية تقريبًا على الأرز كمادة غذائية رئيسية بحسب معطيات الأمم المتحدة، لكن الأرز تنقصه الكثير من المواد الأساسية، وهذا هو سبب انتشار فقر الدم في هذه البقاع. فهل يكون الأرز الذهبي هو الحل؟

ايلاف/أمجد الشريف من برلين: يقول العلماء السويسريون إنهم نجحوا في تحوير الأرز الاعتيادي إلى أرز كفيل بمكافحة "المجاعة الخفية" في مناطق العالم التي تعتمد على الأرز في تغذيتها. ونشر الباحثون من جامعة زيورخ التقنية تقريرًا يتحدث عن نجاح باهر في اطار مشروع "الأرز الذهبي"، الذي يعملون عليه منذ عام 2000.

تم تحويره وراثيًا

ذكرت نافريت بولار، نائبة رئيس قسم البحوث النباتية في جامعة زيورخ، أن فريق العمل وجد ضالته في"الأرز الذهبي - 2"، الذي تم تحويره وراثيًا كي يحتوي على كميات صحية من بيتا كاروتين (المادة الأولية من فيتامين أي) والحديد والزنك، وهي مواد يفتقدها الأرز التقليدي.

قالت بولار إن الأرز التقليدي يحتوي ما يكفي من السعرات الحرارية والنشاء والمواد الأولية، بل يسد جوع ملايين الفقراء، إلا انه سبب فقر الدم المستتر في العديد من مناطق العالم، خصوصًا في آسيا وافريقيا؛ إذ إن فقر الدم الناجم عن قلة الحديد الزنك وفيتامين أي في هذه المناطق يسبب تخلف نمو دماغ الأطفال، ويعرض الحوامل والأجنة للخطر.

يؤدي نقص فيتامين أي إلى ضعف النظر، وربما إلى العمى، وضعف نظام المناعة، وهذا يؤدي بدوره إلى ارتفاع نسبة الإصابة بالملاريا والحصبة والالتهابات المعوية بين الأطفال.

تم تطوير مشروع "الأرز الذهبي" في عام 2000 بواسطة الدكتور انغو بوتريكوس من جامعة زيورخ التقنية، وكان الهدف منه منح الأرز نسبة عالية من بيتاكاروتين. وتم نقل مختبرات زيورخ إلى مناطق عدة في آسيا بغية إنتاج الأرز الذهبي في ظروف المنطقة وتجربته هناك.

بروتين أي في النواة

كتبت بولار وزميلها طالب الدكتوراه سيمار بال سنغ في مجلة "تقارير علمية" أنهما حرصا على أن يحتوي "الأرز الذهبي – 2" على بيتاكاروتين والحديد والزنك في النواة، وليس في القشرة.

ونجحت بولار في إدخال أربعة جينات جديدة، تحفز نمو فيتامين أي والحديد والزنك في حبة الأرز، إلى موقع واحد في السلسة الوراثية للأرز. وثبت أن هذه الطريقة تضمن تعويض الأرز التقليدي، من مختلف الأنواع ومن مختلف البلدان، عن المواد الأولية التي تنقصه. ولو انهم اعتمدوا طريقة أخرى، لكان عليهم تطعيم زراعة الأرز في كل مكان بالجينات المأخوذة من "الأرز الذهبي – 2"، وهذه عملية طويلة وشاقة.

تؤكد الباحثة بولار أن استبدال الأرز التقليدي بـ "الأرز الذهبي- 2" بنسبة 70 في المئة في البلدان التي تعتاش على الأرز باعتباره مادة غذائية، يمكن أن يعالج كافة أنواع فقر الدم المضاعفات الناجمة عنه في هذه البلدان.

ضد فقر الدم وتلوث البيئة

يقلل الأرز الذهبي من أضرار زراعة الأرز على البيئة على المستوي العالمي، لأنه يحتاج إلى ماء أقل، ولأن الإنسان لا يحتاج إلى كميات كبيرة منه كي يشعر بالشبع؛ إذ تقدر دائرة البيئة الاتحادية في واشنطن أن يرتفع غاز الميثان الصادر عن زراعة الأرز بنسبة 16 في المئة حتى عام 2020. فالعديد من بلدان شرق آسيا، عدا الصين، مصرة على استخدام طرق الزراعة القديمة في المناطق المنخفضة باستخدام الأسمدة الطبيعية.

يمكن زراعة الأرز في المناطق العالية أن تقلل استخدام الماء والأسمدة، وأن تقلل بالتالي انطلاق غاز الميثان من الزراعة.

على الرغم من ذلك، يعتقد العلماء باستحالة إقناع بلدان شرق آسيا الفقيرة بالتخلي عن زراعة الأرز أو التقليل منها. ويرون أنه من الصعب أن تقنع إنسانًا بالتزام سياسة الرأفة بالبيئة إذا كان يجد صعوبة في إطعام أولاده. ويرفض 70 في المئة من فلاحي بلد فقير مثل تايلاند، التي تعتبر أكبر مصدر للأرز في العالم، تغيير طرائق الزراعة التقليدية. وترى الأمم المتحدة ضرورة تنفيذ برامج خفض غاز الميثان بشكل متوازٍ مع مشروعات مكافحة الجوع.

بحوث في البيوت الزجاجية

ما زلت التجارب على "الأرز الذهبي – 2" في طورها الأول، لأنها جرت على أرز تمت تنميته داخل البيوت الزجاجية تحت شروط معينة. وتخطط مجموعة العمل من زيورخ إلى إجراء تجارب قادمة في حقول مفتوحة في آسيا، تحت شروط زراعية كفيلة بحماية البيئة والتربة من مضاعفات الهندسة الوراثية، وذلك لتنمية "الأرز الذهبي – 2".

تؤكد بولار أنها ستعمل في الوقت ذاته على تطوير الأرز بشكل أفضل، وتحسين نسبة المواد الأولية فيه.

وتشير إلى أن التجارب في الحقول المفتوحة ستجري في السنة القادمة، لكنها لا تستطيع تقدير الفترة اللازمة للانتهاء من التجارب.

وقدرت الحاجة إلى خمس سنوات أخرى كي يتحول "الأرز الذهبي – 2" إلى سلاح نباتي في مقارعة والجوع وفقر الدم في العالم.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

872 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع