"الحكيم" يقود آخر تصدّعات البيت الشيعي بالعراق.. ما الذي تغيّر؟

                      

   الحكيم أعلن تأسيس تيار الحكمة الوطني ككيان سياسي جديد في العراق

بغداد - الخليج أونلاين (خاص):يستعد العراق لموعد مهم للغاية، مطلع العام القادم، هو حلول استحقاق الانتخابات النيابية التي ترسم خريطة البلاد السياسية للسنوات الأربع القادمة، في ظل متغيرات هامة طرأت على المشهد العام.

حيث تمر الدولة بأصعب المراحل منذ الاحتلال الأمريكي عام 2003؛ بسبب فشل الحكومات المتعاقبة، والتي قادتها التيارات الشيعية المتحالفة، في إخراج البلد من عنق الزجاجة، لتأتي الحرب على تنظيم الدولة، وتراجع أسعار النفط؛ فتجهز على ما تبقّى من قدرته على المطاولة في معترك التحول السياسي، الذي عطّل فصوله ثالوث الطائفية والإرهاب والفساد.

- تصدّع البيت الشيعي

"البيت الشيعي" في العراق بقي، على مدار قرابة عقد ونصف، موحداً في ممارسة العمل السياسي بعد الاحتلال؛ إيماناً من القوى الشيعية المدعومة من إيران بأن لا سبيل لحكم العراق إلا بمثل هذه الوحدة، غير أن تصدعات جعلت تلك القوى تتقاذف الاتهامات فيما بينها، في حين تؤكد الوقائع على الأرض تحوّل مزاج الناخب العراقي.

فبعد أن تحدثت وسائل إعلام محلية عن انشقاقات كبيرة حدثت في صفوف المجلس الأعلى الإسلامي، الذي يقوده رجل الدين الشاب عمار الحكيم، أعلن الأخير انشقاقه عنه، وتأسيس كيان "سياسي" جديد.

وكان الإعلام المحلي قد تحدث، نقلاً عن مصادر رفضت الكشف عن أسمائها، عن لجوء قيادات في المجلس إلى إيران التي ترعى البيت الشيعي ولها تأثير كبير في القوى السياسية الشيعية، خصوصاً المجلس الأعلى الذي تأسس في إيران منتصف الثمانينيات، وقاتل أعضاؤه إلى جانب الأخيرة خلال الحرب العراقية الإيرانية.

وأشارت المصادر إلى شكوى وجّهت إلى إيران من قيادات مهمة ضد الحكيم؛ لاتهامه بالتفرّد بقرارت المجلس، وعدم استشارة قادته المخضرمين، وعلى رأسهم رجل الدين جلال الدين الصغير، ووزير النقل السابق باقر الزبيدي، والنائب حامد الخضري.

وذكرت المصادر أن الشكوى المقدمة للمرشد الإيراني، علي خامنئي، تدور حول تباينات في وجهات النظر مع الحكيم، وتطالب بدور أكبر في صناعة القرار داخل المجلس، رافضة صعود قيادات شابّة لم تكن موجودة في إيران قبل عام 2003.

وهو ما أكده القيادي في المجلس، فادي الشمري، في حديث لقناة تلفزيونية محلية، أشار فيه إلى وجود سجالات سياسية داخل المجلس، لافتاً إلى أن "الحراك والأمزجة المتعددة داخل المجلس ستفضي إلى شيء ما".

من جهته، أقرّ المتحدث الإعلامي باسم المجلس، حميد معلة، بحدوث ما أسماه "حراكاً" داخل الهيئة القيادية للمجلس.

وقال إن "الحكيم له رؤيته الخاصة في إدارة المجلس الأعلى"، مشدداً على أن "رئاسة المجلس منذ تأسيسه مناطة بعائلة آل الحكيم، ولم نصل حتى الآن إلى مرحلة مغادرة الحكيم لرئاسة المجلس".

- الحكيم يتزعم تيار الحكمة

ظهور الحكيم، الاثنين 24 يونيو، في حديث تلفزيوني، وإعلانه تأسيس ما أسماه "تيار الحكمة الوطني"، ككيان سياسي جديد، أكد التكهّنات التي كانت تتضارب حول مدى صحة تصدّع المجلس الأعلى الذي انسحب منه، وقال في حديثه إن تياره: "يتبنّى العملَ السياسي في إطار العملية الديمقراطية والحرية المجتمعية، وسيواصل العمل مع الجميع، ولكن بأفكار وأطر جديدة".

وأضاف: "إن عراق 2017 يختلف كثيراً عن عراق 2003، وعلى القوى السياسية الفاعلة والمخلصة أن تعي هذا الاختلاف مثلما وعيناه نحن في تيار الحكمة الوطني".

وفي إشارة إلى اعترافه بتدخل دول الإقليم في الشأن العراقي، وعدم ممانعته لذلك؛ أكد الحكيم أنه يؤمن أن "قضايا الأمة الكبيرة يجب أن تتفاهم عليها الدول الشقيقة والصديقة الفاعلة والمؤثرة، فلقد كنّا وسنبقى دائماً من دعاة حوار الشجعان وتفاهمات الكبار، وسيقوم العراق بدوره المحوري بين جميع إخوته في المحيط الإقليمي، وصولاً إلى تفاهمات تحفظ دول المنطقة، وتنمية شعوبها، وقطع الطريق أمام التدخلات الدولية السلبية، والخروج من حالة الاستقطاب المنهكة للجميع".

ويرى مراقبون أن الفترة التي تسبق الانتخابات في العراق تشهد العديد من التحولات والانشقاقات، ومحاولة دغدغة عواطف الناخب التوّاق للتغيير.

الكاتب والمحلل السياسي العراقي، نضير الكندوري، قال لـ "الخليج أونلاين": "يبدو أن وقت تغيير لباس السياسيين قد حان، فقرّر عمار الحكيم، رئيس ما يسمّى بالمجلس الأعلى الإسلامي، أن يخلع عنه عباءة الطائفية الشيعية ليلبس عباءة جديدة تتلائم مع مستقبل العراق في مرحلة ما بعد داعش".

وأضاف: "اجتهد الحكيم، طيلة الأشهر الماضية، في محاولاته الارتقاء بكتلته السياسية للدرجة التي توائم متطلبات العهد الجديد الذي سيدخله العراق بسبب التأثير الأمريكي، وأصدر وثيقة التسوية على أمل أن يجد من خلالها دور الريادة في مستقبل العراق السياسي، وقام بتقريب قيادات شابة منه، وإبعاد القيادات التقليدية التي كانت مسيطرة على المجلس الأعلى، إلا أنه واجه فشلاً ذريعاً، وتخلّى عنه كبار قياداته المحافظة في تياره؛ من أمثال جلال الدين الصغير، وباقر جبر الزبيدي، اللذين لم يكتفيا بذلك، إنما ذهبا ليشكواه لمرجعيتهم الفقهية والسياسية في طهران".

وكان المجلس الأعلى شهد قبل مدة قليلة انشقاق اثنين من قياداته التاريخية؛ هما "صغير" و"الزبيدي"، لأسباب تتعلّق بالخلاف حول طريقة قيادة المجلس.

وعزا الصغير أسباب انسحابه حينها إلى "أن المجلس ابتعد عن مسار شهيد المحراب محمد باقر الحكيم، وأخيه الفقيد الكبير عبد العزيز الحكيم"، حسب بيان نشر على موقعه الإلكتروني.

وأوضح أن "سر الاختلاف الحاصل يعود في جوهره إلى قضية أساسية علّمنا عليها شهيد المحراب والتزم هو بها حرفياً، وكانت هي سر اختلافنا الرئيسي مع حزب الدعوة أيام المعارضة، وهذه القضية تتعلق بالفقاهة التي تحكم العمل السياسي".

الكندوري رأى من جهته أن الحكيم يحاول "خلع عباءة إيران"، وأن هذا الأمر تسبّب بانشقاق في المجلس الأعلى، وأشار إلى أن: "خروج الحكيم عن الولاء للولي الفقيه عبّر عنه بشكل صريح القيادي جلال الدين الصغير؛ حينما وصف الخلاف بينه وبين عمار بأنه خلاف (فقهي)، أي إنهما يختلفان في موضوع ولاية الفقيه، ورجوع عمار الحكيم للفقه الجعفري القديم الذي يؤمن به المرجع الشيعي علي السيستاني، وهو السر وراء المديح المبالغ فيه من قبل الحكيم للسيستاني، خلال بيان إعلانه عن تياره الجديد".

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

792 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع