النجف عصية على 'العجمي'

                     

                  جنازة أول قتيل في مظاهرة النجف

المدينة العراقية عصية على الضياع داخل لغات وعادات وتقاليد الأقوام القادمة للدراسة أو الزيارة فيها.

العرب/النجف - ظلت مدينة النَّجف، على الرغم مِن كثرة الطلبة المغتربين الدارسين في حوزتها الدينية وكثرة المراجع الذين تقلدوا المرجعية الدينية فيها، ذات نفس عربي، محافظة على اللغة والشعور أيضا، لذا فليس بعيدا أن تكون انتفاضة النجفيين مِن أجل الكهرباء وما أسفرت عنه من أضرار للمتظاهرين، لها صلة بهذا الشعور، فالكهرباء توفر لطلبة الحوزة الدينية، وكأن لهم امتيازا على بقية الناس، ومعلوم أن المراجع هناك، وهم الأساتذة، يساهمون بتوفير متطلبات طلبتهم، مثلما يوفرون لهم الخبز والسكن.

وقد لا يحصل مثل هذا الانتفاض في مكان آخر مثلما حصل بالنجف، ونشير بالاسم والعنوان إلى أولئك الدارسين المغتربين القادمين من إيران وأفغانستان وباكستان، حيث يوجد التقليد الديني الشيعي الإمامي.

ولا يبدو هذا الشعور مخفيا، ليس اليوم إنما منذ بدايات وجود الحوزة الدينية في النجف، فالعربي الذي يُشار إليه، في لحظة غضب، بالعجمي يعتبرها إهانة ما بعدها إهانة، ولو عدنا إلى التاريخ قليلا، أي إلى عام (1975) حيث وُقعت المعاهدة مع إيران بخصوص الحدود وتقسيم شط العرب خصوصا، تناول النجفيون في مواكبهم الحسينية في تلك المناسبة، المعاهدة المذكورة بالقول “شط العرب إنا (لنا) مية بالمية يحسين شوف الخريطة”. من دون إغفال النزاع بين المرجعيات على أساس قومي، فأحد فقهاء النجف البارزين عباس الخماسي عندما سُئل عما إذا كان سيصبح مرجعا أم لا، فقال ببداهة “أنا عربي أنا عربي أنا عربي، ما أصير مرجع”، تعبيرا عن العصبة الأعجمية في الهرم المرجعي!

وظلت النجف بهذا الشعور حامية للغة العربية الفصحى، لذا خرج من أزقتها ومقاهيها أكبر الشعراء، ومَن يطلع على موسوعة “شعراء الغري” ذات الثلاثة عشر جزءا سيدرك هذه الحقيقة. لقد ظلت النجف عصية على الضياع داخل لغات وعادات وتقاليد الأقوام القادمة للدراسة أو الزيارة فيها. وليس بعيدا بمكان أن يكون هذا الشعور قد ضاعف الاحتجاج عن نقص أو انعدام الكهرباء، ممزوجا بدرجات الحرارة وبقيظ الصحراء التي تحيط بها.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

803 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع