التعليم التقني في العراق... اليونسكو تقوم بعملية الإصلاح

       

بغداد ــ ميمونة الباسل:أدت الحروب والأحداث والصراع المسلَّح التي أعقبت الغزو الأميركي للعراق عام 2003، إلى إحداث ضرر هائل في البنية التحتية وتدهور عام في النظام التعليمي، نتج عن ذلك انخفاض الالتحاق بمدارس التعليم والتدريب المهني والتقني الإعدادية بنسب قياسية بلغت نحو 60% وفق تقديرات غير رسمية، نتج عن ذلك بطالة بين الشباب شكلت إحدى أكبر التحديات التنموية الرئيسية في البلاد.

فبحسب تقرير نشره موقع اليونسكو مكتب العراق، يشكل الشباب ما نسبته 62.8 في المائة من مجمل سكّان العراق، بينهم حوالى مليون (ما بين 15 و24 عاماً) عاطل عن العمل، تلك النسبة جعلت عدداً كبيراً من الشباب العراقيين يبحثون عن وظائف في القطاع العام، لكن لأسباب عدة منها القدرة المحدودة في خلق فرص عمل جديدة وعدد محدود من الشواغر الوظيفية؛ لم يعد القطاع العام خياراً صالحاً لتوظيف الشباب العراقي، ما أوجب على الجهات المعنية أن تعتمد على القطاع الخاص ليكون المصدر الرئيسي لتوفير فرص العمل.

ولمعالجة هذه المشكلة اعتمدت الحكومة العراقية العديد من السياسات الوطنية لتشجيع قطاع التعليم والتدريب التقني والمهني على توفير المهارات التقنية المناسبة، وتحدد الاستراتيجية الوطنية للتعليم والتعليم العالي في العراق لعام 2012 إلى 2022 بالإضافة إلى فصل التنمية البشرية والاجتماعية من خطة التنمية الوطنية الجديدة 2013 إلى 2017 عدداً من الأهداف المتعلقة بقطاع التعليم والتدريب التقني والمهني كزيادة معدل التحاق الطلبة في معاهد التعليم والتدريب المهني والتقني.

الحل جاء بتمويل من الاتحاد الأوروبي ومن خلال منظمة اليونسكو التي تقوم بعملية إصلاح قطاع التعليم والتدريب التقني والمهني في العراق، أحد القطاعات الفرعية والحيوية الهامة للمنظومة التربوية العراقية، وذلك بتنفيذ عدة مشاريع تهدف إلى تدريب وتعليم الشباب العراقي والمسؤولين تعليما تقنيا مهنيا منها مشروع؛ إصلاح التعليم والتدريب التقني والمهني أحد البرامج الطموحة والذي يهدف إلى تعزيز مساهمة دور التعليم والتدريب المهني والتقني في التنمية الاقتصادية في العراق والّذي تتراوح مدة تنفيذه ثلاث سنوات وبمنحة من الاتحاد الأوروبي تبلغ اثني عشر مليوناَ و300 ألف يورو، وبدأ تنفيذه في الأول من شهر فبراير/شباط عام 2015.


وبمشاركة منظمة اليونسكو في إحياء التعليم والتدريب المهني والتقني بغية تعزيز تطوير قطاع التربية والتعليم أسهم ذلك في التنمية الشخصية للفرد، وزيادة الإنتاجية والدخل، وتسهيل مشاركة الجميع في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، كما يساعد على مكافحة الفقر من خلال التسلح بالمهارات والمعرفة اللازمة لإنتاجية أفضل ودخل أكبر، بحيث يستطيع المستفيدين من ذلك التعليم العيش والعمل بشكل بنَّاء في مجتمع معرفي؛ وبالتالي، فإن الاستثمار في التعليم والتدريب هو استثمار في مستقبل العراق؛ كما أنّ المعرفة والمهارات هي القوة الدافعة الأبرز للنمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية.

حيث تدعم اليونسكو بقوة تصميم برامج للتعليم المهني والتقني المرتكزة على الكفاءة والموجهة للحصول على فرص العمل، والتي تتناسب مع السياق الاجتماعي الاقتصادي للبلدان والتنمية التكنولوجية في جميع أرجاء العالم.

وعن ذلك يقول مستشار وزارة التربية والتعليم العراقية، الدكتور عصام محمود لـ"العربي الجديد" أن "المنظمة باتت شريكاً لا غنى عنه في العراق". ويضيف محمود "قامت المنظمة مؤخراً بتزويد 37 مدرسة مهنية في بغداد، وبابل، وواسط، وذي قار، والبصرة، وصلاح الدين، والأنبار، وكركوك، وديالى، والنجف، والديوانية وميسان بمشاغل ومعدات تكنولوجيا معلومات جديدة، ممهدة بذلك لإدخال تخصصات جديدة وتطوير المواد التدريسية الموجودة أصلاً، ضمن ما تقوم به المنظمة بإحياء القطاع التقني والمهني بهدف تعزيز تطوير القطاع التربوي بشكل عام".

مبيناً أن "المنظمة تستعد الآن لوضع بصمات على المدن المحررة من تنظيم "داعش" ونحن نجد في هذا خطوة ستسرع إعادة الحياة إلى القطاع التعليمي في البلاد".

كما أقدمت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في إقليم كردستان العراق في يونيو/حزيران من العام الماضي؛ على إدخال الجامعات التقنية في مسار يؤدي إلى مقارنة مستوى ونوعية شهادات التعليم التقني بشهادات الدول الكبرى.


وذلك بعد اتفاق بين ممثلي الوزارة ورؤساء وممثلي الجامعات التقنية مع خبراء اليونسكو على خطة عمل لتنفيذ تطبيق نظام الأرصدة القابلة للتجميع والتحويل والمعروف بمسار بولندا تجريبياً في الجامعات التقنية الثلاث ابتداء من السنة الأكاديمية 2016 – 2017، ضمن مشروع إصلاح التعليم والتدريب التقني والمهني في العراق، بما فيه إقليم كردستان العراق. جدير بالذكر أن مسار بولندا مطبق حالياً في أكثر من 47 دولة في جميع أنحاء العالم.

يذكر إن نظام التعليم والتدريب المهني والتقني على مستوى المرحلة الإعدادية والجامعية من أكثر الأنظمة تطوراً في المنطقة، خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وعلى مستوى التعليم الإعدادي، كانت وزارة التربية، وبقدر كبير من الاستقلالية، تتولى عملية التخطيط والإدارة لنظام التعليم والتدرب المهني والتقني.

كما أن هيئة التعليم التقني كانت فيما مضى إحدى تشكيلات وزارة التعليم وإحدى الصروح العلمية المهمة في مجال تقديم الاستشارات والخدمات والخبرات العلمية والتقنية والتدريبية منذ تأسيسها في عام 1969، إلا أنه قد تم إلغاء المهنية منذ عامين بصورة مفاجئة ومن بعدها تم استبدالها بأربع جامعات تقنية، أنشئت كلها على عجالة وفي فترة زمنية قصيرة جداً.

ويرى عدد من المتابعين أن هذه خطوة في طريق إضعاف التعليم التقني بصورة عامة والمعاهد والكليات التي كانت تتبع الهيئة بصورة خاصة، فقد كان هناك ارتباط كبير بين الهيئة (16) كلية تقنية بالإضافة إلى (28) معهداً تقنياً وكذلك الجامعات الأربع المستحدثة، فضلاً عن الجدال القانوني الحاصل بسبب هذا الإلغاء للهيئة واستبدالها بالجامعات الأربع هناك صعوبات ومعوقات تنظيمية وإدارية جمة تعيق حرية حركة الجامعات الأربع وقدرتها على القيام بمهامها على أكمل وجه. ومثال على هذه التعقيدات الحاجة الماسة إلى ابتداع عدد من الدرجات الوظيفية الخاصة.

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

341 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع