لقاء صحفي مهم مع الدكتور ناجي صبري الحديثي

  

أجرت صحيفة الشرق القطرية حواراً مهماً موثَّقاً، مع وزير خارجية العراق الشرعي، الدكتور ناجي صبري الحديثي، حول تقرير هيئة التحقيق العمومية البريطانية، المعروفة باسم لجنة تشيلكوت.

وأكد الدكتور الحديثي أن صدور هذا التقرير عمل مهم جداً لتحقيق العدالة في قضية غزو دولة العراق المستقلة ذات السيادة، وخطوة أساسية صلبة على طريق الانتصاف للشعب العراقي من الدول التي ارتكبت جريمة غزو واحتلال وطنه، وتسببت في تدمير حياته، وتعريض الملايين منهم للقتل والتشريد والتهجير.
واستعرض الوزير ما قامت به الدبلوماسية العراقية لكبح جماح المعتدين في الولايات المتحدة وبريطانيا، وحلفائهما، ونجاحها، بفضل من الله تعإلى وبهمة وتفاني نخبة من خيرة الدبلوماسيين العراقيين بانجاز هدف وطني كبير وتأريخي واستراتيجي في حرمان المعتدين من تغطية جريمتهم المنكرة في غزو العراق واحتلاله بغطاء شرعي دولي، مما جعل من عملية الغزو، كما هي في حقيقتها، جريمة كبرى وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة ولجميع الأعراف الدولية.
ودعا الجامعة العربية إلى أن تتصرف وفق ميثاقها وانطلاقاً من مسؤوليتها القومية عن كل ما يدعم الأمن القومي العربي الجماعي باعتبار أن الغزو قد خلق تهديداً ارهابياً واسعاً ليس للعراق فحسب بل لكثير من الدول العربية الأعضاء.
وأشار إلى أن التقرير يتيح المجال الآن لعائلات ألوف الضحايا العراقيين الذين تعرَّض ذووهم لأضرار جسيمة جراء احتلال القوات البريطانية الجزء الجنوبي من العراق ومشاركتها في العدوان على مدينة الفلوجة بالتحديد ومدن أخرى إلى جانب قوات الاحتلال الأميركية، يتيح تقديم دعاوى مدنية أمام المحاكم البريطانية للمطالبة بالتعويض عما أصابهم أو أصاب ذويهم من أضرار مباشرة من قوات الاحتلال البريطانية، سواء بالقتل او التعذيب أو الاحتجاز غير المشروع او تدمير الممتلكات.
وأشار السيد الحديثي إلى أن عدداً من المحامين يعكفون الآن على دراسة كيفية التقدم بطلب إلى النيابة العامة في بريطانيا لفتح تحقيق قضائي في ما ورد في تقرير سير تشيلكوت.
كما يعتزم عدد من المحامين والقانونيين العرب والعراقيين المقيمين في بريطانيا وخارجها تشكيل لجنة للبدء بالتحرك لتفعيل نتائج هيئة تشيلكوت بما يؤدي إلى إنصاف العراق، دولة ومواطنين، من الدول التي اعتدت عليه دون أي مسوِّغ قانوني و دون أي استفزاز او اعتداء من جانب العراق.
وأوضح أن القضاء البريطاني والأوروبي بدأ بالنظر بقضايا قانونية ذات صلة بعدم مشروعية غزو العراق واحتلاله، مما سيفتح الباب، واسعاً، أمام الضحايا، البريطانيين والعراقيين إلى تقديم دعاوى في هذا الصدد.
وفيما يأتي نص الحوار الذي أجراه الزميل طه حسين، وتنشره وجهات نظر بالاتفاق مع الزميلة الشرق القطرية.

س1: كيف تقرأ معالي الوزير نتائج تقرير تشيلكوت؟
ج1: لا يمكن قراءة نتائج أعمال هيئة التحقيق العمومي في مشاركة بريطانيا بغزو العراق برئاسة سير جون تشيلكوت بعيدا عن ثلاثة اعتبارات أساسية:
أولاً: الدور الرئيسي لبريطانيا في التحريض على العدوان على العراق والمشاركة في غزوه واحتلاله وتدمير دولته الوطنية وحياة شعبه بصفتها الشريك الأول للولايات المتحدة التي قادت العملية.
ثانياً: صدور هذا التقرير عن هيئة رسمية شكَّلتها الحكومة البريطانية نفسها بقرار من السيد غوردن براون رئيس الوزراء السابق عام 2009، وليس عن جهة قانونية بريطانية مستقلة أو جهة غير بريطانية.
ويتمثل الاعتبار الثالث بالضغوط الشديدة التي مارستها الإدارة الأميركية وأتباع مجرم الحرب توني بلير على الحكومة البريطانية لتعويق عمل هيئة التحقيق ولتأخير اعلان نتائجها والضغط من أجل حجب اعمال الهيئة عن الجمهور تارة، ومنع الكشف عن الوثائق السرية الخاصة بمداولات الحكومة البريطانية وخصوصا ما كان يدور من مداولات بين بلير والمسؤولين البريطانيين حول سياسته أزاء العراق ونيته المشاركة بغزوه، وما دار كذلك بينه وبين سيده الطاغية الأرعن جورج دبليو بوش، فضلاً عن الضغوط التي مارسها أتباع بلير على جيرمي كوربن زعيم حزب العمال البريطاني لدفعه للتخلي عن مواقفه المؤيدة لهيئة تشيلكوت ولتسهيل اطلاعها على كل الوثائق واطلاع الجمهور على مجريات عملها، واخيرا لدفعه للتخلي عن مساعيه للمطالبة بإحالة بلير للقضاء البريطاني او الدولي بصفته مجرم حرب.
وفي ضوء هذا يمكن القول إن صدور هذا التقرير عمل مهم جداً لتحقيق العدالة في قضية غزو دولة العراق المستقلة ذات السيادة، وخطوة أساسية صلبة على طريق الانتصاف للشعب العراقي من الدول التي ارتكبت جريمة غزو واحتلال وطنه وتسببت في تدمير حياته وتعريض الملايين منهم للقتل والتشريد والتهجير.
ويعد صدور التقرير ثمرة لجهود دقيقة وكفوءة ومثابرة للدبلوماسية العراقية الوطنية، التي تمكنت بتوفيق من العلي القدير خلال سنتين فقط، برغم الحصار وما فرضه من شحة في الامكانيات المادية وقيود ثقيلة شتى على تحركنا الدبلوماسي والسياسي، أن تحبط وتفشل الحملة الدبلوماسية والسياسية الهائلة التي شنتها الأجهزة الدبلوماسية والاستخبارية الأميركية والبريطانية بمشاركة ودعم كبيرين من أجهزة الدول الحليفة مثل ايطاليا واسبانيا واستراليا وايران و (اسرائيل) طوال 12 سنة بهدف تهيئة البيئة الدولية المناسبة لإضفاء الشرعية الدولية على مخططها غير المشروع لغزو العراق واحتلاله وتدمير دولته وإسقاط حكمه الوطني.
فهذا التقرير/ الوثيقة يثبت بطلان الأسس القانونية التي استند اليها بلير في قراره بالمشاركة في غزو العراق. ويؤكد ان بلير قد بالغ كثيراً بالحجج التي ساقها لتبرير قراره، وبأنه قَبِل، بدون أي تفنيد، معلومات مغلوطة عن اسلحة دمار شامل مزعومة لدى العراق، وعن تهديد مزعوم كان يشكله العراق لبريطانيا. ووجه التقرير انتقادا مريرا للاسلوب الذي اعتمده بلير في دفع بريطانيا للمشاركة في غزو العراق. وقال ان الملف السيء الذي قدمه بلير إلى مجلس العموم في أيلول/ سبتمبر 2002 لا يدعم زعمه بأن لدى العراق برنامجاً للاسلحة الكيماوية والبيولوجية.
كما اتهم التقرير حكومة بلير بالاخفاق في التحسب للعواقب الكارثية للحرب. وقال ان العراق فقد 150 الفاً من مواطنيه، او ربما اكثر، واغلبهم مدنيون، وتشرد اكثر من مليون مدني. وان شعب العراق قد عانى معاناة كبيرة. وقد عاب التقرير على بلير تعهده لبوش عام 2002 بأنه سيسير خلفه مهما اتخذ من قرارات ومهما كلَّف الأمر بدون النظر إلى مصالح بريطانيا، وقانونية الأسس التي يستند اليها بوش في قراراته ازاء العراق.
وقال رئيس الهيئة، سير جون تشيلكوت، في مؤتمر صحفي في لندن ان قرار بريطانيا بمهاجمة واحتلال دولة ذات سيادة للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية كان قراراً في غاية الخطورة.

وقد عدَّت جريدة الغارديان تقرير هيئة تشيلكوت أقسى حكم بحق رئيس وزراء بريطاني معاصر، وقالت انه يحشر بلير، ضمنياً، في الخانة نفسها التي وضع فيها انتوني ايدن، رئيس وزاراء بريطانيا الذي اتخذ قرار غزو مصر في محاولة فاشلة للسيطرة على قناة السويس عام 1956.
أثار تقرير تشيلكوت قلقاً وضحاً في الولايات المتحدة، خصوصاً انها خسرت في غزو واحتلال العراق أضعاف ما خسرته بريطانيا على صعيد الخسائر البشرية والمادية.

وقد أثار هذا التقرير قلقاً وضحاً في الولايات المتحدة، الذي لا تريد المؤسسة العسكرية الصناعية الحاكمة فيها أن يتفحص الشعب والرأي العام الأميركي قرار الغزو والاحتلال، ويطلع على خسائر أميركا البشرية والمادية الحقيقية، خصوصا انها خسرت في غزو واحتلال العراق أضعاف ما خسرته بريطانيا على صعيد الخسائر البشرية والمادية.
فالولايات المتحدة ما تزال تتكتم على حقيقة انها خسرت في حرب العراق مرة ونصف أكثر مما خسرته في فيتنام. فقد تسرَّب من دائرة المحاربين القدامى في وزارة الدفاع الأميركية أواخر عام 2007 تقرير رسمي نشره موقعها الرسمي في بداية شهر أيار/ مايو 2007 يتضمن احصائية مفصلة عن خسائر الولايات المتحدة في حرب العراق يثبت ان خسائرها في الفترة من 20/3/2003 حتى شهر أيار2007، أي في فترة 48 شهرا، قد بلغت 73 الفا و 693 جنديا، وأن عدد الجنود الجرحى الذين أصيبوا بإعاقة دائمة بلغ مليوناً و620 الفاً و905 جنود. وهذه الفترة أقل من نصف فترة الاحتلال العسكري للعراق الذي بدأ في 9/4/2003 وانتهى يوم 31/12/2011. ورغم حجب السلطات هذا التقرير بسرعة الا انه عاد وانتشر من جديد في الكثير من المواقع الأميركية منذ 2010.
هذا بالاضافة إلى ان الغزو قد كلف أميركا، حسب تقديرات الاقتصادي الأميركي الحائز على جائزة نوبل، جوزيف ستغلتز، والاستاذة في جامعة هارفارد، ليندا بيلمر، عام 2006 خسائر تبلغ 2 ترليون دولار في حالة انسحاب القوات عام 2010. أما وقد انسحبت القوات في نهاية 2011 فان التقديرات الآن تتراوح بين 3 – 4 ترليونات دولار.
وقد أثار التقرير رد فعل مباشراً من استراليا، الشريك الآخر في جريمة غزو العراق، حيث أدلى رئيس الوزراء السابق، جون هاوارد، الذي اتخذ قرار المشاركة بالغزو بحديث منفعل عن التقرير وعن الغزو وما ادى اليه، وكرر فيه تبريرات توني بلير المتهافتة وتمسكه بموقفه وبقرار الغزو.

س2: لكن توني بلير قال في معرض دفاعه عن قراره بغزو العراق بأنه يتحمل المسؤولية عن قرار الغزو، وبرره انه تصرف بحسن نية لما فيه مصلحة بريطانيا بناءً على تقارير الاستخبارات وعلى رأي (النائب) المدعي العام البريطاني غولدسمث، فما رأي معاليكم بذلك خصوصاً انه قال ان العراق والمنطقة والعالم الآن أكثر أمنا بعد الاطاحة بنظام الرئيس الراحل صدام حسين؟
ج2: من تابع بلير في حديثه للصحافة بعد اعلان نتائج التحقيق العمومي لاحظ انه حينما أخذ يجترّ أكاذيبه المعروفة كان منفعلاً وتحشرج صوته وتقطع. وقد ردَّ على بلير البريطانيون أنفسهم فوصفت جريدة (The Sun) الأوسع انتشاراً في بريطانيا، مزاعمه عما حققه الغزو للعراق والمنطقة والعالم بأنها قمة الهذيان.
وردَّت جريدة غارديان في افتتاحية بعنوان مؤثر (بلد مدمر، ثقة محطمة وسمعة للحضيض) قالت فيه "لم تتعافى سمعة بلير أبداً من تأثيرات الغزو الكارثي للعراق. والآن لفَّ التحقيق، الذي طال انتظاره، حكما صارما لا رحمة فيه حول عنقه. واضافت "بعد 13 عاما يتضح من جديد كما في الانفجار الهائل الذي هز بغداد نهاية الأسبوع الماضي، ان المأزق الذي يعانيه الشعب العراقي ما زال بلا نهاية. واضافت "ان الفكرة الفوضوية لتغيير النظام التي طرحها بعد 11 سبتمبر الشوفيني ذو التفكير المحدود والمتفاخر بجهله، رجل البيت الأبيض جورج بوش، قد أدَّت إلى ما كان متوقعاً، اي الفوضى العارمة... وباختصار فإن الفشل الذريع والكوراث بأقسى صورهما يتجليان في العراق اليوم".
وتحدثت عن تفاخر بلير بتغيير النظام الوطني في العراق فقالت "كان تغيير النظام هدفاً أعلنه البيت الأبيض بدون أي مواربة. وحينما ربط بلير نفسه بعجلة البيت الأبيض بدون ان يترك لنفسه أي منفذ للخروج فإنه قد تبنى ذلك الهدف تبنياً كاملاً. وكان هذا خطأ مروعاً، لأنه أولاً وقبل كل شيء، ينطوي على إلزام بريطانيا بخوض حرب من اختيارها، ولم يكن هناك أي مبررات حقيقية لشنها، إلا سورة من الغضب للانتقام من تفجير البرجين في نيويورك من دون التفريق بين المتشدديين الإسلاميين والبعث العلماني".
وقد أشارت الجريدة إلى ان بلير "صمَّ أذنيه عن سماع تحذيرات الخبراء حول الصعوبات التي يمكن أن تعقب الغزو، وشكوكاً كبيرة حول الادعاء بأن العراق يشكل تهديداً وشيكاً، وهو ادعاء غريب وغير مألوف تماما". وأضافت "لقد نزلت أعداد كبيرة من الناس للاحتجاج لم يشهد البلد مثلها من قبل. ولكن بلير لم يعتبر الشعب البريطاني صاحب القول الفصل وانما الرئيس الأميركي". وفي هذه إشارة إلى نزول أكثر من مليون بريطاني إلى شوارع لندن يوم 15/2/2003 في أكبر مظاهرة سلمية في تاريخ بريطانيا احتجاجاً على توجهات بلير العداوانية وللمطالبة بمنع الحرب على العراق.
ومن بين مئات المقالات التي ظهرت في الصحف البريطانية وانتقدت بلير على تصرفه العدواني غير المبرر ضد العراق مقالة نشرتها جريدة صنداي تايمز ذات المكانة المتميزة والراقية في اوساط السياسيين والمثقفين البريطانيين. قالت الجريدة يوم 4/9/2005 في افتتاحية بعنوان (جئنا ودمرنا العراق وسنجرحه أكثر اذا بقينا) "ان احتلال العراق دمَّر النظام والقانون في بغداد، فحلَّت الفوضى مما جعل المثل الاسلامي القائل (ساعة فوضى أسوأ من 100 سنة استبداد) ينطبق تماماً على بغداد. وقالت ان بلير سجين في غوانتانامو سياسي سجين أوهام البنتاغون.
وبشأن قوله انه سمع نصيحة النائب او المدعي العام غولدسمث. فقد كشفت تحقيقات هيئة تشيلكوت ان عدداً كبيراً من الخبراء والدبلوماسيين في وزارة الخاجية البريطانية قد اعترضوا منذ عام 2001 على توجه بلير للمشاركة في غزو العراق، وانهم أبلغوه ان ان الغزو غير قانوني وسيؤدي إلى خسائر كبيرة وإلى انهيار العراق، وابلغوه نصاً "ان إسقاط النظام العراقي يتطلب عملاً عسكرياً واسع النطاق او غزواً برياً ما من شأنه ان يؤدي إلى تقطيع أوصال العراق وهو ما يتعارض تعارضاً واضحاً مع مصالح بريطانيا في المنطقة".
وكان غولدسمث المسؤول القانوني البريطاني الوحيد الذي وافق بلير في مسعاه العدواني. ورغم انه حذر في الشهر الاول من عام 2003 من ان الحرب على العراق لن تكون قانونية ومشروعة، الا أنه بعد ضغوط من بلير وإثر زيارة إلى واشنطن عاد غولدسمث إلى لندن بإعلان يوم 7/3/2003 برر فيه توجه بلير للحرب على العراق بأنه يستند إلى قرار مجلس الأمن 1441 في 8 /11/ 2002 في حين ان هذا القرار احتفظ لمجلس الأمن، وحده، بحق البتِّ بأي مزاعم عن عدم التزام العراق ببنوده، وحرم رعاته الاميريكيين والبريطانيين من محاولتهما الخطيرة الثانية لإضفاء الشرعية الدولية على مخططهما لشن الحرب على العراق. وقد أدى تراجع النائب العام عن موقفه السابق إلى استقالة نائبة المستشار القانوني لوزارة الخارجية، الخبيرة القانونية اليزابث سوزن هيلمزهيرست، التي كانت قد أبلغت وزير الخارجية والحكومة البريطانية ان قرار الغزو غير قانوني وينتهك القانون الدولي. وكان خبراء قانونيون آخرون منهم سير ستيفن وول كبير المستشارين الدبلوماسيين لرئيس الوزراء قد اعترضوا على توجه بلير لشن الحرب على العراق. فقد نبه السير وول منذ عام 2002 ان بلير قد تخلى عن حكم القانون وانه وبوش يعدان لحرب غير قانونية على العراق.
واستند هؤلاء وغيرهم من الخبراء والسياسيين والنواب البريطانيين الذين عارضوا توجه بلير لتوريط بريطانيا في مخطط البيت الابيض لغزو العراق إلى احدى أهم القواعد الآمرة (الملزمة) في القانون الدولي (Jus cogens) التي وردت في ميثاق الأمم المتحدة- الفصل الأول الخاص بمقاصد ومبادىء المنظمة الدولية- المادة الثانية الفقرة الرابعة بوصفها من مبادئ الأمم المتحدة. وتنص هذه القاعدة الآمرة الملزمة لجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على ما يلي "يمتنع أعضاء الهيئة جميعاً في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة".
وليس ثمة سوى استثنائين من هذه القاعدة الآمرة، وكلاهما لا ينطبق على حالة العراق. الاستثناء الأول ورد في المادة 42 من الفصل السابع من الميثاق التي فوَّضت مجلس الأمن، بعد ان يستنفذ جميع السبل السلمية لحل النزاع، الذي يرى فيه تهديداً للأمن والسلم الدولي، الواردة في الفصل السادس، أن يصدر قراراً باستخدام القوة لحفظ الأمن والسلم الدولي. وفي هذه الحالة يدعو الميثاق مجلس الأمن (في المواد 43 إلى 49 من الفصل السابع) لوضع عملية استخدام القوة تحت الاشراف المباشر للجنة أركان الحرب التي تضم رؤساء أركان حرب جيوش الدول الخمس دائمة العضوية.
أما الاستثناء الثاني فقد ورد في المادة 51 من الفصل السابع من الميثاق التي أجازت حق الدفاع عن النفس للدولة التي يقع عليها عدوان مسلح، وذلك إلى حين انعقاد مجلس الأمن وتوليه مسؤولية النظر في النزاع واتخاذ التدابير اللازمة لإزالة التهديد الحاصل للسلم والأمن الدولي. وهذا نصها "ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرادى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء الأمم المتحدة" وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي، والتدابير التي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النفس تبلغ إلى المجلس فوراً، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس- بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستمرة من أحكام هذا الميثاق- من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة لاتخاذه من الأعمال لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه".
وهذان الاستثناءان كلاهما لا ينطبق على حالة العراق في زمن ارتكاب جريمة الغزو، ولا في اكثر من 12 سنة سبقتها، فليس ثمة قرار يجيز استخدام القوة ضد العراق بعد قرار 678 في 29/11/ 1990 ، وليس ثمة اعتداء ارتكبه العراق ضد أي دولة أخرى.
وقد تجاهل بلير هذه التحذيرات وغيرها.


س3: يشير التقرير إلى عدم استنفاذ بلير للحلول السلمية للنزاع، فماذا يقصد بالضبط؟
ج3: ورد في التقرير "أن بريطانيا انضمت إلى عملية غزو العراق قبل استنفاذ الخيارات السلمية لنزع السلاح. ولم يكن العمل العسكري في حينه الملاذ الأخير". وهي اشارة دقيقة ومهمة لحقيقة يعرفها المتابعون لملف أزمة البحث عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة في العراق وملف العلاقات بين العراق من جهة والولايات المتحدة وبريطانيا من جهة أخرى. فقد سعت الدولتان لتعويق أي فرصة في أروقة الأمم المتحدة لاتباع الخيارات السلمية في حل الخلاف بشأن تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وقد مارست أجهزة الولايات المتحدة كل السبل المشينة لتعويق وصول وفودنا إلى مقر الأمم المتحدة وإجرائها المفاوضات والاتصالات مع وفود الأمم المتحدة وهيئات التفتيتش. أما عن الاتصالات الثنائية بين العراق وهاتين الدولتين لتسوية الازمة التي نشبت بينهما منذ عام 1990، فقد أوصدتا جميع الأبواب بوجه أي حل أو اتصال دبلوماسي.
مارست الولايات المتحدة كل السبل المشينة لتعويق وصول العراق إلى نيويورك للتفاوض والاتصال مع وفود الأمم المتحدة وهيئات التفتيتش. وأوصدت هي وبريطانيا جميع الأبواب بوجه أي حل أو اتصال دبلوماسي.

وحتى حينما طلبت حكومة بلير من الحكومة العراقية عبر وسيط بريطاني عام 2002 لقاءً بين وزير الدولة للشؤون الخارجية البريطاني السيد برادشو ومسؤول عراقي ووافقت القيادة العراقية وانتدبتني للقائه واتفقنا على اللقاء في نيويورك فإن حكومة بلير تخلَّفت عن اللقاء، ولم يحضر المسؤول الكبير الذي اختير بديلا عن الوزير وهو ألستر كامبل مساعد بلير لشؤون الاتصال والعلاقات والمسؤول الأول عن ملف العراق، وقد اطلق عليه الاعلام البريطاني بعد الحرب لقب استاذ الخداع والتزوير ((Spin Doctor.
وكان بلير نفسه قد أعلن ذات مرة في عام 2002 ان لديه ملفاً كاملاً عن ترسانات الاسلحة العراقية الكيماوية والبيولوجية وان العراق عاد لإنتاج المواد النووية لصنع سلاح ذري. فرددت عليه مباشرة ودعوته لارسال فريق تفتيش بريطاني أو من الأمم المتحدة وأبديت استعداد العراق الكامل لتسهيل وصولهم إلى هذه الترسانات المزعومة. فلم يردَّ وتهرَّب من التعقيب. وكذلك فعل سيده جورج دبليو بوش، فقد وجَّهنا عدة دعوات للإدارة الأميركية وللكونغرس لإرسال فرق تفتيش لكي تدلَّنا وتدلَّ الأمم المتحدة ومفتشيها على هذه الاسلحة المزعومة. ولكن لا حياة لمن تنادي!
وكان السلطات العراقية قد تجاوزت كل المحرمات التي كانت تراعيها في البداية في تعاملها مع فرق التفتيش منذ بدء عملها في العراق في شهر أيار/ مايو 1991، وفسحت المجال لفرق التفتيش للوصول إلى أي مكان واستخدام أي وسائل وآليات وطائرات اقتحامية مستفزة لأغراض الكشف والتحري البري والجوي، كما تعاون العلماء العراقيون مع خبراء التفيتش في كل المجالات، حتى وصل الأمر بفرق التفتيش عن الاسلحة المحظورة، رغم كل المساوىء والاستفزازات في سلوك اعضائها ومسؤوليها، إلى العجز عن تثبيت أي تقصير على العراق خصوصا في الاسابيع الاخيرة من عام 2002 والشهرين الأول والثاني من عام 2003.
حينما عجزت إدارة بوش وتابعها بلير عن إقناع مجلس الأمن لإصدار قرار يجيز الحرب بغطاء شرعي دولي بفضل جهود الدبلوماسية العراقية، وبعدما عجز المفتشون عن إيجاد مجال لإدانة العراق ذهب بوش وبلير للحرب رغم التقدم الكبير الذي أحرزته عملية التفتيش، في عمل واضح لإجهاض الخيارات السلمية.

وحينما عجزت إدارة بوش وتابعها بلير عن إقناع مجلس الأمن لإصدار قرار يجيز الحرب على العراق بغطاء شرعي دولي بفضل جهود الدبلوماسية العراقية، وحينما عجز المفتشون عن إيجاد مجال لإدانة العراق ذهب بوش وبلير للحرب في وقت كانت كل الانظار الدولية متجهة إلى التقدم الكبير الذي أحرزته عملية التفتيش في العراق في حل كل المسائل المتبقية، وذلك في عمل واضح لإجهاض الخيارات السلمية الواعدة التاحة آنذاك للحل.
ويتضح الفارق على نحو صارخ إذا قارنّا تهافت المسؤولين الأميركيين والبريطانيين للتفاوض مع ايران لمدة 13 عاماً وتفاخرهم بالتقاط الصور التذكارية مع وزير خارجية إيران التي تتبجح دولته تفاخراً بانتهاك قرارات مجلس الأمن الخاصة بموضوع التفاوض، والتي تنتهك كل صكوك القانون الدولي في ميدان حقوق الانسان وتتدخل، علناً، في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وترعى، علناً وبدون أي إخفاء أو إنكار، الارهاب والارهابيين في كل المنطقة.


س4: ماهي برأي معاليكم الخطوات المطلوبة قانونياً في ضوء نتائج التقرير؟
ج4: هيئة تشيلكوت هيئة للتحقيق العمومي (Public Inquiry) ، وليست للتحقيق القضائي. لذلك اكتفت بتشخيص طبيعة قرار الغزو ولا قانونيته من حيث تجاوزه سلطات الأمم المتحدة وتسببه بالعدوان على دولة مستقلة ذات سيادة بدون أي مبررات قانونية أو مسوِّغات تتعلق بأمن بريطانيا.
وهناك جانبان، مدني وجنائي، لتداعيات التقرير.
فالتقرير يتيح المجال الآن لعائلات ألوف الضحايا العراقيين الذين تعرَّض ذووهم لأضرار جسيمة جراء احتلال القوات البريطانية الجزء الجنوبي من العراق ومشاركتها في العدوان على مدينة الفلوجة بالتحديد ومدن أخرى إلى جانب قوات الاحتلال الأميركية، يتيح تقديم دعاوى مدنية أمام المحاكم البريطانية للمطالبة بالتعويض عما أصابهم أو أصاب ذويهم من أضرار مباشرة من قوات الاحتلال البريطانية، سواء بالقتل او التعذيب أو الاحتجاز غير المشروع او تدمير الممتلكات.
القضاء البريطاني والأوروبي بدأ بالنظر بقضايا قانونية ذات صلة بعدم مشروعية غزو العراق واحتلاله، مما سيفتح الباب، واسعاً، أمام الضحايا، البريطانيين والعراقيين إلى تقديم دعاوى في هذا الصدد.

أما الجانب الجنائي المتعلق بإحالة مرتكبي الانتهاكات من العسكريين ومسؤوليهم وعلى رأسهم توني بلير بوصفه صاحب قرار الغزو، فقد أعلن رئيس جمعية المحامين العرب في بريطانيا، الخبير القانوني العراقي صباح المختار، أن عدداً من المحامين يعكفون الآن على دراسة كيفية التقدم بطلب إلى النيابة العامة في بريطانيا لفتح تحقيق قضائي في ما ورد في تقرير سير تشيلكوت.
كما يعتزم عدد من المحامين والقانونيين العرب والعراقيين المقيمين في بريطانيا وخارجها تشكيل لجنة للبدء بالتحرك لتفعيل نتائج هيئة تشيلكوت بما يؤدي إلى إنصاف العراق، دولة ومواطنين، من الدول التي اعتدت عليه دون أي مسوِّغ قانوني و دون أي استفزاز او اعتداء من جانب العراق.
كما أوضح ذوو الجنود البريطانيين، الذين قتلوا أو جرحوا في العراق، انهم يواصلون البحث مع محاميهم عن إمكانية المطالبة بإحالة بلير إلى القضاء المحلي، أو الدولي إن تعذر الاول، بوصفه مجرم حرب استناداً إلى ما ورد في تقرير هيئة التحقيق العمومي الرسمية البريطانية من أدلة وتشخيص دقيق.
وهناك بعض السوابق المهمة ذات الصلة في بريطانيا وألمانيا وأيرلندا وهولندا. ففي عام 2006 تسلل بريطانيان إلى قاعدة فيرفور الجوية وتوجها إلى قاذفة بي 52 الأميركية العملاقة حاملين أدوات ودهان فقبض عليهما وأحيلا إلى المحكمة، لكن هيئة المحلفين أخفقت في الاتفاق على إدانتهما حيث بررا عملهما بأنهما كانا ينويان تعطيل الطائرة الأميركية لمنعها من ارتكاب جرائم حرب في العراق. وكرر المحاولة مواطنان آخران حينما اقتحموا القاعدة وعطلوا أكثر من 20 عربة خاصة بتحميل القنابل لذات الطائرة. وبررا عملهما بتبرير مماثل. ولم تستطع المحكمة إدانتهما. وأجَّلت البت بقضيتهما. ولكن الأمرمختلف في أيرلندا وألمانيا. فقد اطلقت محكمة ايرلندية سراح 5 ناشطين من أجل السلام بعد ان احدثوا بالفؤوس والمطارق عطلاً بكلفة 3 ملايين دولار بطائرة حربية أميركية في مطار شانن. وفي ألمانيا أفرجت المحكمة الفدرالية الادارية عن ضابط برتبة نقيب رفض إطاعة أوامر قادته بقوله: إن ذلك يورِّطه في عملية غزو العراق غير الشرعية. وقال القاضي الالماني إن ميثاق الأمم المتحدة لا يجيز لدولة شنَّ الحرب على دولة اخرى الا في حالة الدفاع عن النفس او بموجب قرار لمجلس الأمن. وان الدول التي تهاجم العراق لا تملك هذا الترخيص.
وفي هولندا ثمة قرار قضائي ينصًّ على أن غزو العراق غير قانوني.
ولا شك ان تقرير تشيلكوت سيفتح الباب، واسعاً، امام قرارات وإجراءات مماثلة في الدول الأوربية وربما في الولايات المتحدة التي قادت عملية الغزو نفسها.


س5: كيف يمكن للحكومة العراقية استغلال التقرير لصالح الشعب العراقي؟
ج 5 : تقرير هيئة التحقيق العمومي بمشاركة بريطانيا في غزو العراق يخص بالدرجة الأولى بريطانيا التي صدر عن حكومتها ويحدد موقفها من قرار المشاركة في غزو العراق واحتلاله الذي اتخذته حكومة بريطانيا برئاسة توني بلير عام 2003. وبطبيعة الحال فإن التقرير يخصُّ بالدرجة الثانية، إن لم يكن بدرجة مساوية، الدولة المعتدى عليها وهي دولة العراق التي وقع عليها ضرر القرار البريطاني.
لم أطلع حتى الآن على رد فعل او موقف رسمي من الحكومة العراقية من هذا التطور المهم جداً في القضية العراقية. لكني اطلعت على تقرير لوكالة رويترز نقل تصريحاً لإثنين من العراقيين، الأول مواطن ساهم في العمل الرمزي لاعلان الاحتلال والثاني أحد أركان الحكومة العراقية التي أعقبته. وقالت وكالة رويترز، وانقله نصا "في التاسع من أبريل/ نيسان 2003 انهال كاظم حسن الجبوري بالمطرقة على قاعدة تمثال الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وسط بغداد، قبل أن تسقطه القوات الأميركية.وبعد أكثر من 13 عاما على تلك الحادثة، أعلن الجبوري (58 عاما) ندمه على تحطيم التمثال، وتمنى أن يعود صدام بعد كل ما شهده العراق خلال تلك المدة من قتل وتدمير". وبعد ساعات من صدور تقرير لجنة التحقيق البريطانية الذي انتقد بشدة مشاركة لندن بقيادة توني بلير في غزو العراق إلى جانب الولايات المتحدة، صرَّح الجبوري- وهو مواطن شيعي- بأنه يتمنى عودة صدام، رغم أن نحو 10 من أقربائه أُعدموا أثناء حكمه.
وقال الجبوري لرويترز "أتمنى أن يعود صدام.. هو أعدم الكثير من أقربائي، لكن يبقى أحسن من هؤلاء السياسيين ورجال الدين الذين أوصلوا العراق إلى وضعه الحالي"، في إشارة إلى الأحزاب السياسية الشيعية التي تولت السلطة بعد الغزو. كما قال الجبوري إن "العراق كان أفضل تحت حكم صدام حسين، ودعا إلى ضرورة محاكمة الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير لأنهما خرَّبا العراق بأكاذيبهما، وتبيَّن أنه لم تكن هناك أسلحة دمار شامل".
ثم أوردت الوكالة تصريحا للسيد موفق الربيعي القيادي في التحالف الحاكم حالياً والذي شغل منصب مستشار الأمن القومي عدة سنوات عن رأيه بنتائج تقرير تشيلكوت.
وفي ما يلي نص ما نشرته الوكالة "ويرى عضو البرلمان ومستشار الأمن القومي السابق موفق الربيعي أن الحرب اندلعت عام 2003 من أجل هدف نبيل هو الإطاحة بمن وصفه بالطاغية." وقال الربيعي "أنا شخصيا قلت لتوني بلير في إحدى المرات: أنت أعظم بريطاني في التاريخ لإطاحتك بالدكتاتور". وأضاف أن "التخلص من صدام أتاح للعراقيين فرصة حقيقية لإرساء الديمقراطية".
وهنا دعنا ننظر إلى الحالة من حيث المبدأ: حكومة دولة اعتدت على دولة ذات سيادة وغزت أراضيها واحتلتها وساهمت مع شريكاتها في تحطيم بناها الأساسية وتدمير حياة أبنائها. هذه الدولة المعتدية تعترف بوثيقة رسمية بأن ما فعلته كان قراراً خاطئاً لا يستند إلى أي أساس قانوني ولا مبررات له. فالمفروض والمتوقع أن حكومة الدولة المعتدى عليها، إذا كانت حريصة على الدفاع عن مصالحها الوطنية وحماية حقوق شعبها، أن تتلقف هذه الوثيقة بوصفها فرصة ذهبية لتأمين مصالحها الوطنية التي تضررت بالعدوان وأن تتوسل بكثير من الوسائل لهذ الغرض ومنها:
أ. الاتصال بالدولة المعتدية لبحث أي آفاق ممكنة لتسوية ما يترتب على الدولة المعتدية من تعويض للدولة عما أصاب مرافقها الخدمية ومنشآتها العمومية ومصالحها وأراضيها ومسيرة التنمية الاجتماعية والاقتصادية فيها من أضرار جسيمة، ولرعاياها عما أصابهم من أضرار في حياة ذويهم وممتلكاتهم وعلى نحو لا ينتقص من مصالحها الوطنية ومن حقوق رعاياها.
ب. تهيئة الدعم من منظمة إقليمية تنتمي اليها ومن الدول الصديقة لكي تسند مطالبتها بحقوقها سواء في اتصالاتها الثنائية مع الدولة المعتدية او في المحافل الدولية.
ت. وفي حال الفشل في التوصل لتسوية مع الدول المعتدية تلبي حقوقها الوطنية وحقوق مواطنيها، تتهيأ للتوجه إلى مجلس الأمن للمطالبة بحقوقها من الدولة المعتدية التي اعترفت بعدوانها وعدم مشروعيته بوثيقة رسمية ومطالبته بإحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية، في حال عدم تمكنها من التوجه مباشرة إلى المحكمة، كونها هي أو الدولة المعتدية غير منضمتين إلى اتفاقية روما التي انشأت بموجبها المحكمة.
ث. مساعدة مواطنيها (مادياً) على إقامة دعاوي مدنية للمطالبة بالتعويض في محاكم الدولة المعتدية أو في محاكم دولية، وتوفير المشورة القانونية اللازمة لهم.
ج. ينبغي بالطبع للحكومة الحريصة على المصالح الوطنية لدولتها وحقوق أبنائها ان تكون قد أعدَّت مسبقاً ملفات قانونية حصرت ووثَّقت فيها هذه الاضرار، سواء التي أصابت الدولة وكياناتها ومرافقها العمومية، أو تلك التي أصابت رعاياها.


س6: ماهي معالي الوزير الخطوة المطلوبة من الجامعه العربية؟
ج 6 : إن غزو العراق واحتلاله كان بمثابة الزلزال الذي ضرب كل المنطقة العربية. فمن يطلع على تصريح فيليب هاموند وزير الخارجية البريطاني ويقرأ تعليقات اهم الصحف الغربية ومنها البريطانية على تقرير تشيلكوت ومنها ما ذكرته جريدة الغارديان بأن "غزو العراق لم يكن خطأ ولا زلّة بل جريمة"، يجد إشارات واضحة إلى هذه الحقيقة. فثمة إجماع على ان غزو العراق والسياسات التي اتبعتها أميركا وبريطانيا في إدارته أدَّت إلى نمو التطرف والارهاب والنزاعات الطائفية والتهديدات الأمنية في كل المنطقة، كما أدَّت إلى تصاعد التهديد لأمن بريطانيا على نحو خاص. وأضيف هنا لدول أوربا الأخرى.
والمؤمل والمرجو من جامعة الدول العربية أن تنظر إلى هذا التقرير وإلى عملية غزو العراق واحتلاله من المنظور القومي وليس منظور التمثيل القطري، أو على الاقل كما ينظر البريطانيون (المشاركون في الغزو) وغيرهم.
إذا فعلت ذلك، ونتمنى أن تفعل، فهي لن تكون بحاجة إلى طلب من الدولة المعنية للتحرك، بل تتصرف وفق ميثاقها وانطلاقاً من مسؤوليتها القومية عن كل ما يدعم الأمن القومي العربي الجماعي باعتبار أن الغزو قد خلق تهديداً ارهابياً واسعاً ليس للعراق فحسب بل لكثير من الدول العربية الأعضاء.
أحيي النائب المصري الذي طالب بتقديم جميع المسؤولين عن غزو العراق وعلى رأسهم بوش وبلير إلى المحكمة الجنائية الدولية بوصفهم مجرمي حرب.

ولا بد من الاشارة في هذا الصدد إلى مطالبة رئيس اكبر الكتل النيابية في مجلس الأمة المصري السيد سعد الجمال بمحاكمة توني بلير وبوش على خلفية تقرير تشيلكوت. وقال ان التقرير يكشف المؤامرات المستمرة ضد الوطن العربي لتحقيق الأطماع الغربية والصهيونية في الاستيلاء على الاوطان ونهب ثرواتها واستعباد شعوبها. وطالب السيد الجمال بسرعة التحرك في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لتقديم جميع المسؤولين عن غزو العراق وعلى رأسهم بوش وبلير إلى المحكمة الجنائية الدولية بوصفهم مجرمي حرب. وطالب بتكليف لجنة دولية لحصر الاضرار المادية والاقتصادية والسياسية التي تكبدها العراق من وراء الغزو والاحتلال.
وإذ أتقدم بالتحية والتقدير لهذا النائب المصري الشهم أدعوه للتوجه أيضا إلى البرلمان العربي، بوصفه عضوا فيه، لاتخاذ موقف مماثل وللتحرك منه إلى جامعة الدول العربية وإلى البرلمان الأوربي وغيره لتشكيل ضغط سياسي واسع النطاق على مجرمي الحرب ليس في بريطانيا فحسب بل في إسبانيا وإيطاليا وأستراليا وإيران التي شاركت كلها في جريمة غزو العراق ولإنصاف أبنائه المنكوبين بالاحتلال وما خلَّفه من دمار وخراب وفتن طائفية وتطرف وارهاب.


س7 : كنت وزيراً للخارجية ونجحت في تجريد بوش وبلير من الغطاء الدولي لحربهما ضد العراق، اليوم ما الذي يمكن أن تعمله معاليك والشخصيات الوطنية العراقية والمخلصون العرب؟
ج7: حينما شرَّفتني دولتي وكلَّفني قائدها الرئيس الشهيد صدام حسين، رحمة الله عليه، بمسؤولية وزارة الخارجية عام 2001، عملت من موقعي هذا على قيادة الدبلوماسية العراقية الوطنية في أشرف مهمة وطنية وفي أصعب مرحلة من تأريخ العراق وأشرس معركة دبلوماسية للدفاع عن وطننا ودولتنا وشعبنا. وكان هدفنا بطبيعة الحال منع الغزو ورفع الحصار واستعادة دولة العراق عافيتها ودورها

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

783 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع