المزارات بالعراق.. دول إيرانية مصغرة بواردات مالية هائلة و"جيش"

 

      

بعقوبة - علي الزبيدي - الخليج أونلاين:تعتبر المزارات الدينية في العراق قوة اقتصادية كبرى، والمشروع الاستثماري الأبرز، حيث يفد إليها سنوياً الملايين من الزائرين من داخل وخارج البلاد، ولا سيما أن عدداً كبيراً منها موجود في مدن مختلفة.

الأعداد الهائلة من الزائرين تعتبر مصدراً مهماً للثروة في حال أُحسن استغلالها من قبل الجهات المعنية بالاقتصاد، ولا سيما أن الزائرين في غالبيتهم العظمى هم من الطائفة "الشيعية"، ومن بين آداب الزيارة أن يتبرع الزائر بمبلغ غير محدد وحسب المستطاع، ويرمى هذا المبلغ في داخل القفص الذي يعلو الضريح المشيد فوق قبر الولي أو الصالح في المكان المقصود، وهو ما جعل الأماكن التي توجد فيها المزارات الدينية مصدراً للثروة، لكن اللافت أن الاستثمار في هذه الأماكن تسيطر عليه الشركات الإيرانية، وبالرغم من المضايقات التي يتعرض لها المستثمرون العراقيون والأجانب من قبل المليشيات، وابتزازهم لأجل الحصول على مبالغ مالية، إلا أن الشركات الإيرانية والمستثمرين الإيرانيين يعملون بحرية كاملة دون أن يتعرض لهم أحد.

هذا الأمر أكده متخصصون في أعمال الإنشاءات المرتبطة بمشاريع الاستثمار الكبرى والمتوسطة، بينهم أحمد النجفي، وهو مقاول يعمل مع الشركات التي تتولى إنشاء مشاريع البنى التحتية في محافظتي كربلاء (105 كم جنوب غرب بغداد)، والنجف (160 كم جنوب بغداد)، إذ قال لـ"الخليج أونلاين": إن "جميع الاستثمارات الكبيرة التي تقوم بها العتبات والمزارات الشيعية في العراق -خاصة محافظة كربلاء- تعود لمستثمرين إيرانيين".

وأضاف: "أصبحت محافظة كربلاء محرمة على المستثمرين العراقيين، وباتت حكراً للمستثمرين الإيرانيين، الذين سيطروا على المحافظة من خلال امتلاك الفنادق الكبيرة، وشراء كم هائل من العقارات القريبة من الأضرحة ليس في كربلاء فقط، بل في النجف وبغداد وسامراء".

لذلك فإن النجفي وغيره من المقاولين يعتمدون على علاقاتهم بالشركات الإيرانية والمستثمرين الإيرانيين لأجل "نيل مقاولات ثانوية"، حسب قوله.

مراقبون يرون أن "إيران سيطرت على القرار العراقي من خلال وجود أتباعها في أكبر مراكز السلطة في البلاد"، وهو ما يذهب إليه المحلل السياسي علي الصميدعي، لافتاً النظر إلى أن "تلك السيطرة من بين أهدافها شقٌّ اقتصادي لصالح إيران، وهو الاستيلاء على المشاريع المهمة والحيوية في البلاد، لذلك تعمل الشركات الإيرانية في العراق بحرية واسعة، فيما تواجه شركات محلية وأجنبية عقبات كثيرة تضطرها لترك العمل".

مصدر مقرب من رئاسة الوقف الشيعي قال: إن "قوة اقتصادية كبيرة اسمها العتبات المقدسة برزت بعد غزو العراق في 2003".

وأوضح المصدر في حديث لـ"الخليج أونلاين" -طالباً عدم ذكر اسمه- أن "العتبتين العباسية والحسينية -ضريحي العباس والحسين أبناء علي بن أبي طالب- أصبحت كل واحدة منهما دولة مصغرة، لها قوة مسلحة كبيرة، وواردات اقتصادية هائلة".

وأضاف: "العتبة العباسية تقوم بشراء مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية من الدولة بمبالغ رمزية تكاد تكون مجانية، فضلاً عن مواصلتها إنشاء مشاريع مختلفة؛ منها شركات متخصصة في الدواجن واللحوم ومصانع للحبوب والأسمنت"، مستطرداً بالقول: إن "سماسرة العتبة قاموا بشراء شركة أمنية للاتصالات، فضلاً عن الفنادق الكبيرة، وأسطول من السيارات لنقل الزائرين".

بدوره يرى الخبير الاقتصادي داود الهاشمي، أن "الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها العتبات والمزارات الشيعية كان الهدف منها هيمنة إيرانية على الاقتصاد العراقي، وبسط النفوذ والسلطة على الموارد الرئيسة والمواقع ذات الطابع الديني"، مشيراً إلى أن حجم الاستثمارات والتبادل التجاري بين العراق وإيران تجاوز الـ20 مليار دولار.

وفيما تتهم مصادر في داخل الوقف السني -وهي مطلعة على استثمار أموال الوقف السني- الحكومة العراقية بأنها "تكيل بمكيالين"؛ إذ "تعمل على تقييد مشاريع الوقف السني الاستثمارية التي تهدف إلى زيادة واردات الوقف المالية، فيما تسهل إجراءات الاستثمار بالنسبة للوقف الشيعي".

وبحسب قوله لـ"الخليج أونلاين" أكد المصدر -الذي طلب التحفظ على هويته- وجود "توسع" وصفه بـ"المخيف" في حجم الاستثمارات للعتبات "الشيعية"، حتى باتت تسيطر على اقتصاد العراق، وفق قوله.

وأضاف: إن "العتبات الشيعية لها فصائل مسلحة منضوية تحت مليشيا الحشد الشعبي -مليشيات تأسست صيف 2014 بناء على فتوى المرجع الديني علي السيستاني لمقاتلة تنظيم "الدولة"- تعمل على ترهيب الشركات الأجنبية غير الإيرانية، والمحلية غير المرتبطة بمليشيات؛ لأجل ترك المشاريع وعدم الدخول بأعمال في العراق، لا سيما في المدن التي توجد فيها المزارات الدينية؛ لكي تنفرد الشركات الإيرانية بتلك المشاريع".

ولم يعد خافياً الدعم الإيراني للمليشيات في العراق، وهو ما أكده في مناسبات مختلفة قادة المليشيات أنفسهم عبر قنوات التلفزة، واجتماع كبار القيادات الأمنية والعسكرية الإيرانية مع قادة المليشيات، أبرزهم قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، وهو ما بثته وسائل الإعلام في أكثر من مرة، وبمناطق مختلفة من العراق، كان آخرها وجوده وقت انطلاق معركة الفلوجة، واجتماعه بكبار قيادات المليشيات في العراق.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

827 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع