سيناتور أميركي يدعو إلى الاستعداد لإعادة غزو العراق

                      

كلام سيناتور أميركي عن عدم إمكانية إعادة بسط الاستقرار في العراق في ظلّ الوضع السياسي القائم بالبلد يعكس الحقيقة من جهة، لكنه يعكس في المقابل هاجسا أميركيا بالبحث عن أفضل طريقة لضمان حضور عسكري مباشر على الأراضي العراقية لمنع تقدّم قوى منافسة على تلك الأراضي.

العرب:واشنطن - عبّر سيناتور أميركي مطّلع على الشأن العراقي عن عدم ثقته في قدرة الطبقة السياسية الحاكمة في العراق على إعادة بسط الاستقرار في البلد، رغم الجهد الحربي المبذول ضدّ تنظيم داعش، محذّرا من أن بلاده ستكون مضطرة لخوض الحرب مجدّدا إذا لم تتم معالجة الأزمات السياسية العراقية بشكل جذري وفعّال.

ودعا السيناتور عن الحزب الديمقراطي سيث ميلتون إلى الاستعداد لحرب جديدة مقبلة في العراق، وكتب قائلا في جريدة واشنطن بوست إن على الولايات المتحدة أن تستعد لخوض تلك الحرب إذا لم تقم بالتحرك مباشرة وحل الأزمات السياسية التي تعانيها البلاد.

ويعكس كلام ميلتون من جهة نزعة الوصاية على العراق التي يحملها قسم من الطبقة السياسية الأميركية، كما يمكن أن يكون من جهة ثانية جزءا من عملية تفكير جماعي أميركي في الطريقة المثلى للعودة إلى العراق بعد شعور واشنطن بأن البلد يمكن أن يسحب منها لفائدة قوى إقليمية ودولية، بعد أن خاضت حربين لأجل السيطرة عليه.

وقال السيناتور في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست إن الحرب في العراق الآن ضد تنظيم داعش تشبه أيام الحرب الأميركية السابقة في العراق، فقد قاتلت قوات المارينز في تلك الفترة وحققت تقدما عسكريا مهما إلا أن إدارة الرئيس أوباما لم تتابع هذا التقدم العسكري بتقدم سياسي ينقذ البلاد ويحقق السلام.

وزار السيناتور الأميركي العراق في الشهر الرابع من هذا العام والتقى القوات الأميركية التي عادت مرة ثانية إلى العراق بحوالي 5000 عنصر ووجد أن لدى القادة العسكريين خطة للحرب في العراق، ولكنه في نفس الوقت لم يجد أي خطط سياسية لتحقيق الاستقرار في هذا البلد.

ويضيف السيناتور ميلتون أنّ تفاصيل الخطط العسكرية الحالية التي سمعها في عام 2016 لا تختلف عن خطط تعود إلى زمن اجتياح العراق. ويقول إن سؤالي الذي يصم الآذن هو “ما الذي سيضمن هذه المرة أننا إذا انتصرنا عسكريا سنحافظ على هذا الانتصار وننقل البلاد الى الاستقرار، وماذا يضمن من ألا نعود إلى نفس المشكلة من جديد ونعود للعمل العسكري مرة ثانية وثالثة”.

ويستعير السيناتور مقولة مأثورة لكارل فون كلاوزفيتز تعود إلى ما يقارب المئتي عام وهي أن “الحرب مجرد استمرار للسياسة ولكن بوسائل أخرى”. ويقول إنه علينا أن نضمن نجاح اللعبة السياسية، أو ستستمر تضحيات القوات الأميركية في العراق وسيذهب هذا الجهد عبثا. ويضيف “ليس من وظيفة الجيش الأميركي أن يقوم بتطوير خطة سياسية للعراق.. هنا يأتي دور الإدارة الأميركية بوضع ذلك ولكن للأسف لم تقم إدارة أوباما بهذا العمل”.


ويرى السيناتور أنه دون وجود استراتيجية سياسية طويلة الأمد، فإنه يمكن أن نتوقع أن ترسل الولايات المتحدة جيشها مرات ومرات إلى العراق في كل مرة يتزعزع أمن هذا البلد، فكلما اجتاحت مجموعة إرهابية جديدة البلاد سنجد أنفسنا مضطرين لتنظيف المخلفات من خلفها.

ويذكّر السيناتور سيث ميلتون الشعب الأميركي والمجتمع الدولي بأنّ الأزمة في العراق اليوم سياسية، قائلا إن داعش عندما اجتاح الكثير من مناطق البلاد، لم يهزم الجيش العراقي فقط، بل إن الجنود من الجيش العراقي تركوا أسلحتهم في مكانها وذهبوا إلى بيوتهم لأنهم كانوا لا يثقون في حكومة طائفية يرأسها نوري المالكي.

ويضيف أنه إذا لم نستطع إحداث تغيير في السياسة العراقية ونحقق الاستقرار السياسي والتعددية التي تمثل جميع مكونات الشعب العراق، فإن العراق لن يكون قادرا على الدفاع عن نفسه دون مساعدتنا.

ويبدي السيناتور أسفه من رد الرئيس الأميركي على تمدد داعش في العراق ويصف “رد أوباما كمن يفقد البوصلة”. ويضيف “علينا أن نعرف أنه لا إصلاح سياسيا عراقيا من خلال تدريب القوات العراقية كما يفعل أوباما. نحن بحاجة إلى خطة سياسية شاملة، كما لدينا خطة عسكرية”.

وشارك السيناتور الأميركي في خوض الحرب الأولى في العراق كعنصر في القوات الأميركية وقتها، ويعرف الوضع في العراق بشكل واضح ويبدي أمله بأن يأتي يوم يكون هناك استقرار في العراق، ويقول “سيكون أمرا رائعا لو استطعنا ببساطة تسليم الكرة للعراقيين ونتمنى لهم التوفيق. ولكن الأمل وتقديم الأمنيات ليسا استراتيجية، ولقد أثبتت السنوات الخمس الماضية أن الأمنيات ليست حلا لهذا البلد”.

ويمكن تصنيف مقال السيناتور الأميركي باعتباره جزءا من تفكير جماعي بشأن توجّه الولايات نحو ضمان وجود عسكري فعلي لها على أرض العراق، وصفه مختصون في شؤون الدفاع بـ”الذكي”، وقالوا إنه يقوم على إرسال نخب من القوات المسلّحة عالية التدريب والتجهيز إلى عدد من القواعد المحصنة والمحروسة بالطيران العمودي والنفاث بحيث يمتد حزام أمانها الذي يُمنع الاقتراب منه إلى العشرات من الكيلومترات من حولها، ويشكل الجيش العراقي بحدّ ذاته أول ستار لحراستها من بعيد.

وكانت مصادر قد تحدّثت عن إنشاء قاعدتين عسكريتين جديدتين في العراق ليرتفع عدد القواعد الأميركية هناك إلى أربع بحساب قاعدتي الحبانية وعين الأسد بالأنبار.

وبحسب مراقبين فإنّ هذا النوع من التواجد العسكري يضمن للولايات المتحدة تفادي تجربة التواجد الكثيف على الأرض العراقية والتي كانت قائمة حتى سنة 2011 وكلفت الجيش الأميركي خسائر كبيرة في الأرواح، وفي مقابل ذلك يسمح لها بالإمساك بزمام الحرب الجارية حاليا ضدّ تنظيم داعش، ولاحقا بمراقبة وضبط الوضع العسكري في العراق والتحكّم فيه.

ولا تبدو هذه الخطوات الأميركية منفصلة عن الوضع الجيوستراتيجي في العراق ومن حوله، وما يميّزه من صراعات تشترك فيها قوى إقليمية ودولية على النفوذ في المنطقة.

ويسمح التواجد العسكري الأميركي بغرب العراق تحديدا بقطع الطريق على تمدّد النفوذ الإيراني في البلد والذي تحوّل إلى سيطرة ميدانية بالوكالة عن طريق جيش شيعي رديف للقوات المسلّحة العراقية مشكّل من العشرات من الميليشيات تضم في صفوفها عشرات الآلاف من المقاتلين، شاركوا في الحرب ضد داعش في مناطق بجنوب بغداد، وفي محافظتي ديالى وصلاح الدين، ويشاركون حاليا في معركة الفلّوجة.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

843 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع