التغيير والاتحاد: اتفاق شراكة يغيّر خارطة كردستان

 

تقدمت الشراكة السياسية بين الحزبين الكبيرين في كبرى مدن إقليم كردستان العراق باعادة الثقة بينهما، استعداداً لاستحقاقات انتخابية وسياسية مقبل عليها الاقليم.

إيلاف من بغداد: أبرم الحزبان الكرديان الكبيران في مدينة السليمانية في إقليم كردستان العراق اتفاقًا سياسيًا من حيث المبدأ يقضي بشراكة تفضي الى خوض الانتخابات في قائمة واحدة سواء في الإقليم او في العراق، ما اعتبره مراقبون عودة صقور (كوران) الى عش الاتحاد الوطني وإعلان وفاة للاتفاق الاستراتيجي القائم بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني منذ سنوات لتقاسم السلطة وفق مبدأ المناصفة.

وعقد وفدا الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير، الاحد، بمدينة السليمانية، اجتماعًا لبحث الاتفاق السياسي بين الجانبين، الذي صادق على مشروعه المجلس القيادي للاتحاد الوطني الكردستاني والهيئة الوطنية لحركة التغيير مساء السبت، بعد مباحثات طويلة.

قائمة انتخابية ونظام برلماني

وعلمت "إيلاف" أن الحزبين سيحددان موعدًا للاحتفال الرسمي بإعلان برتوكول الاتفاق ومبادئه وفصوله الـ11 وفقراته الـ25 وابرزها انشاء تحالف برلماني وقائمة انتخابية مشتركة لخوض الانتخابات لبرلمان الإقليم والبرلمان الاتحادي واتمام الاستعدادات لاجراء استفتاء استقلال إقليم كردستان بشرط موافقة البرلمان في الإقليم عليه.

وجاء ايضًا في احدى نقاط الاتفاق، أن الجانبين اكدا "على انتخاب رئيس الاقليم من داخل البرلمان، وان يكون رئيس الحكومة صاحب السلطة التنفيذية الاولى في الإقليم". كما اتفقا على ضرورة العمل بالنظام البرلماني، واعتباره النظام الانسب للاقليم، واوضحا "أن الاطراف الاخرى تستطيع المشاركة في الاتفاق الحالي".

واشار الاتفاق، الى ان على الجانبين الالتزام بنص الاتفاقية وعدم الدخول في اتفاقيات اخرى مخالفة للاتفاق الحالي. وذكر حزب الاتحاد الوطني الذي يتزعمه جلال طالباني الغائب عن المشهد بسبب مرضه، في بيان اطلعت عليه "إيلاف" أن المجلس القيادي للاتحاد الوطني الكردستاني في مدينة السليمانية، عقد اجتماعاً بإشراف كوسرت رسول علي النائب الأول للأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني.

الاجتماع بحث مشروع الاتفاق السياسي مع حركة التغيير (كوران)، واتخذ القرار حول هذا الاتفاق.

ولفت إلى انه وبعد مصادقة المجلس القيادي للاتحاد الوطني الكردستاني والهيئة الوطنية لحركة التغيير على الاتفاق سيتم التوقيع عليه في مراسيم خاصة بحضور ممثلي الدول الاجنبية والاطراف السياسية العراقية.

وقال لطيف شيخ عمر عضو المجلس القيادي للاتحاد الوطني الكردستاني عقب انتهاء الاجتماع في تصريح للصحافيين، "صادقنا على مشروع الاتفاق مع التغيير مع اجراء بعض التعديلات عليه، والتي طرحت من قبل الاعضاء"، مضيفًا أن "اجتماعًا لاحقًا سيعقد مع حركة التغيير لبحث الملاحظات حول الاتفاق"، واضاف قائلاً: "سيتم التوقيع على الاتفاق مع حركة التغيير بعد الانتهاء من الصياغة النهائية له".

وبدوره، قال المتحدث باسم حركة التغيير شورش حاجي، خلال مؤتمر صحفي، عقب اجتماع الهيئة الوطنية لحركة التغيير بمدينة السليمانية، إن "الحركة صادقت على مشروع الاتفاق السياسي مع الاتحاد الوطني الكردستاني"، واضاف حاجي، أن "ذلك الاتفاق يأتي بعد دراسة وافية لجميع مواد الاتفاق المعدة من قبل اللجنة المشتركة بين الجانبين".

ومن المقرر ان تتم توقيع الاتفاقية بين الطرفين يوم الثلاثاء المقبل 17-5-2016.

توحيد البيت

وقالت بهار محمود، عضو برلمان كردستان عن كتلة التغيير، إن "الاتفاق بين الحزبين جاء من اجل توحيد البيت الكردي، في وقت يشهد العالم فيه تغييرات سياسية كبيرة، وأن الكرد بحاجة الآن الى المزيد من القوة حتى يستطيعوا مواجهات تلك المتغيرات الدولية".

واضافت أن ”الاتفاق بين التغيير والاتحاد الوطني يمر بثلاث مراحل بداية على مستوى القيادة ثم التعديل في البرامج السياسية لكلا الطرفين واخيرًا كتابة برنامج موحد من اجل الاتفاق السياسي المنشود”.

بهار أوضحت ان ”هذا الاتفاق لا يعادي ولا يستهدف أي جهة سياسية في الإقليم او في العراق"، مبينة أن "الاتحاد الوطني اضافة للتغيير هما طرفان سياسيان ومن حقهما الاتفاق في ما بينهما خدمة للمجتمع”، مبينة ان” احد النتائج التي يطمح اليها الاتفاق تعزيز سلطة القانون وعودة رئيس البرلمان الى عمله”.

وقالت النائب عن حركة التغيير سروة عبد الواحدة في حديث لـ"إيلاف"، إن "الاتفاق مهم على الصعيد السياسي ويغيّر توازن القوى في الاقليم خصوصا في برلمان الاقليم، إذ سيساهم اتفاق الجانبين في تفعيل القوانين ذات طابع وطني مثل تعديل الدستور وكذلك قانون رئاسة الإقليم".

وأكدت ان الاتحاد الوطني وحركة التغيير "يملكان النفوذ في رقعة جغرافية واحدة لهذا من المهم الاتفاق بيننا لادارة المنطقة بشكل توافقي منسجم، فضلاً عن أن هذا الاتفاق يتيح لنا المشاركة في الانتخابات بقائمة موحدة".

ولفتت الى أهمية "توحيد الرؤية حيال القرارات الاتحادية وهذا ما تضمنته فقرة مهمة في الاتفاق".

وقالت "سيخدم هذا الاتفاق مصالح القضية الكردية في بغداد كما سيسهم في اتفاق بين الاقليم والمركز".

وأضافت "إننا نؤمن بان الشراكة مع بغداد امر مهم ويجب ان يكون لنا رأي في القرارات المصيرية لحكومة الاتحاد ونعمل من اجل ترسيخ مبادىء الديمقراطية للبلاد".

بعيد الاتفاق، اعتبر نائب رئيس حكومة إقليم كردستان قوباد الطالباني، وهو احد ابرز قيادي الحزب ونجل مؤسسه، أن استقلال الإقليم "استحقاق قومي"، فيما أشار إلى سعي الكرد لـ"ترسيخ الثقة بأصدقائهم العرب في العراق".

وقال الطالباني في كلمة له خلال مؤتمر عقد، الاحد، في السليمانية تحت عنوان "نحو استقلال كردستان في عصر العولمة"، وتابعته إيلاف، "نحن من الشعوب التي دفعت بشكل كبير ضريبة الاحتلال وعدم الاستقلال"، مشيرًا إلى أن "المطالبة بالاستقلال ليست موضوعًا للمزايدات وخلق المواجهات وإزعاج حلفائنا القدماء كما انها ليست للضغط بهدف الحصول على الامتيازات، وإنما هي استحقاق قومي".

وأضاف الطالباني: "أننا نحاول ترسيخ ثقتنا بأصدقائنا العرب في العراق وهم شركاؤنا في الدولة والأرض والموارد"، لافتًا إلى أن "أي قرارات سياسية لا تستطيع قطع علاقات الجيرة بيننا بحكم الجغرافيا والتأريخ".

ابرز المبادئ

ومن ابرز مبادئ الاتفاق الذي يتألف من 11 فصلاً و 25 مادة اقليميا واتحاديًا:

•إنشاء تحالف برلماني بين كتلة الجانبين في اقليم كردستان ومجلس النواب العراقي وعلى مستوى مجالس المحافظات.

•التأكيد على النظام البرلماني للإقليم وانتخاب رئيس الإقليم في البرلمان ويكون رئيس الحكومة هو المسؤول المباشر للسلطة التنفيذية.

•الاتفاق على ضرورة استئناف البرلمان الكردي أعماله، دون قيد أو شرط  بعد أن تعطل على خلفية أزمة انتهاء الولاية القانونية لرئيس اقليم كردستان في 19 من آب 2015.

•انشاء قوائم مشتركة للمشاركة بقائمة واحدة في الانتخابات البرلمانية سواء كان في المركز أو اقليم كردستان أو على مستوى مجالس المحافظات.

•التعاون بين الجانبين في الحكومة العراقية وحكومة الإقليم ومجالس المحافظات

•لا يسمح الاتفاق لأي من الجانبين الاتفاق أو التحالف مع الجهات الأخرى فيما يتعارض مع بنود هذا

•الاتفاق على اتمام الاستعدادات لاجراء الاستفتاء بشأن استقلال كردستان بعد موافقة البرلمان عليه كشرط مسبق.

اطلاعات في كردستان

وتزامن التوصل الى هذا الاتفاق مع زيارة وزير الاستخبارات والأمن القومي "اطلاعات" الإيراني الى الإقليم، حيث التقى في السليمانية كوسرت رسول علي النائب الاول للامين العام للاتحاد الوطني الكردستاني.

وقبل ذلك، التقى علوي رئيس الإقليم مسعود البارزاني، بحسب ما اعلن موقع روداو الذي أشار الى أن الحكومة الايرانية وجهت دعوة رسمية الى رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني لزيارة طهران، وتأتي هذه الدعوة في الوقت الذي لم يقم البارزاني بزيارة ذلك البلد منذ عدة سنوات.

بيان وزع في الإقليم عقب اجتماع علوي والبارزاني، أشار الى ان ايران "تنظر دائماً إلى إقليم كردستان كصديق وعامل في تعزيز حسن العلاقات والإستقرار في المنطقة"، لكنه لم يتطرق الى العلاقة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني.

وساطة دمج  

ويرجح مراقبون ان يفضي هذا الاتفاق الى دمج الحزبين مرة ثانية وعودة كوران الى بيت الاتحاد الوطني الكردستاني.

وشهدت الفترة الأخيرة تقاربًا كبيرًا بين مواقف الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير (كوران) سواء على مستوى اقليم كردستان ومعارضة قرارات حزب بارزاني الذي يمسك بالسلطة في الاقليم، أو على مستوى العراق في ما يخص الازمات التي تعيشها البلاد وتحديدًا ازمة السلطتين التنفيذية والتشريعية.

ويأتي الاتفاق في وقت بدأ فيه القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي والقريب من الزعامات الكردية عادل عبد المهدي زيارة الى السليمانية، وحيث التقى الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني رئيس الجمهورية السابق جلال طالباني، فإن مصادر سياسية ابلغت "إيلاف" انه سيتولى وساطة لاقناع الأطراف السياسية في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير، تلبية لوصية مؤسس الاتحاد الوطني جلال طالباني، في لم شمل البيت، كما كان قبيل الانشقاق الذي قاده نيشرون مصطفى ومجموعة من قيادات الحزب، ليشكلوا حركة التغيير (كوران) عام 2009، والتي خاضت انتخابات برلمان الإقليم، وحصلت الحركة على 25 مقعدًا برلمانياً من اصل 111 مقعداً، وبذلك أصبحت ثاني أكبر كتلة برلمانية وأكبر قوة معارضة على مستوى اقليم كردستان، وفي انتخابات مجلس النواب العراقي التي جرت عام 2010 ظهرت قائمة التغيير كثاني أكبر قوة سياسية في اقليم كردستان، وحصلت على ثمانية مقاعد، وحصلت على منصب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب التي شغلها ارام شيخ محمد.

أطفال الگاردينيا

  

إذاعة وتلفزيون‏



الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

999 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع