الشيخ العلامة نجم الدين الواعظ : شذرات في سيرته العائلية التي ازدهرت بأضواء ساطعة من العطاء"

   

"نجم الدين الواعظ: شذرات في سيرته العائلية التي ازدهرت بأضواء ساطعة من العطاء" 

   

  

تعد بغداد من أهم مراكز العلم على تنوعه في العالم وملتقى للعلماء والدارسين لعدة قرون من الزمن، واشتهرت بغداد ولفترة طويلة بالعلماء والمثقفين من الشعراء والأدباء والكتاب والففهاء والأءمة، حيث أنجبت المدينة الكثير منهم، واعتبرت المدينة كواحدة من أكثر العواصم العربية تأثيراً في العلوم والثقافة، كما شهدت محلة الأعظمية احدى درر بغداد، التي اخذت اسمها نسبة إلى الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي [699- 767م] قطب المذهب الحنفي، والكائن ضريحه والجامع المحيط به في الضفة الجنوبية من نهر دجلة، وبجواره مقبرة (الخيزران) الشهيرة، وهي من الاحياء القديمة ببغداد، فيها ولد او عاش، ومنها برز عدد من الاعلام من العلماء والفقهاء والمثقفين والمقرئين الاجلاء في العراق، وكانت مجالس العلماء دواوين يلتف حولها الطلاب والعوام، وكانت المحلة ملتحمة مع علمائها وعوائلها الشريفة في تسير شؤونهم اليومية، ومن علماء تلك الفترة الإمام محمود شكري الألوسي الحفيد، والشيخ علي الالوسي، ونعمان الآلوسي، والشيخ قاسم القيسي، والشيخ نعمان الأعظمي العبيدي، والشيخ عبد الرزاق الأعظمي، والشيخ أمجد الزهاوي، والشيخ محمود الصواف والشيخ عبد القادر الخطيب والشيخ نجم الدين الواعظ، والشيخ كمال الطائي، والشيخ محمد القزلجي الكردي، ووليد الاعظمي، والحافظ خليل اسماعيل والكلام يطول، جيلنا ومن بعده يتفاخر ويتباهى بامثالهم، من العلماء واللأمة من الفقهاء والقراء، لما قدموه من دور في اعلاء مكانة العراق في اواخر القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين، واصبحت اسمائهم لامعة في سماء العراق والعالم العربي، واسماء اخرى حفرت على تراب الوطن ذكريات جميلة لا تنسى في المجالات العلمية والثقافية والادبية، حتى مقبرتها العتيقة، تظم الخيزران بنت عطاء زوج الخليفة المهدي ووالدة الخليفتين هارون الرشيد والهادي والتي توفيت ودفنت هناك عام 173هـ ، كما تضم رفات مئات من العلماء الربانين امثال ابو بكر الشبلي وهشام بن عروة ومحمد بن اسحاق وحسن باشا عام 1061هـ وابراهيم باشا عام 1057 ومحمد فاضل باشا الداغستاني القائد العثماني في الحرب العالمية الاولى، ثم الشاعر الزهاوي والشاعر الرصافي والشيخ امجد الزهاوي وغيرهم.

              

في الشارقة وفي جلسة مع الصديق الطبيب الاستشاري والاستاذ في االكلية الطبية في بغداد سابقا، الدكتور مكرم مكي الواعظ ، نجل الدكتور الجراح المشهور مكي، واحد احفاد العلامة الورع نجم الدين الواعظ مفتي العراق، كما هي عادتنا حين نلتقي، لم يكن الحديث ليخرج عن شؤون الحياة والتراث والسياسة والرياضة، والحياة القديمة التي عرفها الآباء والأجداد في الاعظمية، والفرق بين حاضرنا وماضينا، الزمن الجميل،ذلك الزمن الذي مر بنا واوقاته المفرحة والحزينة، كأنها حلم، والتي نحن اليها، اصبحت تراث، وهكذا تمر بنا الذكريات بما لها وما عليها، ولعل اهم ما تمتاز بها جلساته هي الروح الانسانية التي تحسها تصدر عنه، كما لا يخفى فأنني لا أستشير غيره في اية حالة مرضية الم بها وهو المرشد دائما لأي طبيب اراجعه، لست وحدي بل الكثيرين هنا في الشارقة يستشارونه، ومع هذه الجلسة الجميلة رجعت بنا الذكرى الى شذرات حياة ومكانة العلامة نجم الدين الواعظ احد اعلام العراق وكوكباً من كواكب الفقه والعلم والمعرفة ابن الكرخ والاعظمية سكناً ووفاةً، لكن رغم هذه الشهرة الواسعة التي تمتع بها العلامة الواعظ، فإن هناك بعض المعلومات التي قد لا يعرفها الكثيرين ولم يتطرق او يكتب عنها، وبدأت اكتب لأخط القلم على الورقة عن حياته الاجتماعية والتأريخية، وذلك بابرازها للعيان ليظهر شرفها وقيمتها، أستعيد بعضا من شخصية لا يكاد يعرفه هذا الجيل، وهي دعوة استذكار لقامة عراقية ازدهت بالخير والأرشاد والوعظ، كانت بصمات علمه وأفعاله منارة سطعت في جبل المعرفة والرقي، آخذين بنظر الاعتبار ما كتب عنه من مقالات ودراسات كمصادر، وذلك فحاجة القراء إلى المقالة أشد أحياناً من حاجتهم إلى الكتاب.

         

العلامة الشيخ نجم الدين الواعظ:
في جانب الكرخ بمحلة سوق حمادة ببغداد وبعد ان نشا في كنف والديه قرأ القران الكريم على بعض هو الشيخ نجم الدين عبد الله احمد رجب الشهير بالواعظ ويرجع نسبه الى عشيرة المعاضيد ولد سنة 1298هـ - 1880م، تتلمذ على يد علماء مشهود لهم عند العامة والخاصة بالعلم والورع والتقوى من مشايخ الكرخ في مقدمتهم العلامة الشيخ عباس القصاب والعلامة الشيخ غلام رسول الهندي وعلى علامة العراق الشيخ عبد الوهاب النائب في الرصافة وحصل منه على الاجازة العامة، كما حصل على اجازة في الحديث دراية ورواية من شيخ الحديث في دمشق والشام الامام المحدث الثبت الشيخ بدر الدين المغربي نزيل دمشق فكانوا علماء مربين، فكان يتأسى بهم ويحفظ عنهم، وطفق يبحث عن مخلفات السلف في الفقه والموعظة الحسنة والأرشاد.
عين اماماً وخطيباً في جامع حنان بجانب الكرخ وذلك في شهر ايلول سنة 1922م ثم تصدر للتدريس في مدرسة الرواس ونقل بعدها الى المدرسة الوفائية وذلك بتاريخ 1946/6/27م، ثم عين واعظاً وخطيباً في جامع مرجان بتاريخ 1947/4/27، نقل بعدها الى مدرسة العادلية الكبير، ثم نقل الى مدرسة القبلانية بتاريخ 1954/4/1، وبقي في هذه المدرسة لغاية 1958/7/5م نقل الى مدرسة جامع الامام الاعظم ثم الى جامع العسافي، وبقي في هذا الجامع الى ان احيل على التقاعد عام 1965م، كان له مجلس في جامع العسافي يحضره كبارالعلماء والوجهاء والادباء.
عضو هيئة إدارة جمعية الهداية الإسلامية.
رئيس جمعية الآداب الإسلامية للفترة 1949-1955.
سعى بتشييد كثير من المساجد في داخل بغداد وخارجها فقد كان رحمه الله يتبرع ويجمع ويحث لبناء المساجد.
أنشا مسجداً في منطقة الصليخ باسم جامع الآداب.
جددت جمعية الاداب في عهده بناء جامع كاظم باشا في منطقة الفحامة شمال الأعظمية.
أنتخب عضواً في المجلس العلمي ثم عضواً في المجلس الأعلى ثم أستقال منه، وظل في الجامع يعمل متبرعاً لوجه الله.
توفي العلامة المفتي نجم الدين الواعظ ليلة السادس من شهر صفر عام 1396هـ / 7 شباط 1976م، تم إذاعة نبأ وفاته في إذاعة بغداد ومآذن المساجد والتمجيد حافل لم تشهد بغداد له مثيلا، وحضر الكثير من علماء بغداد إلى داره في الأعظمية، وشيع بموكب مهيب محمولا على الاكتاف من داره إلى جامع الإمام الأعظم حيث صلي عليه، وكان يوم تشييع جثمانه من الاعظمية يوما مشهودا في تاريخها، ثم شيع محمولاً إلى الكرخ، وقد اغلقت اسواق الاعظمية ابوابها، وسط صيحات التهليل والتكبير، تخترق الجموع المشيعة أعلام الحزن وأصوات الدفوف تعلن للملأ بحزن وألم فقد العالم الصالح، ودفن في مقبرة الشيخ معروف الكرخي في حجرة خاصة، دفن بعدها بقربه العلامة الشيخ نوري الملا حويش، والسيد الشيخ كاظم علي الخطيب والشيخ محمود بن ملا حمادي، واقيم مجلس الفاتحة على روحه الطاهرة في جامع الامام الاعظم وتبارى العلماء والخطباء والشعراء في تابينه منهم منهم الأستاذ باقر سماكة بقصيدة يقول بمطلعها :
لقد غاب نجم الدين (واعظ) *** أمة ستبقى برغم الموت آثاره الغر
،كما اقيمت مجالس الفاتحة سائر انحاء العراق.
مجلة (ألف باء ) البغدادية وفي عددها 416 في 8 ايلول 1976، تابعت خبر رحيل العلامة الشيخ نجم الدين الواعظ مفتي الديار العراقية، ومن خلال صفحة ( للناس حكايات وحكايات للناس ) التي كان يحررها الاستاذ رشيد الرماحي وقالت وتحت عنوان :" غياب أشهر وجه رمضاني في بغداد"، حيث تقول: يغيب وجه رمضاني شهير كان اهالي بغداد يسمعون اليه في عدد من مساجد العاصمة، وهو يعظ الناس ويتحدث اليهم بحلاوة لسان ونفس طويل في شتى الامور الدينية والدنوية"، وكثيراَ ما كانت الجلسات تستمر والمناقشات تطول.

          


العلامة نجم الدين الواعظ، احد جهابذة العلم المتخصص بالفقه الاسلامي في العراق، وهو الملم بالاحكام الشرعية، ذو علم بالحديث موفور العلم والاستنباط، معروف بحسن العقيدة، والسيرة، ومواصلة الدعوة إلى الله سبحانه، مع ما يبذله من الجهود المشكورة في العناية بالحديث الشريف، وسطي المنهج في بحوثه وخطبه، والمواعظ والارشاد، نفع فيما كتبه او خطبه او ندواته كثيراً من الناس، من حيث العلم، ومن حيث المنهج، على سعة وإتساع الحياة التي عاشها العلامة نجم الدين الواعظ، وعلى أهميته الفقهية والعلمية من القضايا الدينية والدنيوية، فهو الداعية الذي لا يخاف في الله لومة لائم يقول الحق ويقضي به بين الناس اذا تكلم انصت له الجميع، كانت له علاقات اخوية مع علماء الشام والحجاز ومصر.
مؤلفاته:
كان هدف العلامة نجم الدين الواعظ ايصال الاحكام الشرعية والامور الفقهية الى الناس بصورة مفهومة لدى المثقف والعامي، فله مؤلفات وتحقيقات قيمة، لو جمعت خطبه في الجمع وشهور رمضان التي هي وعظ ودروس وعبر، لا استفاد منها كثير من الباحثين في الشؤون الدينية والاجتماعية والسياسية، ابر مؤلفاته:
غاية التقريب شرح نداء المجيب.
تأريخ علماء بغداد.
بغية السائل شرح منضومة العامل.
كتاب الاعتصام، الحاوي على توجيهات نافعة في الفقه والاخلاق والدين.
العلامة الواعظ والملك فيصل الاول والعائلة الملكية:
في عام 1922اقدم الشيخ نحم الدين الواعظ على الحج، وكما هو معلوم فان الحج كان يستغرق شهورا وعلى الجمال، وبعد اداء الحج، جرى له استقبال كبير في سوق حمادة والكرخ مهنئين بالحج والعودة السالمة، وكان المندوب السامي يلاحظ مدى شعبية المحتفى به، فسأل عنه، وعلم انه نجم الدين الواعظ، وفي حينها كانت النية بتشكيل الحكومة، فاستدعاه وبحضور الملك فيصل الاول، واقترح عليه وزارة الاوقاف او القضاء، فاجابه بعد الشكر وبطريقة مهذبة، بالاعتذار لأنه يفضل خدمة بلده بالتدريس والتوعية والارشاد، بعدها استدعاه الملك فيصل الاول، وقال له: لو كنت قد رضيت باقتراح المندوب السامي لصغرت بنظري، وطالما انك اعتذرت فكبرت بنظري، واقترح عليه ان يكون مستشاراً للبلاط والعائلة الملكية، فقبلها بكل ترحاب، وصار مقربا من العائلة.
عند مقتل الملك غازي بحادث السيارة!،طلبت الملكة عالية ان يقوم الشيخ نجم الدين بغسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه في المقبرة الملكية، وفي عام1945 طلبت منه الملكة عالية ان يحج بالأنابة عن الملك غازي يرحمه الله، فقبلها بكل سرور، فحج الانابة، وبذلك يكون العلامة قد حج مرتين، الاولى بواسطة الجمال، والثانية بالطائرة.

    

مواقف العلامة نجم الدين الواعظ من الاحداث:
العلامة نجم الدين الواعظ معروف باستقلاليته وابتعاده عن العمل الحزبي شأنه شأن عائلته وانسابه، وهذا لا يعني حرمة العمل بالسياسة، فالسياسة شيء والتحزب شيء آخر، له مواقف مشهورة ومشكورة في حث الامة على الجهاد في حركة مايس عام 1941م وهو في الوقت نفسه كان نائباً لرئيس جمعية الدفاع عن فلسطين كما ساهم في كل المناسبات الوطنية التي تهم امر المسلمين والى جانب هذا كله له مناقب مفيدة ضد تمرد الملا مصطفى البرزاني والشيوعيين" الشيوعية كفر والحاد"، وكذلك رسالته المشهورة في ايلول1968 بعد نكسة حزيران للدفاع عن الفلسطينين وهي:
من الفقير إلى الله الحاج نجم الدين الواعظ مفتي الديار العراقية إلى إخوانه المسلمين كافة في جميع أقطارهم الفتوى التالية:
فقد روي عن الإمام علي رضي الله عنه قال في تفسير قوله تعالى (قد أفلح من تزكى) أي أدى زكاة الفطر (وذكر اسم ربه) ليلة العيد (فصلى) أي صلاة العيد. وقال النبي الأكرم (صلى الله عليه وسلم): رمضان معلق بين السماء والأرض لا يرفع إلا بزكاة الفطر.
وعليه نرى من واجب كل مسلم ومسلمة في جميع أقطار العالم ان يصرف زكاة الفطر لصالح حركة التحرير الوطني الفلسطيني «فتح» وقواتها (العاصفة) القائمة على تحرير أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وتطهيرها من رجس الصهاينة الغاصبين، هذا وكان الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه المسلم والله ولي التوفيق.
بغداد 25 رمضان 1388
15 كانون أول 1968
العلامة الواعظ ونقل رفاتي الصحابة ابن اليمان وعبد الله الانصاري:
كتب الاستاذ الدكتور اكرم المشهداني في جريدة الزمان، معلومة لا يعرفها الكثيرون قصة نقل رفات الصحابيين حذيفة بن اليمان وعبد الله الانصاري من ضفة دجلة بالمدائن الى جوار قبر الصحابي سلمان الفارسي في سلمان باك،
يروي سادن مرقد سيدنا سلمان الفارسي أن والده كان ايضاً سادن القبر ومن الصالحين، وقد رأى بمنامه في عام 1932 رؤيا ان سيدنا حذيفة أتاه في المنام يشكو الغرق، وكان قبر الصحابيين الجليلين حذيفة وعبدالله بن جابر الأنصاري على ضفة نهر دجلة، وحين زار قبرهما وجد أن مياه النهر باتت تأكل من جرف القبرين، وأنهما مُهدّدان بالإنجراف مع النهر، فقام بإبلاغ مفتي الديار العراقية آنذاك، والذي قام بابلاغ الملك غازي بالأمر، وبعد قيام مهندس الأوقاف بالكشف على القبر أكد في تقريره أنه معرض لخطر التجريف، ونصح بضرورة نقلهما. وحين وصل الأمر للملك غازي يرحمه الله فقد اصدر الملك أمره الفوري بنقل الجثمانين من مكانهما الى جوار قبر سيدنا سلمان الفارسي رضي الله عنه، بموكب عسكري مهيب يتقدمه الملك غازي وكبار شخصيات العراق ومنهم مفتي الديار العراقية وكبار العلماء حيث فتح القبر، ولاحظزا ان جسدي الصحابيين مازالا على وعلى وضعهما بل ان الدم مازال طريا، تم نقل الجَسدين الطاهرين من ضفة دجلة بالمدائن إلى جوار قبر الصحابي سلمان الفارسي، وقام الشيخ نجم الدين الواعظ بأمامة الصلاة، وبحضور حشد كبير من المواطنين، معجزة وكرامة قد حدثت، اﻷرض لا تأكل احساد الصالحين..
العلامة الواعظ والزعبم عبد الكريم قاسم:
بعد انحراف الزعيم عبد الكريم قاسم عن اهداف ومبادىء ثورة اوحركة 14 تموز، وبعد ابعاد عبد السلام عارف واستقالة الوزراء القوميون والبعثيون، وما حدث بعد حركة الشواف من اعدامات وقتل في الموصل وكركوك، اقدمت القوى القومية والوطنية التصدي لما حدث، فجرت اعتقالات طالت الكثير ومنهم عبد الرحمن البزاز، زوج ابنة مفتي العراق في حينها العلامة نجم الدين الواعظ، فطلب المفتي مقابلة الزعيم، فجرى اللقاء بسرعة، وابتدأ الزعيم بالاشادة بمكانة الواعظ، وكيف كان يذهب مع والده للصلاة خلفه في جامع مرجان، وكيف كان معجبا بالخطب الي كان يلقاها، وقال له لا تصدق الاشاعات التي تقول ان عبد الكريم قاسم شيوعي، فانا لست شيوعيا وانما انا خادم للعراق وشعبه، شكره مفتي العراق على المقابلة وبين له ان انه لم يقابله للأمور المتعلقة بالافتاء وانما هو وجود زوج ابنته والكثيرين رهن الاعتقال بسبب ارائهم، وهم ليسوا متآمرين، فإن كانوا كذلك لتجرى محاكمة لهم، وكما علمت لم يحقق معهم، وان سبب اعتقالهم هي آرائهم، وهذه ليست جريمة، وبعد يوم اطلق سراح عبد الرحمن البزاز.
بعض من الطرائف التي رويت عنه: كان يدرس في حلقته العلمية في المدرسة الدينية فزارها داود باشا العثماني وسأله يا شيخنا لماذا تقولون دائما ضرب زيد عمروا ولم لا تقولون بخلافه أي ضرب عمرو زيدا فقال الشيخ على الفور ياباشا إن عمروا هذا تطاول على اسمكم الكريم فسرق واو مقامكم الرفيع لذا جعلنا زيدا يضربه مؤدبا إياه على الدوام فسر الحاضرون جميعا بهذا الجواب الجميل.
اراد الرئيس عبد السلام محمد عارف ان يصلي الجمعة في جامع العسافي في شارع الضباط ، وكانت الصلاة تبث على الهواء وبعد الاستماع الى خطبة الجمعة التي القاها الشيخ نجم الدين الواعظ حول الامور الدينية والدنيوية، وبعد اداء الصلاة، اقترب الرئيس عارف من الشيخ ليسلم عليه، وكان موقفه ليس كما في السابق اي كان فاتراً، اي افتقد الود والحفاوة كما في السابق حيث انهم من محلة واحدة وبينهم مودة كبيرة، فسأله الرئيس واللقاء يبث على الهواء، لماذا يا شيخ زعلان علينا، اجابه الشيخ صارت بغداد مكانا جميلا لرقص نجوى فؤاد التي كانت تزو العراق في حينها، حتى التلفزيون يعيد حفلات الرقص!!، اجابه الرئيس الشعب فرحان لقرب الوحدة مع مصر،آسف واحسبها علينا!!، وبعدها تعانقا وافترقا.
تلامذة العلامة الواعظ:
درس العلامة الواعظ طلاباً من خلال المدارس الدينية التي درس فيها، حيث تتلمذ على يديه كثير من المشايخ، اضافة الى الطلبة اللذين درسهم في كلية الامام ابو حنيفة والشريعة واصبحوا من كبار العلماء المعروفين وأئمة مساجد وخطباء مدرسين في المعاهد والكليات ابرزهم: عبد الكريم زيدان، عبد العليم السعدي، حارث الضاري،محمود بن ملا حمادي، احمد حسن الطه، والشيخ حامد الملا حويش، والشيخ نوري الملا حويش، كما كان العلامة الواعظ مرشداً ومعلماً ومربياً وموجهاً للمقرىء الحافظ خليل اسماعيل، وكان الحافظ يتلقى دروساً يومية ومنظمة في النحو والصرف والتجويد، وكان له الفضل الاكبر لمسيرة الشيخ المقرئ المرحوم الحافظ خليل اسماعيل في شهرته وسمعته في عالم التلاوة والتجويد، فهو عبقري التلاوة على المقامات العراقية.
كانت المصاهرات بين العلماء رافدا للتلاحم والروابط، فقد تزوج عالم من علماء بغداد حامد الملا حويش من ابنة شقيقة الشيخ نجم الدين الواعظ الحاجة امينة والدة محمد والشيخ عبد السلام والدكتور محمد.
اولاد العلامة نجم الدين الواعظ:
تزوج العلامة بأمرأتين، الاولي تكريتية من بيت شنتاخ، وهي احد اقرباء السيد يوسف حمادي والد الاستاذ حامد سكرتير رئيس الجمهورية صدام حسين ووزير الثقافة، انجبت له بنتين وولدين زكية وفاطمة وناجي واحمد، والثانية من اقربائه انجبت له بنت واحدة واربع اولاد، مكي ورؤوف وعبد الآله ومنذر، وقد ساروا على نفس التربية والسلوك التي انتهجها، وقد ربى ابناؤه على حب العلم والعلماء، فكلهم وصلوا الى مراتب جيدة من المسؤوليات، كما ان اكثرهم يحملون الشهادات العليا.
ناجي الواعظ:
تخرج من الكلية العسكرية واصبح مرافقا للملك فيصل الثاني، وبعد تموز 1958 اشتغل بالتجارة وهو اول من ادخل الالمنيوم للعراق.
احمد الواعظ:
بعد تخرجه عمل في دائرة السكك الحديد.

                     

الدكتور مكي الواعظ:
سماه والده مكي، تيمنن بالولادة الي حصلت عند مجيئه من مكة.
ولد في بغداد عام 1924 محلة سوق حمادة بجانب الكرخ، درس الدكتور مكي الدين في الكتاتيب ثم دخل مدرسة دار السلام الابتدائية والمتوسطة في الكرخ ثم انهى دراسته في الاعدادية المركزية ببغداد اهلته معدلاته العالية الفرع العلمي لدخول كلية الطب عام 1942 وتخرج منها عام 1948
بعد تخرجه عين ضابط احتياط شارك مع قطعات الجيش في الحرب في فلسطين، وبعد تسريحه من الجيش عين طبيبا مقيما في المستشفى الملكي في قسم الجراحة مدة عامين.
سافر بعدها الى امريكا للتخصص في جراحة الامراض البولية والتناسلية
بعد عودته الى العراق عين مدرسا في كلية الطب ببغداد وارتقى بعد ذلك الى درجة الاستاذية عام 1968
كان ذا طباع مرحة يميل الى الشخصية البغدادية في خصالها احب الادب العربي خاصة الشعر وكان يمتاز بالحفظ وغزارة المعلومات وبمختلف المجالات، صاحب نكته وطرافة، من رواد مجلس الدكتور كمال السامرائي يوم الجمعة، وعلى صعيد عمله كطبيب خلال سنواته الاخيرة في مدينة الطب كان مشرفا على رسائل لطلاب يحتلون مكانتهم اليوم في مجال الطب.
من اشهر الجراحين في اختصاص المجاري البولية في العراق فهو زميل كلية الجراحة الامريكية وله بحوث ودراسات في مجال طب الجراحة نشرت في عدد من المجلات العلمية العراقية والعربية والاجنبية
توفي في عام 2002 بعد ان ترك سيرة حسنة لدى من عرفوه او سمعوا عنه، ومن طلابه الدكتور اسامة نهاد رفعت، والدكتور صباح القاضي، والدكتور مقداد العاني والدكتور طارق الجميلي، اعلام متميزة في جراحة المسالك البولية.
كان مشاركا في العديد من الجمعيات والهيئات الطبية العراقية والعربية، أصبح أحد أعضاء الناشطين في الجمعية الطبية العراقية، احد ابنائه الاستشاري الدكتور مكرم مكي في الامراض الجلدية الصديق الرائع ذو الادب والخلق الرفيع الحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة لندن، وأستاذاً في كلية الطب في جامعة بغداد، في سنوات الحصار، تخرج على يديه عديد من الاطباء المشهورين، في عام 2002 اختير افضل استاذ في القاطع الطبي لكونه من اكثر الاطباء اللذين قدموا بحوثاً في المجلات العلمية الرصينة، وكرمته وزارة التعليم العالي برعاية الدكتور همام عبد الخالق، غادر العراق بعد الاحتلال، وهو من اشهر اطباء الجلدية في الامارات، على خطى أباه من حيث العلم والادب وحب المجالسة والطرافة.

                        

الدكتور رؤوف الواعظ:
قومي العقيدة والاتجاه، لم ينتمي الى حزب سياسي، باحث معروف، موسوعي، ناقد في الادب الحديث، استاذ متمرس حصل على الدكتوراه من القاهرة، درس في جامعة بغداد كلية التربية وهو الذي اسس قسم الادب الحديث، له بحوث نشرت في مجلات علمية معترف بها، نشر وطيع كتابه الاول سنة 1961 بعنوان"معروف الرصافي حياته وادبه السياسي" ويعد هذا الكتاب من المصادر القيمة في دراسة الباحثين وطلبة الدكتوراه، كما الف كتاب "دراسة الادب الحديث 1971، له كثير من المقالات والدراسات نذكر منها: محمد مهدي البصير شاعر الثورة العربية، احمد شوقي شاعراً واقعياً، معروف الرصافي جوانب من حياته التي تعرف بعد، الاتجاهات الوطنية في الشعر العراقي الحديث، التفاحة في النحو.
بعد فشل حركة الشواف والاعدامات التي حدثت واستمرار حكم عبد الكريم قاسم الفردي وما عمله الشيوعيون من ممارسات شنيعة، تشكل في القاهرة التجمع القومي العربي القومي نهاية عام 1961، وابرز الذين كانوا في القاهرة هم: فائق السامرائي، محمودالدرة، سليمان الصفواني، جابر عمر، فؤاد الركابي، مدحت ابراهيم جمعة، صدام حسين، عبد الكريم الشيخلي، فيصل الوائلي، احمد الجزائري، عبد الرحمن البزاز، هشام الشاوي، رؤوف الواعظ، هلال ناجي، عدنان الراوي،رشيد البدري، احمد الحبوبي، علاء الدين الريس، سليم الزبيدي وبتول الخطيب.

  عبد الآله الواعظ:

الاستاذ في كلية الاداب في جامعة بغداد، له مقالات ودراسات كثيرة، نال شهادة الدكتوراه من "معهد البحوث والدراسات العربية العالية في القاهرة " بأشراف الاستاذ الدكتور احمد مطلوب للأطروحة المعنونة : " عدنان الراوي :حياته وأدبه " وقد طبعت الاطروحة ، ونشرت في كتاب أصدرته وزارة الثقافة والاعلام في العراق 1981، قومي لكنه لم ينتمي الى اي حزب سياسي.

                     



منذر الواعظ:
الصديق منذر الواعظ كانت صلته بالناس حميمية ومتضامنة، لما يتمتع به من خلق رفيع وادب وروح رياضية، ولذلك فإن نجومية منذر الواعظ جعلته يكون دائم الادراك بفنه واخلاصه للحركة الرياضية ولعطائه الزاخر بالانجازات عندما انطلق رياضياً بارزاً وفي العاب مختلفة من الرياضة، ومنها العاب الساحة والميدان وكرة السلة وكرة القدم، وفي مدرسة التطبيقات الابتدائية، مارس عدة كرة القدم والساحة والميدان وكرة السلة، وبعدها انتقل الى (ثانوية الاعظمية) للبنين عام 1961، عندما كان مدرس الرياضة آنذاك عبدالرزاق احمد، ومن بعده جاء الاستاذ مؤيد البدري الذي اعطى له الدعم والتشجيع من اجل ان يواصل انجازاته كرياضي في بداية طريقه، تخرج من كلية الشرطة العراقية عام 1969، وتخرج من كلية الحقوق الجامعة المستنصرية عام .1969
دبلوم عالي بالتربية الرياضية من جامعة ليبزك بألمانيا عام 1973لاعب ومدرب وحكم بعدة العاب، درب فريق شرطة المرور ونادي الشباب الذي كان يرأسه صباح ميرزا، كذلك درب نادي الجيش، ونظرا لكونه من لاعبي الدراجات وحصوله على شهادات تدريبية خارجية، أصبح رئيس الأتحاد العراقي للدراجات منذ عام 1976 ولحد عام 2011، اضافة الى اشغاله منصب نائب رئيس الاتحاد الاسيوي والعربي للدراجات، كما اصبح عضو المكتب للمكتب التنفيذي للجنة الاولمبية، كذلك قام بقيادة عدة منتخبات وطنية بكرة القدم اضافة الى تبوءه منصب مدير العاب الجيش، ونائب لرئيس اللجنة الولمبية، فهو علم من اعلام العراق في الرياضة وفي الادارة الاولمبية، قدم خدمات لا تنسى للحركة الرياضية العراقية والاسيوية وهو ضابط شرطة متميز، توفى رحمة الله عليه في الغربة عام 2017.
الاستاذ الدكتورعبدالرحمن البزاز: المفكر والفقيه في القانون الوزير ورئيس الوزراء:
كان لمجتمع كرخ بغداد الذي ولد فيه عام1913 تاثير ببلورة الاتجاهات الفكرية لدى عبدالرحمن البزاز باتجاه العروبة والاسلام والتدين، فقد تربى في احضان خاله نجم الدين الواعظ، وتطورت هذه التوجهات بلقائه للحصري القومي النزعة والذي كان عميدا لكلية الحقوق التي التحق بها البزاز بعد تخرجه في الثانوية المركزية، تزوج عبد الرحمن البزاز من (وفيـة) ابنة خاله نجم الدين الواعظ وسكن محلة سوق الجديد في منطقة الكرخ، ثم انتقل الي الاعظمية في جانب الرصافة حيث بني له دارا في راغبة خاتون، بعد تأمبم قناة السويس وبدأ العدوان الثلاثي على مصر 1956، نشط البزاز في صفوف المعارضة اسوة ببقية الرموز الوطنية والاحزاب المعارضة للحكم أنذاك، ورفع مذكرة باسم (نادي البعث)الذي اسسه الملك فيصل الثاني في 10 ت2 1956 وكانت تلك المذكرة فرصة للبزاز وزملائه في تشخيص الاوضاع الداخلية بشجاعة والمطالبة بمنح الحريات للصحافة والاحزاب والمنظمات النقابية وتاسيس حياة نيابية سليمة، فاعتقل على اثرها وتم فصله من الخدمة كعميد لكلية الحقوق1956.
عند اندلاع ثورة 14 تموز اُعيد البزاز بمرسوم جمهوري عميدا لكلية الحقوق في 30 تموز 1958 .
بدأت علاقته بالزعيم عبد الكريم قاسم ودية لكنها بدأت بالتغير نتيحة انحراف الزعيم عبد الكريم عن التوجه القومي وتصرفاته الفردية، وبدأ بمعارضته، وتثقيفه لطلابه بثقافة قومية وناصرية بما كان يخالف المد الشعبي والمزاج العام الذي ساد باتجاه الشيوعية واليسار عموما، جيء به شاهداًعام 1959 امام محكمة المهداوي المشهورة والحوار الساخن الذي دار بين المدعي العام العسكري وبين البزاز ابدي شجاعة فائقة لرد تطاول المدعي العسكري الذي استغل مركزه وموقعه في المحكمة الامر الذي حدا بالدكتور البزاز ان طلب من المحكمة ان تحميه من تعديات وتجاوزات المدعي العسكري فكسب عطف الناس وعري مصداقية المحكمة، بسبب موقفه المؤيد لانتفاضة الموصل 1959 الذي ادى لاعتقاله واستقالته من منصبه كعميد لكلية الحقوق في جامعة بغداد، سافر الى لبنان، وبطلب من الرئيس جمال عبد الناصر، لجأ البزاز الى القاهرة التي كانت ملاذا للقوميين والبعثيين الهاربين من حكم الزعيم قاسم، حيث عين هناك عميدا لمعهد الدراسات العربية خلفا للاستاذ الدكتور طه حسين وبتاثير من الرئيس جمال عبدالناصر نفسه، وفي القاهرة توطدت علاقة البزاز بالرئيس عبدالناصر من خلال العقيدة القومية مما دفع عبدالناصر ان يوصي بترشيحه مديرا لمعهد الدراسات العربية التابعة لجامعة الدول العربية.
بعد انقلاب او ثورة شباط 1963، عين سفيرا لهم في القاهرة وانتدبوه مفاوضا بالمحادثات الثلاثية للوحدة السورية العراقية المصرية، شغل منصب السكرتير العام للدول المصدرة للنفط "اوبك"1964-1965، وزيرا للخارجية، كان يلقى احاديث في اذاعة بغداد سمي بجديث الاربعاء، تم تكليف عبد الرحمن البزاز، رئيسا للحكومة من قبل المشير عبد السلام عارف، و بذلك أصبح البزاز أول رئيس مدني في العراق منذ القضاء على الملكية في 14 تموز 1958، ثم عين رئيسا للوزراء في حكومة الفريق عبد الرحمن عارف، الفترة التي حكم بها رئيسا للوزارة حفلت باستقرار للأوضاع الاقتصادية وحظيت بقبول واضح من الناس لما أشاعه من طمأنينة وأن العدل والقانون هما المعيار الذي يجب أن يسود وأن يأخذ كل ذي حق حقه وبالقانون فالقانون هو السيد، كان عبد الرحمن البزاز ذا خلق رفيع، عف اللسان لا يستغيب أحدا ولا يرضى أن يستغاب أحد في مجلسه، طويل البال، يسيطر على أعصابه، واسع الاطلاع خاصة في الشريعة الاسلامية.
مؤلفاته:
مذكرات عن أحكام الأراضي في العراق - بغداد - 1940م، الموجز في تاريخ القانون - بغداد - 1949م، الإسلام والقومية العربية - بغداد - 1952م، مبادئ أصول القانون - بغداد - 1958م، أبحاث وأحاديث في الفقه والقانون - 1958م، الدولة الموحدة والدولة الاتحادية - بغداد - 1958م، صفحات من الامس القريب-بيروت-1960م، بحوث في القومية- القاهرة-1962م، من وحي العروبة-بغداد-1963م، هذه قوميتنا-بغداد-1964م، مبادىء القانون المقارن-بغداد-1967م، نظرات في التربية والاجتماع والقومية-بغداد-1967، العراق من الاحتلال الى الاستقلال-بغداد-1967.
توفي رحمة الله عليه يوم الخميس 27 جمادى الأول 1393هـ، الموافق 28/6/1973م، ودفن في مقبرة الخيزران، قرب مرقد الشيخ محمد القزلجي.
عاش للعراق، فكان حياً في قلوب الناس، وتجرد لخدمة الدين والعلم والأرشاد، فأحبّه الناس، ولا ينبغي إلا أن يكون حاله هكذا، فمن عمل لله والوطن، ولمصلحة شعبه، وضحّى بعمره كله في سبيلها، هكذا كانت مسيرته الدينية والدنيوية ولاتزال تظئ الطريق لمن احب السير على هذا الدرب وشعلة متوقدة نيرة، وسبقى ما دامت له اثار في الوجود باقية، يموت أهلُ العلم وتبقَى آثارهم شاهدةً على ما تركوه من عِلم وخير، هذه العائلة كانت ولا تزال تنجب الطيبة والشهامة وحب المساعدة والخير وسيبقون محل أعجاب وتقدير، ومن الله التوفيق
سرور ميرزا محمود

    

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

661 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع