أطباء البصرة الروّاد في القرن العشرين - الجزء الأول

   

     أطباء البصرة الرواد في القرن العشرين

  

  

 

الجزء الأول: المقدمة

نحاول في هذه المقالة أن توثق لعدد كبير من الأطباء الذين قادوا الرعاية الصحية في البصرة وأفنوا أعمارهم في تقديم الخدمة الطبية والصحية لأهالي البصرة وما حولها والمحافظات القريبة ولسنين طويلة. ولابد لي من الأعتراف بأنني لاقيت صعوبات جمة في مسعاي لولا وجود عاملين مهمين الأول مساعدة الكثير من أبناء وبنات وأقارب هؤلاء الرواد العظام وخصوصاً منهم من غادر هذه الدنيا والعامل الثاني هو إنبثاق هذا العصر الألكتروني بجميع أدواته مما أتيح لي العودة بسهولة لعدد كبير من الوثائق والكقالات والصحف ولولا هذين العاملين لما تمكنت من الخروج بهذا التوثيق. ولابد لي أيضا الأعتراف بان المشروع سيبقى قائما بأنتظار تعقيبات القراء الأعزاء وإضافاتهم وخصوصا ما يتصل بالأطباء والذين لم يشملهم التوثيق إما لعدم توفر المعلومات عنهم أو لعدم شمولهم بالمعايير المستخدمة في تحديد المشمولين بهذا االتوثيق والمبينة في أدناه وكذلك ما يتصل بإضافات على الملاحظات التي تضمنها هذا التوثيق حتى وإن كانت وصف لتعامل أو تجربة شخصية مع هذه أي من هذه النخبة البارزة بشكل مريض أو زميل أو طالب أو جار أو صديق لأي منهم. وبالطبع ندعو على وجه الخصوص أقارب كل من ذكر أن يصحح ويضيف مالديه من معلومات بحق قريبه وأقارب من لم يذكر في هذه المقالة وبإمكانه تزويد صورة أو معلومات عن قريبه او وفق ما يتذكره عنهم.

ولغرض تلافي اي إشكال حول من شمل بالمقال ومن لم يشمل رغم الدور المهم الذي يلعبه كل طبيب في مجاله فقد إرتأينا أن نضع عدد من المعايير التي أستخدمتها بغرض شمول الطبيب من عدمه لكي يظهر في المقالة وكي يكون المقال توثيقيا وفق قواعد محددة وتشمل هذه المعايير بالنسبة للمشمولين:
(1) الأطباء من بين العاملين في المجال الصحي الواسع.
(2) الذين ولدوا في العقود الأربعة الأولى من القرن العشرين (1901- 1940) أو ماقبلها.
(3) الذين عملوا في تقديم الخدمات الصحية لفترة خمس سنوات على الأقل في البصرة.

وتتكون المقالة من خمسة أجزاء وكالآتي:

-الجزء الأول: المقدمة
-الجزء الثاني: مواليد العقدين الأول والثاني 1901-1920
-الجزء الثالث: مواليد العقد الثالث 1921 – 1930
-الجزء الرابع: مواليد العقد الرابع 1931 - 1940
-الجزء الخامس: مواليد العقد الخامس 1941-1950

كان ويبقى للبصرة وشمٌ فرعوني من ألوان الحنين والمحبة لايمحى في ذاكرة كل من لفاها من غير أهلها وأتاها بلحظة قدرية مغترباً طائعاً كان أم مجبراً فألف الفيحاء وأهلها مسكناً لعقله وبستاناً لقلبه ووجدانه وتظل البصرة بالنسبة لهم كما قال فيها شاعر البصرة "المهلبي":  

ألفيتُها فـاتخذتُها وطناً.....إن فؤادي لمثلِهـا وطنُ
مِن سُفُن كالأنعامِ مقبلةٍ.....ومِـن نعام كأنها سفنُ

و يبقى كل من أحبها يرنو بعينيه نحوها إن هو فارقها غصباً أم أختياراً ويستذكر ايامَها ولياليها:

فإن أشكُ من ليلي بالغربةِ طولَه.....فقد كنتُ أشكو منه بالبصرةِ القِصَرْ
وقائلة مـاذا نَبَا بكَ عنهمُ ؟............فقلتُ لا عِلمَ لي فاسألي القدَرْ
وهكذا فقد سكن واستوطن البصرة الكثيرُ من الأطباء مثل الكثير غيرهم من التجار والموظفين والبحارة ومن أضنته الصحراء ومن أحب غابات نخيلها وأحب أهلها. ومع بدء الحرب العالمية الأولى دخلت قوات حكومة الهند البريطانية الشرقية البصرة ورُفع علم الأمبراطورية أعلى مبنى الحكومة ويقع على شط العشار وكما تذكر الوثائق البريطانية أنه كان قريب من جسر العشار وذلك عصر يوم الأثنين المصادف 23 تشرين الثاني سنة 1914 وتذكر المصادر البريطانية أنه بالرغم من وجود أبنية في العشار مبنية بناءا جيدا وتتكون من طابقين إلا أنهم يذكروا أن سكان المدينة البالغ عددهم أكثر من 60 ألف نسمة لم يكن يتوفر لهم أي خدمات صحية حديثة كالمستشفيات.   

  

وكان هذا الجيش مؤلفاً من خليط من البريطانيين والهنود (بنسبة بريطاني واحد لكل ثلاثة هنود) وقام الجيش بنصب أول مستشفى ميداني عائم على مياه شط العرب شمال العشار في موقع المعقل على أكثر إحتمال وقريبا من نقطة إلتقاء دجلة والفرات عام 1914 لمعالجة الجرحى وتُظهر الصورة مقدمة السفينة/المستشفى خلف المبنى الأبيض ويعلوها إشارة الصليب (الأحمر) دلالة على كونها مرفق صحي.

 

وتذكر الوثائق البريطانية حدوث ضجة في الرأي العام في بريطانيا من جراء عدم قدرة تعامل الخدمات الطبية في علاج الأعداد الكبيرة من الجرحى وخصوصا بعد معارك الشعيبة وحصار الكوت.

  

وبعد قيام الدولة العراقية عام 1921 تم إنشاء قسم الأشغال العامة التابع للحكومة والذي أخذ على عاتقه بناء البنية التحتية للحكومة ومنها بناء أول مستشفى مدني حديث في البصرة والذي سمي ب: مستشفى ذكرى مود (مود ميموريال) على أسم الجنرال فريدريك ستانلي مود قائد الجيش البريطاني في العراق والمتوفي في العراق (1864-1917) وأفتتح المستشفى عام 1923وهو ما سمي بالمستشفى الملكي ومن ثم المستشفى الجمهوري. ويظهر الرسم المعماري المبنى الرئيسي في الوسط وجناحين على كل جانب حيث كانت يشغل الطابق الأرضي للمبنى الرئيسي إدارة المستشفى و يشغل الطابق العلوي جناحي التمريض الخاص (النساء على اليمين والرجال على اليسار بينما تشغل مبنى الجناح الأيمن ردهتا الباطنية (رجال في الطابق الأرضي والنساء في الطابق الأعلى) ويشغل مبنى الجناح الأيسر ردهتا الجراحة (رجال ونساء كذلك) مع صالة العمليات. ولاتظهر الصورة ردهات الأمراض الصدرية والحميات وملقات أخرى.  

 

ولذلك فإن عددا من اوائل الأطباء الذين سكنوا البصرة مع مطلع القرن العشرين كانوا من الأطباء الهنود الذين قدموا مع ذلك الجيش البريطاني ثم استقروا فيها بعد أنتهاء الحرب وكذلك من قدم بعد ذلك منهم مثل الدكتور جستد أساد ديفيد وكان متخصصاً بالباطنية وعمل في عيادته الخاصة بالعشار ولم يغادرها حتى وافته المنية في البصرة في السبعينيات وكان  هناك أيضا عددا من الأطباء الهنود مثل الدكتور براون سنغ الذي كان متخصصا بأمراض العيون وكان يعتمر العمه الخاصة بطائفة الهنود السيخ وهاجر من البصرة الى دول الخليج العربي في الخمسينات وكذلك الدكتور الجراح جي. رور  والدكتور جيمس كورمان و الدكتور ستافرد كابريال والدكتور إيان دوسن. ومن أوائل الأطباء العراقيين الذين كانوا من أصل سوري كان الدكتور وداد الكاتب وهو القادم من مدينة حلب والذي عمل واستقر في البصرة وأصبح مديرا  للمستشفى الملكي فيما بعد وكذلك الدكتور خلوف وهو القادم من لبنان والدكتور جمال الفحام وهو من اصل سوري والدكتور لويس يلده وآخرون. وبعد تأسيس الكلية الطبية الملكية ببغداد عام 1927 أبتدأ عهد جديد في الرعاية الصحية في البصرة كما باقي ألوية العراق حيث لعب خريجوا هذه الكلية الدور الرئيسي في تقديم الخدمات الطبية. ورغم ذلك فقد بقي عدد الأطباء قليلا نسبة للسكان حتى نهاية العقد الرابع من القرن العشرين ويذكر كتاب "العراق والخليج" الذي أعده قسم مخابرات البحرية البريطانية عن الصحة في البصرة عام 1935 أنه كان يوجد فيها عشرة أطباء فقط من بين 273 طبيبا كانوا موجودين في العراق وكان عدد الأسرة في المستشفى الملكي بالبصرة 251 سريراً موزعين على خمس ردهات بسعة 40 سرير لكل منها: ردهتين باطنية (واحدة رجال وواحدة نساء) وردهتين جراحة كذلك وردهة نسائية وتوليد والباقي موزع على أسرة الحميات والعزل والأمراض الأنتقالية وجناح كبير للأمراض الصدرية في أقصى غرب المستشفى والذي أصبح فيما بعد مقرا لكلية طب البصرة عند إنشائها عام 1967 . ونحاول في هذا المقال توثيق المعلومات المتاحة عن بعض الأطباء الأوائل وحسب توفرها وأملنا في أن تشجع هذه المقالة أقاربَ الرواد الآخرين الذين لاتتوفر معلومات عنهم لدفعهم للأتصال بنا عن طريق موقع الكاردينيا او على الأيميل أو صفحة الفيسبوك الخاصين بلكاتب وتزويدنا بالصور والمعلومات لأصدار ملحق يكمل هذا التوثيق الذي لايغطي جميع من وردت أسماؤهم في قائمة نقابة الأطباء فرع البصرة والذين كانوا يمارسوا مهنة الطب في البصرة عام 1959 وكما أوردها السيد كاظم الحمامي وكذلك ندعو كل من له إضافة أو تصحيح للمعلومات التفضل بالتعليق والسرد المسهب عن ذكرياته تجاه هؤلاء الأطباء خدمة للتوثيق وإثراءاً للمقال بحق هؤلاء الرواد. وسوف نقوم بتوثيق هذه الشخصيات التي تنطبق عليها المعايير التي ذكرناها أعلاه وبترتيب تسلسل ورودهم في المقال وفقاً لتأريخ تولدهم الحقيقي أو التقريبي بدأ بالأقدم وليس لأي سبب آخر يُفضل أحدَهم على الآخر.

وبعد هذه المقدمة يلي الجزء الثاني من المقال والذي يوثق لما يزيد على الثلاثين طبيبا وطبيبة من مواليد العقدين الأوليين من القرن العشرين أي: 1901-1930 .

     

الگاردينيا:نتشرف بوجود الدكتور / غانم يونس الشيخ في حدائقنا.. نورتمونا دكتور ، ننتظر جديدكم.

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

479 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع