نجيد فتحي صفوة
ذكرى رحيل الأقتصادي الكبير نمير قيردار
رحل عن دنيانا في الثامن من حزيران سـنة 2020 م الأقتصادي العراقي الكبير نمير قيردار رحمه اللـه واسكنـه فسيح جناته ، فلقـد كان الفقيـد من أشـهر رجال الأعمال العرب خاصة عندما أنشـأ اول مؤسسـة عالمية للأسـتثمار وتمكن من ربط موارد الشـرق الأوسـط مع فرص الأستثمار في العالم الغربي خلآل الطفرة النفطية التي ولدت ثروة غير مسبوقة في المنطقة منذ عام 1973 ، وبذلك أشـتهرت مؤسسـته بفروعها في لندن وباريس ونيويورك بأسـم ( أنفستكورب) ووظف قسما من وارداتها الى أطراف خيرية وموّل أهم الجامعات الشهيرة التي يدرس فيها خلال طلاب الدول العربية ، وكذلك مراكز الدراسات والبحوث العلمية في أهم دول العالم وساهم في مجالسها الأستشارية .
ولـد نمير قيردار في محافظة كركوك عام 1936 وكان يفتخر دوما خلال كلماته التي يلقيها في المحافل الدولية بأنه مواطن عراقي نشأ في بغـداد وأكمل مراحل دراسته الأبتدائية والثانوية فيها ، وفي سـنة 1969 غادر الى الولايات المتحدة الأمريكية ودرس علم الأقتصاد وأدارة الأعمال في جامعة هافرد الشهيرة ، كما منح فيما بعـد شهادات فخرية في الآداب من جامعة فورد هام ، وفي الحقوق من جامعة المحيط الهادي في كاليفورينيا ، وفي الأقتصاد من جامعة ريتشموند في لنـدن وذلك لجهوده العلمية في الحقل الأكاديمي والبحوث التي كان يقدمها .
لقـد كانت سـيرته تتداخل بين فكره الأقتصادي وتوجهه السياسـي ، اذ نجـد أنـه ترعرع في كنف عاائلة من أعيان الساسـة المرموقين ، حيث كان جـده الحاج جميل ووالده أمين قيردار أعضاء في مجلس النواب العراقي حتى نهاية الحكم الملكي عام 1958 ، بينما كان جده لأمه علي الحاج مصطفى قيردار عضوا في مجلس المبعوثان ممثلا لمحافظة كركوك في العهـد العثماني ( د. علي الوردي / تاريخ العراق الحديث / ج 3 / صفحة 208) ، لذلك فقـد كان توجهه يتداخل بين فكره الأقتصادي وتأثير عائلته السياسي ، خاصة عندما تدهور وضع العراق بعـد الأحتلال الأمريكي عام 2003 ، مما دفعـه لبيان رأيه من خلال تأليفه كتاب بعنوان ( أنقاذ العراق) نشره دار الساقي في بيروت عام 2010 ووضع فيه برنامجا لنهضة سياسـية وأقتصادية وأجتماعية ، ودعى الى قيام نظام ليبرالي ديمقراطي يفصل الدين عن السياسـة ، تضمن دعوته الغاء الدستور الحالي تمهيدا لمرحلة أصلاح جذري ، بعـد الفوضى والعنف والتفكك تحت شعارات موهومة ، وكان بذلك بعيد النظر في توقعه لما وصلنا اليه من تردي وتراجع مأسـاوي !
وبعيدا عن السياسـة فقـد لمع نجمه بين كبار المستثمرين العرب والأجانب ، لما كان يتمتع بـه من فكر ثاقب وطيبة في التعامل وتواضع جم وسخاء واصح ، وكان يؤمن بأن على رجل الأعما ل أن يتطور من منتفع لخلق الثروة الخاصة لنفسه الى قبول مسؤولية النفع العام ، لأن مكانة رجل الأعمال لاتأتي من حجم ثروته ، بل من الموارد التي يستخدمها لدعم المؤسسات الثقافية والخيرية .
من هنا بادر للمساهمة في العديد من المجالس الأستشارية والدعم المادي لمراكز الدراسات العلمية، كما سـاهم في تأسيس ( مجلس الأعمال الدولي) الذي ينعقد سنويا في دارفور بسويسرة ويستقطب رؤسأء الحكومات وكبار أصحاب الشركات العالمية لمناقشة ما يدور في عالم الأقتصاد والسياسـة ، وفي نفس الوقت شـغل موقع مهم في مقـر الأمم المتحدة بنيويورك وهو عضوية (اللجنة المشرفة على أستثمارات ألأمم المتحدة) . ومن خلال علاقتي بالمرحوم نمير قيردار منذ أيام الصبا والشباب وحتى انتقاله الى رحمـة اللـه ، اقـدر جيدا دور قرينته السيدة (ندى عدنان شـاكر) في دعمه معنويا وأجتماعيا خاصة عندما أمتلك روابط شخصية وثيقـة مع العديـد من قادة السياسة والأعمال في العالم ، ومنهم الأمير جارلس وزوجته كاميليا والسيدة ماركريت تاجر والمعمارية العالمية المرحومة زها حديـد والملك عبد اللة الثاني وزوجته الملكة رانيا والأمير رعـد بن زيد وزوجته والأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي عنان وغيرهم . وبهذه المناسبة لايسعني الا أن أدعو لها بالصبر والسلوان وللمرحوم جنات اللـه النعيم ، وانا للـه وأنا اليه راجعون .
1094 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع