ساعة من أجل الحبيبة!

                                    

                          زينب حفني

على غرار أغنية الموسيقار (فريد الأطرش) «ساعة بقرب الحبيب.. أحلى أمل في الحياة..»، تمَّ منذ أسابيع قليلة أيام إطلاق عملية (ساعة الأرض) تقديراً للأرض التي صبرت على رعونتنا واستهتارنا بها بعد كل ما قدمته لنا من تضحيات في سبيل أن نبقى أحياء على سطحها ونتمتّع بخيراتها.

الأرض لم تعد تحتمل قسوتنا، واعتلّت صحتها، وبدأت تئن، وظهرت عليها أعراض لأمراض مزمنة، وكان لا بد من إنقاذ ما يُمكن إنقاذه! وقد استجابت دول كثيرة لصرخة الاستغاثة حيث أُطفئت الأنوار في 154 بلداً. وكان الهدف من هذه العملية لفت أنظار العالم إلى التبدّل المناخي، وإلى المخاطر المحدقة بالبيئة نتيجة عبث الإنسان بالأرض على مدى قرون، وحث الناس على وجوب توفير استهلاك الطاقة، ورفع وعيهم لظاهرة الاحتباس الحراري التي تتفاقم يوماً بعد يوم، ووجوب مشاركة كافة شرائح المجتمع في حماية البيئة والتعامل مع مشكلة التغيّر المناخي بجديّة!

الأنوار أُطفئت لمدة ساعة واحدة فقط في أشهر المعالم السياحيّة في العالم بأسره، وغرقت كليّاً في الظلام باستثناء (برج إيفل) الذي انطفأت أنواره لمدة خمس دقائق فقط لدواعي أمنية. وكان ملايين الناس قد شاركوا في نفس الحملة العام الماضي بإطفاء أنوار بيوتهم وأجهزتهم الكهربائيّة لمدة ساعة أيضاً، وأعلن الصندوق الدولي للطبيعة حينها أن حوالي سبعة آلاف مدينة في 154 بلداً قد شاركت فيها.

كنتُ مؤخراً في زيارة سياحيّة للريف الفرنسي، وهي الزيارة الأولى لي على الرغم من زياراتي المتكررة لأوروبا، وهي من الأشياء الكثيرة التي أصبحنا نفتقدها في مدننا! فهل سأل أحدكم نفسه سؤالاً عفويّاًً.. متى استنشقت آخر مرة هواءً نقيّاً خالٍ من التلوّث؟

أغلبيتنا تحرص عند سفرها للعواصم الأوروبيّة، على زيارة معالمها الشهيرة ومتاحفها والجلوس في مقاهيها والتسوّق في متاجرها، لكن قليل منّا من يُفكّر في زيارة ريفها أو تكحيل عينيه بمناظره الطبيعية الخلابة الذي يتميّز به وتأثيره الايجابي على صحتنا، وهذا للأسف مغروس في ثقافتنا! نحن نحب الصخب والضجيج ونسير بالبركة في كل شيء ونُردد «الله خير حافظ» دون أن نُدرك أننا نتملّص من واجبنا في حماية الأرض التي أُستؤمنّا عليها!

هذا لا ينفِي أن العلماء يتحملون إثماُ كبيراً لما آلت إليه الأرض نتيجة أبحاثهم العلميّة! لكن نحن كذلك متورطون بسلبيتنا! هل طلبنا يوماً من أبنائنا أن يغلقوا التلفاز ساعة واحدة كي ننبهم للخطر المحدّق بكوكبهم؟ هل نحثُّ أبناءنا على عدم استخدام سياراتهم ساعة واحدة كنوع من التضامن الجماعي؟ هل نقوم بتوعية العاملات داخل بيوتنا حول ترشيد الطاقة؟

نحن لا نفعل شيئاً! نُجيد الفرجة بامتياز، متناسين بأن هذا الكوكب عندما تتفاقم علته لن يستثني أحداً! لكن هناك شيئاً هاماً يجب أن لا نغفله! ماذا فعلت مؤسساتنا التربويّة لتوعية النشء؟ ألم يحن الوقت لإدخال مادة (الحفاظ على البيئة) في مناهجنا ليتعلّم الطالب منها كيف يُحافظ على أرضه ويحميها من الخطر القادم؟

المجاعات التي تقع في العالم لم تحدث بقدرة قادر، لقد وقعت نتيجة جفاف التربة وانحسار الأراضي الزراعيّة بسبب التجارب النووية واستغلال الدول الكبرى لتربتها في دفن نفاياتها! حتّى الزلازل العنيفة تزايدت بالسنوات الأخيرة نتيجة هذه المحاولات التي يتم تجربتها بوسط المحيطات، وانعكاسها على تكرار حوادث (تسونامي) في العديد من المدن الساحلية.

ليجعل كل منّا نفسه حامياً على بيته وأرضه ومنطقته ومدينته، وعندما يُصبح الوعي جزءاً من حياتنا، نستطيع أن نٌقلل من الكوارث المحيطة بكوكبنا. قرار عزل أنفسنا عمّا يجري من انتهاكات لن يعصمنا من الهلاك القادم!

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

1019 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع