الغرب والاغتراب1/2‏

 

                                    

الى الصديق الغالي عبد الغني سلامة المحترم

ملاحظة: كتب الصديق عبد الغني سلامه تعليق اخذ الرقم 2 على موضوعنا المعنون (لماذا سأصوت لليمين المتطرف)المنشور

بتاريخ04/04/2012 الرابط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=302048

(الموضوع الي طرحته خطير جدا وهام جدا وبحاجة لمزيد من التعمق
أتمنى عليك أن تكتب في هذا الموضوع، لكونك تسكن في دولة أوروبية منذ زمن وقد اكتسبت خبرة كبيرة أضيفت إلى ثقافتك السابقة وبالتالي ستكون الأقدر على تشخيص الشخصية العربية وتوضيح مكامن الخلل فيها وأسباب الازدواجية والاغتراب الروحي والنفسي وأسباب التحول إلى التطرف وعدم القدرة على الاندماج في المجتمع الإنساني بشكل عام)انتهى

أقــــــــــــــــــول:

الغرب الذي سعينا بكل الطرق والْحيَّلْ للوصول اليه ليلفنا بحنان وامان وطيبة مجتمعاته بعد ان عانى البعض  منا ومل البعض الاخر من المبيت في الوطن الذي تحول الى فندق يجب عليك ان تقدم ما يثبت شخصيتك لتقضي ليلك في احدى غرفه وبأي درجه من سلم درجات الفنادق من النجمة صفر الى الخمس نجوم...تقدم اوراقك الثبوتية الى صاحب الفندق او وكيله. وانت تعرف ان صاحب او من تَمَّلَكَ الفندق او وكيله سبق وان طَرَدَ غيرك من الفندق في ليلةٍ ليلاء دون رحمة او اعتبار لشيء.

يجب ان يعرف مالك الفندق عنوان سكنك السابق وعشيرتك وقوميتك ودينك و مذهبك  وعملك وعمرك واسماء اقاربك الى الدرجة الرابعة وما تحمل... ويؤكد على نواياك القريبة او البعيدة العامة والخاصة... وان تقبل ذلك شاكراً عندما تترك الفندق او تطرد الى العراء المحيط ان كنت مستوراً او عارياً...أو كنت محمولاً او متعكزاً او مترنحاً ماشياً...او كنت عاقلاً او مهبولاً مخبولاً تحت انظار العاملين فيه الذين يتابعون حركتك داخل غرف او صالات الفندق التي يغلقونها ويفتحونها كما يحبون ويشتهون... وعندما تعود برغبتك او رغماً عنك... ترجو صاحب الفندق او  وكيله و تتوسلهم ان يفتحوا اليك او يختاروا لك راضياً او مكرهاً غرفة اخرى او سرير او بعض بلاطات عارية فوق سطح الارض او تحته بنوافذ او بدونها معزولاً او محشوراً لتنضجع فيه ليلة اخرى بين القلق والحرمان وتحت انظار ضابط امن الفندق او من ينوب عنه في حالة انشغاله بليلة حمراء قانية.

وصلنا الغرب الذي انبهرنا به عن طريق وسائل الاعلام وقصص العائدين من سفرٍ او عن طريق الهاتف او بعض القراءات والمطالعات.

وصلنا وطلبنا اللجوء ولكلٍ منا قصه يعرف الغرب والقائمين عليه صدقها من كذبها...

في اول مقابله لي مع المحقق في معسكر اللجوء في المانيا/ بويزنبورك رماني بحكمه تولدت لديه ...وترسخت عنده عن تجربه قائلاً لي وبدون مقدمات وحتى قبل ان اجلس على كرسي الاعتراف وبحدة من كَرَهَنا لكثرة ما كذبوا عليه في محنتنا:

 (وصلتَ من تركيا بالشاحنة بعد ان نقلك اليها مهرب كوردي... وكنت خائف من المهرب ولا تعلم الطريق وكنت تأكل ما يرميه عليك السائق خلال الطريق و تقضي حاجاتك عندما تتوقف الشاحنة ليلاً على الطرق الخارجية.....) نحن نعرف هذه القصص هات ما عندك ان كان غير ذلك. وهو يعلم وانا اعلم انه يعرف كيف وصلت الى هنا من خلال ما كان معي من اوراق تؤكد وصولي الى مطار شارل ديغول الفرنسي.

 وفعلاً كانت القصص التي يُلَقِنها القدماء للجدد كلها على هذه الشاكلة...كان يريد ان يَصْفَعَني لأتَخَبَطْ....لكنه عند اول مواجهه اعترف وتأسف وقال هذه قصص الكثيرين تعلمناها منهم وكنا نظنك احدهم.

 كان الواصل(طالب اللجوء) على استعداد في الأعم الأغلب ان يقول او يتصنع او يفعل كل شيء في سبيل الحصول على الإقامة...واتذكر اني قلت لمن كان يصلي و يدعي و يُحَرِمْ في مركز اللجوء  ...انت على استعداد ان تُغَّير دينك لو كان ذلك طريقك الى الحصول على اللجوء. وفعلاً البعض ادعى حتى غير المألوف في سبيل ذلك والبعض كما يبدوا غيروا دينهم و معتقداتهم في محاولتهم البائسة تلك...و البعثي ادعى انه شيوعي والسني ادعى انه شيعي والعربي ادعى انه كردي والكردي السوري ادعى انه كردي عراقي وبعض المصريين والاردنيين والفلسطينيين والسوريين الذين كانوا يدرسون في بغداد على حساب حزب البعث أدعوا انهم عراقيين والنماذج كثيره.(الكثيرين سمعوا عام 2002 عن السفينة التي تحمل عدة مئات من الاكراد الذين ادعوا انهم عراقيين ولكن تبين انهم من الاخوة الاكراد السوريين لكنهم قُبِلوا على انهم اكراد عراقيين...نحن عرفناهم من لهجتهم العربية التي تكلموا بها ... و لكونهم لا يحملون اوراق شخصية...لذلك قبلتهم السلطات الفرنسية على انهم أكراد عراقيين)...تفرقوا بعد ذلك في بلدان أوربا.

والوافد يعرف انه في مراكز اللجوء او منازل الايواء تحت الانظار وتحت عيون الجواسيس من المتعاملين مع السلطات من طالبي اللجوء وبالذات من لا يملك قصة مقنعه فيعرض خدماته لسلطات اللجوء في مراكز الايواء...

كان طالب اللجوء قمه او قريب منها في الانضباط والدقة والبشاشة والإنسانية والذوق والنظافة والالتزام بالتعليمات والتملق لمراقبي السكن...

ولكن ما ان يحصل على اوراق الاقامة حتى يعود تدريجياً او حتى ينقلب الى المعاكس ...فَيُحِلُ ما كان حراماً ... النهب والتزوير والنفاق والكذب والتهرب والادعاء والتجاوز على القانون والسرقة.

كل ذلك معلوم و ملموس للجميع... الممارسين لتلك الموبقات او الممتنعين عنها او المحاربين لها او الملاحظين لها.

لكن المُحَيَّرْ ان الغالب منهم(اي الوافدين) لا يعرفون لماذا يتسامح معهم المجتمع...لذلك يعتبرون الاكاذيب والتلفيقات والانحرافات شطارة وشجاعة...حتى ان الغالبية منهم يشتمون المجتمع واهله وعاداته وثقافته ويعتبرون ذلك من حقهم.

منذ ان قَبَلَهُمْ المجتمع هنا... حَسِبَهُمْ من نفس طينت اهله... لهم مالهم وعليهم ما عليهم وذلك من تربيه تَعَّوَدَ عليها يقابلها الوافد بردود من تربيه تَعَّوَدَ عليها ايضا فكان الصراع ...

هل يترك الوافد ما جُبِلَ عليه؟ ليكون صراع بين الشخص و نفسة غالباً ما يحسمه الاخرين المؤثرين عليه ان كان ناقص عقل او ارادة او مضطرب وهناك الكثير منهم...

 او يترك المجتمع ما أجمع عليه وناضل من اجله وقدم الغاليات في سبيله و هذا مستحيل لأنه اجمع عليها  وسيقف بغالبه في مواجهة اي مساس بما اجمع عليه..

 لأن الدولة تطبق عليه(اي الوافد) القانون العام حالَهُ في ذلك حال الأخرين...لكن المجتمع يريد منه ان يبادل الاحترام باحترام ويريد منه ان يكون عنصر يعزز الامن الاجتماعي لا عنصر مخل بالأمن الاجتماعي ...صحيح ان من يخل بالأمن يحاسبه القانون لكنه لا يدرك حجم الشرخ الذي يتركه في نفوس اعضاء المجتمع...والمجتمع هنا لا يسأل عن رد الفضل لأنه قَدَّمَ ما قَدَمْ عن طيب و قناعه وصدق و اخلاص.

الوافد تتقزم علاقته بالدولة منذ اللحظة التي سمحت له بالبقاء على ارضها و بنفس اللحظة تتعاظم علاقته بالمجتمع الذي سيعيش فيه او معه هو ومن معه.

الواجب عليه ان يشكر المجتمع الذي فتح له اذرعه ليؤويه ويطعمه ويكسيه بعد ان رمته الدولة مرغمه في صفوف المجتمع...ويحافظ على علاقته بالدولة من خلال انضباطه والتزامه بالقانون لا ان يكون بوق للدولة او ينبهر ويمزج الدولة بالمجتمع او النظام السياسي الذي يدير البلد بالعلاقات الانسانية التي تربط تواجده مع اعضاء المجتمع الأخرين.

كان  احد ولديَّ لاعب منتخب المدينة بكرة الطاولة...وفي الموسم الجديد لعام2003 اتصل مدربه وقال سأزوركم لتخلف ابني عن التدريب...زارنا وتطرق لظروفنا وحياتنا في المدينة...و تشعب الحديث ليدخل السياسة فقلت له من ضمن الحديث ان رئيس البلدية انسان جيد ومستقيم...فأجابني كيف عرفت ذلك؟...فقلت له انه يحضر الى دار البلدية ماشياً وحيداً ويعبر من مناطق العبور...فضحك وقال سوف لن يستمر وسيخسر الانتخابات القادمة فهو انسان فيه عنصرية وغير محبوب...اما ما تراه عليه فهذا اعتيادي...و فعلاً خسر الانتخابات. وبعد الانتخابات التقيت المدرب وذَّكرته بخصوص خسارة رئيس البلدية  وان ذلك حصل فعلاً...

فقال اعتقد انك كنت تعتقد عندما تمتدحه امامي سيسعدني ذلك...قال نحن ضد الحكومة اذا تجاوزت الحدود حتى وان كنت ممن انتخبها... وما نحن فيه انتزعه من كان قبلنا انتزاعاً وليس مِنْهَ من شيراك او حزبه او رئيس البلدية و مسؤوليتنا ان نضيف اليه لنقدمه هديه الى الاجيال القادمة كما قدم الجيل السابق ما أمكن لنا.

وفي التظاهرة الكبيرة التي دعت لها كل القوى المحبة للسلام ضد الحرب على العراق تجمع في مركز المحافظة عشرات الالاف منددين بالحرب  وكان شيراك يعرف ان اشتراكه فيها تعني نهايته السياسية ونهاية حزبه.... استغرب البعض عدم مشاركة الكثير من العرب والمسلمين من سكان مدينتا الصغيرة فيها وعزوا ذلك الى الخوف من السلطة...وعلى ما يحصلون عليه من دعم اجتماعي حيث يظن البعض.

المجتمع وليس الحكومة هي الاساس فالحكومات متبدله...حيث تركلها الجماهير .

 بعد ان ترمي الدولة طالب اللجوء في نهر المجتمع مرغمه بعد قبول اقامته في البلد... تصبح العلاقة بين طالب اللجوء والمجتمع ....هنا يشعر الوافد(طالب اللجوء او الاقامة) انه قد تحرر من رقابة الدولة عليه كما كانت في بلده او في معسكر اللجوء لأنه الان يتحرك وسط الجموع وبأوراق رسمية.... فيشعر بخفة الوزن والحرية التي سيتخبط بسببهما في علاقاته بالمجتمع الجديد والدوائر القائمة على خدمة المجتمع...يعود عندها الى اصله التربوي البيتي والمجتمعي(الوظيفي او السياسي)و لا نقول الى انحداره... لأنه عدى انحداره العائلي... فهو غير مسؤول عن كل ما كسبه في مجتمعه الأم لان هناك الدولة والمجتمع الذين قصرا في تربيته او حددا ملامح توجهاته المستقبليه فيبقى يعيش في حالة ان الدولة هنا هي الدولة هناك وان الذي كسبه من هناك مسؤوله عنه الدولة فينقل علاقته المشوهة معها الى هنا.

احتار الكثيرين بما يقوم به البعض من خروقات واساءات للمجتمع الجديد الذي احتضنهم سواء بعدم الاندماج فيه او في محاولة نقل مجتمعهم الاول وما يجري او يتحكم فيه الى هنا لذلك بداء الانكماش والتقوقع والانعزال فأقاموا مجتمعهم القديم مصغرا في مجتمعهم الجديد ...مدفوعين من الحالة التي وجدوها قبلهم...تدفعهم في ذلك صلات القربى من عائلية وعشائرية و مناطقية ودينية وطائفية...ومع صعوبة الحياة الجديدة التي يتصورها الجديد فأنه يستمع ليستفيد من تجارب الأخرين التي شكل بعضها التحايل والانحراف الذي يتعزز بسماح ذوي القربى لمثل ذلك واعتبار ذلك ذكاء و فرص يجب ان تُسْتَغَلْ واكثر ما يعزز ذلك هم رؤساء الجمعيات او التجمعات الدينية والعشائرية او الوجهاء حيث اقام من كان قبلهم تلك الجمعيات المُعَزِزَةَ للشذوذ والمُعَزَزَة به.

قد يكون البعض معذور لأنه يشعر بالفروقات في المستويات او السلوكيات لكنه لم يفكر بمستقبل الاولاد والاحفاد الذين لن  يفكر احدهم بالعودة الى ديار الاهل او بلد الاباء الا زائراً لبعض الوقت.

فدفعوهم بحجة المحافظة على اللغة والعادات والتقاليد الى أحضان من هرب ابوهم منهم سواء رجال الدين او رجال السياسة المنافقين.

نقلوا حبهم للتملك وجمع المال الذي تعودوا عليها هناك و بحثهم المستميت وبكل الطرق عنه لعدم وجود الضمان الاجتماعي في بلدهم الاصلي والذي رسخ فيهم القول المشهور الذي قالوه (القرش الابيض ينفع في اليوم الاسود) الى هنا... واعتبروا الضمان الاجتماعي حقهم والذي يأتي(زايد خير)...لذلك تراهم يجيزون لأنفسهم وذويهم كل الطرق للحصول على المال ويتباهون به وهم يعلمون انه لا ينفعهم هنا كثيراً وبالذات ان الضمان الاجتماعي يسري عليهم وعلى اولادهم واحفادهم فلن يعيشوا عراة او في العراء ولن يجوعوا او يحرموا من الدراسة والتعليم او اشباع رغباتهم او ممارسة هواياتهم و لن يتخلى عنهم المجتمع في حالة المرض او العجز ... ولن يُشْعِرَهم ان ما يقدمه لهم مكرمة من أحد و لا يُشَهِرْ بهم...مع ذلك تعلموا كل الحِيَّلْ والألاعيب في الأقبية المظلمة للجوامع والحسينيات والجمعيات  والتجمعات المشبوهة لكسب المال و مخالفة القوانين والانظمة والتعليمات.

هذه مشاكل عامه يتجنى بها الاباء على الابناء ويتحمل المجتمع الجديد جزء من المسؤولية مرغما لأنه مُجْبَرْ على اعتبارهم متساويين مع ابناء البلاد الاصليين في كل شيء وبالذات الاطفال .

اما الخاصة فهي تلك التي تأتي كردود فعل من الاخرين وبالذات ممن يشعر بفضل هذه المجتمعات عليه وعلى الوافدين ويحاول ان يعكس ذلك في ممارساته اليومية واحترامه للقانون والمجتمع وافراده والتفاعل معهم و هو مبهور فاقد للتوازن بين الانبهار والحقوق و الواجبات.

اتصلت بنا احدى المشرفات على مكان اللجوء الذي كنا نعيش فيه بعد ان انتقلنا الى سكن خاص عقب حصولنا على الإقامة لتزورنا وتقدم لنا التهنئة وهي امرأة خمسينيه هي السيدة  دومنيك... تسكن مدينه تبعد عن دار السكن حوالي 15كيلو متر...فرحنا واقترحنا عليها ان تأتي قبل العشاء لتتناوله و من معها معنا وهي تحب الأكل العراقي ...وصلت مع رفيقها وقدمت هديه متواضعة جداً لكنها معبره جداً(لا نزال نحتفظ بها)...وكانت تلك السنه سيصادف عيد المسلمين مع اعياد الميلاد و رأس السنة وعيد لأصحاب الديانة اليهودية لا اتذكر بالضبط... كانت في نهاية نوفمبر 2003او بداية ديسمبر...الهديه عباره عن لوحه خشبيه بقياس 10×20سم عملتها بيدها... ملونه نصفها ابيض والأخر ازرق(اي مربع ابيض و مربع ازرق) ومكتوب عليها كلمة السلام بالعربية  والفرنسية...افرحتنا جدا وقالت اتمنى ان تكون كل الايام اعياد وان يعم السلام في العالم ويفرح الناس في كل مكان كما سيحصل بعد ايام في اشارة الى موسم الاعياد...وعند سؤالنا لها عن كيفية كتابة كلمة السلام باللغة العربية قالت رَسَمْتُها رسماً من الكومبيوتر(لا تعرف العربية وحروفها).

وبعد العشاء الذي كان ثقيلاً عليهم لأنهم تناولوا اكثر مما يتناولون في كل عشاء بسبب كونه خاص وعراقي وجديد على رفيقها وهي قد تعودت عليه او تذوقته قبل ذلك...وهي تستطيب الشاي العراقي المهيل واثناء فترة الشاي قالت لي:

 تتذكر عندما ناقشنا قبل عدة اشهر في كورس اللغة مشاكل الشباب الاجانب في فرنسا... واقترحت عليكم ان لا تعيشوا في مدينه كبيره لان مشاكل الشباب هناك كثيره وبالذات في الاحياء التي يسكنها الاجانب واقترحت عليكم البقاء في هذه المدينة الصغيرة(عشرة آلاف نسمة)...

 وفعلاً عرفنا ان اقتراحها مفيد وبالذات هي تعرف الاولاد جيداً و حريصة جداً على مستقبلهم...اشرنا لها بنعم...قالت قُلْتَ لي عن بعض اسباب المشاكل وقلت انك لا تتكلم عن الحل الا بعد الحصول على الإقامة...قلت لها نعم... فقالت ماذا كنت تريد ان تقول...و أنا كما تعلم اعمل في مجال المهاجرين واحتك بهم يومياً...

قلت لها ان اضع كل مخالف حتى للعبور من خارج مناطق العبور من الاجانب او طالبي اللجوء في طائرة نقل عسكريه وتمر بأجواء بلدانهم الأصلية و يُلْقَونْ منها على المدن التي جاءوا منها بالبراشوتات...

استفزها هذا الطرح الهمجي العنيف الغبي الاجرامي... وقالت ليس هذ بحل وهذه جريمة لم اتوقع منك ان تقولها...قلت لها نعم ولذلك أجلت طرحها حتى لا تقولين انه يقول ذلك بسبب اوراق الإقامة...اصدقتها القول وهذا ما فكرت به لحظتها لأن طلاب  احدى المدارس في المدينة سرقوا  مدرستهم ليلاً(المدرسة التي يدرس فيها اولادي) وخربوا اجهزة الحاسوب وقتها...

اعتذرت لها و لرفيقها وقلت لها اما الأن فأضع نسبه كبيره من المشكلة على الحكومات المتعاقبة لأنها اهملت الشباب وعاملت اطفال الوافدين بنفس الروحية التي تتعامل به مع اطفال اهل البلد.

كان عليها اي الحكومات ان تفرد صفوف خاصة تُعَلِمْ فيها الاطفال مع اللغة احترام النظام والتعليمات وتعلمهم طريقة الاكل والتغذية الصحية واسباب اتباع النظام الغذائي التي تسير عليه غالبية الشعب...وان يعلمونهم الانصات والاحترام والنظافة والثقة بالنفس وان يخبروهم الفروقات بين المجتمعات وان ما هو عند اهلهم مع احترامه يختلف في الكثير عما هو عند اهل من هم هنا وان يعلمونهم حب السفر والهوايات والموسيقى والطرق الصحيحة لركوب الدراجات وفي المستقبل السيارات وكذلك اهميه الامان والتأمين...والاهتمام بالنظافة والمظهر والكلام باحترام واهمية القراءة وانجاز الواجبات واهمية  النوم مبكرا ليلاً وتأثير ذلك على الصحة العامة واهمية الرياضة وتأثيرها على النمو....ليجعلوا منهم ادوات لتغيير ما امكن في عوائلهم وتعزيز مناعتهم تجاه ما يرغب الاباء من السيطرة عليهم و منعهم من الاندماج في المجتمع الجديد...(أعاننا في ترجمة ذلك الاولاد الذين اتقنوا الفرنسية حالهم حال كل الاطفال في كل الدول بإتقان لغة البلد).

بانتباه شديد ودقه وحرص استمع الاثنين لما نقول وتداخلوا بالتأييد للكثير مما قلنا لكنهم استصعبوا التفريق بين الطلاب حتى لا يشعروا بالحرج والتفرقة.

كل ذلك ربما معلوم ومفهوم للكثير لكن غير المفهوم هو تكرار البعض لعبارات ترافقها العصبية في الطرح وتأتي كرد على كتابات البعض او انتقادهم للسياسات الخارجية لدول الغرب او الاختلاف الفكري مع مناهج الغرب حيث يهب البعض بطرح( قوانه) الاسطوانة المشروخة التي تعكس فقر معرفي و عدم دقه وافلاس في الرد ليقول هذا البعض اشكال من العبارات تعطي نفس المعنى من قبيل:

(يتمتعون بخيرات الغرب ويشتمونه)... أو (يعيشون على مساعدات الرأسمالية وينعتونها ويذمونها)... أو( لماذا لا تعودون الى بلدانكم)... أو( يعيشون في معقل الرأسمالية  ويشتمونها)... او( لماذا لم تطلب اللجوء في كوريا الشمالية).... والبعض بكل عدم دقه يقول عن عالم بدون الغرب...وآخر فارغ يقول( يعيشون في الغرب و يتمنون دماره)...هذه السذاجة تثير الاستغراب.. وغيرها. وبالذات انها تصدر من مدعين للثقافة والسياسة. ويخلطون فيها بين من ينتقد الغرب عن وعي و معايشه و بين المنحرفين الذين يثيرون المشاكل في المجتمع الجديد ويتجاوزون النظام ويتقوقعون ويشكلون الشلل التي تضر بالأمن الاجتماعي.

هؤلاء من حيث لا يعلمون يضعون انفسهم بصف اولئك المنحرفين لأنهم يساوون بين من ينتقد الوضع او الراي المخالف وبين من  يسرق و يخرب و يسيء...

هذه الشطحات تثير الاستغراب والضحك على مطلقيها لانهم يسيئون لنسبة عالية من ابناء شعوب الغرب الذين يعارضون حكوماتهم حد العداء...وهؤلاء السذج الفقراء انسانيا وثقافياً يتهمون كل من يعارض سياسات البلدان الغربية بأنه يريد تدمير الغرب وكأن الغرب في نظرهم المريض سيارة قديمة...هذه السياسة او المواقف تعلموها من الطغاة الذين يتطيرون من الانتقاد ويعتبرونه عدم وفاء و نكران جميل ويفعلون بوصاياهم كما كان يفعل صدام حينما يصل الى مسامعه ان احد الحزبيين او موظفي الدولة بالدرجات الخاصة ينتقده او يعترض عليه ليعاقبه اشد العقوبات التي تصل الى الاعدام بالرمي الى الكلاب او احواض الأسيد المركز( التيزاب) والتبرير لذلك ان المعترض ناكر للجميل الذي قدمه له صدام بأن جعله وزير او قائد وهو غير مؤهل لذلك...هذا النفر شبه الضال فكرياً يستعير طروحات امثال صدام وزبانيته...

احد هؤلاء وانا اعتبره مسكين لان فيه بعض سذاجة و لا يعرف التصرف و يبحث عمن يسنده في كل شيء  و لا نقول اكثر.

هذا المسكين قرأ ما نشرناه تحت عنوان( لماذا سأصوت لليمين المتطرف ) المشار الى رابط الموضوع وتاريخ النشر اعلاه...لم يعلق على الموضوع لأنه يقاطع التعليق على ما اكتب وهذا من حقه   لكنه علق على موضوع لزميل عزيز نحترمه ونحترم طروحاته كتب عن التعصب... في نيسان الماضي وكان في التعليق.... التالي الذي يخصني في جزء منه ويعكس فراغه الفكري في جزء اخر منه حيث قال:

(أحد اعداء انفسهم من ذوي النفوس الشريرة التي ليس لها علاج كتب/لماذا سأنتخب اليمين الفرنسي؟)انتهى

هذا المقطع الذي يخصني والذي اراد ان اجيبه عليه لكني فوت عليه الفرصة لأني تعودت ان اختار الوقت والمناسبة والطريقة التي اضرب بها من اريد عن حق بعد ان أُجَّمِعْ عنه وله ما يلزم...نترك ما يخصني لوقتها الذي سيكون في مناسبة مرور عام على ذلك الطرح ...ونتطرق للانحراف الفكري في هذا الطرح...انا قلت (لماذا سأصوت لليمين المتطرف)وكان عليه لو يمتلك الأمانة ان لا يحرف في القول وينقل النص.

اتمنى من يقرا الموضوع هذا ان يقرا موضوعنا ذك ليستنتج حجم الغباء الذي انطلق منه المعلق المشار اليه...ثم وانت ايها المعلق تدعي انك ليبرالي وتدعي الحرص على التجربة الغربية...لماذا تتطير من شخص يريد ان ينتخب اليمين...هل اليمين بعيد على الرفاهية الغربية او يحاربها؟...هل اليمين يريد تدمير الغرب؟...هل النسبة الكبيرة من ابناء المجتمعات الغربية التي تنتخب اليمين تريد ان تهدم وتدمر الرفاهية الغربية.؟...حتى تتندر على قولنا. انها سذاجة فكرية وغباء تسبب به الانبهار ومحاولات البحث عن موضع قدم او البحث عن تصفيق او تثمين زائف يتبرع به من هم على شاكلته من هم اصغر منه سناً وخبره او اكبر منه.

نعود للجزء التالي من تعليقه المشار اليه اعلاه حيث يكمل بالقول:

(ناكروا الجميل والجاحدون فقط هم الذين يخادعون أنفسهم والناس و يتنعمون ويسرقون علناً الغرب الكافر الامبريالي و يتهمونه بالعنصرية والصهيونية).انتهى الاقتباس.

هل هذا القول له ترابط مع ما سبقه؟...وهل هذا الطرح منسجم؟...من يسرق الغرب ؟هل كُتابْ الحوار المتمدن؟ ام المخالفين لنظم الحكم الذين يطرحون آرائهم علناً ويساندهم في طرحهم نسبه كبيره ربما تقترب من النصف من ابناء الشعوب الغربية و مجتمعاتها؟.

تصوروا ماذا كان يقول هذا الشخص بحق المناوئين السياسيين لقائده صدام حسين الذي قال و كرر من دون حياء(صدام حسين) كما يفعل اليوم البعض من المتلبرلين السطحيين...  ان العراقيين كانوا حفاة عراة جياع و هو من البسهم(النعال)واكساهم وأطعمهم من جوع وأمنهم من خوف وعلمهم البيان والحكمة...الم يكن من الواجب في عرف هذا المسكين ومن هم من امثاله ان ينبطح العراقيين شكراً و دعاءً تحت اقدام صدام حسين.

هذا المسكين نموذج للمبهورين الفاقدين للبوصلة والذي ربما يدفعه انبهاره هذا و رغبته الجامحة في رد الفضل للغرب ان يصفق للحكومات وان يقدم او يوافق على تقديم خدماته لها او ما تعرضه عليه الدوائر الضيقة في الحكومات...

هؤلاء يمكن ان يثيرون استهزاء نسبة عالية من الشعوب الغربية بتفكيرهم الضحل هذا لأنهم يريدون من يعيش على هذه الارض ان يكون  خادم مطيع للحكام وسياساتهم  وهم لا يعلمون ان في ذلك جريمة يعاقب عليها القانون بشده.

انهم يريدون من الجاليات هنا ان تكون اذيال للأحزاب الحاكمة لا راي لها... خانعه تتجرد من كل الحقوق التي منحها لها المجتمع فرضا على الحكومات ويعتبر التقصير بها اهانه للمجتمع و لتضحياته.

هذا المضطرب وامثاله من الغباء بحيث يريدون ان يسحبوا مجموعه من الشعب في دول الغرب الى مستنقع التقوقع والشعور بالنقص والعيش كمنافق ذليل كما هُمْ... عندما لا يعترض على ما لا يتوافق مع حق المجتمع. كما فعلوا مع الشعوب التي كانوا فيها او شعوبهم الاصلية.

هؤلاء غير الواعين لا يعلمون ان النسبة العالية من الشعوب في الغرب هي من المهاجرين فليس هناك في فرنسا مثلاً من هم فرنسيون اقحاح بنسبه تتجاوز نصف الشعب الفرنسي(اقل من ذلك بكثير جدا جداً) حيث يتندر الفرنسيون هنا عندما يطرح هذا الموضوع و يراهنون على من يتمكن ان يبين لهم عائلة واحده فرنسية خالصة.

هؤلاء غير الواعين المبهورين الفارغين يتصورون ان المجتمع هنا يبحث عن الشكر والمديح...ويطلب ذلك  من الوافدين... وان يُرِدوا الجميل بسكوتهم ....

و لا يفكروا مرة واحده ان الشعوب هنا تريد المُطالِبْ بحقوقه والمؤدي لواجباته لأنه سيساعدهم على المطالبة بحقوقهم والدفاع عنها معهم و لا يريدون من يتنازل عن حقه سواء التعبير او الضمان الاجتماعي او الممارسة السياسية ضمن القانون .

هؤلاء الفارغين المساكين يريدون ان يجعلوا من شريحه مهمه من المجتمع حالياً و مستقبلاً مجموعه خانعه راضيه مقموعه تشعر بالنقص والضعف والخوف والتردد..

هؤلاء لا يعلمون ان من لا يدافع عن حقه هنا يتعرض للمسائلة والاستغراب حتى من السلطات لأنها ليست حقوقه فقط وانما هي حقوق عائلته و حقوق مجتمع لا يقبل التنازل عنها.

هذا البعض المسكين يتوقع ان الشعوب هنا تفرح عندما يسيء احد لدينه او شعبه الاول او اصله....هذا البعض المُزَوَّرْ فكرياً يعتبر التندر والاستخفاف بعاداته واصوله تطور و مجارات للوضع الجديد وهو لا يعلم ان الشعوب هنا تحب ان يحافظ الاخر على ما هو عليه شرط ان لا يتعارض مع القانون والاعراف والنظام الاجتماعي...لم يفكر هذا البعض لماذا يشاهد او يراقب المجتمع هنا من يرتدي ملابسه الشعبية في المناسبات بكل احترام وتقدير واعتزاز ويتقدمون للتصوير للذكرى معه ...لم ينتبه هذا البعض المبهور لماذا يفرح اهل هذه المجتمعات لو انك تقدم لهم  ما ينتجه مطبخ بلادك الاصلية وكيف يتقدمون للتذوق والاستحسان والشكر والاهتمام... هذا البعض المريض لا يتصور حجم الألم الذي يشعره ابناء المجتمع هنا عندما سمعوا او  يسمعوا بما حصل في العراق ويحصل وهم الذين قرأوا عنه وسمعوا وزار البعض منهم ربوعه.... و لا يعلم هذا البعض ان المجتمع هنا  يطالب بأنزال عقوبات  صارمه بحق من يمنع احد من التعبير عن رأيه او بحق من يمس بمشاعر الغير واحاسيسهم...

 

  

إذاعة وتلفزيون‏



أفلام من الذاكرة

الأبراج وتفسير الأحلام

المتواجدون حاليا

655 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع